مرصد مراكز الأبحاث| مسار وتفاعلات الحرب الروسية الأوكرانية بعد عامها الأول

آية سيد
مرصد مراكز الأبحاث

يستعرض مرصد مراكز الأبحاث آراء الباحثين بشأن مسار الحرب الروسية الأوكرانية في عامها الثاني، ومحور إيران وروسيا، وملامح أوروبا ما بعد الحرب.


تزامن يوم الجمعة 24 فبراير 2023 مع مرور عام على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

وفي مرصد مراكز الأبحاث، نستعرض آراء الباحثين بشأن مسار الحرب في عامها الثاني، ودور الاستراتيجية الكبرى في إنهائها، ومحور إيران وروسيا، وملامح أوروبا ما بعد الحرب.

الحرب مستمرة في أوكرانيا

مرصد مراكز الأبحاث

سارت الحرب الروسية الأوكرانية على عكس توقعات الكثيرين، بفضل فاعلية جيش أوكرانيا، وثبات الدعم الأمريكي والأوروبي. وحسب مقال لرئيس مجلس العلاقات الخارجية، ريتشارد هاس، يواجه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خيارات صعبة الآن، ويحاول كسب الوقت.

وبسبب عجزه عن هزيمة الجيش الأوكراني، يهاجم بوتين أهدافًا اقتصادية ومدنية لكسر إرادة الأوكرانيين. ووفق هاس، قد يعتقد بوتين أيضًا أنها مسألة وقت قبل أن تعيد الحكومات الأوروبية والولايات المتحدة، التفكير في تكلفة دعمها لأوكرانيا.

كيف تنتهي الحرب؟

يوضح الدبلوماسي الأمريكي المخضرم أن الحروب تنتهي بطريقتين، عندما يهزم جانب الآخر ويتمكن من فرض شروطه للسلام، أو عندما يخلص الجانبان إلى أن التسوية أفضل من الاستمرار في حرب لا يستطيع أي منهما ربحها. لكن هذين الشرطين لا ينطبقان على هذه الحرب، من وجهة نظره.

ورأى هاس أن أوكرانيا لا تستطيع طرد روسيا من أراضيها، حتى لو زودتها الحكومات الغربية بأسلحة متطورة، لأن القوات الروسية متحصنة ويصعب طردها، ولأن الصين قد تغمرها بالمساعدات الاقتصادية والعسكرية. وعلى الجانب الآخر، القوات الروسية غير مدربة جيدًا، ولا تستطيع هزيمة أوكرانيا في ميدان المعركة.

آفاق التسوية

لفت هاس إلى أن آفاق التسوية قاتمة، لأن بوتين يبدو متمسكًا بمواصلة نهجه، لئلا تؤدي الهزيمة إلى عزله عن السلطة. والعقوبات كان لها تأثير محدود، لأن دولًا مثل الهند والصين وغيرها يشترون الطاقة الروسية. وكذلك يتحكم بوتين في الرواية السياسية بالداخل، ويقنع الكثيرين بأن البلاد ضحية وتخوض صراعًا من أجل البقاء.

وكذلك لا تميل أوكرانيا إلى التسوية، لأن كل الأوكران تقريبًا يطالبون بتحرير بلادهم بالكامل. ويوضح هاس أن الظروف الحالية ليست مهيأة للدبلوماسية. لكن الخبر السار هو أن الحرب ستصبح أقل حدة، لأن الجانبين يواجهان صعوبة في تحمل حجم الخسائر الفادحة، التي تكبداها خلال العام الماضي.

ومن المستبعد أيضًا أن تتجه روسيا للتصعيد أو استخدام الأسلحة النووية. ورأى هاس أن الخبر السيء هو أن الحرب لن تنتهي قريبًا. وبعد عام من الآن، ستبدو خريطة أوكرانيا كما هي اليوم.

دور الاستراتيجية الكبرى في إنهاء الحرب

مرصد مراكز الأبحاث

نشر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية تحليلًا لرئيس الاستراتيجيات بالمركز، أنتوني كوردسمان، يلفت فيه إلى أهمية استحداث استراتيجية كبرى لتشكيل المسار طويل الأمد للحرب الروسية الأوكرانية ونتائجها الدائمة.

ورأى الخبير الأمريكي أن الغرب يحتاج إلى إدراك أن أحد عناصر الاستراتيجية الكبرى الفاعلة هو دعم أوكرانيا بالمساعدات مهما استغرق الأمر. ويشدد على أن هذه الاستراتيجية الكبرى الفاعلة يجب أن تُنهي القتال وتحقق السلام الحقيقي.

تجنب أخطاء الماضي

جادل كوردسمان بأن تركيز الولايات المتحدة على القتال في حروبها الأخيرة، في فيتنام وأفغانستان والعراق، أدى إلى الاستهانة بدور الحرب المطولة في إحداث انقسامات وتوترات داخلية عميقة لدى الطرف الذي تدعمه واشنطن.

وفي حين أقر بأن أوكرانيا مختلفة بطرق متعددة، قال إن الحاجة إلى الواقعية العسكرية والاستراتيجية الكبرى ستكون أهم بكثير من الحروب السابقة، لأن الولايات المتحدة وشركاءها الأوروبيين يخوضون حربًا بالوكالة ضد روسيا، التي قد تؤثر نتيجتها مباشرة في مصالحهم القومية لسنوات مقبلة.

عناصر الاستراتيجية الكبرى

تحتاج أوكرانيا إلى استراتيجية كبرى تقدم ضمانات واضحة بأن المساعدات العسكرية والمدنية اللازمة ستواصل التدفق. وحسب الخبير الأمريكي، يجب أن تخطط هذه الاستراتيجية لاحتمالية استمرار القتال لعام آخر على الأقل، وتفكر في كيفية دعم القوات الأوكرانية والسكان المدنيين مع مرور الوقت.

وإضافة إلى هذا، قد تتطلب هذه الاستراتيجية من الولايات المتحدة وأوروبا شن ما تكافئ حربًا سياسية واقتصادية ضد روسيا، لفترة قد تستمر سنوات. ويقول كوردسمان إن هذه الاستراتيجية يجب أن تدعم الجهد الحالي لإعادة بناء حلف شمال الأطلنطي (ناتو) وتوسيعه.

وأخيرًا، يجب أن تشمل هذه الاستراتيجية نهجًا للتفاوض على نهاية مقبولة للقتال في أوكرانيا، وإقامة نوع من العلاقة المستقرة والدائمة مع روسيا.

ماذا بعد زيارة بايدن لكييف؟

مرصد مراكز الأبحاث

وصل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى العاصمة الأوكرانية كييف في زيارة مفاجئة، الاثنين الماضي 20 فبراير 2023، ثم اتجه إلى بولندا، صباح الثلاثاء 21 فبراير، حيث ألقى خطابًا وصفه المحللون بأنه «الأقوى في مسيرته السياسية».

وفي هذا السياق، كتب رئيس المجلس الأطلسي، فريدريك كيمبي، أن الأمر يتطلب الآن قدرًا كبيرًا من العزيمة كي تصبح هذه الزيارة نقطة التحول اللازمة لهزيمة بوتين، وفتح الطريق لمستقبل أفضل للأوكران والروس على حدٍ سواء.

ظهور الإجماع

قال كيمبي إنه في أثناء زيارته لمؤتمر ميونيخ للأمن، هذا الشهر، رأى إجماعًا على أن ضمان حرية أوكرانيا سيكون له تأثير في رسم مستقبل أوروبا، لا يقل أهمية عن هدم جدار برلين وتوحيد ألمانيا، إلا أنه توجد حقيقتان غائبتان عن الولايات المتحدة وحلفائها، وفق كيمبي.

أوضح أن الأولى هي أن إنقاذ أوكرانيا ليس كافيًا، فمن الضروري هزيمة بوتين استراتيجيًا. والحقيقة الثانية هي أنه في حين اتجه الإجماع في مؤتمر ميونيخ للأمن نحو الفهم الأعمق للعواقب التاريخية، فإن الولايات المتحدة وحلفاء أوكرانيا بعيدون كل البعد عن «الاستعداد الحربي» اللازم لهزيمة بوتين.

أهمية الدعم

لفت رئيس المجلس الأطلسي إلى أنه رغم كل جهود الولايات المتحدة والناتو، فإن هذا الدعم لا يواكب المخاطر، المتمثلة في استعداد روسيا لشن هجوم جديد، والمخاوف المتزايدة من دعم بكين موسكو عسكريًا، وتجنيد مئات الآلاف من الروس، والضغط على بيلاروسيا للانضمام إلى المعركة.

وشدد على ضرورة تسريع وزيادة إرسال المدرعات والطائرات المقاتلة الغربية الحديثة، والمدفعية والصواريخ طويلة المدى، والمسيّرات، والمنظومات الدفاعية الجوية القادرة على صد الصواريخ الباليستية والطائرات والمسيّرات.

والأهم من ذلك، يجب أن تخفف واشنطن وشركاؤها القيود على استخدام هذه المعدات، لأنه، وفق كيمبي، من غير الأخلاقي عدم السماح للأوكرانيين باستخدام هذه المنظومات لضرب القوات الروسية التي تقتلهم، حيثما وُجدت.

محور إيران وروسيا

مرصد مراكز الأبحاث

رأى خبير الشؤون الجيوسياسية، جون رين، أن دعم إيران العسكري لروسيا، في وقت تشهد طهران أزمة داخلية، يمثل مخاطرة استراتيجية. وفي تحليله، الذي نشره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، لفت إلى وجود تشكك لدى الإيرانيين في إخلاص روسيا وقيمتها كشريك، بسبب العداوة التاريخية بين البلدين.

لكن موسكو وطهران تتشاركان هدفًا استراتيجيًا، وهو مواجهة نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط. وحسب الخبير البريطاني، تستخدم القيادة في البلدين الرواية نفسها، القائمة على شيطنة الناتو وشجب فساد الغرب.

دوائر النفوذ

طوّرت موسكو وطهران دوائر نفوذ في المنطقة. وأوضح رين أن نفوذ إيران يرتكز على العلاقات التشغيلية التي طورتها مع الميليشيات والشركاء في العراق، ولبنان، وسوريا، واليمن، ما يمنحها قواعد أمامية للضغط على حلفاء الولايات المتحدة في إسرائيل والخليج.

بينما يتوزع نفوذ روسيا جغرافيًا ويمتد عبر الوسائل المالية والسياسية. ولفت رين إلى أن الوجود الروسي في جنوب وشرق المتوسط، الذي تعزز منذ تدخل روسيا في سوريا، يُعد مكملًا لوجود إيران.

وتتشارك الدولتان أيضًا استعدادًا للتدخل في الدول الأخرى علنًا، باستخدام قواتهما المسلحة، وعبر الوجود المكثف في المناطق الرمادية، التي طورتا فيها قدرات متطورة. وحسب الخبير البريطاني، يمتلك الإيرانيون خبرة في التهرب من العقوبات، واستخدام المسيّرات وحرب الميليشيات. في حين يمتلك الروس النفوذ الجيوسياسي، والتكنولوجيا الصاروخية والنووية، والتفوق الاستخباراتي.

استثمار ومخاطر

يُعد الدعم الذي تقدمه طهران لموسكو «استثمارًا استراتيجيًّا»، حسب تعبير رين. وبخلاف الدعم المادي، تسعى إيران للحصول على التزام من روسيا بضمان بقاء الجمهورية الإسلامية، كما فعلت موسكو مع الرئيس السوري، بشار الأسد. لكن هذه المكاسب المحتملة تحمل سلبيات ومخاطر للنظام الإيراني.

ووفق رين، سيستخدم اللاعبون الإقليميون الأقوياء نفوذهم في موسكو لضمان أن يظل ما تحصل عليه إيران مقابل دعمها محدودًا، حتى لا تتمكن من تطوير قدراتها. وسيتعين على طهران التعامل مع خطر تصعيد بوتين لطلباته، لتشمل منظومات أسلحة متطورة أو المزيد من الجنود، وهو ما يصعب على طهران تلبيته.

وختامًا، أشار الخبير البريطاني إلى أن تورط القيادة الإيرانية في حرب أجنبية قد يعزز رواية حركة المعارضة الداخلية بأن النظام منشغل بمصالحه الخاصة. وفي حالة حدوث انقسام داخل المؤسسة الدفاعية والأمنية الإيرانية، قد يتحالف بعض عناصر النظام مع المعارضة، ما يشكل تهديدًا أكبر على بقاء نظام طهران.

تعليق معاهدة نيو ستارت

مرصد مراكز الأبحاث

أعلنت روسيا، الثلاثاء 21 فبراير 2023، تعليق مشاركتها في معاهدة الحد من الأسلحة النووية (نيو ستارت) مع الولايات المتحدة. وفي تقرير نشره معهد هدسون الأمريكي، أوضحت الزميلة، ريبيكا هاينريش، والزميل، مارشال بلينجيسلي، أن روسيا لم تكن ملتزمة ببنود المعاهدة، وكانت تعمل على تطوير ترسانتها النووية.

وكما حدث في أوكرانيا، تستخدم روسيا التهديد باستخدام السلاح النووي لقسر الدول في حربها العدوانية. ولذلك، رأى الباحثان أن أفضل طريق لتحقيق السلام هو أن تحافظ الولايات المتحدة على خيارات الردع الموثوقة، ما يقدم حوافز للخصوم حتى يشاركوا في الدبلوماسية.

الخيارات المطروحة

قدمت هاينريش وبلينجيسلي بعض التوصيات للإدارة الأمريكية لتعزيز الردع. أولًا، يجب على واشنطن العمل على زيادة الردع الموسع في أوروبا وآسيا لرفع العتبة النووية، والتشاور مع حلفاء الناتو بخصوص تخلي موسكو عن المعاهدة.

وثانيًا، تحتاج الإدارة الأمريكية إلى الرد بقوة، ودعم النشر العاجل لصواريخ كروز ذات الرؤوس النووية التي تُطلق من الغواصات. وثالثًا، تحتاج إلى الحصول على المزيد من قاذفات بي-21 الاستراتيجية، والتأكد من وجود أسلحة نووية وتقليدية كافية للقاذفات، لتلبية متطلبات الردع.

ورابعًا، يجب أن تتحرك واشنطن سريعًا لبناء 16 غواصة نووية من فئة «كولومبيا»، بدلًا من الـ12 المخطط لها حاليًا. وأخيرًا، تحتاج القوات الجوية والبحرية الأمريكية إلى البدء الفوري في إلغاء التغييرات التي أجرتها على القاذفات والغواصات والصواريخ الباليستية العابرة للقارات، التي تحد من عدد الرؤوس الحربية المنتشرة.

أوروبا ما بعد الحرب

مرصد مراكز الأبحاث

نشر مركز ويلسون تحليلًا للباحث الأمريكي المتخصص في الشؤون الأوروبية، ويليام دروزدياك، يتناول فيه ملامح مستقبل أوروبا بعد انتهاء الحرب. ويقول دروزدياك إن عملية استعادة السلام والاستقرار في أوروبا ستتطلب إظهار العزم والوحدة الغربية، التي تبدو غير معقولة في ظل الاستقطاب السياسي، الذي يشهده عصرنا الحالي.

وستحتاج الولايات المتحدة وأوروبا إلى حشد الإرادة والموارد لمواجهة عدد من التحديات، التي ستظهر بمجرد وقف إطلاق النار في أوكرانيا. وحذر دروزدياك من ظهور عدة تحديات أمنية في أوروبا، إذا انسحبت الولايات المتحدة للتركيز على التهديد الصيني.

أولويات ما بعد الحرب

أشار الباحث الأمريكي إلى أن الأولوية الأولى ستكون إعادة بناء اقتصاد أوكرانيا، ومؤسساتها الديمقراطية الهشة. وفي الوقت نفسه، ستحتاج الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون إلى بناء علاقة جديدة كليًا مع روسيا ما بعد الحرب.

ورأى أن مصير القيادة الروسية سيتحدد بخاتمة الحرب، وأن وجود حكام جدد لروسيا قد يفتح الباب أمام إحياء الشراكة الاقتصادية مع الغرب. وفي جميع الأحوال، ستحتاج أوروبا إلى التفكير في ما إذا كان من المنطقي إحياء شراكة الطاقة التعاونية مع روسيا.

وحسب دروزدياك، قد يدعم الرأي العام الألماني تجديد الشراكة مع موسكو، في حين ستقلق دول أوروبية أخرى من العودة إلى الاعتماد على روسيا كمزود رئيس للمواد الخام التي يحتاجها الاقتصاد الأوروبي.

تحديات أخرى

يتزامن الدمار في أوكرانيا مع صعود عوامل أخرى تعيد تشكيل الشؤون العالمية، مثل الآثار المتسارعة لتغير المناخ، والاتجاهات الديموجرافية المزعجة التي قد تفاقم أزمات الهجرة في أوروبا وأمريكا الشمالية، حسب الباحث الأمريكي.

وفي ظل ذوبان الغطاء الجليدي للقطب الشمالي واشتداد المنافسة هناك، ستحتاج أوروبا إلى الدفاع عن مصالحها التجارية في مواجهة توغل روسيا والصين. وفي الجنوب، حذر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من أن أوروبا ستواجه في السنوات المقبلة «تسونامي» من اللاجئين الهاربين من الجفاف والمجاعة والحرب الأهلية في إفريقيا والشرق الأوسط.

التهديد الصيني

تحتاج أوروبا والولايات المتحدة إلى إعادة تعريف شراكتهما للقرن المقبل. وحسب دروزدياك، بمجرد انتهاء الصراع في أوكرانيا، ستحتاج واشنطن إلى تركيز انتباهها ومواردها على التعامل مع تهديد بكين. لكن أوروبا، التي لا تريد الإضرار بعلاقاتها التجارية مع الصين، متشككة بشدة في التحالف مع الولايات المتحدة في أي مواجهة من هذا النوع.

وإذا حثت واشنطن حلفاءها الأوروبيين على تحمل المزيد من المسؤولية عن أمنهم أثناء تركيزها على بكين، قد يفاقم ذلك التوترات المتزايدة بين الأوروبيين بشأن أفضل طريقة لضمان الاستقرار والأمن في قارتهم، وفق دروزدياك.

من الرابح في أوكرانيا؟

مرصد مراكز الأبحاث

رأى الزميل بمركز هدسون الأمريكي، آرثر هيرمان، أنه بعد مرور عام على الحرب الروسية الأوكرانية، يبدو أن الرابح الأكبر هو فلاديمير بوتين، في حين تضم فئة الخاسرين إدارة بايدن والناتو.

وعزا هيرمان تصنيفه لبوتين على أنه الرابح إلى أن موقفه كديكتاتور أصبح أكثر أمنًا من قبل، وإلى نجاحه في التماسك في القتال، رغم خسارته ما يصل إلى 100 ألف جندي، والوصول بالحرب إلى حالة جمود. كما أنه دمر أوكرانيا وحطم اقتصادها، ويبدو أن القرم أصبحت ملكه إلى الأبد.

غياب الاستراتيجية

لفت هيرمان إلى عدم وجود استراتيجية واضحة لتأمين حدود الناتو من العدوان الروسي. وكذلك اتسمت سياسة الناتو وإدارة بايدن بـ«الانحراف الاستراتيجي»، المتمثل في مجموعة من الإجراءات العشوائية لإضافة قدرات جديدة إلى الدفاعات الأوكرانية متى سنحت الفرصة السياسية، وليس كجزء من خطة استراتيجية شاملة.

هذا النهج الغربي سمح لبوتين بالوصول إلى حالة الجمود الحالية، التي تعمل لصالحه. وأضاف هيرمان أن هذا يعمل أيضًا لصالح الصين، لأن الحرب أضعفت موسكو كمنافس جيوسياسي وزادت من اعتمادها على بكين من أجل مستقبلها الاقتصادي.

ما دلالة ذلك؟

قال هيرمان إن هذا يتطلب تنظيم التزام الولايات المتحدة تجاه أوكرانيا بطريقة أفضل، مع تحديد أين وكيف يريد بايدن والناتو أن ينتهي هذا الصراع. ويعني أيضًا قبول أن الحرب المطولة تعمل لمصلحة بوتين، ولذلك يجب على الولايات المتحدة والناتو الضغط من أجل التوصل لتسوية متفاوض عليها.

وكجزء من تلك التسوية، سيحتاج الناتو والولايات المتحدة إلى رفع العقوبات ضد روسيا، وإعداد خطة «مارشال 2» لإعادة إعمار أوكرانيا. وأخيرًا، ستحتاج الولايات المتحدة والناتو إلى تعلم نفس الدروس التي ستتعلمها الصين، بشأن كيفية دمج التكنولوجيات المتقدمة، مثل الفضاء والمسيّرات، في موقفها العسكري.

ربما يعجبك أيضا