اجتماع فيينا .. أوروبا ترفض إنهاء الإتفاق النووي وتطالب بمزيد من الوقت

يوسف بنده

رؤية
 
تلقت إيران أمس الجمعة دعم القوى الخمس الكبرى الموقعة على الاتفاق النووي (روسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا) التي أكدت حق طهران في تصدير نفطها، وفي أن تستمر طرفا في التجارة الدولية، رغم التهديدات الأمريكية بإعادة فرض عقوبات.
 
وقد أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في ختام الاجتماع في فيينا -أمس الجمعة- ضم أيضا ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا، إن شركاء طهران في الاتفاق النووي أظهروا “إرادة سياسية لمقاومة” الولايات المتحدة.
 
والتقى وزراء خارجية ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا، الدول الموقعة على الاتفاق الذي يهدف إلى الحدّ من برنامج إيران النووي، نظيرهم الإيراني بعد أسابيع من انسحاب الولايات المتحدة من هذا الاتفاق الدولي.
 
وقال ظريف -في مؤتمر صحفي بثته وكالة فارس الإيرانية للأنباء عبر الفيديو- “ما لاحظته خلال هذا الاجتماع أن جميع الأعضاء، حتى الحلفاء الثلاثة (لواشنطن أي برلين وباريس ولندن) تعهدوا، ولديهم الإرادة السياسية لاتخاذ إجراءات ومقاومة الولايات المتحدة”.
 
وأضاف الوزير الإيراني “إنها المرة الأولى التي يظهرون فيها مثل هذا الالتزام على هذا المستوى، لكن علينا أن نرى لاحقا (ما إذا كان هناك اختلاف بين) ما يريدون فعلا القيام به، وما هم قادرون عليه”.
 
وأضاف “بعد التوضيحات (التي قدمت اليوم)، الطرق (من أجل تطبيق الاقتراحات التي قدمت لإيران) قابلة للتحقيق تماما، وإذا استمروا في إثبات هذه الإرادة السياسية التي أظهروها اليوم، سيتمكنون من دفع الأمور قدما من دون أي مشكلة”.
 
وأكد الأوروبيون والصين وروسيا الجمعة أنهم مع السماح لإيران بـــ”مواصلة” تصدير النفط والغاز، حتى ولو أن واشنطن تريد وقف صادرات النفط الإيراني في إطار إعادة فرض عقوبات أميركية على طهران.
 
ويشكل هذا التعهد الذي قطعه وزراء خارجية القوى الخمسة التي لا تزال طرفا في الاتفاق النووي مع إيران، جزءا من لائحة تضمّ 11 هدفا وضعت الجمعة في فيينا أثناء اجتماع مع إيران لإنقاذ الاتفاق الموقع عام 2015.
 
وكانت واشنطن طلبت إثر انسحابها في أيار/ مايو 2018 من الاتفاق، من كافة الدول الوقف التام لوارداتها من النفط الإيراني بحلول الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر إذا رغبت في تفادي العقوبات الأميركية ضد إيران.
 
من جهتها، تحاور الدول الأوروبية التي أكدت تمسكها بالاتفاق، إيران لتستمر في التزامها بالاتفاق الذي تعهدت بموجبه بعدم حيازة سلاح ذري مقابل رفع تدريجي للعقوبات الدولية التي تستهدفها.
 
وحددوا معا خارطة طريق لانقاد الاتفاق التاريخي الذي وقع في تموز/ يوليو 2015، ولمحاولة إبقاء طهران فاعلة في النظام التجاري والمالي الدولي.
 
ومن بين 11 هدفا أعلن الوزراء الجمعة عزمهم على تحقيقها، يؤكد الهدف الأول على “استمرار صادرات الغاز والنفط الإيرانيين”، في وقت طلبت فيه واشنطن من كافة الدول الوقف التام لوارداتها من النفط الإيراني بحلول 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018.
 
لكن الدول الموقعة على البيان لم تحدد الوسائل العملية لرفع هذا التحدي، في وقت بدأ شبح العقوبات الأميركية يدفع مستثمرين اجانب الى مغادرة ايران.
 
حزمة مقترحات
 
وكان مقررا ان تقدم اوروبا في هذا الاجتماع الذي جاء بطلب من ايران، رزمة مقترحات لتوفير مصالح ايران الاقتصادية والتجارية والمالية لاستمرار الاتفاق النووي من دون أميركا.
 
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قال الخميس إنه يعتبر العرض الأوروبي غير كاف.
 
وأكد المشاركون في الاجتماع أنهم يريدون، علاوة على دعم صادرات النفط الإيراني، “الحفاظ والإبقاء على قنوات مالية فاعلة مع إيران، واستمرار عمليات التبادل بحرا وبرا وجوا وعبر السكك الحديد، وتطوير تغطية الائتمان عند التصدير، ودعم واضح وفاعل للمشغلين الاقتصاديين الذين يتاجرون مع إيران (…) وتشجيع الاستثمارات الجديدة في إيران، وحماية المشغلين الاقتصاديين لجهة استثماراتهم وأنشطتهم المالية في إيران”.
 
