ذا هيل | هل ينبغي أن تَعتبر الولايات المتحدة هجمات إيران “المُنكرَة” تهديدًا خطيرًا؟

آية سيد

ترجمة – آية سيد

لسنوات، هاجم وكلاء إيران في اليمن والعراق ولبنان وغزة وسوريا أعداء الجمهورية الإسلامية. تجاهل الغرب عمدًا الأدلة الدامغة وسمح لإيران بمواصلة عنفها دون عقاب.

اليوم، تخشى إدارة بايدن ومجموعة 5+1 من إغضاب قادة إيران، على أمل استرضائهم عبر التجاهل المتعمد، وإقناعهم بعودة الانضمام إلى الاتفاق النووي الإيراني المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة. هذه “الاتفاقية” من جانب واحد لم تُرسل إلى مجلس الشيوخ للتصديق عليها كمعاهدة، وأسندت المصالح الأمنية الأمريكية إلى جهات فاعلة دولية. قال مستشارو السياسة الخارجية في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إنه عندما يأتي الدبلوماسيون الأوروبيون إلى مجلس الشيوخ لبحث الاتفاق النووي، يندهشون عند معرفة أن خطة العمل الشاملة المشتركة ليست سوى اتفاقية تنفيذية بدون قوة القانون الأمريكي.

حتى عندما تتحرك إيران بصورة مباشرة – مثل عند مهاجمتها للنقل البحري الدولي في الخليج العربي – تبدو أمريكا عاجزة عن التحرك. إن الإيرانيين مبتكِرون واستراتيجيون. سوف يستمرون في الهجوم حتى يصبح هناك رد ملموس. إن تأجيل ذلك الرد يزيد من تمادي طهران وتحوّل ما كان سيصبح ردًّا أمريكيًّا محدودًا إلى شيء أكبر بكثير والذي قد يصل إلى حرب إقليمية. إن التغافل عن الإساءة ليس في خطة لعب الجمهورية الإسلامية.

لعل إرهاب إيران السيبراني هو أكبر تهديد على الأمن الأمريكي. أورد مركز بيجن – السادات أنه منذ أن أسس المرشد الأعلى علي خامنئي “المركز الأعلى للفضاء السيبراني” منذ تسعة أعوام، أصبح النظام الإيراني “تهديدًا كبيرًا على الأمن السيبراني العالمي … عملية سيبرانية معقدة ومتعددة المستويات … مسئولة عن مجموعة واسعة من العمليات السيبرانية حول العالم”.

ووفقًا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، “تستخدم إيران حزب الله وحماس كوكلاء للأعمال السيبرانية. استهدف مخترقون إيرانيون حسابات موظفين في مصانع كبيرة ومشغلي أنظمة المراقبة الصناعية. استهدف المخترقون الإيرانيون أكثر من 170 جامعة حول العالم … وسرقوا ملكية فكرية تساوي 3.4 مليار دولار … وشنوا هجمات على مسئولين حكوميين أمريكيين حاليين وسابقين، وصحفيين وإيرانيين يعيشون بالخارج، واستهدفوا مستخدمي موقع لينكد إن”. هذا لا يشمل هجماتهم السيبرانية على 200 شركة نفط وغاز، وصناعات الاتصالات والسفر، والشركات المالية الأمريكية، ونظام التحكم في فيضان سد في راي بروك، نيويورك.

هل يعلم الشعب الأمريكي أو يكترث لذلك؟

يعلم الأمريكيون أن خطة السياسة الخارجية الكبرى لإيران مبنية على تقويض وتدمير “أمريكا، الشيطان الأكبر.” كشف استطلاع لمعهد تكنوميتريكا للسياسة أن، “ثلثي الأمريكيين يعتقدون أن إيران تُشكّل تهديدًا على الولايات المتحدة ومصالحها. وجد الاستطلاع أن الجمهوريين (79%) والمحافظين (75%) أكثر ترجيحًا لمشاركة الرأي بأن إيران تشكّل تهديدًا، على الرغم من أن معظم الديمقراطيين (68%)، والليبراليين (68%)، والمعتدلين (66%)، والمستقلين/آخرين (63%) اتفقوا أيضًا”.

مع هذا، سيكون من الخيال الاعتقاد بأن الرئيس بايدن سيتحرك ضد إيران، مهما كانت أفعالها استفزازية، طالما توجد إمكانية لاستئناف اتفاق إيران. افترض أن إيران انضمت مجددًا إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي اتفاقية ممتازة للنظام الإسلامي لأنها تضمن له برنامج أسلحة نووية بمباركة دولية في أقل من 10 سنوات. في تلك الحالة، سيمتلكون تفويضًا مطلقًا لمهاجمة حلفاء ومصالح أمريكا، دون الخوف من الرد، خشية أن تنقلب الأمور رأسًا على عقب.

وفقًا لموقع “ديفينس نيوز” الأمريكي، أورد معهد دراسة الحرب هذا العام أن الهجوم الإيراني من العراق على السعودية “قد يشير إلى تحول أكبر في نهج إيران الإقليمي”، حيث يستهدف الهجوم التالي من العراق الإمارات، الحليف المهم للولايات المتحدة. لا يوجد سبب منطقي لكيلا تختبر إيران ردة الفعل على الاستفزاز؛ إنها تعرف أن رد الفعل سيكون محدودًا طالما يظل الاتفاق النووي ساريًا.

إن استرضاء إيران بالتقاعس يؤجل حل المشكلة، في أفضل الأحوال. إن وعد بايدن الأخير بأن أمريكا لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي يبدو فارغًا. تضمن خطة العمل الشاملة المشتركة، كما هو مكتوب، النتيجة المعاكسة تمامًا. سوف تتدبر إسرائيل أمرها بنفسها، بمشاركة أمريكا أو بدونها، إذا لزم الأمر. هناك إجماع بين مختلف الأطياف السياسية الإسرائيلية على أن امتلاك الجمهورية الإسلامية لأسلحة نووية يمثل تهديدًا لا يمكن التساهل معه. سوف تطبق إسرائيل عقيدة بيجن ولن تسمح أبدًا لعدو يريد تدمير إسرائيل بامتلاك أسلحة نووية. فقط فكر في هجمات 1981 و2007 الإسرائيلية على المفاعلات النووية العراقية والسورية.

إن السماح لإيران بمواصلة الإفلات بأفعالها الخبيثة عبر سياسة الإنكار يزيد من فرص الحرب الإقليمية، التي ستنجرّ أمريكا إليها، سواء أرادت ذلك أم لا. يُمهد مسارنا الحالي الطريق لتلك الإمكانية. وما دامت هذه الإدارة الأمريكية في المنصب، مكرسةً بالكامل للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، تعتقد إيران أن رغبتها في خلق تواجد دائم في العراق – مثلما فعلت في لبنان وسوريا واليمن – لن تواجهها عوائق. وتعتقد أن هجماتها السيبرانية لن تصعد أبدًا إلى مستوى الرد العسكري القوي طالما أن خطة العمل الشاملة المشتركة قائمة.

إن السماح لجرائم إيران المتسترة وراء الإنكار بأن تصبح مقبولة من أمريكا هي سياسة خطيرة ستقوض مصالح الأمن القومي طويلة الأمد، في الداخل والخارج.

للإطلاع على الرابط الأصلي إضغط هنا

ربما يعجبك أيضا