ذئب واحد يعيد توازن النظام البيئي في الغابات الأمريكية

بسام عباس
ذئب

في عام 1997، عبر ذئب وحيد جسرًا جليديًّا يربط كندا بجزيرة آيل رويال النائية، قبالة ساحل ميتشيجن في بحيرة سوبيريور المشهورة بتنوعها البيولوجي.

وكشفت دراسة نشرتها مجلة Science Advances عن أن وصول الذئب أحيا الحظوظ الضعيفة لمجموعات الذئاب، التي تضررت من الأمراض وزواج الأقارب، وأدى إلى تحسين صحة النظام البيئي للغابات عمومًا.

تراجع أعداد الذئاب

ذكر موقع ساينس أليرت أن الذئاب الأولى وصلت إلى الجزيرة في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، وكانت تقتات على حيوان الموظ، ما جعلها أطول دراسة لنظام المفترس والفريسة في العالم، ولكن بحلول الثمانينيات، أصيبت الذئاب بفيروس بارفو الخاص بالكلاب، ما أدى إلى انخفاض أعدادها من 50 إلى نحو 12.

اقرأ أيضًا: دراسة: الذئاب تتعرف على أصوات البشر المألوفة

وأضاف في تقرير، نشره أمس الأول الخميس 24 أغسطس 2024، أن الذئاب لم تتعافَ على الفور، رغم اختفاء المرض، بسبب زواج الأقارب الكثيف الذي تسبب في انخفاض معدل المواليد، والنتائج الصحية السيئة مثل تشوهات العمود الفقري من النوع الذي غالبًا ما يُرى في الكلاب الأصيلة.

الذئب الرمادي العجوز

قالت المؤلفة الأولى للدراسة وعالمة البيئة في جامعة ميتشيجن التكنولوجية، سارة هوي، إن مشكلة انخفاض التنوع الجيني تشكل مصدر قلق كبير للعلماء، لافتة إلى أن دراستها الأولى التي تكشف عن أن المشكلات الوراثية لا تؤثر فقط في مجموعة معينة وتزيد من خطر انقراضها، بل تؤثر أيضًا في جميع الأنواع الأخرى.

وأضافت أن الذئب المهاجر دخل إلى الجزيرة في التسعينات، ورمز له علماء البيئة باسم M93، ولكنهم أطلقوا عليه لقبه “الذئب الرمادي العجوز”، لافتة إلى أنه كان يتمتع بحجم كبير غير عادي، ما ساعد في الدفاع عن المرعى ضد المنافسين أو القضاء على حيوانات الموظ التي يبلغ وزنها 800 رطل.

ذئاب تحاول اصطياد الموظ

ذئاب تحاول اصطياد الموظ

وذكرت أنه أصبح أكثر الذكور تكاثرًا في إحدى جماعات الذئاب الـ3 بالجزيرة، وأنجب 34 جروًا، ما أدى إلى تحسن كبير في الصحة الوراثية للذئاب الموجودة في الجزيرة، وزيادة معدل اصطيادها للفرائس.

استعادة التوازن

قال الموقع إن الموظ من الحيوانات العاشبة الشرهة، ويستهلك نحو 14 كيلوجرامًا من النباتات يوميًّا. وبتقليل أعدادها، ساعدت الذئاب في إعادة توازن الغابة، وبدأت الأشجار تنمو بمعدلات لم تشهدها الجزيرة منذ عقود، وهو أمر حيوي لتجديد الغابة وعدد لا يحصى من الأنواع النباتية والحيوانية التي تعتمد عليها.

حيوان الموظ

حيوان الموظ

واستمرت الفوائد التي أحدثها وصول الذئب M93 لنحو 10 سنوات، ثم تدهور الوضع مرة أخرى. ومن المفارقات أنه نتيجة لنجاحه الإنجابي الهائل، وبحلول عام 2008، أي بعد عامين من وفاته، ورث الذئاب 60% من مجموعة الجينات من M93، ما أدى إلى عودة التدهور الوراثي.

اقرأ أيضًا: باحثون يكشفون كيف حافظت اللبؤة على النظام البيئي

وأدى زواج الأقارب بين الذئاب إلى انخفاض سريع في أعدادها حتى عام 2015، ولم يتبق سوى ذئبين، ولكن في عام 2018 أدى “برنامج أعادة تأهيل الجزيرة” إلى إعادة التوازن إلى النظام البيئي مرة أخرى، ويوجد حاليًّا حوالي 30 ذئبًا وأقل بقليل من 1000 غزال في الجزيرة.

 

ربما يعجبك أيضا