كيف تستغل روسيا المشاهير الأمريكيين للترويج لحربها في أوكرانيا؟

كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن الكرملين أطلق سلاحًا جديدًا في حربه المعلوماتية مع الغرب.

وحسب التقرير المنشور اليوم الخميس 7 ديسمبر 2023، تستغل روسيا تطبيقًا لمقاطع الفيديو لإظهار أن المشاهير الأمريكيين يهاجمون الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، ويدعمون الغزو الروسي لأوكرانيا.

مهاجمة زيلينسكي

ظهر الممثل الأمريكي، إيليجا وود، الشهير بدوره في فيلم “سيد الخواتم”، في مقطع فيديو وهو يقول: “أهلًا فلاديمير”، وكأنه يخاطب الرئيس الأوكراني ويحثه على بدء العلاج من تعاطي الكحول والمخدرات. واختتم قائلًا: “أتمنى أن تحصل على المساعدة التي تحتاج إليها”.

الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي

ووفق “نيويورك تايمز”، سُجل هذا المقطع على تطبيق Cameo (كاميو)، وهو تطبيق أمريكي شهير يستطيع المستخدمون من خلاله الحصول على رسائل خاصة من المشاهير مقابل المال، وفي حالة وود، تبدأ من 340 دولار.

استخدام مضلل

في حين أن المقطع أصلي، استُخدم لغرض آخر، ضمن جهود روسيا لتشويه سُمعة زيلينسكي باعتباره أحد النازيين الجدد ومدمن على المخدرات.

وحسب تقرير نشره مركز تحليل التهديدات التابع لمايكروسوفت، اليوم الخميس، بدأت هذه الفيديوهات في الانتشار عبر منصات التواصل الاجتماعي الروسية، منذ يوليو الماضي، ثم ظهرت في نهاية المطاف في المؤسسات الإخبارية المملوكة للحكومة.

وظهر عدة مشاهير في هذه المقاطع، من ضمنهم الملاكم السابق مايك تايسون، الذي ظهر في فيديو مأخوذ من صفحته الترويجية على “كاميو”، وأُعيد استخدامه دون أي تسجيل لصوته، رغم أن التعليق الصوتي يحمل مناشدة مماثلة لزيلينسكي.

اللجوء لطرق جديدة

كانت هذه الحملة واحدة من موجة في الأسابيع الأخيرة تهدف إلى حشد الدعم للحرب داخل روسيا، وذكر تقرير مايكروسوفت أن الروس المعنيين بالعمليات السيبرانية وجهود التأثير “أظهروا قدرة على التكيف طيلة الحرب في أوكرانيا، عبر تجربة طرق جديدة لكسب الأفضلية في ميدان المعركة واستنزاف موارد كييف من الدعم المحلي والخارجي”.

وأوضح بيان لـ”كاميو” أن هذه الفيديوهات تخالف إرشادات الاستخدام الخاصة بالشركة، وأنها، عند إثبات المخالفات، ستتخذ خطوات لإزالة المحتوى الإشكالي وتعليق حساب المشتري للمساعدة في منع حدوث المزيد من المشكلات.

وحسب الصحيفة الأمريكية، قال ممثل عن إيليجا وود إن الرسالة التي سجلها الفنان الأمريكي “لم تكن موجهة لزيلينسكي، وليس لها أي علاقة بروسيا أو أوكرانيا أو الحرب”، في حين رفض المشاهير الآخرون، الذين ظهروا في المقاطع، الرد على طلبات التعليق.

نمط متكرر

أشارت نيويورك تايمز إلى أن استغلال المقاطع المتاحة تجاريًا يؤكد على براعة واستمرار، الجهود الروسية لمحاولة تبرير الحرب في أوكرانيا، وقال الخبراء الذين راجعوا النتائج إن الحملة تحمل بصمات العمليات المعلوماتية السرية السابقة من روسيا.

والشهر الماضي، بدأت حملة منفصلة بمنشورات على منصتي “فيسبوك” و”إكس“. وشملت المنشورات صورًا لأكثر من 75 من المشاهير العالميين، من ضمنهم أوبرا وينفري وكريستيانو رونالدو، تحمل اقتباسات تردد الرسائل الدعائية للكرملين، وفق جماعة Antibot4navalny، وهي مجموعة من المتطوعين الذين يكشفون جهود التصيد الروسية على الإنترنت.

وعزت الجماعة، التي يشير اسمها إلى زعيم المعارضة الروسي المعتقل، أليكسي نافالني، الحملة إلى عملية معلوماتية منسقة تُدعى “الشبيه”. ومنذ 2017 كانت “الشبيه” مرتبطة بعدة جهود أخرى، مثل إنشاء مواقع مزيفة تنتحل صفة مؤسسات إخبارية حقيقية في أوروبا والولايات المتحدة.

الذكاء الاصطناعي

يقول باحثو الجماعة وآخرون إن الذكاء الاصطناعي عزز جهود موسكو الأخيرة. وحسب نيويورك تايمز، حذر الخبراء من أن الذكاء الاصطناعي قد يسرّع إنتاج المعلومات المضللة ونشرها.

وفي هذا السياق، أورد معهد الحوار الاستراتيجي، وهي منظمة بحثية في لندن تتعقب التطرف على الإنترنت، أول أمس الثلاثاء، أنه كشف عن شبكة من 64 حساب بوت على منصة “إكس”، التي بدا أنها تستخدم محتوى جرى إنشاؤه باستخدام برنامج الذكاء الاصطناعي “شات جي بي تي” لانتقاد نافالني ومنظمته “مؤسسة مكافحة الفساد”.

ورغم أن المحتوى كان به بعض الصفات الغريبة، أشار تقرير المعهد إلى أن قدرات أدوات الذكاء الاصطناعي جعلت من الصعب التمييز بين المحتوى الاصطناعي والبشري. وقال التقرير: “بالنسبة لمعظم الأشخاص الذين يتصفحون منصة مثل إكس، قد يمر المحتوى بسهولة على أنه أصلي”.