أوراسيا ريفيو | الذكرى الخامسة لتوقيع الاتفاق النووي مع إيران.. إنجاز أم كارثة على النظام؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح

يوافق تاريخ الخامس عشر من يوليو 2020 الذكرى الخامسة للاتفاق النووي بين النظام الإيراني ومجموعة دول "خمسة زائد واحد"، وهو الاتفاق الذي استند على سياسة الإرضاء، ما أدّى لزعزعة استقرار المنطقة وانتشار الإرهاب. وأثناء السنوات الثلاثة الأولى، في الفترة بين 2015 و2018، واصل وكلاء النظام الإيراني تطوير قدراتهم من دون رقابة بمساعدة النظام، ما حوّلهم إلى آلة قتل للعراقيين واليمنيين وشعب لبنان.
كما ساعد الاتفاق النووي النظام أيضًا على دعم ديكتاتورية بشار الأسد في سوريا، ما أطلق يديه في قصف شعبه بالسلاح الكيماوي. لقد أدّت حرب نظام الأسد ضد الشعب السوري، بمساعدة قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس، لتشريد خمسة ملايين سوري.

لا عجب أن محمد جواد ظريف، وزير خارجية النظام الإيراني، وصف الاتفاق النووي بأنه أعظم إنجاز دبلوماسي له. تحدث ظريف أمام البرلمان الإيراني قائلاً: "التقيت أسبوعيًا بقاسم سليماني ووضعنا جداول عمل معًا "كما وصف الرئيس روحاني الاتفاق بأنه المفتاح الأساسي لحل مشاكل إيران الاقتصادية. لكن بعد خمس سنوات، لم يؤت الاتفاق النووي ثماره، وكانت له نتائج كارثية على النظام.

هزّ الشعب الإيراني الغاضب أسس النظام الديني عبر ثلاث انتفاضات عظيمة في الاعوام 2017 و2018 و2019. زعم النظام بعد كل انتفاضة أن الوضع تحت السيطرة، لكن الشباب الشجعان في إيران، ومعهم جميع شرائح المجتمع، هبّوا في انتفاضة أخرى أكثر انتشارًا، لإظهار كرههم للنظام. في نهاية المطاف، في يوم الثلاثاء، الثامن من مايو 2018، انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وأمر الرئيس دونالد ترامب بإعادة إحياء العقوبات على النظام الإيراني.
في الفترة الزمنية بين 2018 و2020، حدثت تطورات لا رجعة فيها في المنطقة وفي شئون إيران الداخلية. إذ قُتل قاسم سليماني، الإرهابي رقم واحد وقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. بمقتل سليماني، خسر النظام الإيراني أحد أهم قادته الذين نسقوا إرهابه الإقليمي كما أسفر مقتله عن استنزاف وكلاء النظام في المنطقة.

على مدار العاميين الماضيين أيضًا، واجهت طهران أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية خطيرة، وشهدت نخبتها الحاكمة تصدعات داخلية كبيرة. فيما يتعلق بالاقتصاد الإيراني، وفقًا لـ لتقرير موقع Trading Economics الصادر في الثاني من يوليو 2020، وصل معدل التضخم السنوي في إيران إلى 22.5 بالمائة في يونيو 2020، وارتفعت أسعار المشروبات والغذاء بنسبة 14.9 بالمائة، فيما ارتفعت أسعار السكن والخدمات بنسبة 21.7 بالمائة، والنقل بنسبة 48.6 بالمائة والخدمات الصحية والطبية بنسبة 24 بالمائة، والملابس والأحذية بنسبة 28 بالمائة، والمطاعم والفنادق بنسبة 17.9 بالمائة.

في اجتماع لمجلس مدينة "بوشهر" يوم الثلاثاء الرابع عشر من يوليو، قال "ماجد كورشيدي" نائب حاكم مدينة "بوشهر" (جنوب شرق إيران) للشئون الاجتماعية والأمنية: "لقد أصابت العقوبات اقتصادنا بالشلل" وأضاف: “يمر اقتصادنا بحالة اضطراب شديدة، بسبب تأثره بتصعيد العقوبات والضرر الذي ألحقه فيروس كورونا". وتحدث "كورشيدي" عن "توقف جميع عوائد النظام".

ومؤخرًا، قال "سعيد ناماكي"، وزير الصحة والتعليم الطبي: "نحن نضع أرزاق مواطنينا في الاعتبار، لهذا يجب علينا أن نفكر في كل الفقراء" (موقع دوتشه فيله- 9 يوليو 2020).

إن مرشد النظام الأعلى، علي خامنئي" واعٍ تمامًا لجيش الجوعى، ويعرف أن أبسط هفوة يمكن أن تشعل انتفاضة كبيرة. وللسيطرة على الوضع، سيطر خامنئي على الشئون السياسية والاقتصادية والثقافية، ما يجعله يسيطر بمفرده على المجتمع. وقد أسس المرشد قوة حاكمة متجانسة للسيطرة على الوضع، إذ عيّن "إبراهيم رئيسي" و"محمد باقر قاليباه" على رأس سلطتين في البلاد، وهما السلطة القضائية والتنفيذية، وحاول السيطرة على سلطة ثالثة أيضًا، وهي السلطة التشريعية، عبر السعي للإطاحة بروحاني واستبداله بواحد من "بيادقه الموالين"، لإنقاذ نفسه من الاقتتال الداخلي الحالي.

يحوّل خامنئي وفصيله الرئيس روحاني إلى كبش فداء، ويحمّلونه مسئولية فشل سياسات النظام، لإبعاد اللوم عن خامنئي. وقّع برلمانيون موالون للنظام (عيّنهم خامنئي في انتخابات هزلية) على خطاب لعزل روحاني. لكن خامنئي كبح جماح هؤلاء البرلمانيين، لأنه لا يملك القدرة على استبعاد روحاني من الاقتتال الحالي داخل النظام. لهذا يواجه خامنئي طريقًا مسدودًا في محاولته تحقيق التجانس داخل قوته الحاكمة.
في غضون هذا، وفي الساعات الأولى من يوم الخميس السادس عشر من يوليو، نزل حشد هائل، يقوده شباب، إلى شوارع منطقة "بهبهان" (تقع في إقليم خوزستان، في جنوب غرب إيران). تجمّع هؤلاء أمام بنك "ملّي" الذي جرى إحراقه في انتفاضة عام 2019، هاتفين: "لا تخافوا، كلنا متحدون معًا" و"مدافع، دبابات، ألعاب نارية…الملالي يجب أن يرحلوا" كما هتفوا "لا غزة ولا لبنان، حياتنا من أجل إيران".

في وقت قصير، وخوفًا من حدوث انتفاضة في مدن أخرى، عطل النظام وقطع خدمة الإنترنت في إقليم خوزستان".

نُشرت وحدات الأمن الاجتماعي في المكان، وحاولت تفريق الحشود عبر إطلاق الغاز المسيّل للدموع وإطلاق النار في الهواء، لكن الشباب واجهوهم في الشوارع والأزقة عبر رمي الحجارة عليهم.
أعلن العقيد "محمد عزيزي"، قائد وحدات الأمن الاجتماعي في منطقة "بهبهان"، في اليوم التالي أن المحتجين "لم يرفضوا التفرّق فقط" عندما وصلت الشرطة إلى المكان "لكنهم بدأوا في إطلاق شعارات معادية للنظام أيضا".
بالتزامن مع هذا، عقد إيرانيون في الخارج، برفقة مناصرين للديمقراطية في إيران، ندوة عالمية على تطبيق Webinar عبر اتصال مباشر من 30 ألف موقع في أكثر من 100 دولة في العالم، تضامنًا مع الشعب الإيراني. شاركت ألف شخصية سياسية من عدّة دول في هذه الندوة العالمية، وألقى العديد منهم خطابات يتعهدون فيها بدعم الإيرانيين.
إن هذه الصورة الشاملة للوضع السياسي الراهن، تُظهر أن النظام في إيران يواجه مأزقًا سياسيًّا واقتصاديًّا دون أي ضوء في نهاية النفَق.     

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا