كيف يهدد تغير المناخ تحت الأرض استقرار المدن والمباني؟

كشف بحث جديد عن أن ارتفاع درجة الحرارة تحت الأرض غيَّر تركيب التربة أسفل المدن الكبرى، مهددًا معظم المباني بها.

وأوضح البحث، الذي أجراه المهندس المدني من جامعة نورث وسترن في إلينوي، أليساندرو روتا لوريا، أن درجة الحرارة يمكن أن تجعل الأرض أسفل المدن تتحرك ببطء لتزعزع استقرار الأبنية فوقها، وفقًا لمجلة نايتشر الأمريكية.

تأثير صامت

أوضحت المجلة أن لوريا صمم نموذج كمبيوتر ثلاثي الأبعاد لمحاكاة كيفية تأثير درجات الحرارة المرتفعة في البيئة تحت السطحية، وذلك في مدينة شيكاغو.

وأضافت المجلة في دراسة نشرتها الثلاثاء 11 يوليو 2023، أن المحاكاة امتدت من عام 1951 إلى عام 2051، وكشفت عن تأثير صامت ولكنه قد يكون إشكاليًّا لجزر الحرارة الحضرية تحت السطحية على أداء الهياكل المدنية والبنى التحتية.

(أ) اختلاف درجات حرارة الأرض في أعماق منطقة لوب في شيكاغو. (ب) اتجاهات متوسط ​​درجات الحرارة لأنواع التربة المختلفة.

تأثيرات بطيئة

أوضحت الدراسة أن أنفاق المترو المزدحمة لم تكن السبب الوحيد، بل تأتي هذه الحرارة من خطوط الأنابيب تحت الأرض والكابلات الكهربائية التي تتقاطع مع المدن، بالإضافة إلى أساسات المباني ومواقف السيارات التي تتسرب منها الحرارة أيضًا.

وقال روتا لوريا إنه من غير المرجح أن تنهار المباني بسبب التأثيرات البطيئة المرتبطة بالحرارة، ولكن التغييرات الطفيفة تحت السطح التي لا تتجاوز بضعة ملليمترات يمكن أن تضغط على الأساسات وتؤثر في متانة أو أداء مواد البناء بمرور الوقت.

نقاط ساخنة

أفادت الدراسة أن الشوارع والأرصفة وأسطح المدن تمتص الحرارة أثناء النهار، ما يجعل بعض المناطق الحضرية تصل إلى 6 درجات فهرنهايت أكثر سخونة من المناطق الريفية في أثناء النهار، و22 درجة فهرنهايت في الليل،

وأضافت أن الطوابق السفلية وأنفاق المترو والبنية التحتية الجوفية الأخرى تنفث هذه الحرارة باستمرار إلى الأرض المحيطة، ما يؤدي إلى إنشاء نقاط ساخنة، وأصبحت درجات الحرارة تتراكم مع ارتفاعها في الفترة الاخيرة.

جزر حرارية جوفية

أوضح روتا لوريا أن درجات حرارة الأرض في شيكاغو ارتفعت حاليًّا عند 0.14 درجة مئوية سنويًّا، مشيرًا إلى أن الأرض في شيكاغو تشوهت نتيجة للتغيرات في درجات الحرارة، وأن البنية المدنية والبنية التحتية لم تصمم لتحمل هذه التشوهات.

وأضاف أن العلماء درسوا تغير المناخ تحت الأرض، أو ما أسموه الجزر الحرارية الجوفية، لبضعة عقود، وسجلوا النقاط الساخنة في التربة والمياه الجوفية تحت مدن مثل أمستردام وإسطنبول ونانجينج وبرلين.

وقال: “من المحتمل أن يكون تغير المناخ تحت الأرض تسبب بالفعل في حدوث تصدعات ومستوطنات أساسية مفرطة لم نربطها بهذه الظاهرة لأننا لم نكن على علم بها، في حين أن خفض الانبعاثات لتقليل درجات الحرارة العالمية سيخفف الضغط”.

إعادة التدوير الحراري

أشار الباحث إلى أن بعض المدن تجرب استخدام الحرارة المهدرة من أنظمة النقل مثل مترو باريس لتسخين المباني السكنية وأنظمة المياه الساخنة، ما أطلق عليه العلماء مصطلح “إعادة التدوير الحراري”، وهي فكرة ستكون ضرورية مع ارتفاع درجة حرارة العالم وتوسع المدن العالمية.

وخلصت الدراسة إلى أنه ينبغي التخفيف من تغير المناخ الجاري تحت الأرض لتجنب الآثار غير المرغوب فيها على الهياكل المدنية والبنى التحتية في المستقبل.

اقرأ أيضًا| دراسة حديثة تكشف عن تأثير تغير المناخ في الطقس المتطرف

اقرأ أيضًا| رئيس «COP28» يدعو لدعم الدول الأكثر تضررًا من تداعيات تغير المناخ