واعتبر الوزير الإيراني انها “المرة الأولى التي يعبرون فيها عن مثل هذا الالتزام وفي هذا المستوى، لكن يجب أن نرى في المستقبل (ما إذا كان هناك فارق) بين ما يريدون فعله وما يمكنهم فعله”.
 
مزيد من الوقت
 
وتعتمد استراتيجية الاتحاد الأوروبي على ركائز هي: قروض من بنك الاستثمار الأوروبي وإجراء خاص لحماية الشركات الأوروبية من العقوبات الأمريكية واقتراح من المفوضية الأوروبية بأن تقوم حكومات الاتحاد بالتحويلات المالية مباشرة إلى البنك المركزي الإيراني لتجنب العقوبات الأمريكية.
 
وذكر مصدر في الاتحاد الأوروبي، يتوقع الإيرانيون من الآخرين أن يقولوا ما سنفعله للحفاظ على الإتفاق. وعلينا أن ننتظر لنرى ما إذا كان سيكفيهم ما سنقدمه.
 
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أنه سوف يتم التوصل إلى ردّ جماعي على العقوبات الأميركية ضد إيران والشركات المتعاملة معها بحلول شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، مشدداً: علينا إيجاد الحلول المناسبة.
 
وقال الوزير -في حديث لإذاعة Er-te-el الفرنسية- هذا الموضوع على جدول أعمالنا، والموجة الأولى من العقوبات الأميركية ستبدأ في شهر آب/ أغسطس المقبل وليس لدينا وقتاً كافياً للرد عليها.
 
ورأى أنه من الصعب وضع حزمة اقتصادية لإيران لإنقاذ الاتفاق النووي بحلول الشهر المقبل، متمنياً على إيران في نفس الوقت وقف تهديداتها بالانسحاب من الإتفاق النووي.
 
نظام المقايضة
 
وقد أبدت إيران استعدادها لاستئناف المقايضة والحصول على سلع مقابل صادراتها النفطية لتجاوز العراقيل التي تضعها عقوبات واشنطن أمام وصول طهران للنظام المالي العالمي، بحسب موقع “بلومبرج”.
 
وقال عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، أسد الله هاني: “بلادنا لا تستطيع استلام عائدات النفط بالدولار واليورو على الرغم أنها الدولة الثالثة في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) من حيث صادراتها النفطية للسوق العالمية، وذلك بسبب تعقيدات ومشاكل تفرضها العقوبات الأمريكية أمام التحويلات المصرفية.
 
وأضاف البرلماني الإيراني أن طهران ستستورد معدات طبية ومنتجات زراعية في الوقت المنظور لسد حاجات السوق المحلية شريطة توريد النفط الخام ثمنا لهذه المعدات، مشيرا إلى أن إيران استخدمت آلية المقايضة خلال العقوبات التي فرضت على البلاد من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الفترة ما بين 2012- 2016.
 
كما قررت الحكومة الإيرانية السماح للشركات الخاصة بتصدير النفط في إطار خطة استراتيجية لمواجهة العقوبات الأمريكية، فضلا عن إعلان طهران أنها ستغلق مضيق هرمز أمام الملاحة وتمنع دول الخليج المجاورة من تصدير النفط في حال ضغطت الولايات المتحدة باتجاه توقف إيران عن تصدير النفط.
 
يأس من أوروبا
 
وقد عبر الرئيس الإيراني عن يأسه من أوروبا في اتصال هاتفي مع كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي، ماكرون.
 
واعتبر المحافظون أن أوروبا تتلاعب بإيران، وتشتري الوقت ليس إلا من أجل مصالحها، فكتب صحيفة مردم سالاري الإيرانية، أن أوروبا تشتري الوقت، وتنتظر ماذا سيقرر ترامب بعد بدء العقوبات على إيران في أغسطس المقبل.
 
وتعبيرًا عن نتائج اجتماع فيينا التي لم تخرج بنتائج عملية وملموسة، قال النائب في البرلمان، “عبدالحميد خدري”، إن الاتحاد الأوروبي سرعان ما سينسحب من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) ، وقال “إننا لم نكن متفائلين بالمفاوضات مع هذه الدول منذ بدء الأمر”.
 
وأضاف، أن الولايات المتحدة الأميركية لم تكن تعمل في إطار الاتفاق النووي، منذ بداية المفاوضات، مشيراً إلى أنها بقيت تواصل انتهاك التزاماتها بشأن الاتفاق النووي، ما يدلل على عدم رغبتها في البقاء على الاتفاق منذ لحظة إبرامه.
 
واعتبر عضو البرلمان، أن بلاده لم تكن ترى الخير في إجراء مفاوضات مع الأوروبيين والولايات المتحدة الأميركية منذ انطلاقتها، وعملياً أثبتت هذه الدول، عدم رغبتها في الحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة.

ربما يعجبك أيضا