بوليتيكا| خمسة دروس يمكن أن يتعلمها السياسيون من مسلسل «لعبة العروش»

بسام عباس

ترجمة – بسام عباس

العديد من الدروس يمكن تعلمها من مسلسل “Game of Thrones”– أو (لعبة العروش)، ويمكننا أن نتعلم أن الخيال لا يزال رائعًا، ولكن ربما الأكثر إثارة للاهتمام أنه يمكننا أن نتعلم القليل عن السياسة، إذ يحفل المسلسل بالمكائد، وتكشف العديد من الشخصيات عن فطنة سياسية كبيرة في صراعها على السلطة. لكن أي من هذه الدروس يستحق التعلم؟  فلنُلقِ نظرة إذن:

1- عليك أن تحافظ على تحالفاتك قوية

هذا الدرس تعلمه العديد من الشخصيات في المسلسل بالطريقة الصعبة، ولكن لا يوجد مثال نموذجي مثل “روب ستارك”، ملك الشمال. فكما نعلم، فإن قوة روب السياسية مستمدة تقريبًا بالكامل من قوته العسكرية، نظرًا لأنه كان يخوض حربًا من أجل الاستقلال؛ لذلك، كان هدفه الرئيس إلى جانب الانتصار في الحرب المذكورة هو ضمان سعادة كل فصيل داخل جيشه.

كان كل هذا جيدًا وممتازًا عندما كان روب يفوز بالمعارك، ولكن مع تطور حلقات المسلسل، تضاءلت الانتصارات أكثر فأكثر. وكان الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن “روب” حين ألقى القبض على “جايمي” ولم يعدمه في نهاية الموسم الأول كان فشلاً استراتيجيًّا؛ لأنه مكّن “كاتلين” من إطلاق سراحه، ما أدى إلى تفاقم “الكارستاركسيين”. والأسوأ من ذلك، أن زواج “روب” من “تاليسا” أدى إلى نفور “آل فريز”، كما أنه أدى إلى خسارته لاثنين من أقوى مؤيديه وفي النهاية حياته.

ماذا يمكن أن نتعلم من روب ستارك؟

أولاً: النجاح يصنع رفقاء جيدين، وعندما يسير كل شيء على ما يرام، فمن السهل جدًّا العثور على أرضية مشتركة. ومع ذلك، بمجرد أن يبدأ هذا النجاح في التراجع، أو تبدأ حالات الفشل في الازدياد، فمن الضروري إيجاد طريقة للتأكد من أنه لا يزال من السهل العثور على هذه الأرضية المشتركة.

2– “القوة تكمن حيث يعتقد الرجال أنها كذلك”

هذه الكلمات، التي قالها الجاسوس “لورد فاريز” في الموسم الثاني، تسلط الضوء على موضوعٍ رئيسٍ في المسلسل: “القوة لا تعتمد على الألقاب أو الأراضي أو التيجان، ولكن على عدد الأشخاص الذين يمكنك إقناعهم بأنك تملك السلطة عليهم”.

وبطريقة مماثلة، تعتمد القوة في العالم الحديث بشكل شبه كامل على الإدراك، فمن بين أقوى عشرة أشخاص في العالم، وفقًا لمجلة فوربس، هناك ستة فقط رؤساء دول وحكومات. ومن بين الأربعة المتبقين، هناك ثلاثة من أصحاب المليارات، والرابع هو ولي عهد السعودية.

وفي العالم الحديث، تكون القوة ظرفية؛ وبما أنها رئيسة حكومة سادس أكبر اقتصاد، يجب أن تحتل “تيريزا ماي” مرتبة أعلى من المرتبة الرابعة عشرة في قائمة فوربس المذكورة أعلاه. ولكن نظرًا لأنه يُنظر إليها هنا على أنها لا حول لها ولا قوة، فإنه يُنظر إليها في الخارج على أنها عاجزة.

أما الدرس الأساسي هنا فهو أن إبراز القوة لا يقل أهمية عن تراكمها؛ رؤساء الدول أقوياء، ولكن فقط إذا اعتقدوا أنهم كذلك. فعلى سبيل المثال فإن “دونالد ترامب” رئيس الولايات المتحدة، كان يقود أكبر جيش في العالم، ويدير أكبر اقتصاد شهده العالم على الإطلاق، ولكن هناك سبب وراء كونه ثالث أقوى رجل في عام 2018، وأعتقد أن ذلك له علاقة صغيرة بإدراك القوة.

3. تمسك جيدًا بمعتقداتك

على الرغم من أنه ليس لاعبًا مباشرًا في معظم المسلسل، فإن صعود “داينيريس تارجاريان” إلى السلطة مفيد بقدر ما يبدو أنه لا يمكن إيقافه. فطوال خمسة مواسم متتالية، تنتقل داني من قوة إلى قوة، ولا تتعثر إلا عندما تبقى لتحكم “ميرين” الأجنبية والغامضة، بدلاً من التوجه مباشرة إلى “ويستيروس” (كما كان ينبغي لها أن تفعل). والأسباب وراء نجاح داني متعددة (بما في ذلك التنانين)، ولكن السبب الذي يتجاهله المعجبون باستمرار هو قناعاتها. يتأثر سبب إقامة داني الطويلة في خليج العبيد جزئيًّا بخوفها من أنه إذا غادرت، فسيتم ببساطة استعباد المحررة مرة أخرى بمجرد رحيلها.

