إرهاصات حرب جديدة في الشرق الأوسط

يوسف بنده

رؤية

توجد مجموعة من العوامل تؤشر لإمكانية اندلاع حرب في غضون الأشهر القادمة، تشترك فيها الولايات المتحدة وإسرائيل، لضرب حزب الله في لبنان أو القدرات الإيرانية في سوريا، على المستوى الأمريكي بدأ تبني عقيدة كيسنجر لإعادة التوازن لمكانة ونفوذ الولايات المتحدة، وتعيبن مايك بومبيو” صاحب نظرية التدخل العسكري على حساب الدبلوماسية، والإعلان عن التفاوض مع كوريا لتهدئة هذه الجبهة والعمل في مكان آخر، إضافة إلى تشكيل لجنة عليا أمريكية خليجية لإدارة الجوانب التشغيلية في مواجهة إيران.

وعلى المستوى الإسرائيلي تم إجراء ثلاث أنواع من التدريبات العسكرية الأولى لمواجهة كثافة الصواريخ، والثانية لحماية الجبهة الداخلية، والثالثة محاكة نموذج الحرب على جبهات متعددة، إضافة إلى طلبها من الكونجرس الموافقة على تزويدها بكميات كبيرة من الذخيرة.

على المستوى الروسي، هناك تحرك روسي لنقل أحدث منظومات الصواريخ لقاعدتي حميم وطرطوس، وتصريحات هيئة الأركان العامة بأنه في حال تهديد الجيش الروسي في سوريا فإنها ليس فقط سترد على مصدر النيران وإنما ستضرب القوات الأمريكية في البحر، من غير المتوقع أن تنجر موسكو لمواجهة عسكرية مع واشنطن، ومن الممكن تحييدها إذا ما تم ضمان مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

أولاً: الولايات المتحدة

منذ منتصف العام 2017 تعززت العلاقة بين الرئيس “ترامب” و”هنري كيسنجر”، وظهر في أكثر من لقاء رسمي، وبدء كيسنجر في بلور رؤية استراتيجية ومعالم سياسات تخدم الاستراتيجية العليا في المقام الأول، وإعادة التوازن لمكانة ونفوذ الولايات المتحدة على المسرح العالمي وإرساء قواعد أنجع “لإدارة الأزمات”، وترتكز عقيدة كيسنجر على مبدأين الأول “السيطرة على النفط تؤدي للسيطرة على أمم بأكملها أو على مجموعة من الأمم”، والثاني “اللعب بالنار” للحصول على ما تريد وإرساء الفوضى ما أمكن”.

إضافة إلى إقالة وزير الخارجية “ريكس تيلرسون” وتعين “مايك بومبيو” ذات الخلفية المتطرفة، وصاحب سجل عسكري معتبر وخدماته في الحرب على العراق، ومعارضته الشديدة للإتفاق النووي، وتفضيله التدخل العسكري الأمريكي على نهج الديبلوماسية كما أن الموافقة على التفاوض مع كوريا الشمالية يؤشر إلى أن واشنطن تسعى لتهدئة جبهة كوريا للتفرغ للعمل في مكان آخر.

في ذات السياق تم الاتفاق على تشكيل لجنة تنسيق أمريكية سعودية اماراتية تتعامل مع الجوانب التشغيلية للإجراءات المشتركة للدول الثلاث ضد إيران، وتعنى بوقف النفوذ الإيراني في الخليج والشرق الأوسط، وسيتم اطلاقها الاسبوع القادم.

في هذا السياق عند النظر لنفوذ “كسينجر وبومبيو” الطاغي على مفاصل صنع القرار، وإعلان التفاوض مع كوريا، وتشكيل لجنة أمريكية سعودية إماراتية عليا، فإن من المرجح الانسحاب من الاتفاق النووي، ويتم الآن مناقشة الانسحاب في منتصف مايو أو نهاية مارس بداية أبريل، مع الاستعداد لتوجيه ضربة عسكرية إما في لبنان أو للقدرات الإيرانية في سوريا.

ثانياً: إسرائيل

 أجرى الجيش الإسرائيلي خلال الشهر الحالي ثلاث أنواع من التدريبات، تحاكي نماذج الحرب المتعددة:-

الأول: تدريب “جونيفر كوبرا”، تدريب للدفاع الجوي المشترك مع جيش الولايات المتحدة يحاكي تعرض إسرائيل إلى هجوم بكميات كبيرة من الصواريخ.

الثاني: تدريب “الصمود”، الذي تتدرب فيه قوات الجبهة الداخلية على إخلاء الجرحى والقتلى والمواطنين والتعامل مع المواد الخطرة، في سيناريوهات تحاكي معركة شديدة ضد حزب الله في لبنان، تضاف إليها تحديات من الجبهة السورية، وقطاع غزة.

الثالث: تدريب القتال على عدة جبهات، وتم في إطاره  التدريب على سيناريوهات تحاكي: قيام روسيا بوضع مصاعب أمام الهجمات الإسرائيلية في سوريا، والعمل من خلال التنسيق أو عدم التنسيق مع الروس، واحتمال تسلل الحرب إلى داخل إسرائيل.

إلى جانب ذلك طلبت إسرائيل من الكونغرس الأمريكي الموافقة على تزويدها بكميات كبيرة من الذخيرة، ودعم دبلوماسي عند توجيه ضربة لحزب الله في لبنان، تزامن مع ذلك اعلانها عن ضرب المفاعل النووي السوري كرسالة موجهة لإيران، وقبل وقت قصير من اتخاذ قرار الإدارة الأمريكية تجاه الاتّفاق النوويّ.

ثالثاً: روسياً.

تم نقل بطاريات أحدث صواريخ الدفاع الجوي “S400” إلى قاعدة حميميم وطرطوس، بالتزامن مع ذلك حذر رئيس هيئة الأركان العامة الروسية “فاليري غيراسيموف”، بأنه “في حالة تهديد الجيش الروسي في سوريا، فلن تكتفي بالرد على الصواريخ الأمريكية، إنما وعلى حواملها من المدمرات البحرية والطائرات الأمريكية.

إن احتمال وقوع مواجهة عسكرية مباشرة بين روسيا والولايات المتحدة لا يزال ضعيفاً، ففي حال أي ضربة ستمعل على تنبيه الروس قبل فترة زمنية كافية، وتؤشر التجربة التاريخية إلى أنه من الممكن تحييد روسيا في حالة اندلاع حرب من خلال ضمان مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، علاوة على أن التهديد الروسي بالرد يرتبط فقط في حالة تهديد الجيش الروسي في سوريا، ومن المستبعد أن تخاطر بدخول مواجهة عسكرية شاملة مع واشنطن.

المصدر: مركز الروابط البحوث والدراسات الاستراتيجية

ربما يعجبك أيضا