تعلمت الدرس وغيرت استراتيجيتها.. هكذا تكيّفت روسيا مع الحرب

محمد النحاس

أعدت روسيا نفسها لحرب طويلة الأمد تهدف إلى استنزاف أوكرانيا والغرب.


قبل بدء الحرب الروسية الأوكرانية، أشارت أكثر التوقعات الغربيّة تفاؤلًا أن كييف لن تصمد سوى أيام معدودة، وستسقط في يد الروس.

لكن سرعان ما اتضح مشهد مغاير، لم تتمكن روسيا من تحقيق هدفها المتمثل في نصر خاطف وسريع، وصُدم الغرب من الأداء الضعيف للجيش الروسي، فكيف يتعامل الروس مع الموقف بعد مرور أكثر من عام ونصف العام على بدء حرب 24 من فبراير 2022؟

تحوّل في الاستراتيجية الروسية

بعد أن فاجأ أداء الجيش الروسي في بداية الحرب، الجميع، اتجه لتبني طرق جديدة، ليتكيف بذلك مع واقع المعركة، وليتبنى استراتيجية تتمثل في إعداد البلاد لحرب طويلة الأمد بهدف إنهاك أوكرانيا، والغرب من ورائها.

وحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية الأحد 24 سبتمبر 2023، فقد تكيّف الروس على معطيات المعركة، وحقائق الميدان ما قد يجعل من الصعب على أوكرانيا طرد القوات الروسية من الأراضي التي سيطرت عليها.

تعلّم من “درس قاسٍ”

بعد اختراق القوات الأوكرانية خطوط الدفاع الروسية في منطقة خاركيف، وتمكنها من استعادة المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية، في المعركة التي جرت في سبتمبر 2022، يبدو أن الجيش الروسي قد تعلّم دروس هذه المعركة، وفق ما ذكر تقرير وول ستريت جورنال.

ومع بدء القوات الأوكرانية في شهر يونيو الماضي الهجوم المضاد، وجدت أن الجيش الروسي قد استعد جيدًا واستغل هذه الفترة من سبتمبر 2022 حتى يونيو 2023 في تحصين مواضع تمركزهم وتعزيز دفاعتهم بعد الدرس القاسي في خاركيف.

كيف واجهت روسيا الهجوم المضاد؟

بالإضافة إلى الخطوط الدفاعية المحصنة، والمكوّنة من 3 خطوط رئيسة، شرعت روسيا في نشر الطائرات المُسيرة، التي تستهدف دوريًّا المواقع الأوكرانية، بطريقة عانت كييف خلال التعامل معها، وفق التقرير.

وأدى ذلك إلى عرقلة الهجوم المضاد الأوكراني وتقدمه بوتيرة بطيئة أمام الدفاعات الحصينة، وحقول الألغام الكثيفة، والمضادات الأرضية، والدفاعات الجوية، والتي كان جيمعها بالمرصاد لأي محاولة أوكرانية للتقدم.

تطوير القاذفات التقليدية

من جانبه، قال قائد القوات الأمريكية الجويّة في أوروبا، الجنرال جيمس هيكر، في مقابلة أجريت معه، إن الروس تكيفوا بالفعل على عددٍ من الأصعدة، لافتًا إلى “إننا نولي ذلك أهيمة كبيرة” وفق ما نقل عنه تقرير وول ستريت.

فضلًا عن ذلك، أضاف الروس قدرات توجيهية إلى القذائف التقليدية، والتي يطلقونها من الطائرات التي تحلق بعيدًا عن مدى الدفاع الجوي الأوكراني، ويكافح الجيش الأوكراني في إسقاطها بطائرات تعود إلى الحقبة السوفيتية.

ويرى خبير الشؤون الدولية، بهاء محمود، في تصريحات لشبكة رؤية الإخبارية، أنه وعلى عكس ما قد يبدو للوهلة الأولى من أن قوة عُظمى تعتدي على دولة صغيرة، فإن الأمر على النقيض من ذلك إذ يمكن القول إن روسيا تواجه في أوكرانيا عشرات الدول مجتمعةً.

التعامل مع المسيرات الأوكرانية 

يحاول الروس التكيّف أيضًا مع هجمات المُسيرات الأوكرانية على أراضي روسيا ومناطق سيطرتها ومواضع تمركزها في أوكرانيا، وعلى سبيل المثال فبعد أن شرعت أوكرانيا في استهداف المقاتلات الروسية في مرابضها اتجه الروس لتغيير مواقع المقاتلات ونشرها في مطارات مختلفة، وقد أظهرت صور الأقمار الصناعية وضع إطارات على أجنحة وجسم المقاتلات بهدف الحماية والتشتيت.

وقال كبير مديري شركة ماكسار ستيفن وود، إن “وضع الإطارات والصناديق وغيرها من المواد فوق الأجنحة وجسم الطائرة يمكن أن يكون محاولة لإرباك أو تشتيت للأنماط البصرية التي تستخدمها الطائرات المسيرة في استهداف المقاتلات”، حسب ما نقلت الصحيفة الأمريكية.

هل بإمكان روسيا الصمود؟

نقلت روسيا مراكز ومقار القيادة والعديد من مستودعات الذخيرة، بعيدًا عن خطوط الجبهة بعد أن طالتها ضربات قاذفات هيمارس المقدمة من الغرب لأوكرانيا، والتي تطلق صواريخ موجهة تصل إلى نحو 80 كيلومترًا.

ويرجح مسؤولون غربيون أن روسيا يُمكن أن تنتج نحو 100 دبابة سنويًّا، لكن وحسب مسؤول عسكري غربي فإن روسيا تنتج في الوقت الحالي ما يقرب من 200 دبابة سنويًّا، إلا أنه لفت إلى أنها خسرت ما يزيد عن 2000 دبابة، أي قد يستغرق ذلك عقدًا من الزمان.

وحسب تقرير وول ستريت جورنال، فمن المرجح أيضًا أن الروس بإمكانهم إنتاج حوالي مليون قذيفة مدفعية سنويًّا، غير أن مسؤول غربي آخر يعتقد أنه في غضون عامين قد تتمكن روسيا من إنتاج مليوني قذيفة في العام الواحد.

اقرأ أيضًا| زيلينسكي يعلن وصول دبابات أبرامز إلى أوكرانيا

اقرأ أيضًا|أوكرانيا: هجوم روسي بصواريخ ومسيرات على ميناء أوديسا

ربما يعجبك أيضا