آسيا تايمز | قائد ألمانيا الجديد لديه خطة لحل أزمة المهاجرين

آية سيد

رؤية

ترجمة – آية سيد

عندما ألقى أولاف شولتس أول خطاب مهم له كمستشار لألمانيا في منتصف ديسمبر، كان يُراقَب عن كثب لاستنباط أية دلالات على كيف سيتابع نجاحات أنجيلا ميركل – وكيف سيُصلح أخطاءها. ركز شولتس بشكل رئيس على أولوياته للجائحة وتغير المناخ، كما هو متوقع نظرًا للاكتشاف المستمر لمتحورات جديدة من كوفيد-19 وائتلاف يسار الوسط الذي ينتمي له.

لكن كان هناك تغيير صغير وبعيد المدى مرّ مرور الكرام، والذي يهدف إلى حل واحدة من أكثر المشاكل الألمانية صعوبة – كيفية التصرف مع العدد الضخم من اللاجئين داخل البلاد. لا تزال القضية مصدرًا للجدل بين الألمان حول ما إذا كانت سنوات ميركل تُعد نجاحًا أو فشلًا. وتوضيحًا لنهجه الجديد، قال شولتس إن ألمانيا ستسمح للمرة الأولى بالجنسية المزدوجة.  

ربما يبدو هذا مفاجئًا. إن سياسة الجنسية الألمانية مختلفة عن الدول الغربية الكبرى، فببعض الاستثناءات، لا تسمح الدولة بالجنسية المزدوجة – الاستثناء الرئيسي هو لأولئك من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.

تؤثر قضية الجنسية المزدوجة في الغالب على السكان المهاجرين، بالتحديد الأقلية التركية، الذين بلغ عددهم الآن 3 ملايين على الأقل. حتى 2014، كان على الأتراك الذين هاجروا إلى الدولة التخلي عن جنسيتهم التركية إذا أرادوا الحصول على الجنسية. حتى أولئك المولودين في ألمانيا من أصل تركي كان عليهم مواجهة خيار التخلي عن واحد من جوازي السفر، بمجرد أن يصبحوا راشدين.

رفض الكثيرون هذا: في الأيام الأولى من الهجرة التركية، ظن الكثيرون أنهم سيعودون. لم يرغب الأطفال في الحصول على جنسية مختلفة عن والديهم. وحتى اليوم، في ظل الروابط الأسرية والتجارية بين البلدين، اختيار جنسية على الأخرى أمر إشكالي – وتمييزي، كما يقول الأتراك، نظرًا لأن أولئك من أصل فرنسي، على سبيل المثال، لا يواجهون نفس الخيار.

هذه السياسة كان لها عواقب ضخمة. شهد العام الماضي مرور 60 عامًا منذ بدء برنامج “العمال الضيوف” الذي جلب آلاف الأتراك إلى الدولة. إلا أنه حتى اليوم، حوالي ثلثي المنحدرين من أصل تركي لا يملكون الجنسية الألمانية، وهو ما يحمل آثارًا مصاحبة على خياراتهم في التعليم والتوظيف.

إن السماح بتعدد الجنسيات سيفيد الأتراك والسوريين بشكل رئيسي، وهما أكبر مجموعتين من خارج الاتحاد الأوروبي تقدمتا للحصول على الجنسية الألمانية في 2020، كما أن خطة الحكومة الجديدة ستجعل اندماج الأتراك والموجة الجديدة من المهاجرين السوريين أسهل بكثير. غير أنه هناك جانب آخر لتغيير القاعدة والذي يُجنّب واحدة من أصعب المناقشات المتعلقة بأزمة الهجرة: متى يستطيع المهاجرون السوريون العودة لوطنهم؟

لقد اتخذت ميركل القرار التاريخي في 2015 بالسماح بدخول مئات الآلاف من اللاجئين، قائلة في ذلك الوقت، “سوف نتدبر هذا الأمر”. منذ ذلك الحين، تجادل المجتمع الألماني حول عواقب الأعداد الضخمة من الوافدين الجدد، سواء كانوا سيندمجون أم ستصبح سوريا آمنة بما يكفي لكي يعودوا إلى وطنهم.

في الربيع الماضي، أصبحت الدنمارك أول دولة أوروبية تبدأ في إلغاء تصاريح الإقامة للاجئين السوريين، زاعمةً أن مناطق من سوريا أصبحت آمنة ليعود اللاجئون إليها. أدين هذا التغيير في السياسة على نطاق واسع، وتراقب الدول الأوروبية الأخرى عن كثب لترى ما سيحدث. سيُراقَب أي تغيير على نحو خاص في ألمانيا، التي تمتلك أكبر عدد من اللاجئين السوريين في القارة الأوروبية، وأي تغيير في ألمانيا من المؤكد أن يحفز تغييرات في أنحاء أوروبا.

حتى الآن، تجنبت ألمانيا القرارات الكبرى. لقد سُمح للحظر المفروض على ترحيل من يُعتبَرون تهديدًا على الأمن أو المدانين بارتكاب جرائم خطيرة إلى سوريا بالانقضاء بنهاية 2020. كان الحظر ساريًا منذ 2012 وانقضاء الحظر، على الرغم من أن التغيير سينطبق فقط على عشرات الأشخاص، اعتُبر بداية لعملية قد تعيد اللاجئين.

إلا أن المحاكم الألمانية رفضت حتى الآن استخدام القوة، ولا يبدو أن ألمانيا رحّلت أي مهاجرين إلى سوريا في 2021.

إن خطة شولتس ستُكسب الحكومة المزيد من الوقت. عن طريق السماح بالجنسية المزدوجة، يستطيع الائتلاف تجنب قضية متى يطلب من السوريين العودة ويمنح الحكومة متسعًا من الوقت. ومثلما هو الحال مع أولئك ذوي الروابط التركية، ربما لا يرغب السوريون الذين يطلبون اللجوء في ألمانيا التخلي عن جوازات سفرهم السورية، سيكون هذا بمثابة تفكيك للروابط مع بلدهم وربما يعني التخلي عن أملاكهم وأعمالهم داخل سوريا، وهي خطوة صعبة سيتردد الكثيرون عن اتخاذها. وربما تعني أيضًا قطع العلاقات الأسرية.

إذا استطاع السوريون الحصول على الجنسية المزدوجة ولم يُجبروا على التخلي عن جنسيتهم السورية، سيتمكن الكثيرون من البقاء وتأسيس حياة في ألمانيا، مع الحفاظ على إمكانية أنه، في حالة تحسن الوضع في سوريا، ربما يستطيع بعضهم العودة.

وبدلًا من إجبار الحكومة الألمانية للمهاجرين الأتراك على اتخاذ قرار قاسٍ بخصوص هويتهم، مثلما فعلت في السابق، يترك شولتس خيارات الدولة مفتوحة، بينما يأمل في نزع المشاعر المرتفعة المناهضة للمهاجرين. إنه يأمل أنه عن طريق فتح الباب أمام مزيد من اندماج المهاجرين اليوم، لن تغلق ألمانيا الباب أمام عودتهم إلى سوريا غدًا.    

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا