الصحافة الألمانية|نزيف الليرة التركية لا يزال مستمرًا.. وماذا يمثل ارتفاع عدد المسلمين في ألمانيا؟

مترجمو رؤية

ترجمة – فريق رؤية

بايدن يُغرِق الليرة التركية في أزمة جديدة

نشر موقع “ألجماينا تسايتونج” تقريرًا للكاتب “أندرياس ميهام” أشار إلى أزمة الليرة التركية، لا سيما بعد الخلاف العلني بين واشنطن وأنقرة بعد اعتراف الولايات المتحدة بالمذابح الجماعية للعثمانيين ضد الأرمن منذ أكثر من 100 عام، كما أن تأكيد محافظ البنك المركزي الجديد شهاب أوغلو بشأن سياسة أسعار الفائدة أثار ضجة في الأسواق المالية التركية.

وفقدت الليرة التركية جزءًا كبيرًا من قيمتها حتى أن اليورو أصبح يعادل 10.27 ليرة، والدولار الأمريكي يعادل 8.48 ليرة، كما انخفضت قيمة الليرة أيضًا في سوق السندات، وتأثرت مؤخرًا بشكل جذري بسبب التطورات الشديدة والتوترات السياسية مع أمريكا، كما أن الادارة المتخبطة للمحافظ الجديد للبنك المركزي التركي وإصراراه على عدم زيادة سعر الفائدة – لأنه يضر بالاقتصاد بحسب قوله – أدى إلى فقدان الليرة أكثر من 20% من قيمتها منذ تعيينه في المنصب قبل بضعة أشهر.

وعلى الرغم من ارتفاع قيمة الليرة في بداية العام الحالي، إلا أن أداءها كان الأسوأ مقارنةً بعُملات الدول الأخرى في الأسواق الناشئة، كما أن أزمة كورونا التي لا تزال تتسع في تركيا تؤتي ثمارها، الأمر الذي أدى في النهاية لاحتلال تركيا مكانة في قائمة الدول الأسوأ في مواجهة الفيروس؛ ومن ثم انهارت بورصتا العملات المشفرة في تركيا بالإضافة إلى الاضطرابات الداخلية الكبيرة في البلاد، خاصة بعد تنفيذ عشرات الاعتقالات وتجميد الكثير من الحسابات للمعارضين بتهم واهية، وقد ساهمت هذه العوامل جميعها في ترسيخ الثقة المتعثرة في تركيا كموقع مالي.

ومع ذلك يصر محافظ البنك المركزي شهاب أوغلو على عدم رفع سعر الفائدة قائلًا: “سنستمر على المنوال في سياستنا النقدية في الوقت الحالي، ولن نسمح برفع سعر الفائدة، لأن ذلك سيبعث برسالة سيئة عن الاقتصاد في بلادنا، وتساءل في أول مقابلة تلفزيونية له بعد تعيينه محافظًا للبنك المركزي: هل نحن الأتراك سعداء برفع سعر الفائدة؟ الجواب: لا، ومع ذلك سنلجأ للحلول البديلة المتاحة لمواجهة الأزمة وسننجح في ذلك”.

بسبب كورونا وأزمة الليرة.. أردوغان يفقد السيطرة على تركيا

نشر موقع “تي في أون لاين” تقريرًا للكاتب “باتريك ديكمان” تحدث عن تطور الأوضاع في تركيا وخروجها عن السيطرة بعد انهيار الوضع الاقتصادي وزيادة التضخم وتدهور قيمة الليرة.

وقد ساهمت أزمة وباء كورونا في تراجع الاقتصاد التركي؛ ما أدى إلى زيادة معدلات الفقر بين الأتراك، كما ساهمت سياسة الرئيس أردوغان الخاطئة في تراجع وتدهور شعبيته؛ فقد وصل الأمر إلى حد اصطفاف طوابير طويلة أمام المخابز في إسطنبول للحصول على الخبز المدعم بنصف الثمن.

وتعاني تركيا في الوقت الحالي من أزمتين كبيرتين تتمثلان في تدهور الليرة وأزمة كورونا، حيث تواصل الليرة انخفاضها، وتجاوز التضخم نسبة 16% خلال شهر مارس الماضي؛ ما أدى إلى زيادة معدلات البطالة والفقر في البلاد، وحتى اللحظة تواصل أزمة كورونا تفاقمها بشكل كبير، حيث بلغ معدل الإصابات الجديدة أكثر من 500 إصابة لكل 100 ألف خلال الأسبوع.

ولا شك أن التعامل الخاطئ من قبل الحكومة التركية لعب دورًا مهمًا في تطور الأزمتين في الأشهر الأخيرة، ورغم محاولة أردوغان السيطرة على الأوضاع، إلا أن الواقع يؤكد خروج الوضع عن السيطرة.

أعداد الإصابات تتزايد بشكل كبير

استعجلت الحكومة التركية في بداية شهر مارس وخففت الإجراءات وسمحت للمتاجر والمطاعم بفتح أبوابها من جديد؛ ما ساهم في انتشار الفيروس وجعله يحاصر المدن الكبرى، مثل إسطنبول التي تزدحم شوارعها بالمارة، ولا يمكن أن يتم فيها الحفاظ على المسافات الآمنة رغم ارتداء الأقنعة، ومن ثمّ تجاوزت الإصابات 800 إصابة يوميًّا في اسطنبول وحدها، ولم يعد هناك أماكن بوحدات العناية المركزة.

وقد وصل عدد الإصابات اليومية مؤخرًا إلى أكثر من 60 ألف إصابة، كما وصل عدد الوفيات إلى 318 حالة في اليوم الواحد، ولذلك بات القطاع الصحي في أنقرة وإسطنبول عاجزًا عن التعامل مع الأزمة، واحتج الأطباء وممثلو المهن الطبية على إدارة الأزمة، ووصل الأمر إلى تدخل الشرطة لفض بعض هذه الاحتجاجات، كما حدث في حي الفاتح بإسطنبول، ورفع المتظاهرون لافتات كُتب عليها “أوقفوا الموت”، وطالبوا بالحظر الشامل. وقال السيد ظافر جناب ساريالي أوغلو، رئيس غرفة الصيادلة في إسطنبول، إنه مع استمرار هذه الإدارة السيئة للأزمة لا يمكن أن نرى حلًّا قريبًا وأن الأوقات العصيبة تنتظر تركيا.

تعميم حظر التجول

تعرضت سياسة التخفيف التي اتبعها أردوغان في مارس لانتقادات حادة من جانب المجتمع العلمي، حيث قال رئيس قسم الأمراض المعدية في جامعة أنقرة، إسماعيل باليك، إن الإجراءات التي قامت بها الحكومة كانت فعّالة حتى نوفمبر وديسمبر 2020، لكن الفيروسات أربكت إجراءات الحكومة التي تُصرُّ على استمرار الإجراءات المخففة رغم صعوبة الأوضاع ورغم التطورات السريعة التي لا يجدي معها الإغلاق فقط في عطلات نهاية الأسبوع؛ بل كان يجب منع جميع الأنشطة، مثل زيارات الأحياء والتجمعات الجماهيرية خاصة خلال شهر رمضان.

وفي النهاية وبعد فوات الأوان لجأت الحكومة إلى تطبيق الإجراءات التي كنا نطالب بها من البداية، فتم حظر التجول في مدينة إسطنبول، وفُرضت غرامات تصل إلى 500 يورو للمخالفة، كما جرى تنبيه السياح للالتزام بالإجراءات على الرغم من أن الإجراءات لا تنطبق عليهم، وتم تشديد الإجراءات ضد الأجانب الحاصلين على تصاريح إقامة بحيث يتم سحب تصريح الإقامة حال المخالفة، كما صرح بذلك وزير الداخلية التركي سليمان صويلو.

هذا، ويُعدُّ قطاع السياحة من أهم القطاعات الاقتصادية في تركيا. وكانت الحكومة تخطط بجدية لاستقبال أعداد كبيرة من السياح في عام 2021، لكن جائحة كورونا دمرت هذه الطموحات، وباتت تركيا منطقة عالية الخطورة على الصعيد الدولي وخسر قطاع السياحة التركي حوالي 500 ألف سائح روسي فقط بسبب تشديد إجراءات السفر التي فرضتها روسيا على المسافرين إلى تركيا، كما صرح بذلك وزير السياحة التركي محمد نوري، وقد فرضت روسيا قيودًا شديدة على الرحلات الجوية إلى تركيا، كما انخفضت مبيعات قطاع السياحة بصفة عامة في الفترة من 15 أبريل إلى 1 يونيو 2020 إلى الثلثين، وساهمت قرارات أردوغان الخاطئة في تخفيف الإجراءات الاحترازية بتكبد هذا القطاع خسائر فادحة.

تدهور الليرة

استخدم أردوغان نفس السياسة التي اتبعها في مكافحة الوباء أيضًا في مواجهة أزمة انهيار الليرة، فتمسك بسياسته الاقتصادية للنمو الجذري والضغط على البنك المركزي، وهو مسار لطالما ثبت عدم جدواه في السياسة الاقتصادية للبلاد؛ حيث ازدادت الأزمات وارتفع معدل إفلاس الشركات مؤخرًا بنسبة 43%، وفقًا للأرقام الرسمية، وتجاوز معدل البطالة 13%، ووفقًا لمسح أجراه اتحاد القروض فإن سبعة من كل عشرة أشخاص في تركيا مدينون، ويعيش 40% من الأتراك تحت خط الفقر، فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل حاد خلال المرحلة الأخيرة.

تخفيض سعر الفائدة

ووضعت سياسة أردوغان المالية بلاده في هذا المأزق، حيث يصر على خفض سعر الفائدة، الأمر الذي أدى إلى زيادة التضخم، كما تسببت عمليات الاقتراض الكبيرة بالعملات الأجنبية في تداعي الاحتياطي الأجنبيّ التركي. ومع ذلك يرى الرئيس أن سياساته النقدية هي السبيل الوحيد لتعافي الاقتصاد رغم العثرات المتتالية ومعدلات التضخم المرتفعة التي أثرت كثيرًا على واقع حياة الأتراك.

ولم يغير كذلك البنك المركزي أسعار الفائدة على الرغم من ارتفاع التضخم، وأعلن محافظ البنك المركزي الجديد أن سعر الفائدة سيبقى دون تغيير عند ,19% رغم قيام الرئيس بتغيير محافظ البنك المركزي مرتين في غضون بضعة أشهر من أجل السيطرة على ارتفاع سعر الفائدة.

تدهور شعبية الحزب الحاكم

واعتمد أردوغان وحزبه في شعبيتهما على اللعب على عنصري الدين والاقتصاد، وقد نجحت هذه الاستراتيجية لفترة طويلة، وخاصة بعد نمو الاقتصاد التركي بشكل كبير، الأمر الذي حقق للشعب التركي المزيد من الرخاء، بيد أن الأزمات الأخيرة الكبيرة على جميع الأصعدة باتت كفيلة بتدهور شعبية أردوغان وحزبه، كما تؤكد معظم استطلاعات الرأي في تركيا وغيرها.

ارتفاع أعداد المسلمين في ألمانيا

نشر موقع “تاجس شاو” تقريرًا للكاتب “أولريش بيك” لفت إلى الزيادة الملحوظة لأعداد المسلمين في ألمانيا، والذي وصل عددهم إلى ستة ملايين ونصف يمثلون نسبة 7% من السكان الألمان تقريبًا، ومدى تأثير هذه الزيادة على قضايا الاندماج وظاهرة الإسلاموفوبيا واليمين المتطرف.

ويعيش أكثر من خمسة ملايين مسلم في ألمانيا، وقد أظهرت إحدى الدراسات التي قام بها المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا نتائج مثيرة، وأجريت هذه الدراسة على عينة تمثيلية لأكثر من 5200 مسلم في الفترة بين يوليو 2019 ومارس 2020، وهو ما يجعلها أكبر دراسة محلية عن المسلمين في ألمانيا.

ويعيش في ألمانيا ما بين 5.3 و5.6 مليون مسلم، وتنحدر أصولهم من بلدان تقطنها أغلبية مسلمة وهذا العدد يمثل نسبة 6.4 إلى 6.7% من إجمالي سكان ألمانيا، وقد ارتفع عدد المسلمين في ألمانيا بين عامي 2015 و2019 إلى نحو 900 ألف مسلم، ويشكل المسلمون من أصل تركي النسبة الأكبر (45%)، لكنهم لم يعودوا يشكلون الأغلبية المطلقة على الرغم من أن عددهم كان مستمرًا في الارتفاع، ثم يأتي بعد ذلك المسلمون من بلدان الشرق الأدنى والأوسط، حيث بلغ عددهم الآن حوالي 1.5 مليون شخص، ويأتي معظمهم من الدول العربية.

 وأشارت الدراسة إلى أن النساء المسلمات في ألمانيا أكثر تدينًا من الرجال، وأن الأشخاص الذين لديهم خلفية مهاجرة من البلدان الإسلامية الأصلية هم أكثر تدينًا من الأشخاص الذين ليس لديهم خلفية مهاجرة، وهم يمثلون 82% وأن أكثر من الثلثين منهم يحافظون على الصيام، بينما يحافظ 40% منهم على الصلاة اليومية، وتأتي هذه الزيادة نتيجة موجات الهجرة واللجوء من سوريا ومن مناطق الحرب الأخرى في الشرق الأوسط. هذه الدراسة التي جاءت بعنوان: “حياة المسلمين في ألمانيا” أجراها باحثون من المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بدعم من مؤتمر الإسلام الألماني، وأظهرت الدراسة أن تنوع وتديُّن الجماعة المسلمة في ألمانيا بات أكثر تباينًا بشكل ملحوظ.

تقول السيدة أنيا شتيلس، عالمة الاجتماع في المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين BAMF إنه لا تكاد توجد فوارق كبيرة بين الأجيال أو الأعمار، ومع ذلك تميل النساء إلى أن يكنّ أكثر تدينًا من الرجال، ولا تزال الجمعيات الإسلامية تلعب دورًا متناقضًا، وقال وزير الداخلية الألماني ماركوس كيربر، إن المسلمين المرتبطين بالجمعيات الإسلامية يمثلون فقط 25% كحد أقصى، وتابع الوزير بأن أغلب الجمعيات الإسلامية في ألمانيا تعتمد في تمويلها على دول أجنبية، ومن ثمّ فهي ترتبط بتلك الدول أيديولوجيًّا؛ وهو ما يمثل إشكالية كبيرة، مثل منظمة ديتبDitib  التي تُموَّل من قِبل وزارة الشئون الدينية (ديانت) في أنقرة، وهذه الجمعيات الإسلامية لا تمثل جميع المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا والذين يزيد عددهم عن خمسة ملايين شخص.

كما أشارت الدراسة إلى أن بعض المهاجرين من المسلمين باتوا أكثر ارتباطًا بألمانيا من المقيمين أنفسهم، كما أكدت أن نسبة 10% من المسلمين في ألمانيا يصفون أنفسهم بأنهم “ملحدون أو محايدون”، ومع ذلك فهم في المتوسط أكثر تدينًا مقارنةً بالمجتمع الألماني المضيف، حيث وصف 82% من المسلمين في ألمانيا بأنهم “شديدو التدين” أو “متدينون إلى حد ما”.

يقول أحد المشاركين في الدراسة إن أهمية الدين في حياة المسلمين مبالغ فيها، وأنهم ينخرطون ويشاركون في الحياة الألمانية ولا يختلفون عن غيرهم من المقيمين أو حتى الألمان، وأنه في كثير من الأحيان لا يمكن تميز المسلمين من خلال مؤهلاتهم أو وظائفهم عن أعضاء المجتمع المضيف. وقال وزير الداخلية الألماني ماركوس كيربر إنه كانت هناك مخاوف خلال ذروة حركة اللاجئين في عام 2015 حتى بين الأوساط الأكاديمية من عدم قدرة اندماج المهاجرين من المجتمعات ذات التقاليد العلمانية الضعيفة مع النظام القانوني والاجتماعي الألماني، الأمر الذي لم يحدث وأظهرت الدراسة عكسه، حيث أشارت إلى أن 39% من المهاجرين يشعرون بارتباط وثيق بألمانيا مقارنةً بـ 30% من الأشخاص الذين ليس لديهم خلفية مهاجرة، في حين قالت نسبة تصل إلى أقل من 3% ممن شملهم الاستطلاع إنهم لا يشعرون بأي صلة مع المجتمع الألماني على الإطلاق.

وزير الخارجية الألماني يحذر أنقرة

وقد أكد وزير الداخلية الألماني أن الحكومة الفيدرالية تُصرُّ على استقلال المؤسسات الإسلامية عن الحكومات الأجنبية. وتابع الوزير الذي كان مسئولًا عن برنامج التماسك الاجتماعي(Heimat)  والشئون الدينية في إدارة الوزير فولفغانغ شوبله، الذي كان أول من أقام في عام 2007 مؤتمر الإسلام الألماني، بأن جمعية ديتيب التركية الإسلامية على وجه الخصوص في محل شك لأن أئمتها يتقاضون رواتبهم من الحكومة التركية، وتتلقى الجمعية تعليمات من القنصليات والسفارات التركية؛ الأمر الذي يمنع أيضًا العديد من المسلمين في ألمانيا من الاشتراك في مثل هذه الجمعيات”.

 مؤرخ: كانت هناك أوامر بالإبادة الجماعية للأرمن من قِبل العثمانيين

نشر موقع “فرانكفورتر روندشاو” حوارًا مع المؤرخ “يوجين روغان”، دار حول قضية الإبادة الجماعية للأرمن التي دأبت تركيا على إنكارها، وقامت واشنطن مؤخرًا بالاعتراف بهذه الإبادة التي حدثت منذ عقود كثيرة وأسباب هذا الاعتراف.. وإلى أبرز ما جاء في الحوار:

السيد روغان: ينفي أردوغان حتى يومنا هذا وقوع الإبادة الجماعية ضد الأرمن في الحرب العالمية الأولى، أليس من المفاجئ بعض الشيء اعتراف واشتطن بهذه الإبادة الجماعية؟

في الحقيقة هذه خطوة سياسية بامتياز، ومع ذلك فإن تعامل أنقرة مع هذه القضية هو الأغرب حيث إن تركيا الحديثة (الجمهورية التركية) يمكنها ببساطة أن تنأى بنفسها عن الإبادة الجماعية في عهد الامبراطورية العثمانية.

ما سبب موقف أردوغان من هذه القضية؟

ظل الأرمن يطالبون المجتمع الدولي، وخاصة تركيا، بالاعتراف بالمعاناة التي عانوا منها في الحرب العالمية الأولى على غرار الاعتراف بالهولوكوست، وهذا مطلب منطقي من وجهة نظرهم، ومع ذلك لم يستطع الأرمن فعل ذلك وبدأوا يهاجمون منكري الإبادة الجماعية، وأدى ذلك إلى نشوب صراع بين الدولة التركية والأرمن، وعزز الموقف التركي أنهم لم يعترفوا بالموقف الأرمني، خاصة وأنه يتم فرضه من خلال الضغط الخارجي، ووصل الأمر إلى أن تركيا قامت بنفي من يتحدث عن موضوع الإبادة في تركيا، مثل السيد أورهان باموك، الحائز على جائزة نوبل، والذي سُجن لإثارته تلك القضية، وقد تعامل أردوغان مع هذا الملف بشكل مذري، وصل إلى حد منع الطلاب الأتراك من إجراء البحوث في هذا المجال، ولا شك أن هذا المنع له نتائج عكسية ويشجع المزيد والمزيد من المؤرخين الأتراك على القيام بذلك.

هل قام الأتراك بالفعل بالبحث في هذا الموضوع؟

نعم قام باحثون ومؤرخون أتراك بالوصول إلى وثائق تؤكد مقتل وترحيل الأرمن على يد العثمانيين، ولقد دُعيت بنفسي من قِبل مركز فكري في أنقرة لإلقاء محاضرة حول الإبادة الجماعية للأرمن، وكان لا بد أن يكون عنوان المحاضرة غير صريح، حيث كان العنوان “أسئلة قديمة ومناقشات جديدة”، لكن المحاضرة كانت صراحةً حول الإبادة الجماعية للأرمن، وبعد المحاضرة سألت المضيف عن سبب تنظيمه لمثل هذه الندوة فأجاب بأن ذلك يساعد على رأب الصدع بين تركيا والقوقاز والأرمن الذين باتوا شريكًا تجاريًّا مهمًّا لتركيا، وتحولت تلك المناطقة القديمة لمعاقل جديدة للسياحة؛ لذلك يجب على أردوغان أن يغير النهج القديم.

ما أسباب الإبادة الجماعية؟

مقتل المئات أو حتى الملايين خلال الحرب العالمية الأولى كان مبررًا، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالخسارة في الحرب، ولو اضطر الأمر لممارسة الإبادة الجماعية ضد الشعوب التي يمكن أن تشكّل تهديدًا وجوديًّا لأمن المحاربين، وهو ما كان ينطبق على الأرمن الذين كانوا ينظرون إلى روسيا على أنها قوة حامية وكانوا يجندون أنفسهم في الجيش الروسي ضد العثمانيين، ولذلك رأى العثمانيون الأرمن في القوقاز كطابور خامس، وأدى الصراع في القوقاز إلى تدمير الجيش العثماني الثالث فكانت النتيجة قتل وتهجير الأرمن على يد العثمانيين.

هل ذلك يعني أن عمليات القتل الجماعي كانت بأوامر من الحكومة العثمانية؟

أصدرت الحكومة العثمانية بالفعل أوامر سرية بالقتل الجماعي للأرمن وأُعطيت الأوامر شفويًّا وليس كتابيًّا، ومع ذلك أرسل طلعت باشا، أحد القادة الأتراك الشباب الثلاثة، أمر الترحيل كتابيًّا إلى المحافظين في 1 مارس 1915، لذلك تم الأمر علنًا بأمر من الحكومة وقُتل مئات الآلاف من الأرمن، حتى أن المجتمع الدولي، وهو منظمة لم يقبلها الجانب التركي، صنّف هذا العمل على أنه إبادة جماعية، ورغم هذه المجزرة للأرمن في شرق الأناضول لم ينتصر العثمانيون وحدث الغزو الروسي للقوقاز.

هل كان هناك رد فعل عثماني على هذه الإبادة؟

ما يتم تجاهله اليوم عمدًا هو أحداث ما بعد الحرب، حيث فر القادة الذين كانوا مسئولين عن هذه الجريمة من تركيا بعد الحرب، وقام البرلمان العثماني في التحقيق في القضية، وتم بعدها محاكمتهم، وهذا هو الجانب الذي يتغافل عنه الغرب، رغم أنه ارتكب الكثير من الجرائم المشابهة دون مُساءلة أو عقاب.

ربما يعجبك أيضا