إذا كنت تشعر بالقلق من انهيار سوق الأسهم.. هذه ليست سوى البداية

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

مع مراقبة تقلبات الأسواق المالية على مدار الأسبوع الماضي, من المشوق أن نتساءل إذا كان الاقتصاد العالمي سيعود يومًا للعصر الذي كانت فيه قرارات مستثمري القطاع الخاص أكثر أهمية من سياسات الحكومات. منذ 2008 وقبلها, كانت البنوك المركزية تشتري الدين العام والخاص وحتى الأسهم الخاصة, كلها في محاولة لـ”تعزيز النمو.” لكن الآن الحفلة انتهت.

لسنوات الآن, يستطيع معظم المستثمرين شراء سهم أو سند وامتلاك درجة عالية من الثقة في أن موقفها سيدر ربحًا -أو على الأقل سيتجنب الخسارة. تشير تقلبات السوق الأسبوع الماضي إلى أن الجولة المجانية قد انتهت. مثلما أخبر الكاتب المشاهدين في سي إن بي سي هذا الأسبوع, الأسواق العالمية منخرطة في اكتشاف الأسعار في عالم تمتلك فيه البنوك المركزية ثلث جميع الأوراق المالية, ومن ضمنها الديون والأسهم.

يقول محمد العريان, كبير المستشارين الاقتصاديين في مجموعة أليانز, “نحن نخرج من فترة لم يكن بها أي تقلبات في السوق المالية. في العام الماضي وحده شهدنا ستة من أدنى سبعة مقاييس للتقلب في التاريخ… قطعت أسواق الأسهم شوطًا طويلًا جدًا بسرعة كبيرة وأنت تتجه للحصول على تعديلات فنية, أنت تتجه للحصول على مطبات هوائية.”

إن واحدًا من المؤشرات الأكثر إثارة للقلق على المشاكل التي تواجه الاقتصاد العالمي في رحلته للعودة إلى الوضع “الطبيعي” هو التراكم الهائل للديون من جانب الدول الصناعية الكبرى. إذا جمعت كل الأموال التي اقترضتها الحكومات الوطنية, فإنها تصل إلى 63 تريليون دولار, وفقًا لمنشور خاص بشركة Visual Capitalist في العام الماضي. إن السؤال الذي يطرحه هذا التقرير هو ما إذا كانت البنوك المركزية العالمية ستستطيع فعلًا إنهاء مشتريات الديون بدون مواجهة عجز من جانب بعض الدول المثقلة بالديون مثل إيطاليا واليابان.

يذكر موقع Digital Capitalist, “تقدم الولايات المتحدة مثالًا رئيسيًا على “زحف الديون”، لم تسجل الدولة فائضًا سنويًا في الميزانية منذ 2001, عندما كان الدين الفيدرالي 6,9 تريليون دولار فقط (54% من الناتج المحلي الإجمالي). اليوم, تضخم الدين ليصل إلى 20 تريليون دولار تقريبًا (107% من الناتج المحلي الإجمالي), وهو يساوي 31,8% من الدين السيادي الاسمي العالمي.

وصف دوج باندو الوضع بطريقة جيدة في مجلة ذا أمريكان كونسيرفاتيف:
الولايات المتحدة مفلسة بصورة عملية, لكن هذا ليس مهمًا للحزب الجمهوري. الجمهوريون, الذين كانوا دعاة المسئولية المالية ونقاد الإنفاق على المديونية, يفتخرون اليوم بالديون. بلغ الدين القومي الآن 20,6 تريليون دولار, وهو أكبر من الناتج المحلي الإجمالي السنوي بحوالي 19,5 تريليون دولار. ومع الأسف, مع وجود الجمهوريين في القيادة, من المقدر أن يستمر العجز في الارتفاع, بدون نهاية واضحة.

يشير الارتفاع في العجز ومعدلات الفائدة إلى عودة التقلب. بينما تُنهي اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة شرائها للأوراق المالية وتسمح لمحفظتها الاستثمارية بأن تفرغ ببطء, سوف تشهد الأسواق المالية نهاية فترة غياب التقلبات من ناحية أسعار الأسهم والسندات. تكبد الكثير من المستثمرين خسائر فادحة يوم 5 فبراير, عندما أغلق مؤشر داو جونز الصناعي على انخفاض بأكثر من 1200 نقطة.

في حين أن التغير في مؤشر داو جونز الصناعي كان حادًا, إلا أن المشكلة الأكبر كانت الطفرة في المشتقات المختلفة مثل مؤشر التقلب من بورصة شيكاغو (VIX), وهو مقياس مشهور لتوقع التقلبات في البورصة التي تنطوي عليها خيارات مؤشر إس أند بي 500. إن الكثير من المتداولين الذين توقعوا أن تستمر الأسواق الهادئة التي خلقتها اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة إلى أجل غير مسمى تعرضوا لصدمة عنيفة عندما تضاعف سعر مؤشر VIX ثلاث أضعاف في غضون ساعات.

أخبر المستثمر الملياردير كارل إيكان محطة سي إن بي سي هذا الأسبوع إنه توجد منتجات كثيرة معتمدة على الرفع المالي لكي يتداولها المستثمرين, ويوم ما ستتسبب هذه الأوراق المالية في انفجار السوق. وقال أن السوق مثل “كازينو يعمل بمنشطات” مع كل هذه الأموال والسندات المتداولة في البورصة.”

وقال أن هذه الأموال بمثابة “خطوط صدع” والتي ستؤدي في النهاية إلى زلزال في وول ستريت. “هذه مجرد البداية.”

التقلب هو مقياس إحصائي لتشتت العائدات على مؤشر معين. يمكن قياس التقلب إما عن طريق استخدام الانحراف القياسي أو التفاوت بين العائدات من نفس ذلك المؤشر مثل مؤشر إس أند بي 500. لكن مثل قياس “السيولة,” فإن محاولة قياس تحركات السعر المستقبلية لورقة مالية بناءً على البيانات السابقة هي محاولة فاشلة. يعلم طلاب نظرية داو أن الماضي لا يخبرنا شيئًا عن المستقبل, مثلما ثبت لنا يوم الإثنين الماضي.

ضبط بنك الإحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة وفوارق الائتمانات من خلال شراء دين وزارة الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري, لكنه أخمد أيضًا تقلب السوق. في الواقع, بفضل تلاعب الإحتياطي الفيدرالي بأسواق الائتمان, لا نتعرض للتقلب لفترات طويلة سواء عرفنا هذا أم لم نعرف. على عكس مقاييس التحركات الفعلية لسعر السوق, مؤشر VIX هو منافسة على الشهرة؛ قياس التقلب المستقبلي المتوقع في معدل عائد إس أند بي 500.   

عن طريق تثبيت عائد السندات وتضييق فوارق الائتمانات, حد بنك الإحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى من التقلب الفعلي و, الأكثر أهمية, حدوا تدريجيًا من توقعات السوق للتحركات المستقبلية في أسعار الأوراق المالية. وهكذا, تعرض المستثمرون يوم الإثنين لصدمة كبرى عندما بدأت أسعار السوق في الانخفاض عقب سنوات من السوق المستدامة والصاعدة بشكل مصطنع.

لم تخلق جانيت يلين, الرئيس السابق لبنك الإحتياطي الفيدرالي, وزملاؤها في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة قنبلة موقوتة من التقلب في أسواق السندات والأسهم الأمريكية عندما تتعرض للخطر وحسب, لكن الفترة الممتدة من معدلات الفائدة المنخفضة خلقت أيضًا موجة خفية من العجز في سداد القروض والسندات مستقبلًا.

من خلال ضبط فوراق الائتمانات وبالتالي تكلفة الائتمان, وفرت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة للشركات الداخلية والمقترضين من الأفراد إمكانية الحصول على الائتمان بأسعار متميزة من الدرجة الاستثمارية. الآن يبدأ عجز الشركات والمستهلكين عن سداد الديون في التسارع. يقول ديفيد بليتزر, رئيس لجنة المؤشرات في إس أند بي داو جونز, “للمرة الأولى منذ يناير 2017, ارتفع معدل العجز عن السداد للسيارات, والبطاقات المصرفية والرهون العقارية معًا.”   

على مدار العام القادم وما بعده, سوف تصبح الأسواق المالية الأمريكية متقلبة بصورة متزايدة مع ارتفاع معدلات الفائدة وعودة فوارق الائتمان إلى معدلات تقترب من الطبيعية. سوف يجد المقترضون الذين يحصلون على الائتمان بمعدلات منخفضة جدًا أنفسهم مقيدون, بتكلفة الائتمان واستعداد المستثمرين للمجازفة. ومستثمرو التجزئة الذين اشتروا وفرة من المشتقات سيواجهون بيئة سوق خطيرة.

فرغم كل شيء, يكره المستثمرون التغيير ويحبون العائدات الخالية من المخاطر. بينما تحاول اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة تطبيع السياسة بعد ثمانية أعوام من الدعم غير العادي للسوق, من المرجح أن تتراجع أسواق الأسهم – خاصة مع رفع وزارة الخزانة لجدول اقتراضها. إن كل زيادة تصاعدية في معدلات الفائدة تمنح المستثمرين حافزًا أكبر لسحب أرباحهم من الأسهم والعودة إلى الأمان النسبي في الأوراق المالية لوزارة الخزانة. بالنسبة إلى الرئيس الجديد لبنك الإحتياطي الفيدرالي جيروم بويل, 2018 سيكون على الأرجح عامًا صعبًا للغاية.

المصدر – ناشيونال إنترست

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا