تمنح روسيا كل شيء.. ما الأهمية الاستراتيجية لمدينة ماريوبول الأوكرانية؟

أحمد ليثي

إذا استولي على مدينة ماريوبول الأوكرانية ستواجه القوات الأوكرانية الموجودة بها عزلة لوجستية لأن القوات الروسية تحاصرها.


بينما تكافح القوات الروسية في شمال وشرق أوكرانيا للاستيلاء على أهداف مهمة، بما في ذلك العاصمة كييف، يبدو أن تقدمها إلى جنوب أوكرانيا كان أكثر نجاحًا.

وفقًا لتقرير بين توبياس المنشور في بي بي سي مطلع الشهر الحالي، تعتبر روسيا الجنوب أمرًا حيويًا لنجاح حربها، وفرضت حصارًا على العديد من المدن الجنوبية واستولت على محطة زابوريزهجيا للطاقة النووية، التي تعد الأكبر في أوروبا، وسعت أيضًا بكل قوة للسيطرة على مدينة ماريوبول، ليبقى تساؤل حول أهمية المدينة بالنسبة لموسكو.

لماذا تعد ماريوبول مهمة؟

ماريوبول هي ثاني أكبر مدينة في إقليم دونيتسك، وتقع في جنوب شرق أوكرانيا، وصارت مركزًا إقليميًا بحكم الواقع في عام 2014، عندما أصبحت عاصمة جمهورية دونيتسك الشعبية التي نصبت نفسها بنفسها.

تقع ماريوبول على بعد 10 كيلومترات من المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا وموقعها الجغرافي يجعلها ذات أهمية استراتيجية، فالاستيلاء على المدينة سيمكن من إنشاء ممر بري بين لوهانسك ودونيتسك وصولاً إلى شبه جزيرة القرم، ما سيؤمن الممر البري لموسكو ويجعلها تسيطر على الساحل الأوكراني بحر آزوف.

ما أهميتها للنقل البحري؟

وفقًا لموقع جينس، تضم ماريوبول أكبر ميناء في منطقة بحر آزوف، فأرصفة الميناء العميقة تجعله جذابًا للنقل البحري، لكن الموانئ الأخرى في المنطقة، حتى التي تقع في مدن آزوف الروسية، مثل بريمورسكو وأختارسكروستوف نا دون وتاجونروج، لديها سعة رصيف محدودة، ما يجعل التحكم في الميناء يسرع وقت النقل البحري والإنتاجية اللوجستية بين روسيا ودونباس وشبه جزيرة القرم.

تعتبر ماريوبول أيضًا مركزًا صناعيًا مهمًا، فتوجد المؤسسات المعدنية الرئيسة بها، خصوصًا مؤسستي إليس أيرون أند ستيل وركس وأزوفستال، لإنتاج الحديد والصلب والمهمتان استراتيجيًا لأوكرانيا، لذلك، تدرك موسكو أن الاستيلاء على المدينة والسيطرة على الميناء الرئيس، بالإضافة إلى الصناعات المهمة سيضع ضغوطًا اقتصادية على الحكومة الأوكرانية.

كيف تُستخدم ماريوبول عسكريًا؟

تعتبر ماريوبول ذات أهمية حاسمة للعمليات العسكرية الأوكرانية على طول خط المواجهة بين القوات الأوكرانية والميليشيات الانفصالية قبل الحرب، فالاستيلاء على المدينة يعني مواجهة القوات الأوكرانية الموجودة هناك عزلة لوجستية لأن القوات الروسية تحاصرها، وسيعني ذلك بالنسبة لموسكو، القدرة على توحيد المتمردين المدعومين منها في شرق أوكرانيا مع قواتها في شبه جزيرة القرم.

من جهتها، تتحرك القوات الروسية إلى أوكرانيا من شبه جزيرة القرم، منتشرةً شرقًا باتجاه ماريوبول وغربًا باتجاه أوديسا، مهددةً بقطع الوصول البحري لأوكرانيا ما قد يلحق أضرارًا اقتصاديةً هائلةً بالبلاد.

القوات الروسية تتحكم في الطاقة النووية

استيلاء روسيا على محطة الطاقة زابوريزهزهيا شمال غرب ماريوبول، والتي تنتج نحو 20٪ من الكهرباء في أوكرانيا، يعني تحكمها في جزء كبير من إمدادات الطاقة المحتملة في البلاد، واستيلاء الجيش الروسي على مدينة خيرسون التي تقع بالقرب من نهر دنيبر بالبحر الأسود، يشير إلى سيطرتها موقع مهم للقوات للتوغل أكثر في أوكرانيا.

وقال الخبير بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة للدراسات الأمنية، جاك واتلينج لبي بي سي راديو، إن القوات الروسية تستغل الاستيلاء على خيرسون، وهم على الجانب الغربي من نهر دنيبر وقادرون على عبور النهر باتجاه أوديسا، وأنه إذا كانت روسيا قادرة على التحرك غربًا إلى أوديسا وما وراءها، فلن تحرم أوكرانيا من الوصول إلى البحر فحسب، بل ستطوق البلاد من 3  جهات.

نوفوروسيا

في ظل الاتحاد السوفيتي، كان معظم نوفوروسيا جزءًا من جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية التي تحولت لاحقًا إلى أوكرانيا الحديثة. وبعد ضم شبه جزيرة القرم ادعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنه رغم خسارة روسيا أراضي نوفوروسيا لأسباب مختلفة إلا أنها تظل روسية.

وبين أستاذ التاريخ المتخصص بالشأن الروسي، كارل كوالز، أن “الأساطير التي يروج لها بوتين بأن هذه أراضي روسية لأنها كانت جزءًا من الإمبراطورية الروسية ولكن لم يكن الروس من عاشوا هناك، بل كان الرومانيين أكبر بكثير منهم، وكان الأوكرانيون  المسيطرون، وأن الادعاء الروسي ظل متكرر على لسان بوتين في الأيام السابقة للحرب”، منوهًا بأنه “لا ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد”.

ربما يعجبك أيضا