إلى أرض النار.. هكذا يستمر أردوغان في استغلال السوريين

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

تتواتر الأنباء عن إرسال تركيا لعدد من المرتزقة السوريين إلى أذربيجان لدعمها في الصراع الحدودي الدائر مع أرمينيا مواصلة بذلك تجاوزاتها ضاربة عرض الحائط بالقوانين الدولية.

وتتخذ تركيا من المرتزقة من جنسيات مختلفة لا سيما السورية وقودا في حروبها التي تكاد لا تنتهي، في ظل صمت دولي هو أقرب “للتخاذل”، ويأتي إرسال مقاتلين سوريين إلى أذربيجان بعد أن وجهت الآلاف منهم للقتال إلى جانب حكومة الوفاق في طرابلس الليبية.

وبدأت تركيا رحلتها في توظيف المقاتلين الأجانب من الجارة سوريا، حينما فتحت منافذها الحدودية  أمام تدفق الآلاف من”الجهاديين” قدموا من مختلف أنحاء العالم للقتال إلى جانب المعارضة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في استلهام لأسلوب “حليفتها اللدود “إيران”.

توترات إرهابية مقبلة

ذكرت مصادر صحفية أن أنقرة عمدت خلال الأشهر القليلة الماضية إلى إطلاق حملة استمالة جديدة للفقراء في سوريا للشروع في زعزعة استقرار  أذربجيان الأوروبية والتي تشهد بعض الاشتباكات مع جارتها أرمينيا.

وهكذا يستمر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تحويل إرث تركيا الجديدة من سياسة “صفر مشاكل” إلى 100% مشاكل وتدخلات سياسية وعسكرية مع جميع الدول المجاورة، مع مد الدعم التركي العسكري للطرف الأذري ضد أرمينيا علناً، واليوم مع بدء إرسال أول دفعات المرتزقة إلى أذربجيان بعد أن عاثت فساداً وإرهاباً في دول أخرى مثل الداخلي السوري والليبي واليمن وغيرها.

فقد أشارت مصادر موقع “وكالة أنباء هاوار” الكردية العاملة في الحسكة، أمس الجمعة، إلى أن السلطات التركية بدأت بنقل أول دفعة من المرتزقة السوريين إلى أذربيجان عقب شهرين من التحضيرات.

وبحسب المعلومات، فإن عشرات من مرتزقة “الجيش الوطني” في مناطق شمالي سوريا وخاصة عفرين وإعزاز، بدأوا بالانتقال إلى أذربيجان عبر الأراضي التركية.

وذكرت بعض المواقع الإخبارية أن أنقرة تعد الشبان بـ 5000 دولار شهرياً لعقد يترواح بين 3 إلى 6 أشهر، بعد أن رفض العديد من منهم الذهاب إلى ليبيا للقتال من أجل 2000 دولار.

ويأتي ذلك بعد تأكيد وزارة الدفاع التركية وصول ضباط وجنود أتراك إلى الأراضي الأذرية في يوليو (تموز) الماضي وقول أردوغان: “لا يمكننا ترك أذربيجان الشقيقة لوحدها في مواجهة الاعتداءات الأرمينية”، وأضاف أنه لن يتردد في “الوقوف ضد أي هجوم” على أذربيجان.

عقدة “مذابح الأرمن”

وتعود جذور الخلافات بين تركيا وأرمينيا إلى قضية إبادة الأرمن خلال الحقبة العثمانية، حيث ترفض أنقرة الاعتراف بوجود جرائم حرب ارتكبها العثمانيون وكان ضحيتها الأرمن.

وتصنف 20 حكومة، بينها حكومات فرنسا وألمانيا وروسيا، رسميا قتل الأرمن في عهد الإمبراطورية العثمانية على أنه “إبادة جماعية”. 

ودأبت تركيا على اتهام مَن يصف المجازر التي ارتكبت بحق الأرمن في الحرب العالمية الأولى بأنها إبادة جماعية بـ”التآمر” ضدها.

وتتهم أنقرة الأرمن، بأنهم عبر جماعات ضغط بمختلف دول العالم، يطلقون دعوات إلى “تجريم” تركيا، وتحميلها مسؤولية تعرض أرمن الأناضول لعملية “إبادة وتهجير” على يد الدولة العثمانية.

وتزعم حكومة “العدالة والتنمية” في تركيا أن الوثائق التاريخية تؤكد عدم تعمد وقوع تلك الأحداث المأساوية.

وفي تقرير سابق نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية ذكرت أن القوات المسلحة التركية لها وجود في قاعدة عسكرية في أذربيجان، كما أجرت الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة في أذربيجان في أغسطس/آب، بعد مناوشات مع أرمينيا خلفت خسائر في صفوف القوات والمدنيين الأذربيجانيين.

وتعهدت تركيا بتحديث معدات الجيش الأذربيجاني وتزويده بأنظمة دفاع جديدة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار التركية الصنع والصواريخ وأجهزة الحرب الإلكترونية.

وقدمت تركيا دعمًا عسكريًا لأذربيجان منذ صراعها مع أرمينيا حول “ناجورنو كاراباخ”، وهي منطقة ذات أغلبية أرمينية في أذربيجان، قبل ثلاثة عقود عندما انهار الاتحاد السوفيتي.

وسيطر الأرمن على المنطقة الجبلية، التي لا تزال معترفا بها دوليا كجزء من أذربيجان، إلى جانب 7 مقاطعات مجاورة، قبل أن تتوسط روسيا في وقف إطلاق النار عام 1994، ولم يوقع اتفاق سلام على الرغم من وساطة الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا.

وتشهد الحدود الأذربيجانية الأرمينية اشتباكات مسلحة مستمرة منذ 12 يوليو الماضي، أسفرت حتى الآن، حسب باكو، عن مقتل 11 عسكريا أذربيجانيا بينهم جنرال، فيما أعلنت يريفان عن مقتل ضابطين اثنين وسقوط 5 مصابين، وسط اتهامات متبادلة بالمسؤولية عن هذا التوتر.

ويبدو أن الوجه القبيح للسياسة التخريبية التركية الخارجية يلقي بظلاله بعيدا في آسيا محاولا سكب البنزين على نار التوتر بين أرمينيا وأذربيجان، كما حاول سابقا نظام أردوغان إفساد سوريا فخابت أطماعه، ذهب بعيدا إلى ليبيا بإرسال مرتزقة لتمزيق البلد العربي الذي يعاني تمزقا سياسيا منذ قرابة عقد من الزمان.

ربما يعجبك أيضا