الصحافة الألمانية| غالبية الألمان يريدون حكومة من الحزب الاشتراكي.. وهل يلجأ أردوغان لروسيا؟

ترجمات رؤية

ترجمة- فريق رؤية

كيف أثّرت رغبة الناخب الألماني في التغيير على المشهد السياسي؟

نشر موقع “تاجسشاو” تقريرًا للكاتب “هولجر شويزينجر” تعلق بنتائج الانتخابات الألمانية التي غيرت خريطة المشهد السياسي برمّته، وأطاحت بالائتلاف الحاكم الذي استطاع أن يقود البلاد عشرات السنوات، وأعادت الدفة مرة أخرى للحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي فاز مرشحه بمنصب المستشار خلفًا للمستشارة أنجيلا ميركل التي قادت سياسة بلادها على مدار السنوات الماضية.

وتساءل التقرير: لماذا اعتبرت نتائج الانتخابات الألمانية كارثية على الائتلاف الذي كان في الحكم؟ وهل حققت حملة الجوارب الحمراء بالفعل نجاحًا لافتًا؟ وهل سيستبعد الحزب الاشتراكي الديمقراطي التحالف مع حزب اليسار؟ وقد وفّرت استطلاعات الرأي التي أجراها معهد (infratest dimap) ببرلين، وهو معهد متخصص في استطلاعات الرأي السياسي والبحوث الانتخابية، إجابات لهذه التساؤلات وأكدت صحتها نتائج الانتخابات التي جرت مؤخرًا.

وشهد الشارع الألماني انقسامًا سياسيًّا، وهذا ما أظهرته نتائج الانتخابات الألمانية، حيث انقسم الناخبون الألمان بوضوح في الموقف من قضيتين رئيسيتين؛ الرغبة في التغيير، والموقف من القضايا الاستراتيجية المهمة.

رغبة الشارع الألماني في التغيير أقوى بكثير مما كانت عليه في عام 2017

يكاد يجمع الشارع الألماني على ضرورة التغير تقريبًا، لكنه في الوقت نفسه يختلف على مقدار هذا التغير من معسكر إلى آخر؛ فبينما يعتقد حوالي 51% من الناخبين أن المشهد السياسي يحتاج إلى بعض الإصلاحات فقط، يرى حوالي 40% أن هذه الإصلاحات غير كافية، وأن الحل يكمن في التغيير الجوهري، وفي هذا السياق برز أمران بشكل ملفت للنظر؛ الأول تضاعف عدد أولئك الذين يريدون تغييرًا جذريًّا مقارنةً بالانتخابات الفيدرالية لعام 2017، والثاني: أن أنصار هذ التغيير ينتمون بشكل أساسي لثلاثة أحزاب؛ اليسار، البديل من أجل ألمانيا، والخضر، على الرغم من الاختلاف الشديد بين أنصار هذه الأحزاب لمفهوم التغيير.

الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD يتقدم على الائتلاف Union

فقد الناخبون الألمان الكثير من الثقة في قدرة الاتحاد (Union) على مواجهة وحسم القضايا الرئيسية، وذلك على الرغم من تقدمه في استطلاعات آراء الناخبين الخاصة بقدرة الحزب المؤهل بشكل خاص على حسم قضايا مثل الاقتصاد أو مكافحة الجريمة، حيث  جاء ملف (الاقتصاد) بنسبة 32% وملف (مكافحة الجريمة) بنسبة 35% مقارنةً بالأحزاب الأخرى، ومع ذلك فإن عامل الحسم يكمن في تراجع مكانة الاتحاد أيضًا بشكل كبير في جميع المجالات، والذي بلغ في المجال الاقتصادي على سبيل المثال 25 نقطة مئوية مقارنة بعام 2017، ولم يعد يمثّل حزب الاتحاد الجهة القادرة على كسب ثقة المواطن الألماني حاليًا، وتقدم عليه في هذا المجال الحزب الاشتراكي الديمقراطيSPD.

الصراع على الترشح لمنصب المستشار أفقد “الاتحاد” الكثير من وزنه السياسي

ألحق الجدل حول المرشح لمنصب المستشار أضرارًا جسيمة بالاتحاد، وكان من الواضح قبل الانتخابات بوقت طويل أن مرشح الاتحاد لمنصب المستشار “أرمين لاشيت” لا يحظى بثقة الناخبين، وهذا ما أكدته استطلاعات الرأي قبل الانتخابات، حيث صوتت نسبة 86% لصالح مرشح آخر من الحزب غير “لاشيت “لهذا المنصب، في حين رأى27 % أن لاشيت جدير بهذا المنصب. وربما كان رئيس الائتلاف المسيحي الاشتراكي “ماركوس سودر” أجدر بهذا المنصب، ولكن سلوكه بعد هزيمته في الترشح للمنصب أظهر أنه هو الآخر ليس على قدر المسؤولية، ويرى حوالي 45% ممن يحق لهم التصويت في ألمانيا أن هذا الصراع تسبب في إلحاق الضرر بالاتحاد، في حين ترى نسبة 41% من ناخبي الاتحاد الأمر ذاته.

الغالبية تريد حكومة يقودها الحزب الاشتراكي الديمقراطي

أثرت الحملة التي قادها الاتحاد (الجوارب الحمراء) – في إشارة إلى ضرورة تخلي الألمان عن دعم الحزب الاشتراكي الذي يرغب في التحالف مع الخضر واليسار والذي كان له نتائج سيئة في السابق- في الناخب الألماني، ويبدو أن هذه الحملة كان لها صدى قوي لدى العديد من الناخبين الألمان (الذين هم أكبر سنًّا وأقل رغبة في التغيير)، حيث أظهر الاستطلاع أن 71% من ناخبي الاتحاد صوتوا لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي أو الاتحاد الاجتماعي المسيحي بشكل أساسي لمنع هذا التحالف المحتمل حال فوز الحُمر. ومع ذلك فقد حقق الحزب الاشتراكي الديمقراطي نتائج هائلة، وهو أحد أكبر الفائزين في الانتخابات، ولم يتضح بعد كيف سيقود الحكومة المقبلة، ويرى 38% من الألمان الذين يحق لهم التصويت أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي يجب أن يقود الحكومة المقبلة، في حين يرى 28% أن الاتحاد هو الأحق بقيادة الحكومة، وهؤلاء المؤيدون للحزب الاشتراكي أو الاتحاد هم من الفئات العمرية الكبيرة، لكن الشباب يرغبون في حكومة يقودها حزب الخضر، وهذا أمر غير ممكن في الوقت الحالي، حيث يمثل الشباب أقلية في ألمانيا حاليًا.

ناخبو الحزب الاشتراكي الديمقراطي يعارضون أيضًا التحالف مع اليسار

يعارض العديد من ناخبي الحزب الاشتراكي الديمقراطي أيضًا التحالف مع اليسار، حيث عارض حوالي 40 % من ناخبي الحزب قبل الانتخابات فكرة تحالف الحزب مع اليسار. ومثَّل السيد “أولاف شولتز”، المرشح لمنصب المستشار الألماني عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحصان الأسود للحزب، وظهر ذلك واضحًا بالفعل في الأسابيع التي سبقت الانتخابات. ويرى 37% أن شولتز كان أهم سبب للتصويت للحزب، بينما يرى حوالي 43% أن برنامج الحزب كان حاسمًا بالنسبة لهم وأن الانتماء الحزبي، والذي كان مهمًّا للحزب الاشتراكي الديمقراطي في السابق، لعب دورًا ثانويًّا فقط.

حزب البديل من أجل ألمانيا لم يوسع قاعدته الانتخابية

خسر حزب “البديل من أجل ألمانيا” جزءًا من قاعدته الانتخابات التي صوتت للحزب عام 2017، وهذا ما أشارت إليه استطلاعات الرأي منذ شهور، حيث حصل الحزب على ما يزيد قليلاً عن 10%، وبذلك لم يستطع الحزب توسيع قاعدته، ورغم أن الحزب ركز جل اهتمامه على قضايا بعينها، مثل قضية الهجرة، والتي تمثل أهمية كبيرة بالنسبة لناخبي حزب البديل من أجل ألمانيا، لكنها في الوقت نفسه لا تمثل نفس الأهمية بالنسبة للناخبين من الأحزاب الأخرى، كما يتميز حزب البديل من أجل ألمانيا بوضوح الرؤية في عدة قضايا، مثل مكافحة الجريمة وغيرها، حيث يرى 13% ممن يحق لهم التصويت أن حزب البديل من أجل ألمانيا يمكنه أن يفعل ذلك بشكل أفضل، كما يرى 14% أن حزب البديل له السبق أيضًا في مجال مكافحة الهجرة.

عقبات تواجه حزب اليسار في ألمانيا

تأرجحت نتائج اليسار (Die Linke) في الانتخابات الألمانية حول منطقة عَقَبة الخمسة في المائة، على الرغم من أن إحدى القضايا الأساسية (الضمان الاجتماعي) للحزب تعدّ مهمة جدًّا للعديد من الناخبين الألمان، إلا أن نتائجه تراجعت بشكل كبير مقارنة بانتخابات عام 2017، وربما يعود ذلك لأسباب أخرى؛ مثل تفوق الحزب الديمقراطي الاشتراكي، ولكن تبقى المشاكل الداخلية للحزب هي الأساس، ولذلك يرى 70% ممن يحق لهم التصويت أن حزب اليسار يفتقر إلى قادة أقوياء، كما يرى 50% من الناخبين اليساريين هذا الأمر أيضًا.

القاعدة الانتخابية لحزب الخضر والحزب الديمقراطي هي الأصغر في الفئة العمرية

من المثير للاهتمام أيضًا إلقاء نظرة على موضوع الفئات العمرية التي تتميز بها بعض الأحزاب، مثل حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، وخلافًا للاتحاد والحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي يتميز بوجود قاعدة انتخابية كبيرة تنتمي للفئات العمرية الكبيرة. لقد استفاد الحزب الديمقراطي الحر بالطبع من ضعف الاتحاد، ومع ذلك فقد لعب شعار الحزب وتركيزه على الحرية والتخلص من البيروقراطية دورًا رئيسيًّا في جذب الكثير من الناخبين، بيد أن إصراراهم في الجانب المقابل على الحفاظ على أصحاب الدخل المرتفع وعدم رغبتهم في فرض ضرائب أكبر على أصحاب الدخول المرتفعة لم يلق قبولًا جيدًا من قِبل ناخبيه.

10% فقط اختاروا حزب الخضر

حققت مرشحة حزب الخضر “أنالينا بربوك” نجاحًا ملحوظًا في هذه الانتخابات مقارنةً بنتائج الانتخابات السابقة، ومع ذلك فقد أظهرت استطلاعات الرأي لمن لهم حق التصويت أن 20% فقط من المؤهلين للتصويت أن “بربوك” جديرة بمنصب المستشار، في حين صوت 10% من ناخبي حزب الخضر لترشح “بربوك” لمنصب المستشار.

ويحتل حزب الخضر مكانة متميزة عندما يتعلق الأمر بمسألة الكفاءات وبالقاعدة الانتخابية التي تتميز باهتمامها الشديد بقضايا البيئة والكفاءة في مختلف المجالات تقريبًا، وقد أظهرت الانتخابات أن الحزب محظوظ بسبب أمرين؛ أن لديه أصغر الناخبين، وأنه يمثّل أفضل الإجابات على القضايا المتعلقة بالمستقبل.

هل يتحول الحزب اليميني المتطرف إلى حزب محلي؟

نشر موقع “ميركوردي إيه” تقريرًا حول نتائج الانتخابات الألمانية وموقف حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي حقق نتائج قوية على المستوى الأوروبي عامة وعلى مستوى ألمانيا في الانتخابات الماضية (2017) بسبب موقفه العدائي من اللاجئين والمهاجرين، لكن هذه القضايا لم يعد لها نفس التأثير في الانتخابات الحالية، ومن ثم تراجعت نتائج الحزب في الانتخابات الحالية، ولم يقتصر الأمر على تراجع نتائج انتخابات الحزب فقط؛ بل أظهرت الانتخابات انهيار الحزب في الغرب مقابل نجاح ملحوظ في الشرق، وهو ما أحدث انقسامًا ونزاعًا قويًّا بين كوادر الحزب في الشرق والغرب.

خريطة نتائج حزب البديل من أجل ألمانيا

تظهر خريطة النتائج إذا ما قمنا بتلوين الدوائر الانتخابية الموجودة عليها وفقًا لنتائج التصويت وجود قوي للون الأزرق (رمز حزب البديل من أجل ألمانيا) في الشرق الأقصى، خاصة في ولايتي تورينجن وساكسونيا، حيث أصبح الحزب هو الأقوى في الولايتين، فقد حصل “تينو تشروبالا” على 35.8% من الأصوات في دائرته الانتخابية في جورليتس، وبذلك يعدّ “تشروبالا” الأقوى في موطنه في شرق ساكسونيا، وكذلك حزبه، لكن الحزب في الوقت ذاته عانى من خسارة مدوية في غرب ألمانيا.. فهل تشير تلك النتائج إلى تراجع الحزب (المتطرف) من حزب فيدرالي ينشر في جمع الولايات الألمانية إلى حزب محلي يوجد في بعض الولايات الشرقية لألمانيا فقط؟

لم يكن حزب البديل من أجل ألمانيا – سواء خلال فترة ميركل أو حتى بعد رحيل ميركل – محل تشاور للانضمام في الحكومة الفيدرالية، ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن الحزب ليس له قوة تصويتية قوية، بل على العكس، فقد استطاع الحصول على حوالي 10% من أصوات الألمان، وهؤلاء صوّتوا للحزب على الرغم من كل إخفاقات اليمين المتطرف وجرائمه، ولم تستطع في الوقت نفسه أحزاب مثل الحزب الديمقراطي الحر أو اليسار، تحقيق مثل هذه النتائج.

كما أظهرت الانتخابات أيضًا أن حزب البديل من أجل ألمانيا لم يستطع الوصول إلى المعسكر البرجوازي في غرب ألمانيا، وأنه لم يستطع الاستفادة إطلاقًا من الضعف التاريخي للاتحاد هناك. أما فيما يخص الشرق فقد أصبح الحزب حزب الوسط البرجوازي والطبقة العاملة، وبذلك يكون قد استطاع أن يحل محل اليسار في هذا الدور؛ حيث ينتمي أعضاء هذا الحزب لهذه الطبقة في الغالب.

ولطالما كان شرق ألمانيا بمثابة جهاز القلب بالنسبة لحزب البديل من أجل ألمانيا، والموطن الذي يحقق فيه الحزب أعظم نجاحاته. ومن هنا استطاع الحزب أول مرة الدخول إلى برلمان الولاية في عام 2014 (بنسبة 9.7 % في ذلك الوقت في ساكسونيا) حتى أصبح ثاني أقوى قوة في الانتخابات الفيدرالية لعام 2017، حيث إن العديد من كبار السياسيين يعيشون في الشرق، خاصة ولاية ساكسونيا وولاية تورينجن.

انقسام حاد بين الشرق والغرب

رغم التفوق الواضح لحزب البديل من أجل ألمانيا في بعض الولايات في الشرق، إلا أن بعض الدراسات الاستقصائية أظهرت أن عدد الأشخاص الذين لن يصوتوا أبدًا لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا، حتى في ساكسونيا وتورينغن، أكبر من عدد الذين صوتوا بالفعل للحزب هناك، وهذا يعني أنه على الرغم من أنه قد يكون هناك الكثير من أنصار حزب البديل من أجل ألمانيا في الشرق، لكن مع ذلك فإن الرافضين للحزب هناك أكثر من المؤيدين.

وحصل الحزب في برلين على خمسة في المائة، في حين حصل على حوالي 25 في المائة في ولاية ساكسونيا، الأمر الذي يظهر انقسامًا بشأن تأييد حزب البديل من أجل ألمانيا، وقد أجرى رئيس الحزب “يورغ ميوثن” المقارنة مع الحزب الإقليمي الشعبوي اليميني السابق “ليغا نورد” في إيطاليا، وأعرب عن أمله في أن يكون كل فرد في الحزب على علم بذلك، وتابع بأنه يجب ألا يصبح حزب البديل من أجل ألمانيا “ليغا أوست”. وقد حدث ذلك في إيطاليا، حينما قام اليميني ماتيو سالفيني بتحويل حزب الليغا إلى حزب محلي، وقال ميوثن في اليوم التالي للانتخابات في برلين إنه إذا حدث ذلك في بلادنا، فسيكون ذلك مثالًا للحماقة، ويجب أن يكون لدينا انتشار ووجود في ألمانيا بالكامل.

فيما توقع عالم السياسة والأستاذ بجامعة دريسدن هانز فورلاندر، حتى قبل الانتخابات، أن قوة حزب البديل من أجل ألمانيا في ألمانيا الشرقية ستكون قوية، وقال: “لقد رسخ حزب البديل من أجل ألمانيا نفسه أيضًا تنظيميًّا في الأوساط الفردية والجماعات”.

الشك وخيبة الأمل وعدم المساواة

استفاد الحزب من استغلال شكوك بعض الألمان في الدولة الألمانية، وخيبة الأمل من الديمقراطية وعدم المساواة الاقتصادية في الولايات الفيدرالية الشرقية، ومن ثم انتخب العديد من الألمان حزب البديل من أجل ألمانيا لتحقيق سياسته الخاصة بالمناخ وتدابير جائحة كورونا والأجانب.

كيف ستواجه الحكومة المقبلة في ألمانيا القضايا الدينية الملحة؟

نشر موقع “بي أر 24” تقريرًا حول علاقة نتائج الانتخابات في ألمانيا ببعض القضايا الدينية، سواء تلك التي تتعلق بالإسلام مثل الموقف من فرض حظر الحجاب والمآذن والاعتراف بالجماعة المسلمة وتوفير وعاظ مسلمين في السجون والمؤسسات الشرطية والقوات المسلحة في ألمانيا، أو التي تتعلق بالكنيسة مثل زيادة الضريبة الكنسية التي تمول من خلالها الدولة الكنائس في ألمانيا، حيث تنتظر الكنائس في ألمانيا موافقة الحكومة القادمة والبرلمان الألماني القادم على هذه الخطوة.

وتظل أغلب القضايا التي تتعلق بالمسلمين في ألمانيا مرهونة بموقف الحكومة والبرلمان الألماني القادمين، حيث إن قضية تمويل الجمعيات والمساجد في ألمانيا تتوقف على اعتراف الحكومة الألمانية بالديانة الإسلامية وبالجمعيات الإسلامية رسميًّا، الأمر الذي يسمح بعد ذلك بحصول هذه الجماعات الإسلامية نفس الامتيازات التي تحصل عليها الكنائس في ألمانيا، ولا تزال الحكومة الألمانية الفيدرالية لا تعترف بالدين الإسلامي بصفة رسيمة باستثناء بعض الولايات في ألمانيا التي كان لها السبق في ذلك، لكن على المستوى الفيدرالي فلم تعترف الحكومة الألمانية حتى هذه اللحظة بالدين الإسلامي والجماعات الإسلامية رسميًّا.

من جانب آخر، تنتظر الكنائس تشكيل الحكومة الجديدة لاستئناف مطالبة الكنائس بزيادة المخصصات المالية التي تحصل عليها الكنائس من أموال رعاياها بموجب القانون الألماني. يذكر أن الكنائس في ألمانيا قد طالبت في السابق بزيادة هذه المخصصات المالية، غير أنها لم تفلح في ذلك؛ لذا من المتوقع أن تحسم الحكومة القادمة موقفها من هذا الملف بعد توليها زمام السلطة هناك.

بعد تضييق أوروبا وأمريكا الخناق عليه.. هل يلجأ أردوغان لروسيا؟

نشر موقع “تسايت أون لاين” تقريرًا للكاتب “مايكل ثومان” أكد تضييق الخناق على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أوروبا وأمريكا بعد رحيل ميركل عن الحكم، وكذلك بعد رفض الرئيس الأمريكي جو بايدن مقابلته اعتراضًا منه على انتهاكات حقوق الإنسان، والتضييق على حرية الصحافة، ولذلك لجأ الرئيس التركي إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي استغل هو الآخر أردوغان لإيصال رسائل له أيضًا، خاصة فيما يتعلق برفض موسكو ممارسات الأتراك على الأراضي السورية ودعمهم للجماعات الإرهابية هناك.

وقد صرح أردوغان بأن السلام في سوريا يعتمد بشكل رئيس على موقف كل من تركيا وروسيا وأن لهما نفس القدر من النفوذ والقوة هناك، راغبًا في وقف الضربات الجوية الروسية التي توجهها روسيا ضد الجماعات السورية التي تدعمها تركيا، لكن بوتين لم يعلن عن موافقة أو اتفاقه على ذلك صراحة، في حين أكد بوتين فقط على مكانة روسيا كدولة نووية لها مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهذه رسائل لا علاقة لها بلقاء أردوغان، ولكنها موجهة أيضًا لألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

وقد شهدت العلاقة بين بوتين وأردوغان أسوأ حالاتها في عام 2015 عندما أسقط الأتراك طائرة روسية في مجالهم الجوي على الحدود مع سوريا، ورد بوتين بفرض عقوبات على تركيا، لكن الرئيس التركي تراجع بعد ستة أشهر واعتذر، ومنذ ذلك الحين أدرك أن ميزان القوى لصالح بوتين.

وحاول أردوغان استخدام الكثير من وسائل الضغط على روسيا، حيث خفّض واردات بلاده من الغاز من روسيا واستورد بدلاً من ذلك المزيد من المواد الخام، كما استغل احتلاله لأجزاء من سوريا وليبيا أيضًا في هذا السياق، كما لم ينس بوتين ما فعله أردوغان مع أذربيجان، ليس هذا فحسب؛ بل سعي أنقرة لتوسيع نفوذها في جميع أنحاء أوروبا، وما كان لها أن تجد موطئ قدم في سوريا أو ليبيا لو لم يتخاذل الغرب في ذلك!

عزلة متواصلة

لم يترك الغرب ولا أمريكا أردوغان يفعل ذلك في سوريا أو في القوقاز إلا لأنهما يريدان له أن يكون في مواجهة روسيا هناك، وكأنه هو أداة للغرب لإعاقة الدُب الروسي، وهو ما كان يفسر العلاقة التي تبدو طبيعية بين أردوغان والرئيس السابق دونالد ترامب أو مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لكن الظروف تغيرت الآن؛ حيث خسر ترامب في الانتخابات الأخيرة في أمريكا، كما رحلت ميركل عن السلطة في ألمانيا، وبذلك أصبح أردوغان في عُزلة بالنسبة للغرب.

وقد حاول الرئيس التركي لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن على هامش قمة الأمم المتحدة في نيويورك في منتصف سبتمبر، لكن بايدن رفض وبرر ذلك بضرورة حسم تركيا أولًا لملف حقوق الإنسان، ووقف شراء الصواريخ الروسية المضادة للطائرات من طراز (S-400)، وإنهاء الاحتلال التركي لشمال سوريا، وإصلاح العلاقات المقطوعة مع اليونان وقبرص.

وبذلك أبدى بايدن موقفًا صلبًا تجاه أردوغان بلا مراوغة ولا حتى مراعاة لدور تركيا المهم بالفعل، ومن ثمّ صرح أردوغان في نيويورك بأن العلاقات الأمريكية التركية في أدنى مستوياتها على الإطلاق حاليًا. ولا يبدو الوضع أفضل مع أوروبا، فبحسب ميركل، فإن الموقف الفرنسي سوف يسود بقوة أكبر في أوروبا، وهذا يعني أن موقف أوروبا تجاه أنقرة سيصبح أكثر تعقيدًا، حيث وقّعت فرنسا للتو اتفاقية مساعدة مع اليونان، بما في ذلك شحنات أسلحة كبيرة، وإذا تولى حزب الخضر وزارة الخارجية، فستواجه تركيا المزيد من الحصار والموقف المتأزم مع دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا.

ربما يعجبك أيضا