إقفال ومخاوف وقيود.. لبنان يترقب عملية نزوح للودائع

حسام عيد – محلل اقتصادي

1000 دولار أسبوعيًا؛ هو الحد الذي سمحت به جمعية المصارف اللبنانية للفرد من حسابه الدولاري، على أن يتصرف به خلال أسبوع واحد.

إجراء يأتي عقب الكثير من المخاوف بأن تحدث في لبنان عملية هلع من أجل سحب الإدخارات والودائع من المصارف اللبنانية، وبالتالي خلق حالة من التشتت والضياع فيما يتعلق بالجدارة الائتمانية والمالية للبنان، على الرغم من التطمينات التي جاء بها حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، بأنه لا حدود رسمية وقيود للسحوبات وأنه ستكون هنالك معالجة للوضع.

إقفال ومخاوف وقيود

لكن ما يتم لمسه في الواقع مختلف كما يبدو، فالمصارف اللبنانية لا تزال مغلقة بدواعي حماية الموظفين الذي يتعرضوا اعتداءات من أجل إجبارهم على السماح بالسحب.

وهناك سقف للسحب بـ1000 دولار أسبوعيًا لتغطية الاحتياجات الأساسية والنفقات الشخصية العاجلة، وأكثر من 1000 دولار يجب أن تكون معززة بطلب خاص لتغطية أغراض ملحة جدًا.

كما أصبح التحويل المالي بالعملات الصعبة للخارج مشروطًا بقيود معينة.

وفيما يتعلق بجواب حاكم مصرف لبنان، قال إنه لا يوجد ما يسمى بـ”الكابيتال كونترول غير الرسمي” أو ما يعرف بمراقبة رأس المال. لكن أدى هذا أيضًا إلى تأجيج المخاوف في الشارع اللبناني من هروب الودائع.

وكان مصرف لبنان المركزي مد يد العون للمصارف عبر منحها تسهيلات بحدود 20% كفوائد ولكن تحت شرط عدم تحويلها إلى الخارج.

كل ذلك نجم عنه تداعيات سلبية على الليرة؛ حيث تضررت من أوضاع تتعلق بتخفيض التصنيف الائتماني، لتتراجع بقرابة 20% في السوق الموازي (غير الرسمي) حتى 2000 ليرة للدولار الواحد، مقابل 1507 للدولار بالسوق الرسمية.

خفض التصنيف الائتماني للبنان

التداعيات على التصنيفات السيادية جاءت الواحدة تلو الأخرى، وبعض وكالات التصنيف كانت قد منحت مهلة للبنان ومصارفها لمعالجة أوضاعها.

لكن التصريحات المريبة والغامضة التي جاءت دفعة واحدة، وضعت لبنان في مرتبة تصنيف الجدارة الائتمانية غير الاستثماري، وكان أخرها وكالة ستاندرد آند بورز بتخفيضها  تصنيف لبنان إلى C/CCC بفعل تنامي المخاطر المالية والنقدية، مع نظرة مستقبلية سلبية.

وأضافت S&P أن تخفيضها للتصنيف إلى C/CCC من B-/B جاء بسبب تراجع الثقة في الحوكمة والاقتصاد بلبنان، والذي يؤدي إلى مسار معاكس لتدفقات داخلة للودائع إلى البنوك.

وصرحت الوكالة أن النظرة المستقبلية السلبية للبنان تعكس المخاطر الخاصة بالجدارة الائتمانية للدولة بسبب تنامي الضغوط المالية والنقدية.

فيما خفضت وكالة موديز تصنيف الودائع بالعملة الأجنبية في لبنان إلى Caa3 من Caa1، والودائع بالعملة المحلية لدى بنوك عودة وبلوم وبيبلوس إلى Caa2 من Caa1.

وكذلك خفض التصنيف السيادي من caa1 إلى Caa2.

وكانت خفضت وكالة فيتش تصنيف لبنان الائتماني درجة واحدة بنهاية أغسطس الماضي من -B إلى CCC، مع تخفيض تصنيف بنكي عودة وبيبلوس إلى –CCC.

السندات والبورصة تحت الضغط

قبل اندلاع الاحتجاجات في 17 أكتوبر الماضي، كانت شهية المستثمرين مرتفعة على السندات اللبنانية، وكانت تطلب بشكل لافت وخاصة قصيرة الآجال.

وكان لبنان يسعى لإصدار سندات سيادية “سندات الخزينة” بملياري دولار، ولكنها تأجلت الآن بسبب الأوضاع، وهنالك تشديد بأنها تلتزم بسداد سندات الخزينة بالعملات الأجنبية في موعدها، فهناك استحقاق قريب في 28 نوفمبر الجاري لسندات بالعملات الأجنبية بقيمة 1.5 مليار دولار، وهي حاضرة ومتوفرة كما تقول الحكومة اللبنانية.

عوائد السندات اللبنانية هي مؤشر في حد ذاتها، كلما ارتفعت، إلا أنه الطلب على السندات حاليا محفوف بالمخاطر وغير مرغوب. ففي 17 أكتوبر بلغت العوائد على السندات اللبنانية السيادية 12.55%، وارتفعت إلى 18.13% في 15 نوفمبر، ما يعني تراجعها على إثر هذه الأوضاع المضطربة وإن كانت هناك رغبة في شرائها ولكن بتحمل مخاطر حيازة الدين اللبناني.

نقص السيولة وشبكة الأمان الاجتماعي

الأولوية اليوم في لبنان ستكون بتوفير الاعتمادات المطلوبة وخاصة فيما يتعلق بمشتريات القمح والسلع الأساسية، وقد وأعلن مصرف لبنان المركزي أنه لديه سيولة كافية من العملات الأجنبية ما يمكن التصرف فيها.

لكن هناك نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بحسب المستشفيات، وأيضًا غياب الاعتمادات لاستيراد السلع الحيوية، كما تغيب في السوق اللبنانية خلال هذه الفترة الكثير من السلع والمنتجات التي لم يعد باستطاعة الحكومة اللبنانية استيراداها بسبب التزامها بالتمسك بأي دولار في محفظة مصرف لبنان حتى يواجه الأزمات القادمة.
 

ربما يعجبك أيضا