الاقتصاد الدائري.. نموذج واعد للقضاء على التبذير

علاء بريك

مع ازدياد الوعي بالمخاطر البيئية على المستويين السياسي والاجتماعي والاتجاه نحو تبني سياسات وأهداف الحياد المناخي، يبرز سؤال بشأن توافق نموذج الاقتصاد الخطي الحالي مع هذا الاتجاه، أم ثمة نموذج أفضل؟


يفرض التغيُّر المناخي تحولًا على الاقتصاد يجب على إثره التخفيف من الانبعاث الحراري وزيادة التوجه نحو الاقتصاد النظيف والاستدامة البيئية وإدارة الموارد النادرة بكفاءة.

الساحة الاقتصادية ظهر عليها في الوقت الحالي نموذج أعمال جديد يحظى بدعمٍ سياسي ومجتمعي تحت مسمى الاقتصاد الدائري، باعتباره اقتصاد المستقبل، لما يوفره من التكاليف على الشركات والمجتمع ويصون الموارد النادرة ويقلل من الهدر والتلوث ويحقق استدامة بيئية أفضل، بحسب الخبير التقني الاستراتيجي بشركة DXC تكنولوجي هنريك ينسين، في مقال منشور على موقع منتدى الاقتصاد العالمي.

الاقتصاد الدائري.. القضاء على التبذير

بحسب موقع هارفارد بزنس ريفيو العربية، فإنَّ الاقتصاد الدائري “نموذج اقتصادي يهدف إلى القضاء على التبذير واستدامة الموارد الطبيعية”، مشيرًا إلى أن ندرة الموارد تتطلب نموذجًا يشتمل على عمليات أكفأ في الإنتاج واستخدام المنتجات، وهو ما يوفره نموذج الاقتصاد الدائري.

صُمِّمَ النموذج الجديد لزيادة عمر المنتجات والاستفادة من المنتجات المتوفرة بهدف تقليل النفايات والوصول إلى نموذج أكثر استدامة على المدى الطويل، وبالتالي يمثل هذا النموذج إطارًا شاملًا يُصمم فيه المنتج أو الخدمة، إضافة إلى عملية الإنتاج وقنوات التوزيع وكل جانب من جوانب أنشطة الشركة حول استخدام الحد الأدنى من الموارد الجديدة، وإعادة استخدام الموارد المتاحة.

بين نموذج الاقتصاد الخطي والدائري

يجري النشاط الاقتصادي اليوم بأغلبية أكثر من 90% في ظل نموذج خطي من الاستهلاك والإنتاج، يمكن تلخيصه بـ”اِشترِ/استخدِم/تخلَّص”، فقد استخرج العالم وعالج من المواد ما يُقدَّر بحوالي 92 مليار طن في 2019 وساهم هذا الأمر في نصف الانبعاث الكربوني العالمي وخلَّفَ أطنان من النفايات ستترك آثارها على البيئة والإنسان.

في ظل النموذج الخطي لا تنفك الحاجة إلى مزيد من المواد والخامات تزداد، لأنَّ المنتجات تستهدف المستهلك باعتباره الحلقة الأخيرة، وليس أحد الحلقات في سلسلة ممتدة من الاستخدام وإعادة الاستخدام، أما في حالة الاقتصاد الدائري يجري منذ البداية مقاربة الإنتاج والاستهلاك من منظور مختلف يضع الاستخدام وإعادة الاستخدام منذ البداية في صلب العملية الاقتصادية، ليتشكل نموذج آخر يمكن تلخيصه بـ”اِشترِ أقل ما يمكن/استفد من إعادة التدوير/ اصنع/ استخدِم/ أَصْلِح/ أعِد الاستخدام/ أرجِع المنتج/ تَخَلَّص من أقل ما يمكن”.

المستقبل للاقتصاد الدائري

يتوافق الاقتصاد الدائري مع أهداف التنمية المستدامة ويدعم الخطط العالمية نحو الحياد المناخي لما يحققه من تخفيض في الهدر واقتصادٍ في الموارد النادرة، ويَعِدُ المنتج والمستهلِك بعوائد نقدية ويخلق علاقة جديدة بينهما قائمة على المنفعة المتبادلة، فوق هذا وذاك، يحمل الاقتصاد الدائري سمتين أساسيتين لا يحملهما أي نموذج اقتصادي آخر هما الوفاء بالمسئولية البيئية والمسئولية الاجتماعية، وهاتان سمتان ذات وزن كبير في عالم الأعمال اليوم.

مع ما يشهده العالم من حركات بيئية سياسية ومجتمعية تطالب بالحفاظ على الكوكب وانتهاج الحكومات خطط مستقبلية طموحة لتحقيق استدامة بيئية، يكتسب الاقتصاد الدائري دعمًا حكوميًا ومجتمعيًا قد يؤمن الرعاية للشركات الناشئة المتبنية لهذا النموذج ويسرِّع التحول إليه، وما زالت مسألة حدوث تحوّل عالمي إلى هذا النموذج بحاجة إلى وقت رغم تبني 8.6% من الأعمال له، وجهود المبادرات الداعمة للاقتصاد الدائري مثل مبادرة منتدى الاقتصاد العالمي.

ربما يعجبك أيضا