كيف تواجه الولايات المتحدة مجموعة فاجنر في إفريقيا؟

آية سيد
كيف تواجه الولايات المتحدة «فاجنر» في إفريقيا؟

تواجه إفريقيا موجة جديدة من نشاط الجماعات الإرهابية والمتمردين، من منطقة الساحل إلى أجزاء من القرن الإفريقي وموزمبيق، ما يجعلها نموذجًا جذابًا لفاجنر.


نشرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية، اليوم الخميس 11 مايو 2023، تحليلًا يرجح أن مجموعة فاجنر الروسية قد تعيد توجيه تركيزها إلى إفريقيا، حال هزيمتها بأوكرانيا.

وفي التحليل، لفت الباحثون كولين كلارك، ورافاييل بارنز، وكريستوفر فولكنر، وكيندال وولف، إلى أن فاجنر أظهرت طموحًا عالميًّا، وحققت نجاحات في إفريقيا، لذلك فإن فشلها في أوكرانيا قد يكون مقدمة للمزيد من النجاحات في القارة السمراء.

خلافات داخلية

بعد الخسائر التي تكبدتها مجموعة فاجنر في أوكرانيا على مدار الأشهر الـ5 الأخيرة، نشبت خلافات بين قائدها يفجيني بريجوزين، وكبار القادة العسكريين الروس، الذين اتهموه بمساعدة أوكرانيا بطريقة غير مباشرة عبر “زرع الخلافات” داخل صفوف القوات الروسية، وفق التحليل.

ومن جهته، انتقد بريجوزين القيادة العسكرية الروسية بسبب عدم إمداد فاجنر بالذخيرة الكافية، مهددًا بسحب قواته من مدينة باخموت الأوكرانية. وحسب وزارة الدفاع البريطانية، قد يتطلع الكرملين إلى أن يستبدل بوحدات فاجنر في أوكرانيا شركة عسكرية خاصة أخرى، يمكنه بسط المزيد من السيطرة عليها.

اقرأ أيضًا| «فاجنر» تنسحب من باخموت.. هل تنتهي الحرب الروسية الأوكرانية؟

التوغل في إفريقيا

حققت فاجنر قدرًا كبيرًا من النجاح في إفريقيا منذ نشر مرتزقتها للمرة الأولى في ليبيا والسودان، في الفترة بين 2015 و2017، وفق التحليل. ومنذ ذلك الحين، أسست فاجنر وجودًا في أكثر من 12 دولة إفريقية، منها جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي وموزمبيق، مقوضةً المصالح الفرنسية والأمريكية في المنطقة.

ورجح التحليل أنه في حالة واجه بريجوزين المزيد من الإخفاقات في أوكرانيا، سيعود مجددًا إلى نوع المهام التي تتمتع فاجنر بميزة نسبية فيها، وهي تنفيذ عمليات التدخل السريع ودعم الدول الهشة مقابل الحصول على مواردها الثمينة.

وتواجه القارة السمراء موجة جديدة من نشاط الجماعات الإرهابية والمتمردين، التي تمتد من منطقة الساحل إلى أجزاء من القرن الإفريقي وموزمبيق، ما يجعلها نموذجًا جذابًا لفاجنر، التي تقتل المدنيين، وتدير شبكات أعمال استغلالية، وتفاقم المظالم بين الجماعات والمدنيين، وتترك الدول في حال أسوأ.

تحدي صعب

يمثل وجود فاجنر المتنامي في إفريقيا تحديًا صعبًا للولايات المتحدة. فمجموعة المرتزقة الروسية ليست فقط تعزز القوى الاستبدادية وتؤجج الاضطراب وتتجاهل حقوق الإنسان، بل “تخدم أيضًا كعميل للكرملين وتساعد في تعزيز روايته”. ووفق التحليل، تحظى روسيا ووكلاؤها بشعبية في إفريقيا، ومعظم الجنوب العالمي، بفضل “حملات المعلومات المضللة للكرملين”.

