رغم التحديات القريبة.. طموحات أوروبا تتجه للهندوباسيفيك

تحليل: أوروبا تعزز اهتمامها بالأمن البحري في المناطق القريبة والبعيدة

آية سيد
رغم التحديات القريبة.. طموحات أوروبا تتجه للهندوباسيفيك

حتى مع دخول الحرب البرية في أوكرانيا عامها الثالث، تزداد جدية أوروبا بشأن لعب دور أكبر في أمن الهندوباسيفيك.


رغم الحرب الدائرة في أوكرانيا والتحديات التي تفرضها، تتطلع أوروبا إلى أن تصبح لاعبًا أكبر في مجال الأمن البحري.

وأشار تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أمس الثلاثاء 19 مارس 2024، إلى أن أوروبا تعزز اهتمامها بالأمن البحري في المناطق القريبة والبعيدة على حد سواء، ويتجلى ذلك في انتشار القوات البحرية الأوروبية في عدة مناطق لتأمين الممرات المائية المتنازع عليها واستعادة احترام حرية الملاحة والقواعد العالمية.

انتشار موسع

توسعت عمليات الحراسة البحرية المحلية في البحر المتوسط إلى عمليات انتشار طموحة في مناطق أبعد، مثل المحيط الهندي. والشهر الماضي، أطلق الاتحاد الأوروبي عملية بحرية لتأمين طرق الشحن في البحر الأحمر، والخليج العربي، وبحر العرب، بصورة منفصلة عن المهمة الأمريكية والبريطانية في نفس المياه.

رغم التحديات القريبة.. طموحات أوروبا تتجه للهندوباسيفيك

فرقاطة فرنسية ومدمرة يابانية في مناورات مشتركة

وحتى مع دخول الحرب البرية في أوكرانيا عامها الثالث، تزداد جدية أوروبا بشأن لعب دور أكبر في أمن الهندوباسيفيك. وأشار التحليل إلى أن الاتحاد الأوروبي لديه استراتيجية للهندوباسيفيك، واستراتيجية أمن بحري جديدة تركز على المنطقة.

وفي هذا السياق، قال الخبير البحري بجامعة بريستول، تيموثي إدموندز: “الأمر المذهل بشأن استراتيجية الأمن البحري الجديدة هو التحول الكبير، للاعتراف بأهمية النزاعات بين الدول والصراعات في البحر والديناميكيات السياسية المتغيرة. وهذا هو الحال بالنسبة لمنطقة الهندوباسيفيك ودور الاتحاد الأوروبي بها”.

تحركات فردية

تتحرك الدول الأوروبية بنحو فردي أيضًا. وتهدف بريطانيا إلى تعزيز “ميلها” نحو آسيا. وفرنسا، الدولة الوحيدة بالاتحاد الأوروبي التي لديها مصالح إقليمية في الهندوباسيفيك، ملتزمة بتعزيز وجودها البحري والدبلوماسي في المنطقة لموازنة صعود الصين وحماية المصالح الاقتصادية الفرنسية والأوروبية الحيوية.

وحتى اللاعبين الجيوسياسيين متوسطي الحجم، مثل ألمانيا وهولندا، لديهم استراتيجية للهندوباسيفيك. وفي هذا الشأن، قال الزميل بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، جيريمي باشوليي: “تشكل البيئة الأمنية المتدهورة في الهندوباسيفيك تهديدًا كبيرًا للمصالح الفرنسية والأوروبية”.

وأضاف: “في حين أن جهود الردع والرد العسكري في الهندوباسيفيك تعتمد بنحو أساسي على الولايات المتحدة، يجب أن تفهم دول الاتحاد الأوروبي العواقب العالمية للأزمات أو الصراعات في المنطقة، مثل تلك في مضيق تايوان، أو كوريا الشمالية، أو بحر الصين الجنوبي”.

إنفوجراف| أسباب النزاع على بحر الصين الجنوبي

إنفوجراف| أسباب النزاع على بحر الصين الجنوبي

لماذا الاهتمام بالهندوباسيفيك؟

رغم أن الحرب في أوكرانيا استحوذت على اهتمام أوروبا وأسلحتها، يستمر تحول أوروبا تجاه الشرق ويكتسب المزيد من الزخم، جزئيًا لأن حرب أوكرانيا كانت جرس إنذار لأوروبا بشأن المخاطر الحقيقية للصراع، خاصة في الهندوباسيفيك، الركيزة الأساسية لتدفقات التجارة الطاقة التي تعتمد عليها أوروبا.

وحسب التحليل، توجد أسباب متعددة تجعل أوروبا تستعد للصراعات في منطقة بعيدة، رغم التحديات الكثيرة على أعتابها، ومنها صعود الصين العدوانية، والحاجة إلى حماية التدفق الحر للتجارة والطاقة، والرغبة في أن تُظهر للولايات المتحدة أن القارة العجوز يمكنها لعب دور رئيس في ما يبدو أنه سيصبح التحدي الأمني الحاسم في العقود المقبلة.

هل تستطيع لعب دور فاعل؟

يعتقد بعض الخبراء أن أوروبا يمكنها تقديم مساعدة حقيقية للولايات المتحدة في مجال القدرات الأمنية البحرية. لكن، وفق التحليل، أقوى قوتين بحريتين في أوروبا، وهما بريطانيا وفرنسا، تمتلكان معًا 3 حاملات طائرات متوسطة الحجم و40 سفينة سطح.

وفي المقابل، تمتلك البحرية الأمريكية عددًا أكبر بكثير في أسطول الباسيفيك وحده. ومع هذا، تخطط الحاملات البريطانية والفرنسية، التي ترافقها سفن من الدول الأوروبية الأخرى، للتوجه إلى الهندوباسيفيك في وقت لاحق من العام الحالي.

أقوى 4 أساطيل بحرية في 2023

أقوى 4 أساطيل في 2023

ولفت باشوليي إلى أن السفن الحربية الأوروبية لن تستطيع تقديم الدعم المباشر للبحرية الأمريكية إذا اندلعت حرب في الباسيفيك، سواء بسبب تايوان أو بحر الصين الجنوبي، مرجعًا ذلك إلى بُعد المسافة ونقص الدعم اللوجيستي المحلي الذي يصعّب على القوات البحرية الأوروبية فعل الكثير في حالة اندلاع صراع.

حماية الممرات البحرية

حسب التحليل، رأى الخبير الفرنسي أن أوروبا قد تلعب دورًا غير مباشر ومفيدًا أكثر في تشكيل البيئة البحرية في آسيا بالقرب من الوطن. وقال: “إذا وقع أي صراع في آسيا، سيتعين على أوروبا ضمان أمن التدفقات البحرية ومراقبة القواعد الخلفية بين باب المندب ومضيق ملقا”.

وأضاف باشوليي: “القوات البحرية الأوروبية التي تعمل في المنطقة الممتدة من مضيق باب المندب إلى مدخل مضيق ملقا في خليج البنغال تستطيع عرقلة الإمدادات الاستراتيجية لبكين في أثناء الحفاظ على مصالح الطاقة الأوروبية، دون أن تُلزم نفسها بالتوجه إلى الشرق”.

ربما يعجبك أيضا