إيكونوميست | أزمة الديون في أفريقيا تعرقل معركتها ضد كورونا

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – بسام عباس

تفرض الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا خيارات قاسية على أغلب دول العالم، غير أن المعضلة التي تواجه الدول الفقيرة المثقلة بالديون أكثر حدة. ويقول الخبراء إن تلك الدول تقع بين نارين: إما أن تدفع للدائنين الأجانب أو تسمح بوفاة المزيد من مواطنيها.

وهذه المعضلة ليست جديدة. ففي عام 2016 أنفقت أنجولا ما يقرب من ستة أضعاف خدمة ديونها الخارجية كما أنفقت على الرعاية الصحية العامة. فيما أنفقت 15 دولة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أموالًا على الدائنين الأجانب أكثر مما أنفقته على الأطباء والعيادات. والآن، وفي ظل مواجهة تراجع الإيرادات وتزايد تكاليف الاقتراض بسرعة كبيرة، حيث يبحث المستثمرون عن الأمان النسبي، تكافح العديد من الحكومات الأفريقية للعثور على التمويل لمكافحة وباء فيروس كورونا ودعم اقتصاداتها. وبينما تقترض الدول الغنية لإنفاق حوالي 8٪ من الناتج المحلي الإجمالي على إجراءات التحفيز، تنفق الدول الأفريقية 0.8٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي.

وذلك لأن الفيروس سكب البنزين على أزمة ديون بطيئة الاشتعال، وبذلك تكون الدول الأكثر عرضة لخطر التخلف عن السداد، والتي هي بحكم تعريفها، هي الأقل قدرة على الاقتراض بتكلفة معقولة – هي الدول ذات المدخرات المحلية المحدودة والديون الخارجية الكبيرة، مثل أنجولا وإثيوبيا وغانا وزامبيا. ولكن هذه الدول ليست الوحيدة التي تواجه مشاكل؛ فمنذ عام 2010، ارتفع متوسط الدين العام في أفريقيا جنوب الصحراءبشكل أسرع من أي منطقة ناميةأخرى،حيث ارتفع من 40٪إلى 59٪من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018.
وفي العام الماضي،ذكرصندوق النقد الدولي أن معظم الدول الأفريقية اقترضت أكثر مما تطيق، فيما صُنِّفت 18 دولة على أنها في ضائقة الديون، أو أنها معرّضة بشدة لذلك.
كثير من أصحاب المنازل في الدول الغربية يحصلون على تسهيلات في الرهن العقاري بسبب الوباء. فهل ستحصل الحكومات الأفريقية على شيء مماثل؟ جاءت الجولة الكبرى السابقة لتخفيف عبء الديون عن القارة من خلال مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون، والتي خفّضت الدين العام الخارجي للدول المتلقية من حوالي 100٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2005 إلى 40٪ بحلول عام 2012.
في ذلك الوقت، كانت الحكومات الغربية والمنظمات المتعددة الأطراف، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، من أكبر المقرضين لأفريقيا. والآن، ورغم الظروف الحالية، باتت الصين هي أكبر دائن ثنائي في القارة. وبعد توقيعها على قروض تزيد قيمتها عن 146 مليار دولار للحكومات الأفريقية منذ عام 2000، ربما لا يجعلها ذلك متسامحة.
إن عبء ديون أفريقيا يقوم بأكثر من تحويل الإنفاق من الرعاية الصحية وتحفيز الاقتصاد إلى مدفوعات القروض، كما أنه لا يشجّع الدول الغنية على المساعدة. حيث تشعر أوروبا وأمريكا، على وجه الخصوص، بالقلق من أن تنتهي أي مساعدة تقدمها إلى الدول الأفريقية في النهاية في جيوب المقرضين الصينيين.
وقد طلب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي من المقرضين الثنائيين تعليق مدفوعات الديون عن أفقر 76 دولة في العالم. وستكون هذه بداية، غير أنها لن تغطي سوى ربع إجمالي تكاليف خدمة الديون في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ومع ذلك، يبدو أن الدعوة لم تلقَ آذانًا صاغية في الصين، حيث يقول المسئولون إنهم سيتعاملون مع الديون الأفريقية على أساس كل حالة على حدة. فيما يعتقد المحللون أن الصين لا تتخلى عن النفوذ السياسي الذي يأتي من كونها دائنة بالكثير من المال. ولكن، مثلها مثل الدائنين الآخرين، قد تضطر إلى الاختيار بين تخفيف الدين المنظم أو بين التخلف الفوضوي عن السداد.
وحتى إذا وافقت الصين وغيرها من الجهات المقرضة الحكومية على التوقف المؤقت عن المطالبة بالسداد، فقد تستمر دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في استخدام أموال الطوارئ لدفع أموال الدائنين من القطاع الخاص. وتدين الدول لمستثمري السندات بمبلغ 115 مليار دولار (كما أن تجار السلع والمستثمرين المحليين هم أيضًا دائنون). ورغم أن عدد السندات التجارية المستحقة السداد قبل عام 2022 قليل، بيد أنه لا يزال يتعين دفع فوائدها، وإذا لم يكن الأمر كذلك، يمكن لحملة السندات المطالبة بالسداد الكامل. ويسعى وزراء المالية الأفارقة– على أمل حماية الجدارة الائتمانية لدولهم– أن يتساهل المانحون في دفع الفائدة أثناء المفاوضات.
وبينما دعت أكثر من 100 منظمة غير حكومية دولية إلى إلغاء جميع مدفوعات الديون في عام 2020. إلا أن البنوك متعددة الأطراف مترددة بشأن المخاطرة بتصنيفاتها الائتمانية الخاصة بها، كما أنه من الصعب إقناع حاملي السندات الخاصة. ومن جانبه، يقترح "لي بوخيت"، أستاذ القانون في جامعة أدنبره، تغيير القوانين الأمريكية والبريطانية لوقف الدعاوى القضائية التي يرفعها حملة السندات الغاضبين ضد الدول التي تضررت بشدة من جائحة كورونا.
وحتى إذا استمع المقرضون إلى المنظمات غير الحكومية وعلقوا جميع مدفوعات الديون هذا العام، فلا تزال هناك مشاكل في المستقبل بالنسبة للدول الأفريقية؛ فمعظمها تجمع ضرائب قليلة نسبيًّا. وقد أدى انخفاض أسعار السلع الأساسية إلى انخفاض الإيرادات، كما أن الدول التي تقترض أكثر من غيرها تميل إلى أن تكون أكثر تبذيرًا في الانفاق، ولكن بمجرد انتهاء هذه الأزمة، سيكون هناك جدار من المدفوعات في انتظارها.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا