خبيران ألمانيان لـ«رؤية»: الحرب الروسية أوقفت التعافي الاقتصادي وأوروبا تتجه للأسوأ

آية سيد

في حوار أجرته "شبكة رؤية الإخبارية" مع خبيري اقتصاد ألمانيين، نحاول إلقاء الضوء على مدى تأثر الاقتصاد الألماني بالحرب الروسية الأوكرانية وما الإجراءات التي تتخذها برلين للتحوط من الأزمة الاقتصادية.


لا تزال تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية تمتد إلى مختلف دول العالم، ولعل الأكثر تأثرًا هو الاقتصاد الألماني الذي يشهد تضخمًا وارتفاعًا غير مسبوق في أسعار الطاقة، وسط تحذيرات من حدوث كساد.

وتواصلت “شبكة رؤية الإخبارية” عبر البريد الإلكتروني، مع رئيس معهد ليبنيز للأبحاث الاقتصادية بجامعة ميونيخ (ifo)، كليمنس فوست، ونائب رئيس معهد هالي للأبحاث الاقتصادية، أوليفر هولتيمولر. لمعرفة تأثير الحرب على الاقتصاد الألماني، والإجراءات التي تتخذها بلين للتخفيف من هذه الآثار، وتوقعاتهما للمشهد الاقتصادي بعد الحرب.

تأثير الحرب الروسية الأوكرانية في الاقتصاد الألماني

يرى رئيس معهد ليبنيز للأبحاث الاقتصادية أن الحرب تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وتخلق عدم يقين اقتصادي. ما يضيف عبئًا جديدًا على الاقتصاد، فضلًا عن تأجيل الكثير من الشركات مشروعات الاستثمار. وهكذا فإن التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا توقف.

وقال نائب رئيس معهد هالي للأبحاث الاقتصادية، إن موجات الصدمة من الحرب في أوكرانيا تُلقي بثقلها على النشاط الاقتصادي من ناحية العرض والطلب، متابعًا: “ارتفعت أسعار الطاقة والكثير من المواد الخام ارتفاعًا حادًا، واشتدت الاختناقات في جانب العرض، وعدم اليقين حول التطورات المستقبلية مرتفع”.

إجراءات برلين للتحوّط من الأزمة الاقتصادية

تتخذ ألمانيا عدة إجراءات للتحوط من حدوث أزمة مع انتشار مخاوف من أن ارتفاع التضخم قد يؤدي إلى كساد اقتصادي، فتدفع إعانات للأسر ذات الدخل المنخفض والأسر التي تتأثر من ارتفاع أسعار الطاقة، فضلًا عن خفض الضرائب على الوقود. ويرى فوست أن هذا لن يمنع التأثير السلبي في الاقتصاد، لكنه سيخفف العواقب على الكثير من الأسر الأكثر عُرضة للتأثر.

وأوضح هولتيمولر أن الحكومة الألمانية تدعم الأسر بطرق متعددة، مثل “حصول متلقو الإعانات الحكومية على مبلغ إضافي من الأموال لتغطية تكاليف التدفئة المرتفعة”.

تأثر قطاع السيارات

الحرب الروسية أدت إلى تعطل سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار المواد المستخدمة في صناعة السيارات الألمانية. وشدد رئيس معهد ليبنيز للأبحاث الاقتصادية بجامعة ميونيخ على أن قطاع السيارات “تأثر بشدة”، وأن “إنتاج السيارات انخفض كثيرًا في الأسابيع الأخيرة”، منوهًا بأن بعض خسائر الإنتاج “يمكن تعويضها لاحقًا، عندما تصبح الأجزاء الناقصة متوفرة مرة أخرى”.

وأكمل نائب رئيس معهد هالي للأبحاث الاقتصادية: “خلال الجائحة، تأثر قطاع السيارات بتعطل سلاسل الإمداد أكثر من القطاعات الأخرى. إلا أنه بعيدًا عن الجائحة، كان إنتاج السيارات في ألمانيا يسير في اتجاه هبوطي لبعض السنوات الآن”.

إمدادات الغاز الروسي

تعتمد ألمانيا بشدة على إمدادات الغاز الروسي، وتوجد مخاوف من العواقب المحتملة لقطع إمدادات الطاقة. وقال فوست: “وجدت تقديرات معهد (ifo) في دراسة مشتركة مع معاهد أخرى أن حظر الغاز الذي يبدأ الآن سيؤثر جدًا 2023، وسيؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 5%”، مبينًا أن حدوث التأثير في 2023 بسبب عدم استخدام الكثير من الغاز للتدفئة في صيف 2022.

ورأى هولتيمولر أنه “مع توقف إمدادات الغاز الروسية بالكامل، سيتعين أن ينخفض استهلاك الغاز كثيرًا، لأن الإمداد من المصادر الأخرى يمكنه تعويض النقص بدرجة محدودة فقط. وفي هذه الحالة، سيُقنَن استخدام الغاز في ألمانيا”.

تصورات المشهد الاقتصادي بعد الحرب

في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وعدم وجود نهاية واضحة في الأفق، يصعب تصور كيف سيبدو المشهد الاقتصادي في ألمانيا وأوروبا بعد الحرب. وأوضح رئيس معهد ليبنيز بجامعة ميونيخ أن ألمانيا والدول الأوروبية “ستواجه تكاليف مرتفعة للإنفاق العسكري وارتفاعًا في أسعار الطاقة، وربما تقل التجارة مع الصين أيضًا، بناءً على موقف بكين من الحرب”.

ووفقًا لنائب رئيس معهد هالي للأبحاث الاقتصادية، “من الصعب رؤية تعافي كامل للعلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وروسيا. وبالتالي مرجح أن تكون الحرب مكلفة بشدة ليس فقط في المدى القريب، بل في المدى البعيد أيضًا، لكلًا من روسيا والاتحاد الأوروبي”.

ربما يعجبك أيضا