أوكرانيون يضربون صبيًّا ألمانيًّا حتى الموت.. ما حقيقة الحادث؟

رنا أسامة

القصة تنطوي على معلومات مُضللة مُتعمدة إما من جانب جهات حكومية روسية أو جهات فاعلة غير حكومية موالية لروسيا


انتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي على مدى الأيام الماضية يزعم أن لاجئين أوكرانيين هاجموا صبيًّا يبلغ من العمر 16 عامًا في بلدة أويسكيرشن الألمانية، بعد تحدّثه إليهم بالروسية.

ذكرت امرأة تتحدث الروسية في الفيديو الذي انتشر أولًا على تيك توك، أن صبيًّا ألمانيًّا “تعرّض لضرب مُبرح حتى الموت” على يد لاجئين أوكرانيين بمحطة قطار في أويسكيرشنن بألمانيا، وقالت إنه نُقل إلى العناية المركزة ودخل في غيبوبة قبل وفاته، زاعمة أن الشرطة لم تتحرّك ضدهم.

هل القصة حقيقية؟

تقول السيدة الشاهدة على الواقعة إنها لم تكن تعرف الصبي، لكنها استطردت حديثها قائلة: “صديقي كتب لي أن الصبي دانيال مات، لا أستطيع أن أتخيل ذلك، لا أستطيع أن أتخيل ذلك الآن..”.

من جهتها كشفت السلطات الألمانية أن ادعاءات تلك المرأة كاذبة، ففي الفيديو البالغ مدته 90 ثانية لم تُعرّف المرأة نفسها أو تكشف عن موقعها، وقالت شرطة مدينة بون إنه لا يوجد دليل على مثل هذا الهجوم، واصفة المقطع بأنه “فيديو مُزيف يهدف إلى إثارة الكراهية”، وجرى فتح تحقيق في الأمر.

وقال سيمون روت، المتحدث الصحفي باسم شرطة بون، لـ دويتشه فيلة: “نحقق حاليًّا في هوية وخلفية المرأة المعنيّة”، مُشيرًا إلى أن الشرطة والنيابة العامة في ألمانيا تدرسان ما إذا كان للقضية “أي صلة بالقانون الجنائي”.

اعتذار: الحادث مُفبرك

في 21 مارس 2022، بعد ساعات من انتشار المقطع المُروّج للحادث المزعوم، نشرت المرأة نفسها وتُدعى ناتاليا بينديت فيديو ثانيًا على حسابها الذي يتابعه 1257 شخصًا عبر تيك توك تعتذر فيه عن ادّعاءاتها في الفيديو الأول، قائلة: “اليوم اكتشفت أن القصة غير حقيقية”.

@nataliabendet

♬ Originalton – NataliaBender

تابعت في الفيديو: “أريد أن أعتذر لكل من شاهد مقطع الفيديو الخاص بي لأنه اتضح أن القصة غير حقيقية، أردت أن أعرف موعد جنازة الصبي المزعوم واكتشفت أن الأمر كله محض أكاذيب”، وذكرت أن الشخص الذي قالت في الفيديو الأول إنه صديقها وأخبرها بالحادث المزعوم “يكره الأوكرانيين وقرر إلحاق الأذى بهم بفبركة هذه القصة”.

وأوضحت أنها صدّقت القصة لأن الروس في ألمانيا يتعرضون لمُضايقة بسبب الحرب في أوكرانيا، مضيفة: “كنت أؤمن من كل قلبي أنني لست بحاجة إلى حقائق أو صور أو تأكيد، أريدكم ألا تقعوا في الخطأ نفسه، لا تثقوا في رواية أي شخص دون دليل، لا أعرف الآن ما إذا كنت سأصدق مقاطع فيديو تيك توك لاحقًا أم لا بعد وقوعي في هذا الفخ”، وفق دويتشه فيله.

الفيديو المُزيف.. تضليل أم جذب انتباه؟

قال مسؤول ألماني في مكافحة الإرهاب، تحدث إلى صحيفة واشنطن بوست الأمريكية شريطة عدم الكشف عن هويته، إن “الفيديو نفسه وطريقة نشره يُشيران إلى معلومات مُضللة مُتعمدة، إما من جانب جهات حكومية روسية أو جهات فاعلة غير حكومية موالية لروسيا”.

وفق تقرير أصدرته هيئة مراقبة المعلومات المضللة التابعة للاتحاد الأوروبي عام 2021، فإن ألمانيا، على وجه الخصوص، في حالة تأهب قصوى لحرب معلومات قد تشنها روسيا، بالنظر إلى كونها هدفًا رئيسيًّا لمعلومات مُضللة روسية.

وقال خبير في الإعلام الرقمي الروسي بجامعة شيفيلد في بريطانيا، إيليا يابلوكوف، إن مقطع تيك توك مدفوع بأهداف روسية، مُضيفًا: “هذه معلومات مضللة تستهدف الجمهور المحلي الروسي لتعزيز فكرة أن الروس يتلقون معاملة غير عادلة في الخارج”.

ربما يعجبك أيضا