الصحافة الفرنسية| الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. تصعيدات جديدة توحي بتغيير الأطراف الفاعلة

مترجمو رؤية

ترجمة – فريق رؤية

الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. ماذا بعد هذا التصعيد العسكري؟

عادت القضية الفلسطينية بقوة لاحتلال الصفحات الأولى لوسائل الإعلام العالمية… ففي فرنسا، حاول موقع “راديو إر تي إل” فك شفرات هذا التصعيد، حيث تريد حركة حماس الإسلامية ترسيخ نفسها كمحور للقضية الفلسطينية، بينما ستسعى إسرائيل من جانبها، إلى الحد من تأثير الحركة.

وكانت اشتباكات بين متظاهرين فلسطينيين ورجال شرطة إسرائيليين في ساحة المسجد الأقصى في القدس الشرقية قد تحولت إلى حرب بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة، وإلى توترات في البلدات اليهودية العربية على الأراضي الإسرائيلية، واشتباكات في الضفة الغربية المحتلة.

إذن ما الذي تحاول حماس تحقيقه؟ وماذا عن إسرائيل؟ يرى الخبراء أن حركة حماس تريد أن تحتل محور القضية الفلسطينية من خلال رشقاتها الصاروخية، بينما تسعى إسرائيل من جانبها إلى الحد من نفوذ الحركة من خلال قصف بنيتها التحتية في قطاع غزة.

وقالت ليلى سورات، الباحثة المشاركة في مرصد العالم العربي والإسلامي بجامعة بروكسل الحرة: “حماس تحاول فرض نفسها كضامن رئيس لحماية الفلسطينيين والقدس في المقام الأول، وهو أمر جديد تمامًا مقارنةً بما رأيناه سابقًا”.

انتخابات مؤجلة

وأضافت سورات لوكالة الأنباء الفرنسية: “من الواضح أن حماس تحاول تقويض محمود عباس، الذي يعاني ضعفًا شديدًا وانقسامًا فلسطينيًّا، والذي أجّل الانتخابات، لكنهم يشعرون بشكل أوسع أن هناك أمورًا تتطور على الصعيد الفلسطيني”. وفي الأشهر الأخيرة، اتفقت حماس المسيطرة على قطاع غزة، وفتح، حزب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يسيطر على الضفة الغربية المحتلة، على خارطة طريق للمصالحة بعد أكثر من عقد من الانقسامات. وكان من المنتظر أن تمر هذه المصالحة من خلال الانتخابات المقرر إجراؤها هذا الشهر.

لكن محمود عباس أرجأ الانتخابات إلى أجل غير مسمى؛ لأن إسرائيل التي تسيطر على القدس الشرقية لم تعط الضوء الأخضر لإجراء الانتخابات في المدينة المقدسة. وحماس، التي كانت تعول على هذه الانتخابات بشكل خاص لاستعادة الشرعية، لم تخف انزعاجها. وفي نفس الوقت تقريبًا، اندلعت الاحتجاجات في القدس. وتشير ليلى سورات إلى أن حماس “لا تدير هذه الانتفاضة، فهم أنفسهم مرهقون” لكنهم يحاولون “الاستيلاء عليها”. وتضيف أنهم “استخدموا الأداة العسكرية لكس يظهرون أنفسهم كحماة للفلسطينيين في القدس”.

تدمير حماس

ومع أولى رشقات الصواريخ، هدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حماس بخسارة السلطة لصالح تحالف محتمل بين المعارضة والأحزاب العربية، واتهمها بأنها تجاوزت “الخط الأحمر”. ولم يكتف الجيش الإسرائيلي بضربات انتقامية خفيفة كعادته في بعض الأحيان، لكنه قصف قطاع غزة الذي يقطنه مليونا شخص تحت الحصار، بلا هوادة.

من جانبه أوضح يعقوب عميدرور، مستشار الأمن القومي السابق لبنيامين نتنياهو، أن “على إسرائيل أن تُظهر لحماس أنها لا تستطيع أن تملي عليها أي شيء”. وبالتالي، يجب على إسرائيل ألا “تدمر قدرات حماس وبنيتها التحتية فحسب، بل يجب أيضًا أن تقتل قادتها”. ويضيف أن “العمليات جارية لقتل أكبر عدد ممكن من نشطاء حماس والخبراء التقنيين بشكل أساسي، سواء بالصواريخ أو الطائرات بدون طيار”.

وفي هذا التصعيد، قُتل أكثر من مائة شخص في غزة، بينهم أطفال، بينما قُتل تسعة أشخاص في إسرائيل، حيث اعترض الدرع الصاروخي “القبة الحديدية” معظم الصواريخ.

توترات بين إسرائيل وفلسطين.. وتصعيد يُنذر باشتعال حرب جديدة

ومن جانبها، حذرت جريدة “لوباريزيان” من حرب جديدة لن تضر إلا سكان قطاع عزة. ففي لحظة، وجد نظام القبة الحديدية للدفاع الجوي الإسرائيلي نفسه غارقا وسط انفجار عشرات الصواريخ التي انطلقت في رشقات جماعية من غزة نحو تل أبيب؛ ما أجبر الآلاف على الهروب إلى الملاجئ. وفقد خمسة إسرائيليين، يهود وعرب، حياتهم في بلدتي اللد وريشون لتسيون. ولم تشهد إسرائيل هجومًا جويًّا بهذه الكثافة منذ حرب غزة في عام 2014، ولا أحداث شغب في شوارعها منذ أحداث عام 2000، وقت بداية الانتفاضة الثانية.

إضاعة سنوات من الجهود

وهكذا، شهدت مدن حيفا، وبئر السبع، وديمونة، والرملة، وعكا مواجهات عنيفة وعجزت قوات الشرطة عن السيطرة. ففي اللد، وهي مدينة يهودية عربية شهيرة في وسط البلاد، ومع ارتفاع معدل الجريمة، تم إعلان حالة الطوارئ بعد ليلة من العنف أضرم خلالها متظاهرون عرب النار في ثلاثة معابد يهودية وعشرات المتاجر والسيارات.

وفي مدن مختلفة، جابت مجموعات يهودية عفوية شكلتها مجموعات يمينية متطرفة في الشوارع سعيا للاحتكاك بالمتظاهرين العرب، أو بالمارة العاديين أحيانًا، كما حدث في حيفا، حيث تم تسجيل عدة جرحى. وفي هذه المدينة الساحلية الواقعة شمال إسرائيل، انخرط بضع مئات فقط، من بين حفنة من آلاف المتظاهرين العرب، في أعمال عنف وتم رفع عدة أعلام خضراء لحركة حماس.

وبسبب خفوت المطالب السلمية باستعادة حي الشيخ جراح وحرم المساجد تبدو الآن تحت تأثير الجماعات الجهادية التي تقود المقاومة ضد دولة إسرائيل من غزة، انتاب نشطاء فلسطينيون في القدس الشرقية حالة غضب شديدة من حماس وحركة الجهاد الإسلامي اللتين سيطرتا على المشهد السياسي. لكن داخل غزة، يبدو أن الجماعات الإسلامية المتطرفة قد طغت على حركة حماس، والتي عادة ما تبقيها في طي الكتمان.

الناس العاديون هم من سيدفعون الثمن

ويفيد وسيم نصر، المتخصص في الحركات الجهادية، أن “حركة حماس مقربة بشكل تاريخي من تنظيم القاعدة، وجيش الأمة السلفي، الذي أعلن شرف بدء الأعمال العدائية مع إسرائيل صباح 10 مايو بإطلاق ثلاثة صواريخ على سديروت وأماكن أخرى خلال النهار. كما اشتكى من ضغوط حماس التي تقيد حريته في العمل دون أن يذكرها. والشرارة الثانية كانت عبارة عن صاروخ مضاد للدبابات أطلقه الجهاد الإسلامي على سيارة إسرائيلية كانت لا تزال في سديروت. عندها فقط أصدرت حماس إنذارًا مهددًا إسرائيل بالانتقام إذا لم تخرج كل رجال الشرطة من المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح. وأضاف أنه حتى لو خرج منهم التصعيد عن السيطرة، فقد تمكنت هذه الجماعات من أخذ زمام المبادرة ووحدت الرأي حول القدس”.

ووسط تزايد القلق داخل المجتمع الدولي، حذر مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط، تور وينيسلاند، من أن إسرائيل وحماس تتجهان نحو “حرب شاملة. والحرب في غزة ستكون مدمرة، والناس العاديون هم من سيدفعون الثمن” في هذه المنطقة الفلسطينية الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة تحت الحصار، وحيث يبلغ معدل البطالة فيها حوالي 50٪.

لماذا تأخر بايدن في التدخل دبلوماسيًّا بالشرق الأوسط

ومن جانبه تساءل موقع “إلى سي إي” تحت عنوان: “لماذا تأخر بايدن في التدخل دبلوماسيًّا في الأزمة في الشرق الأوسط” عن الموقف الأمريكي، حيث يرى جورج مالبرونو المتخصص في شئون الشرق الأوسط أن لدى الرئيس الأمريكي “أولويات أخرى” غير الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كالملف النووي الإيراني بشكل أحرى.

وبعد دعم إسرائيل، والدعوة إلى وقف التصعيد والموافقة في نهاية المطاف على عقد اجتماع جديد لمجلس الأمن الدولي يوم الأحد الماضي، تواجه الولايات المتحدة ضغوطًا داخلية وخارجية تدفعها إلى الانخراط دبلوماسيًّا بشكل أكبر في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وعلى هذا النحو، وبينما شهدت ليلة الجمعة الماضية غارات إسرائيلية جديدة على غزة ومظاهر جديدة للغضب في الضفة الغربية، بدأت الولايات المتحدة محاولة وساطة مع وصول مبعوثها المكلف بإجراء المحادثات.

ومن المقرر أن يلتقي هادي عمرو، المسئول الكبير في وزارة الخارجية الأمريكية للشئون الإسرائيلية والفلسطينية، مع القادة الإسرائيليين في القدس؛ ومن ثم التوجه إلى الضفة الغربية المحتلة لإجراء محادثات مع المسئولين الفلسطينيين. وقالت النائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جالينا بورتر: إن الهدف من الزيارة هو تشجيع الجانبين على تحقيق “تهدئة دائمة”.

ليست أولوية بالنسبة لواشنطن

ومع ذلك، لا يوجد ما يشير إلى أن المبادرة الأمريكية ستشكّل على الفور تدخلًا فعالًا في الصراع الحالي. على أية حال، هذا هو رأي جورج مالبرونو، مراسل صحيفة “لو فيجارو” والمتخصص في شئون الشرق الأوسط، والذي اعتبر أن ملف هذه القضية بعيد كل البعد عن أن يشكّل أولوية لواشنطن على المستوى الدولي.

وبحسب الصحفي؛ فالأهداف الرئيسية للبيت الأبيض في هذه المنطقة هي كما يلي: “الاتفاقية النووية الإيرانية”، “إعادة العلاقات بين السعودية وإيران مرة أخرى” أو “إنهاء الصراع في اليمن”. هذه هي الأهداف التي تحتل مكانة أعلى بكثير من بين الاهتمامات الأمريكية.

ناهيك عن الصعوبة التي تواجهها الولايات المتحدة في إسماع صوتها في الصراع في القدس الذي اندلع منذ يوم الاثنين، لا سيما بسبب “تطرف السياسيين الإسرائيليين، ونقص الممثلين السياسيين الفلسطينيين” بحسب جورج مالبرونو، “ولأن واشنطن لا تتناقش مع حماس التي تعتبرها حركة إرهابية”. باختصار، واشنطن ليس لديها نفوذ كبير أو مصلحة في التدخل في صراع يخرج عن سيطرتها، وأخيراً يرى الصحفي المتخصص في الشئون الشرق أوسطية أن “الولايات المتحدة تعتبر أن مصالحها الاستراتيجية في إسرائيل ليست في خطر”.

في مواجهة صواريخ حماس.. حدود “القبة الحديدية” درع إسرائيل

وشكّكت صحيفة ليكسبريس الفرنسية في قدرة نظام الدفاع الإسرائيلي على تحقيق الحماية الجوية الكاملة. فمع تصاعد التوترات، اعترضت القبة الحديدة الإسرائيلية مئات الهجمات الصاروخية من قطاع غزة، لكن هذا النظام ليس مضمونًا.

ومع إطلاق الصواريخ في سماء إسرائيل دوت صفارات الإنذار، واحتمى السكان. وبعد ثلاث ليال من الاشتباكات بين تل أبيب وحماس، لم تلح بعد في الأفق أي تهدئة. ومع بدء الاشتباكات بين الإسرائيليين والفلسطينيين يوم الإثنين قبل الماضي، دخلت المنطقة في صراع مميت لم تشهده منذ 2014، حيث أطلق نحو 1500 صاروخ على الدولة العبرية منذ بداية الأسبوع من قبل جماعات مسلحة مختلفة. وتم بالفعل اعتراض عدة مئات منها بواسطة الدرع الصاروخي الإسرائيلي المعروف باسم نظام “القبة الحديدية”.

وكشفت هذه التكنولوجيا الشهيرة في جميع أنحاء العالم، عن مشهد غير مسبوق في السماء، حيث يهدف النظام الذي يعتبر جوهرة الدفاع العسكري الإسرائيلي إلى اعتراض المقذوفات قصيرة ومتوسطة المدى من صواريخ، وقذائف المدفعية. وتعمل تقنية الدفاع على النحو التالي: يحدد النظام موقع الصواريخ ويتتبعها عند إطلاقها باستخدام الرادار. وفي حال استهداف مناطق مأهولة بالسكان، يتم إطلاق صاروخ إسرائيلي “لتحييد التهديد”. وبشكل ملموس، تسمح هذه المنظومة بإسقاط قذائف يصل مداها إلى 70 كم.

تقول ستيفاني ليثيير، المؤرخة المسئولة عن الأبحاث في مدرسة الدراسات العليا والمتخصصة في الشأن الإسرائيلي، لجريدة ليكسبريس: “تم تصميم القبة الحديدية بعد حرب عام 2006 ضد حزب الله”. وفي مارس 2011، تم تركيب أول بطاريات “القبة الحديدية” في منطقة بئر السبع، عاصمة صحراء النقب، الواقعة على بعد 40 كيلومترًا من قطاع غزة. ثم نُشرت بطاريات أخرى، لا سيما بالقرب من بلدتي عسقلان وأشدود، جنوب مدينة تل أبيب الكبرى، وبالقرب من بلدة نتيفوت، على بعد 20 كيلومترًا من القطاع.

عدد متزايد من الصواريخ الفلسطينية

وقامت إسرائيل بتصميم منظومة القبة الحديدية بمساعدة الولايات المتحدة وباعتها للجيش الأمريكي. وبينما أثار هذا الدرع الصاروخي شكوكًا في البداية حول فاعليته، إلا أنه اعترض منذ ذلك الحين آلاف الصواريخ الفلسطينية القادمة من قطاع غزة. ومع ذلك، عاد الجدل في الأيام الأخيرة، حول فائدته بعد الأعمال العدائية التي تتعرض لها إسرائيل. وبالرغم من أن الخسائر أكبر على الجانب الفلسطيني، إلا أن الدولة العبرية تعرب عن أسفها لخسارة المدنيين منذ تجدد العنف. ووجد المجتمع الإسرائيلي فرصة للتشكيك في فاعلية درعه الذي ضج منه الإسرائيليون بسبب كلفته المرتفعة.

من جانبها، تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية هذا الموضوع؛ حيث تساءلت صحيفة “جيروزاليم بوست”: هل القبة الحديدية فعالة ضد صواريخ حماس كما كان معتقدا؟، وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن القبة الحديدية أسقطت 85٪ إلى 90٪ من الصواريخ التي أطلقها قطاع غزة في المعارك السابقة. وفي أعقاب الحرب الإسرائيلية الفلسطينية عام 2014، تم الثناء على فاعلية هذا الدرع المضاد للصواريخ.

منظومة قد تكون معيبة

فما الذي تغير؟ خلال حرب غزة في عام 2014، أطلقت حماس ما يقرب من 4000 صاروخ، ولكن على مدى خمسين يومًا، أي بمعدل عشرات الرشقات على الأكثر موزعة على مدار اليوم، وفقًا لصحيفة جيروزاليم بوست. وبعد سبع سنوات، أطلقت الحركة الإسلامية الفلسطينية أكثر من 100 صاروخ في بضع دقائق. وفي مواجهة نظام الحماية الإسرائيلي، زاد الفلسطينيون من قوتهم الضاربة. وبينما كان معروفًا أن حزب الله يمتلك مثل هذه القدرات، إلا أن هذا الأمر جديد على حماس.

ووفقًا لستيفاني ليثير: “هناك فجوة بين تكلفة إطلاق الصواريخ والثمن الذي المدفوع لاعتراضها”. بمعنى آخر، نظرًا لأن صنع هذه المقذوفات ليس مكلفًا للغاية، فمن الممكن رمي الكثير منها على أمل سقوط عدد قليل. وبالتالي، إذا كانت “المنظومة التكنولوجية الإسرائيلية” قادرة على اعتراض رشقات الصواريخ، لكن أحيانًا يتم إطلاق الكثير منها. وتتابع المتخصصة في الشأن الإسرائيلي قائلة: “القبة الحديدية منظومة قد تكون معيبة”. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الدرع الإسرائيلي يعجز عن صد البالونات الحارقة أو المقذوفات الأخرى التي يتم إطلاقها على ارتفاع منخفض جدًّا.

هل القبة الحديدية سلاح رادع؟ تقول ستيفاني ليثيير: “هذا الأمر محور نقاش مهم في إسرائيل. ومع ذلك، لا يزال هناك ضغط انتخابي قوي من سكان شمال وجنوب إسرائيل الأكثر استهدافًا بنيران صواريخ المقاومة الفلسطينية”. وأضافت أن المدافعين عن هذه القبة الحديدية يرون أنه “إذا لم تكن هذه المنظومة موجودة، لكنا شهدنا المزيد من الأضرار. وإذا كان الفلسطينيون يعرفون القبة الحديدية جيدًا ويحاولون التكيف معها، فإننا سنواصل على الجانب الإسرائيلي، تحسين عملها. ففي مارس الماضي، كشفت الدولة عن نسخة جديدة بإمكانها اعتراض كل من الصواريخ والمقذوفات والطائرات من دون طيار في آن واحد”.

هل تغيرت الأطراف الفاعلة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟

وعن التوازنات الإقليمية الجديدة، تساءلت جريدة “هوفينجتون بوست” بالنسخة الفرنسية عن متغيرات الوضع بعد أن أعادت هذه الحلقة الجديدة من العنف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى واجهة المشهد الدولي مع الأطراف الفاعلة المعروفة جيدًا، وأطراف أخرى أقل شهرة.

من يدعم من؟ ولماذا؟ وإلى أي مدى؟

طوال الأسبوع الماضي، تردد صدى التصعيد العنيف للصراع الإسرائيلي الفلسطيني في جميع أنحاء العالم، على خلفية رفض السياسات الاستعمارية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة ورد حماس. وقال الجيش الإسرائيلي إن “أكثر من 1000 صاروخ” أطلقت من غزة؛ ما أسفر عن مقتل 5 أشخاص على الأقل. من جهتها، قالت وزارة الصحة في غزة إن الغارات الجوية الإسرائيلية الانتقامية على القطاع، ردًّا على إطلاق صواريخ، قتلت أكثر من 35 شخصًا، بينهم 12 طفلًا.

وأدت هذه الاشتباكات إلى تحفيز إدانات إقليمية ودولية ذات نبرات متنوعة وكاشفة؛ ففي تركيا ندد الرئيس رجب طيب أردوغان بما أسماه “الإرهاب الإسرائيلي” في القدس. وكذلك فعلت إيران التي تحدثت عن “جرائم حرب” إسرائيلية، وتونس التي احتجت على ما أسمته “العدوان على الأراضي الفلسطينية”.

كما أدانت دول أخرى في المنطقة، بما في ذلك بعض التي قامت مؤخرًا بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مثل السودان والمغرب والإمارات العربية المتحدة والبحرين، بالدولة العبرية لكن بلهجة أقل قسوة. ودعت أبو ظبي السلطات الإسرائيلية إلى “تحمل المسئولية عن تهدئة” أعمال العنف حول ساحة المسجد الأقصى. واستنكرت وزارة الخارجية المصرية “بشدة اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك”. كما ندد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بما يحدث من “استفزازات ضد سكان القدس والتي تتعارض مع القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان، وسياسة التوسع الإسرائيلية”.

تغيير في التصور

وبعد ما يقرب من عامين كاملين على آخر اشتباكات كبيرة بين الحكومة الإسرائيلية والفلسطينيين في مايو 2019، تتكرر القصة ذاتها لكن بسياق مختلف.

ويؤكد برتراند بادي، الأستاذ الفخري بكلية العلوم السياسية أن هناك تغيرًا في تصور الوضع، وبات “هناك وعي متزايد في الرأي العام الدولي بالانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل”، مستشهدًا بالتقرير الأخير الصادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية في أبريل 2021 والذي يثبت “جرائم الفصل العنصري والاضطهاد” التي تعود “للسياسات الإسرائيلية التعسفية”. وهذا شيء بدأ يغير التوازنات الواسعة للرأي العام العالمي. كما يوضح أنه صار من الصعب بشكل متزايد على نتنياهو وأقرانه الاستمرار “في سياساتهم وجعل وضع مؤقت وهو: الاحتلال الذي نتج عن نكسة 67، يستمر إلى أجل غير مسمى”.

وهناك أيضًا تغيير طرأ على سياسة بعض البلدان. فعلى الصعيد الدولي، حيث الولايات المتحدة المتورطة بشدة في هذا الصراع بمساندتها لإسرائيل، لم يعد يقودها دونالد ترامب الذي كان مقربًا جدًا من بنيامين نتنياهو، لكن جو بايدن، أكثر حذرًا بشأن هذا الصراع الشائك، كما حدثت تغييرات أيضًا على المستوى الإقليمي: فبالإضافة إلى تطبيع العديد من العلاقات مع إسرائيل، جلب الوضع الدبلوماسي في المنطقة بعض اللاعبين الجدد.

ربما يعجبك أيضا