وبنفس الطريقة، يحافظ “تايوين” على قبضته الحديدية على السلطة طوال مسيرته في المسلسل عبر رغبته الشديدة في تأمين إرثه، وبنفس القدر عبر قسوته. إن أيديولوجية تايوين هي السعي وراء السلطة، لكنها متجذرة في إيمانه باسم “لانيستر” والمجد الذي يعتقد أنها تستحقه.

هذا درس مهم ليس في السياسة فقط ولكن في الحياة أيضًا؛ حيث إن أنجح السياسيين المعاصرين هم من يؤمنون بفكرة ويلتزمون بها مهما حدث؛ ولذلك فإن ترامب وفراج وماكرون وكوربين ناجحون مثلهم لأنهم يعرفون ما يؤمنون به ولا يخشون إخبار الناس بذلك. أما السياسيون الذين يتخلفون عن الركب (مثل: كلينتون وهولاند وفيون وماي) هم مراوغون، ويفشلون في التعبير عن رؤيتهم، ويسمحون لأنفسهم بأن يصبحوا كل شيء للجميع، بدلًا من السعي وراء ما يعتقدون أنه الشيء الصحيح.

4– عليك دائمًا أن تكون مستعدًا للتأقلم

هذا الدرس، الذي علمنا إياه “ليتل فينجر” في افتتاح الموسم السابع والذي استخدمه ضده “سانسا ستارك” بعد عدة حلقات، جرى تقديمه باعتباره أحد أهم العوامل في لعبة العروش. يقول “ليتل فينجر”: “قاتل في كل معركة، في كل مكان … الجميع عدوك، الجميع صديقك. كل سلسلة محتملة من الأحداث تحدث مرة واحدة. عش بهذه الطريقة، ولن يفاجئك شيء “.

في هذا المقطع القصير من الحوار، نتعرف على “ليتل فينجر” أكثر من المواسم الستة السابقة، حيث نعرف سر نجاحه، ونطّلع على حقيقة عقله، والأكثر إثارة للاهتمام هو أنه يكشف لنا سره بصراحة مدهشة، ولكن الأهم من ذلك، أننا نكتشف مفتاح فتح الغابة السياسية بشخصياتها الأكبر من الشخصيات الواقعية ودوافعها المتغيرة باستمرار.

من الأفضل أن يتعلم المقامرون السياسيون هذا الدرس، فقد كان بإمكان “ديفيد كاميرون”، على سبيل المثال، استخدام هذا الدرس عندما ألزم حزب المحافظين بإجراء استفتاء داخلي في عام 2014، وبالتالي فقد عانى بشدة لضمان تحقيق رؤيته بأن تبقى بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي، أو “تيريزا ماي”، التي راهنت ليس فقط على مستقبلها، ولكن على عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بأكمله، في انتخابات مبكرة قبل عامين. ربما كان من الممكن أن تفكر في احتمال أن يدير حزب العمال واحدة من أفضل الحملات في الذاكرة الحديثة.

الآن، في العالم الحديث يمكن تخفيف هذا الدرس إلى حد ما، لكن المشاعر الأساسية لا تزال قائمة. هذا، وهو أهم درس على الإطلاق، يقرأ على هذا النحو؛ بغض النظر عن مدى تماسك تحالفك، ومقدار ما لديك من القوة، ومدى صرامة معتقداتك أو مدى مرونة استراتيجياتك، فهناك دائمًا فرصة للتراجع.

5– “يمكن قتل أي شخص”

ربما يكون هذا الدرس هو الأكثر شهرة في المسلسل، حيث سقطت الشخصية القوية تلو الأخرى على الرغم من إتقانها الواضح للعبة أو التميز في الميدان؛ فقد سقط “نيد ستارك” و”روب” و”تايوين” و”مارجيري” ومن المحتمل “داني” في هذا الموسم، بسبب غطرستهم، وما نتج عن ذلك من فشل في التفكير في هذا الدرس الحاسم وتعلمه.

والسياسيون الحقيقيون في حاجة ماسة لتعلم هذا الدرس، فقد أثبتت تجربة “هيلاري كلينتون” في الحكومة أنها غير قادرة على إنقاذ مستقبلها السياسي، و”أنجيلا ميركل” التي كانت في يوم من الأيام في مهب الريح، بعد سوء تقدير بشأن اللاجئين. وقد تعلمت كلتا المرأتين بالطريقة الصعبة أن الأحداث الخارجة عن إرادة المرء بشكل كبير يمكن أن تؤدي إلى تدمير أو صناعة مجده السياسي، وأن هذه الأحداث هي التي غالبًا ما تحدد الإرث، وليس تلك التي يقررها المرء.

والزمن وحده هو الذي سيحدد ما إذا كان السياسيون سيتعلمون هذه الدروس، ولكن في الوقت نفسه، يقدمون نظرة ثاقبة مثيرة للاهتمام حول الطرق التي تتناول بها الثقافة الشعبية أساليب الحكم والكتابة عنه. حيث تعتبر كتب مارتن ومسلسلات (HBO) مهمة ومفيدة من جهات كثيرة، إذ إنها توفر دراسات شخصية ممتازة على جميع المستويات، لكن ربما يكون تأثيرها الدائم هو الدروس التي يمكن أن نتعلمها من شخصيات “لعبة العروش”، والطرق التي يمكننا من خلالها تحليل سُبل بسط قبضتهم على السلطة.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا