أوراسيا ريفيو | متشددو إيران يريدون تنازلات كبيرة من الغرب

بسام عباس

رؤية

ترجمة – بسام عباس

كانت إدارة الرئيس الإيراني السابق “حسن روحاني” على وشك إحياء الاتفاق النووي، أو خطة العمل الشاملة المشتركة، إلى أن وصل “إبراهيم رئيسي” إلى السلطة وغيّر سياسة النظام.

في ظل ما يسمى بالإدارة المعتدلة لروحاني، اختُتمت ست جولات من المحادثات النووية بين طهران ومجموعة (5 +1) والمكونة من المملكة المتحدة وفرنسا وروسيا والصين والولايات المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا. كان أعضاء فريق روحاني التكنوقراط، بمن فيهم وزير الخارجية السابق “جواد ظريف”، من ذوي الخبرة في التوصل إلى اتفاق مع الغرب. كانوا يعرفون تفاصيل الصفقة النووية؛ حيث أنفقوا كل رأس مالهم السياسي بين 2013 و2105 في التفاوض مع القوى العالمية، وفي النهاية حققوا خطة العمل الشاملة المشتركة.

ولو ظل روحاني في السلطة لعام آخر، لكان من المحتمل أن توافق إيران على إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 ورفعت العقوبات المفروضة على مؤسستها. فوفقًا لمسؤولين أوروبيين، جرى الانتهاء من حوالي 80٪ من مسودة التوصل إلى اتفاق مع إيران في يونيو 2021 في ظل إدارة روحاني.

ولكن لأنه متشددٌ، يريد رئيسي صفقة جديدة تمنحه المزيد من التنازلات من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي الثلاث (ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة). خلال فترة حكم روحاني، كثيرًا ما انتقد المتشددون إدارته لفشلها في الحصول على المزيد من التنازلات في المفاوضات. ونتيجة لذلك، اقترحت حكومة رئيسي تغييرات جذرية على مسودة المفاوضات النووية.

ما التنازلات التي يسعى إليها المتشددون بقيادة رئيسي؟

أولًا: يريد فريق “رئيسي” رفع جميع العقوبات الأمريكية تقريبًا عن الجمهورية الإسلامية بطريقة يمكن التحقق منها، وتعويض طهران عن الأضرار، رغم أن العديد من هذه العقوبات غير مرتبط ببرنامج إيران النووي، بل يرتبط بالأنشطة الإرهابية للنظام وانتهاكات حقوق الإنسان.

على سبيل المثال، يعدّ تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية مسألة بالغة الأهمية بالنسبة لطهران؛ فهو مسؤول عن الحفاظ على المثل الثورية للنظام. يتم تحقيق هذه الأهداف محليًّا من خلال عدة طرق، بما في ذلك قمع وإسكات الأصوات المعارضة لحكم المرشد الأعلى علي خامنئي؛ وقمع المنشقين؛ وقمع حرية الكلام والصحافة والتجمع؛ وسجن وتعذيب المعارضين باستخدام المحاكم الثورية.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن رؤية يد الحرس الثوري الإيراني في العديد من النزاعات، وتحديدًا فرع النخبة في فيلق القدس؛ إذ يمكن اعتبار الحرس الثوري القوة الكامنة وراء العديد من الميليشيات والجماعات الإرهابية في المنطقة. ففي سوريا، ارتكب الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس أعمالًا إرهابية مختلفة لإبقاء بشار الأسد في السلطة وبناء قواعد عسكرية دائمة. وفي اليمن، فمن غير المعقول أن يتمكن الحوثيون من تطوير القدرات العسكرية والحصول على الأسلحة المتطورة التي يمتلكونها دون مساعدة من الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس. وبحسب تقارير عدة، فإن العديد من الصواريخ الباليستية التي أطلقتها الميليشيا على المملكة العربية السعودية كانت صناعة إيرانية.

ثانيًا: يريد النظام أن تركز المفاوضات فقط على رفع العقوبات في الوقت الحالي. وبمجرد رفع القيود، تكون إيران مستعدة بعد ذلك لمناقشة القيود التي يجب قبولها بشأن برنامجها النووي. لكن مشكلة مثل هذا الطلب هي أنه بمجرد أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات عن المؤسسة الدينية، ستفقد واشنطن أي نفوذ كان لديها في الجولة التالية من المحادثات. كما أن نظام رئيسي لا يريد مناقشة برنامج طهران للصواريخ الباليستية، وهو أحد الركائز الأساسية لطموحاتها النووية.

ثالثًا: تحاول إدارة رئيسي الحصول على ضمان كامل بعدم انسحاب أي طرف في الصفقة من الاتفاقية في المستقبل. لكن حكومات الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة تتغير مع الانتخابات، ولا يمكنها تقديم أي ضمانات للنظام الإيراني بشأن سياسة القيادة المقبلة فيما يتعلق بالاتفاق النووي. وعلاوة على ذلك، ماذا لو بدأ النظام في انتهاك الاتفاقية؟ يجب أن يكون هناك خيار للأطراف الأخرى للانسحاب من الاتفاقية وإعادة فرض العقوبات.

إدارة رئيسي تتصرف بطريقة لا مرونة فيها؛ لأنها تعتقد أن لها اليد الطولى في المفاوضات بسبب التقدم السريع لبرنامجها النووي. بدأ النظام أولًا بتخصيب اليورانيوم إلى 20٪، ثم رفع المستوى إلى 60٪، مما جعله أقرب إلى مستويات الأسلحة.

وفي وقت لاحق، بدأت طهران في إنتاج معدن اليورانيوم المخصب. وفقًا لبيان مشترك صادر عن المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، فإن إيران “ليس لديها حاجة مدنية ذات مصداقية للبحث والتطوير في معادن اليورانيوم، وهي خطوات رئيسية في تطوير سلاح نووي”.

باختصار، لتحقيق انتصار سياسي للمتشددين، يسعى نظام رئيسي للحصول على تنازلات كبيرة وغير مسبوقة من الغرب.

لقراءة النص الأصلي.. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا