ذا هيل | حتى مع وجود الإرهاب في أفغانستان.. تظل الصين التهديد الأكبر

آية سيد

ترجمة – آية سيد

يُعد الانسحاب المأساوي سيئ التنفيذ من أفغانستان بمثابة انتكاسة كبيرة للأهداف الأمريكية في المنطقة ولوضع أمريكا في العالم. يطرح الهجوم الإرهابي الذي وقع يوم الخميس الماضي على مطار كابول وسيطرة طالبان الكاملة على أفغانستان خطر وقوع هجمات على الأراضي الأمريكية، وكذلك أيضًا المصالح الأمريكية في المنطقة وحلفاء الولايات المتحدة. وكما رأينا بإعلان تنظيم داعش – خراسان مسئوليته عن التفجير، هذه الهجمات ستنفذها جماعات مثل داعش، والقاعدة وغيرها، التي ستزداد قوة في أرض أفغانستان الخصبة تحت حكم طالبان، وهذا التطور الضاري يحتاج لرد أمريكي جاد.

بيد أنه بقدر ما تُعدُّ هذه المخاطر ضارة وكبيرة، لعل الخطر الأكبر الموجود في الانسحاب من أفغانستان هو أن الولايات المتحدة ستخسر تركيزها الاستراتيجي على التهديدات التنافسية من الأقران، مثلما فعلت بعد نهاية الحرب الباردة وفاقمتها أحداث 11 سبتمبر والتدخل الأمريكي الموسع في جنوب غرب آسيا.

يجب ألا تصرف الأحداث في أفغانستان انتباه مجتمع الأمن القومي الأمريكي عن التهديد العالمي الذي يفرضه الحزب الشيوعي الصيني، والذي سيطرته على الصين تمده بالقوة ليحل محل الولايات المتحدة، والصراع الصيني – الأمريكي سيحدّد طبيعة السياسة في القرن الحادي والعشرين. وستحدد نتيجته مستقبل الحرية والديمقراطية، أو ما إذا كان هذا المستقبل سيُحجب بالقمع. ينبغي أن يصبح هذا التهديد الأولوية الثابتة والدائمة للحكومة الأمريكية.

استغل الحزب الشيوعي الصيني جهود أمريكا لمكافحة الإرهاب بعد 11 سبتمبر، وحدد هذه النقلة على أنها فترة حاسمة من الفرص الاستراتيجية لكي يصبح أكثر قوة. ومثلما وجّه زعيم الحزب الشيوعي آنذاك جيانج زيمين، احتاجت الصين لإبطال التركيز الأمريكي المحتمل على توسع الصين وجهودها للحاق بالولايات المتحدة. في الوقت نفسه، قررت الصين أن الأويغور والمسلمين الآخرين يمكن قمعهم تحت ستار مكافحة الإرهاب. في هذه الفترة، جرى خسارة الكثير لصالح الحزب الشيوعي الصيني فيما يتعلق بالمصالح الأمريكية بالخارج وتهديد الصين للشعب الأمريكي بالداخل – ويشمل ذلك تصدير الصين للفنتانيل، وخسارة أمريكا للتصنيع لصالح الصين، وسرقة الصين للملكية الفكرية، مثل المضادات الحيوية والمنتجات الضرورية الأخرى.

تأتي الأحداث في أفغانستان في وقت خطير للحكومة الأمريكية. كان معظم تركيزها موجهًا إلى عواقب الحرب في العراق ومحاربة الإرهاب. وفي ظل النهوض المحتمل لأفغانستان كقاعدة للإرهابيين، هناك احتمالية أن يصبح الإرهاب مجددًا محط تركيز مجتمع الأمن القومي – على حساب تهديد الحزب الشيوعي الصيني، وهذا سيكون خطأ. إن الموارد البيروقراطية شحيحة دائمًا والتمويل عادةً ما يكون غير كافٍ؛ وبصورة عملية، يركز أعضاء الكونجرس والقادة الآخرون انتباههم على عدد صغير من التهديدات، ويمثل التركيز على تهديدات طويلة المدى تحديًا دائمًا. بالإضافة إلى هذا، اكتسبت مراكز التعليم العسكري المهني والحكومة ككل خبرة كبيرة في جنوب غرب آسيا، ودراسة مكافحة التمرد، والتهديد الناشئ من الإرهاب. هذا يؤدي إلى قدر كبير من الضغط من أجل إبقاء هذه القضايا موضع اهتمام رئيسي – حتى في مواجهة العدوان الصيني.

لكن يجب على قادة الأمن القومي لأمريكا أن يُبقوا انتباههم على التهديد الصيني. لا تستطيع الولايات المتحدة تحمل تكرار العقود التي كان يتم فيها تجاهل تهديد الحزب الشيوعي الصيني على أفضل تقدير، وقبوله على أسوأ تقدير. وبالمثل، يركز الشعب الأمريكي الآن على أفغانستان، ويشعر بالغضب حيال موت أفراد الخدمة الأمريكيين والمدنيين الأفغان – وسيواصل تجاهل التهديد الأكبر على الاقتصاد الأمريكي، ونمط الحياة والقوة والحق المكتسب. ينبغي أن يشرح صُناع السياسة الأمريكيون بوضوح لماذا يمثل الحزب الشيوعي الصيني تهديدًا لكل الأمريكيين.

يجب أن تتوقع الولايات المتحدة وتستعد لحرب محتملة مع الصين. تحت حكم الرئيس ليندون جونسون، كان الجيش الأمريكي يسير بمبدأ “حربين ونصف”، وفي حين أن هذا المبدأ اختلف أثناء الحرب الباردة، غير أنه عنى أن الجيش الأمريكي كان عليه أن يخطط بالتزامن لحربين كبيرتين – واحدة ضد السوفيت، والأخرى ضد الصين – مع امتلاك القدرة لخوض حرب أصغر مثل فيتنام. ينبغي أن تفكر الولايات المتحدة في العودة إلى مبدأ مماثل: أن تكون قادرة على محاربة الصين أثناء التعاون مع حلفاء الناتو ضد روسيا ومحاربة الإرهاب، لكن يجب أن يُوجَّه الجزء الأكبر من هذا الجهد إلى الصين.

وبعودة طالبان إلى السلطة، تقلق الولايات المتحدة مما سيحدث في الأسابيع المقبلة. لكن هناك خطر أكبر بكثير يلوح في الأفق، يعني امتداد الصين وقوتها المتزايدة أن المصالح والقيم الأمريكية وحلفاء الولايات المتحدة – أي في الواقع سكان العالم – ينبغي اعتبارهم عُرضة لعمليات نهب الحزب الشيوعي الصيني، ولا تستطيع الولايات المتحدة وحلفاؤها تحمل منح قادة الصين الشيوعيين فترة أخرى من الفرصة الاستراتيجية.

للإطلاع على المقال الأصلي إضغط هنا

ربما يعجبك أيضا