لماذا يستثمر العرب في الأندية الرياضية الأوربية؟ «تفاعلي»

استحوذت دول عربية على نحو 8 أندية رياضية أوروبية خلال السنوات الأخيرة، فضلًا عن اقتراب استقبال قطر لمونديال كرة القدم 2022.

وبينما دول الخليج تسعى لإيجاد طرائق جديدة للاستثمار الخارجي، ظهر الاستثمار في كرة القدم الأوروبية كاستراتيجية لإنجاز هذه المهمة، بهدف تعزيز العلاقات مع الشبكات التجارية في الغرب، والاستثمار عالميًّا بعيدًا عن الاقتصاد القائم على النفط فقط.

قطاع ينمو

للاستثمار في الأندية الأوروبية فوائد عدة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياحي والتسويق لبعض العلامات التجارية للدول العربية، فسوق كرة القدم الأوروبية تعد استثمارًا جيدًا، وقد ازادت قيمة 32 ناديًا أوروبيًّا بارزًا بـ9% خلال عام 2019، ونمت عائدات التشغيل في سوق كرة القدم الأوروبية 65% في 8 سنوات فقط.

ويبدو أن دول الخليج تتقدم على المنحنى، فقد استثمرت بكثافة في كرة القدم الأوروبية على مدار الأعوام الـ13 الماضية، وما زالت السوق مستمرة في النمو بسرعة، وفقًا لتقرير لمؤسسة “أتلانتيك كونسيل” الأمريكية.

يقول تقرير لصحيفة “لاتين أمريكا بوست” إن السبب الرئيس لاستثمارات دول الخليج في الرياضة هو الحاجة إلى توسيع الإمبراطورية الاقتصادية، وأوضحت أن العرب “عادة ما يستحوذون على أندية ذات ديون اقتصادية كبيرة لتعويض هذا العجز، لكسب أتباع بهذه المدفوعات، ودخول المدن التي تنتمي إليها هذه الأندية، واكتساب شركاء تجاريين”.

وتستثمر دولة الإمارات العربية المتحدة في مجموعة “سيتي” لكرة القدم، وتتركز الأرباح على تحصيل حقوق البث التلفزيوني، وعلى التجارة التي تولدها حول العالم، وفي أعمال البناء، ومعظمها من البنية التحتية في المدن التي تلعب فيها.

فوائد اقتصادية

الطيران والسياحة من القطاعات التي شهدت أيضًا نموًّا من استثمارات كرة القدم، فالخطوط الجوية القطرية تمتلك العديد من الشراكات متعددة الجنسيات مع العديد من أندية كرة القدم ذات القيمة العالية، وأبرزها نادي برشلونة، الأكثر قيمة في العالم. وتوضح شراكة الخطوط الإمارتية مع نادي أرسنال الإنجليزي فوائد شراكات نوادي كرة القدم للطيران، فالشركة ترى أن قيمة صفقتها تتضاعف 3 مرات تقريبًا في 10 سنوات.

وتحدث تقرير لمجلة “الإيكونوميست” في عام 2020، عن الرياضة، بما فيها كرة القدم، كرافعة رئيسة لتنمية السياحة في العقد المقبل بالخليج. ومع وجود الفرق المملوكة للخليج، مانشستر سيتي ونيوكاسل يونايتد الإنجليزيين، وباريس سان جيرمان الفرنسي، التي تزور الخليج بانتظام للمشاركة في التدريبات والبطولات، تسنح الفرصة أمام دول الخليج لترويج منشآتها ومعالمها السياحية أمام الجمهور الدولي.

تنشيط قطاع السياحة

تشارك قطر بفريقها الخاص في جولة قطر الشتوية السنوية في الدوحة، وتستخدم قطر هذه الجولة الشتوية بنحو استراتيجي لأغراض تجارية، لأنها “توفر للملايين من مشجعي كرة القدم الفرصة لتجربة كل ما تقدمه قطر، بما في ذلك ثقافتها وكرم ضيافتها”. وستستضيف قطر أيضًا بطولة كأس العالم 2022، التي من المتوقع أن يحضر من أجلها 1.2 مليون سائح.

بالإضافة إلى ذلك، تستضيف الإمارات العربية المتحدة، التي من المرجح أن تنضم إليها المملكة العربية السعودية قريبًا، المباريات والبطولات بانتظام، وكل هذه الأنشطة يمكن أن تفيد قطاع السياحة في اقتصادات الخليج حال تعزيزها بنحو فعال.

تحسين صورة العرب

يشير تقرير “أتلانتيك كونسيل” إلى أنه يمكن أن تكون كرة القدم وسيلة لإحداث تغيير اجتماعي، مثل شعبية لاعب كرة القدم المصري محمد صلاح، في الحد من ظاهرة الإسلاموفوبيا وجرائم الكراهية في مدينة ليفربول الإنجليزية، منذ انضمامه إلى فريق المدينة في عام 2017.

ويعد شراء أندية كرة القدم الأوروبية أيضًا أداة تستخدمها دول الخليج لممارسة القوة الناعمة وتعزيز سمعتها في العالم الغربي. واحتفل الآلاف من مشجعي نيوكاسل بالاستحواذ السعودي، ملوحين بأعلام السعودية. وتنبع حماسة مشجعي نيوكاسل من فوز نادي مانشستر سيتي المملوك للإمارات وباريس سان جيرمان المملوك لقطر بـ12 لقبًا لدوري كرة القدم تحت الملكية العربية في العقد الماضي.

دعاية للدول

سهلت المكاسب غير المتوقعة من الأصول النفطية والمالية استضافة الأحداث العالمية، مثل إكسبو 2020 دبي وكأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر. وتعكس هذه الأحداث صورة إيجابية لدول الخليج في الخارج، تبدو فيها قادرة ومندمجة في الأسواق العالمية والثقافة الشعبية، وفقًا لتقرير نشره معهد دول الخليج بأمريكا.

ويؤدي الاستحواذ على فرق كرة القدم التي يشجعها الملايين من جميع أنحاء العالم إلى تضخيم هذه الدعاية أكثر. وبالإضافة إلى ذلك، تعكس ملكية دول الخليج لبعض أكبر الأسماء في كرة القدم، مثل باريس سان جيرمان ومانشستر سيتي، المنافسة الإقليمية بين دول الخليج على الساحة العالمية. وقد يكون استحواذ السعودية على نيوكاسل يونايتد محاولة للحاق بهذه الدعاية وسد الفجوة التنافسية مع جيرانها.