ويرى المحللون أن على الولايات المتحدة وشركائها الموازنة بين مواجهة التطرف العنيف، وتجنب تمكين الحكام الاستبداديين، وفصل جهود مكافحة الإرهاب بوضوح عن جهود “مكافحة أنشطة روسيا الخبيثة”، بحيث لا يتمكن الكرملين من ادعاء الفضل في النتائج الإيجابية التي تحققها جهود مكافحة الإرهاب الغربية.

اقرأ أيضًا| لماذا يهدد انسحاب «فاجنر» من أوكرانيا الديمقراطية في إفريقيا؟

مواجهة التحدي

ووفق التحليل، ينبغي أن تبدأ الولايات المتحدة بالإفصاح عن أهدافها في إفريقيا بوضوح، لأن واشنطن تحتاج إلى أن تُظهر للدول الإفريقية أنها جادة بشأن الاستثمار في الحلول غير العسكرية التي يمكنها تحسين حياة الناس. وهذا يعني زيادة المساعدات التنموية والإنسانية التي يمكنها تعزيز الحكومات والمجتمع المدني.

وعلى واشنطن أيضًا إظهار أن التزامها بالمنطقة سيستمر أبعد من أي إدارة رئاسية فردية. ولفت التحليل إلى أن الاستراتيجية الأمريكية تجاه إفريقيا جنوب الصحراء، التي أصدرها البيت الأبيض في أغسطس 2022، لم تذكر فاجنر بالاسم، وذكرت الشركات العسكرية الروسية مرة واحدة فقط.

اقرأ أيضًا| حميدتي وفاجنر.. هل تقف روسيا وراء اشتباكات السودان؟

استهداف نقاط الضعف

حسب التحليل، على الولايات المتحدة أن تمنع فاجنر من زعزعة استقرار الدول الإفريقية، وهذا سيتطلب تحديد نقاط ضعفها والاستفادة منها. وتُعد العلاقات الاقتصادية للمجموعة إحدى نقاط الضعف، لأنها تديرها عبر شبكة لوجيستية من الشركات الوهمية التي يمكن استهدافها بالعقوبات الغربية.

وعلى السلطات الأمريكية والأوروبية العمل معًا لتحديد المستخدمين النهائيين لصادرات فاجنر. ولفت التحليل إلى أن الكثير من هذه الصادرات قد تخترق الأسواق الأمريكية والأوروبية، ولذلك يجب إعطاء الأولوية لمنع هذه الشحنات، ومعاقبة الجهات التي تعمل مع فاجنر، وردع الصادرات التي تفيد المجموعة.

تعميق الشراكات

على واشنطن أيضًا تعميق علاقاتها مع الدول الإفريقية حتى لا تحتاج إلى مجموعة المرتزقة الروسية. وأشار التحليل إلى أن الشراكة الأمريكية مع النيجر تقدم نموذجًا واعدًا، لكن يجب أن تسعى واشنطن لتكييف بناء القدرات العسكرية مع البيئة المحلية.

وكذلك تحتاج الولايات المتحدة إلى تدريب بعض شركائها العسكريين وفق معايير أعلى، والعمل لضمان ألا يرتكب جنودهم انتهاكات في حق المدنيين أو يحاولوا الإطاحة بالحكومات.

التحديات غير العسكرية

وفق التحليل، يجب أن تزيد واشنطن دعمها للمؤسسات الحكومية المدنية، لأن حرمان الجماعات الإرهابية من القوة البشرية يتطلب استثمارات طويلة الأمد في القضايا التي تساعدهم في التجنيد، مثل الفساد، وغياب المساءلة، وعدم توفير الخدمات الأساسية، خاصة على أساس عرقي أو ديني أو إقليمي.

ورأى المحللون أن معالجة التحديات غير العسكرية التي تعصف بالحكومات الإفريقية ستميز واشنطن عن منافسيها في المنطقة، وستحبط أهداف روسيا المحدودة، التي لا تمنح الأولوية لبناء الدول والشراكات طويلة الأمد.

ربما يعجبك أيضا