إيكونومست| الهجوم على منشآت النفط السعودية يرفع مخاطر الحرب

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

صرّح الرئيس دونالد ترامب أن القوات الأمريكية "على أهبة الاستعداد" للرد على المسئولين عن الهجمات المدمرة بالطائرات المسيرة والصواريخ على الصناعة السعودية يوم 14 سبتمبر.، وهنا يأتي السؤال: هل يوشك ترامب على سحب الزناد لحرب أمريكية جديدة في الشرق الأوسط؟

وقد أعلنت جماعة الحوثي المدعومة من إيران، والتي تحارب التحالف السعودي في اليمن، مسئوليتها عن الهجمات على حقل خريص ومعمل بقيق، الأكبر من نوعه في العالم. لكن المسئولين الأمريكيين تجاهلوا هذه الفكرة، قائلين إن الأسلحة المُستخدمة في الهجوم إيرانية الصنع، ويعتقدون أيضًا أن الهجمات لم تأت من جنوب شرق شبه الجزيرة العربية، أي اليمن، بل جاءت من الشمال، من العراق، حيث تدير إيران ميليشيات شيعية وكيلة؛ أو من الأراضي الإيرانية نفسها. وغرّد مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي قائلًا: "لقد شنت إيران هجمة غير مسبوقة على إمداد الطاقة العالمي. لا يوجد دليل على أن الهجمات جاءت من اليمن".

فيما كان ترامب أكثر عدائية، لكن أقل تحديدًا بصورة ملحوظة. إنه لم يُسمِّ إيران، على الرغم من أنه ألمح إلى أن أمريكا تعرف المسئول عن الهجمات، وكان ينتظر تأكيدًا من السعودية عن هوية الفاعل، وفي غضون ساعات، أيّد التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن رواية بومبيو.

وعلى الرغم من ذلك، استخدم ترامب تهديدات الحرب من قبل، فقد ردد عبارة "على أهبة الاستعداد" لتهديد كوريا الشمالية في أغسطس 2017، قبل أن يلتقي و"يُغرَم" بالديكتاتور "كيم يونج أون" في العام التالي. وقبل ثلاثة أشهر فقط، كشف ترامب أن أمريكا كانت "مستعدة" أيضًا عندما ألغى ضربة جوية ضد إيران قبل عشر دقائق فقط من موعدها؛ بسبب الخسائر المدنية المحتملة.

تلك الغارة المخطط لها كانت لمعاقبة إيران على إسقاط طائرة استطلاع أمريكية مسيرة، وهي واحدة من سلسلة الاستفزازات الإيرانية في الأشهر الأخيرة. لقد تضمنت هذه الاستفزازات هجمات تخريبية على السفن في الخليج، والتي تحمّل مسئوليتها لوكلاء إيرانيين؛ وضربات متكررة لطائرات مسيرة من الحوثيين في اليمن (غرّد بومبيو أن إيران كانت وراء "100 هجوم تقريبًا" على السعودية)؛ وإعلان إيران في يوليو أنها خالفت القيود المفروضة على مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب الذي وافقت عليه في 2015 في اتفاقيتها مع القوى العالمية لكبح برنامجها النووي، المعروفة باسم خطة العمل الشاملة المشتركة. 

لقد انتُخب ترامب على وعد بإخراج أمريكا من حروبها المطولة في الشرق الأوسط، وسعى في أكثر الأحيان لتخفيض التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة. وفي الواقع، يبقى عزوفه عن اللجوء إلى العمل العسكري أحد الخلافات الكثيرة في الرأي التي أدت إلى رحيل مستشاره للأمن القومي جون بولتون.

غير أن الهجمات على بقيق وخريص – إذا كانت إيران هي المسئولة فعلًا – هي الأكثر خطورة من بين الاستفزازات حتى الآن. هذا واحد من ثلاثة أسباب تجعل تهديدات ترامب الأخيرة حقيقية أكثر من التهديدات السابقة، أما السبب الثاني فهو اعتيادها، فشخص مدرك لصورته وأهميته مثل ترامب لن يرغب في أن يصبح معروفًا بتهديداته الكاذبة. 

السبب الثالث هو ما يسميه إميل الحكيم، المحلل في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الكائن بلندن، "عيب تصميم" في سياسة "الضغط الأقصى" على إيران التي تبنتها أمريكا عندما انسحب ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة في العام الماضي. إن السياسة، التي تقوم على تعطيل اقتصاد إيران من خلال العقوبات على أمل إجبارها على التخلي عن برنامجها النووي وكبح وكلائها في المناطق الأخرى في الشرق الأوسط، "تفتقر إلى استراتيجية تصعيد." إيران، من جانبها، لديها هذه الاستراتيجية بالتأكيد، وبينما تُصعّد استفزازاتها باستمرار، تخاطر أمريكا وحلفاؤها السعوديون بالظهور عاجزين.

ويبدو أن الآمال الضعيفة في اجتماع الرئيس ترامب بالرئيس الإيراني حسن روحاني خلال الأسابيع القليلة المقبلة قد تبددت! إن فكرة أول قمة رئاسية منذ الثورة الإيرانية عام 1979 كانت بتشجيع من رئيس فرنسا، إيمانويل ماكرون، في قمة مجموعة السبع التي عُقدت في بياريتز الشهر الماضي، ورغم أن ترامب وروحاني أُعجبا بالفكرة، غير أنها كانت تلقى دائمًا معارضة من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والحرس الثوري الإيراني صاحب النفوذ. ويعتقد البعض أن الهجوم على السعودية هو محاولة من المتشددين لتبديد أي أمل في التقارب.

إن سوق النفط، التي تعطّلت بشدة بسبب الإنتاج المفقود، ربما تكون في الواقع رادعًا للعمل العسكري الأمريكي. إن جزءًا من الارتفاع المفاجئ في السعر كان نتيجة للصدمة التي حدثت في العرض. لقد خفضت إنتاج النفط السعودي بحوالي 60%، وإنتاج العالم بـ6%، وقال المسئولون السعوديون إنهم يأملون في استعادة ثلث الإنتاج بنهاية يوم الاثنين، لكن العودة لمستويات ما قبل الهجوم ستستغرق أسابيع.

وردًّا على ذلك، أذن الرئيس ترامب، يوم الأحد، بالسحب من مخزون النفط الاستراتيجي "للحفاظ على إمدادات السوق في حالة جيدة".

وقال أيضًا إن الحكومة ستعجّل بالموافقات على مشروعات النفط في تكساس والأماكن الأخرى. مع هذا، لا يأتي الضغط على السعر من الانخفاض الكبير في الإنتاج فحسب؛ بل من الخوف المتصاعد من وقوع صراع، أي من المزيد من التعطيلات الأكثر حدة في المستقبل. وفي ظل المخاوف المتزايدة من المشكلات التي تواجه الاقتصاد العالمي، لن تكون الحرب في الشرق الأوسط حلًا مُجديًا.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا