تهديد وجودي.. ماذا يعني غياب الرئيس الصيني عن قمة مجموعة العشرين؟

آية سيد
كيف يؤثر غياب الرئيس الصيني في قمة مجموعة الـ20؟

بعض المراقبين الهنود مقتنعون بأن الصين تريد إفساد الحدث المقام بالهند، في وقت يشهد خلافًا ثنائيًا بسبب الحدود المتنازع عليها.


تستعد الهند لاستضافة قمة مجموعة العشرين، السبت المقبل 9 سبتمبر 2023، وسط أنباء عن عدم حضور الرئيس الصيني، شي جين بينج.

ووصفت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية غياب الرئيس الصيني بأنه “ضربة” لرئاسة الهند للتجمع متعدد الأطراف، وزعزعة مكانة المجموعة، على أساس أنها منتدى بارز للقيادة العالمية، وسط الخلافات العميقة بين أعضائه.

تعمد إفساد الجهود

قال مسؤول غربي مشارك في التحضيرات لقمة نيودلهي إن “غياب شي جين بينج يعني شيئًا واحدًا، وهو أنهم كانوا يعملون على تخريب العمل المشترك طوال العام”.

وحسب ما أوردت الصحيفة البريطانية، الجمعة 1 سبتمبر 2023، لم تؤكد بكين حتى الآن قرار شي إرسال رئيس الوزراء، لي تشيانج، إلى القمة بدلًا منه. ويرى بعض المراقبين الهنود أن “الصين تريد إفساد الحدث، في وقت يشهد خلافًا ثنائيًّا بسبب الحدود المتنازع عليها”.

غياب التوافق

يأتي قرار الصين بعد أشهر من الجهود الفاشلة للمنتديات الوزارية المتعددة لمجموعة العشرين للتوصل إلى استنتاجات مشتركة بشأن موضوعات تمتد من الرعاية الصحية إلى تغير المناخ، بسبب الخلافات بشأن الحرب في أوكرانيا، ومشاركة الأعباء بين الدول الثرية والنامية.

اقرأ أيضًا| أغضبت الجيران.. خريطة صينية تفاقم التوتر بين بكين ومحيطها الإقليمي

وفي هذا الشأن، قالت الرئيسة التنفيذية لمركز “أنانتا آسبن” الهندي، إندراني باجتشي: “كانت الصين المعارض الرئيس للتوافق في كل القضايا تقريبًا”.

اقرأ أيضًا| قبل قمة نيودلهي.. ماذا نعرف عن مجموعة الـ20؟

وحسب “فاينانشال تايمز”، ستكون هذه المرة الأولى التي يغيب شي أو أي رئيس صيني عن القمة، وهو أسوأ ما قد تتعرض له الهيئة التي أُسست لإيجاد التوافق بين أقوى دول العالم، على الرغم من تناقضاتها الاجتماعية أو الاقتصادية.

تهديد وجودي

رأى مدير مركز جيو إيكونوميكس بالمجلس الأطلسي، جوش ليبسكي، أن “غياب الرئيس الصيني يشكك في نجاح المجموعة على المدى الطويل”.

وقال ليبسكي: “عندما تتحدث مجموعة العشرين، هل تتحدث -دون تأكيد الصين- عن مفاوضات إعادة هيكلة الديون؟ هذا تهديد وجودي لمستقبل المجموعة”، وفق ما نقلت “فاينانشال تايمز”.

خطوط صدع

في أول قمتين لها في 2008 و2009، اللتين عُقدتا لتنسيق الرد على الأزمة المالية العالمية، جرت الإشادة بمجموعة العشرين، على أساس أنها هيئة صنع القرار الدولية الناشئة.

لكن انفصال روسيا عن الغرب، مزّق وحدة المجموعة، والأزمة العالمية الناتجة، بالإضافة إلى أن التوترات المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة، التي مزقت خطوط الصدع بين الدول الأعضاء المتقدمة والنامية.

وحسب “فاينانشال تايمز”، شهدت مباحثات العام الحالي، برئاسة الهند، خلافات لا يمكن تجاوزها بين الأنظمة الديمقراطية من ناحية، وروسيا والصين من ناحية أخرى، بسبب الحرب في أوكرانيا. وفي اجتماعات وزراء ومسؤولي المجموعة، فشلت الهند في إصدار بيان ختامي يتفق عليه كل الأعضاء.

كيف ردت الصين؟

صرحت وزارة الخارجية الصينية، الجمعة الماضي، بأنها ستعلن خطط السفر “في الوقت المناسب”. ورفضت بكين التلميحات بأنها أعاقت توافق المجموعة بشأن خفض الانبعاثات، واصفةً إياها بأنها “تتعارض كليًّا مع الحقيقة”.

ووفق الصحيفة البريطانية، قالت الوزارة: “تعتقد الصين أن مجموعة العشرين، باعتبارها منتدى رئيسًا للتعاون الاقتصادي الدولي، تتحمل مسؤوليات مهمة في النهوض بالتنمية المستدامة، وتنسيق التنمية الاقتصادية وحماية البيئة والتصدي لتغير المناخ”.

فرصة لواشنطن

أعرب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، عن أمله أن يحضر نظيره الصيني القمة، في علامة على الثقل الذي يمنحه البيت الأبيض للتعاون العالمي خارج حدود مجموعة السبع.

ولفتت “فاينانشال تايمز” إلى أن “غياب شي يقدم فرصة للرئيس الأمريكي، جو بايدن، والقادة الغربيين الآخرين ليبرهنوا للدول النامية أنهم مستعدون لتعزيز دعمهم اقتصاديًّا لمنافسة مبادرة الحزام والطريق الصينية”.

وفي هذا السياق، قال منسق الاتصالات الاستراتيجية بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، الشهر الماضي، إن “الرئيس بايدن رأى قمة نيودلهي فرصة للولايات المتحدة والشركاء ذوي التفكير المتشابه لتقديم قيمة مقترحة، خصوصًا دول الجنوب العالمي”.

ترابط بريكس

يأتي غياب شي عن القمة في تناقض صارخ لمشاركته الخاطفة للأنظار في قمة بريكس، الأسبوع الماضي، التي شهدت توسع المجموعة من 5 إلى 11 عضوًا.

وفي هذا الإطار، قال المسؤول السابق بإدارة الرئيس، جورج دبليو بوش، دانيال برايس، إن قرار شي عدم الحضور “إهانة واضحة لرئاسة مودي للقمة”.

اقرأ أيضًا| عودة الجنوب العالمي.. حقيقة جيوسياسية جديدة وإعادة تشكيل للمشهد العالمي

وأضاف أنه “يسلط الضوء على غياب الترابط بين أعضاء بريكس ويُضعف الضجة بشأن توسع المجموعة”، موضحًا أن “الرغبة في التحوط من الدولار والقيادة الأمريكية تبدو الأساس المشترك الوحيد لبريكس“.

ورأى مدير مؤسسة كارنيجي، بول هاينلي، أن “غياب شي عن قمة الهند سيضر الصين أكثر من مجموعة العشرين”، وقال: “بدلًا من الانتقاص من المجموعة، سينتقص من قدرة الصين على تشكيل الأجندة العالمية”.

ربما يعجبك أيضا