احتياطيات العالم من النقد الأجنبي تتبخر.. وكلمة السر «قوة الدولار»

ولاء عدلان
الدولار

ألمح رئيس مجلس الاحتياط الفدرالي الأمريكي إلى مزيد من رفع أسعار الفائدة حتى تصل إلى مستويات 4.6% في 2023 وسط بعدم عودة التضخم إلى مستوياته المستهدفة قبل 2025.


تدخلت البنوك المركزية بأنحاء آسيا وأمريكا اللاتينية وحتى أوروبا، خلال الفترة الأخيرة، لوقف نزيف أسعار صرف عملاتها مقابل الدولار الأمريكي.

ووسط موجة الصعود المحموم لمؤشر الدولار، وتدخل البنوك المركزية لبيع العملة الخضراء مقابل عملاتها، تراجعت الاحتياطيات العالمية من العملات الأجنبية هذا العام، بأسرع وتيرة منذ العام 2003.

احتياطيات العالم تخسر تريليون دولار

أنهت الاحتياطات العالمية من العملات الأجنبية، العام الماضي، عند مستويات نحو 13 تريليون دولار، ولكن منذ بداية هذا العام، تراجعت 7.8%، لتخسر نحو تريليون دولار، مسجلة أسرع وتيرة تراجع منذ 2003، وفق ما ذكرته “بلومبرج“.

وقال الرئيس العالمي لأبحاث التبادل التجاري لمجموعة العشرة في “ستاندرد تشارترد”، ستيفن إنجلاندر لـ”بلومبرج” إن صعود الدولار إلى أعلى مستوياته في عقدين، مقابل باقي العملات الرئيسية، مثل اليورو والين الياباني، تسبب في خفض قيمة ممتلكات الدول من هذه العملات.

وأضاف أن قوة الدولار دفعت البنوك المركزية بأنحاء العالم للتدخل مباشرة لبيعه مقابل عملاتها، للحفاظ على استقرار أسواق الصرف، ما ضغط أيضًا على احتياطيات النقد الأجنبي.

الاحتياطيات الدولية من العملات الأجنبية - صندوق النقد الدولي

الاحتياطيات الدولية من العملات الأجنبية – صندوق النقد الدولي

اليابان والصين.. نموذجًا

خسرت 36 عملة بأنحاء العالم، منذ بداية العام، 10 لـ20% من قيمتها مقابل الدولار، وخلال سبتمبر الماضي، تراجع الين الياباني مقابل الدولار إلى أدنى مستوياته في 24 عامًا، ما دفع احتياطيات اليابان من النقد الأجنبي إلى تسجيل أدنى مستوياتها، في أكثر من 5 أعوام.

ومنذ يوليو الماضي، تبخر نحو 6.4% من احتياطيات اليابان، مقابل ارتفاع الدولار 6% خلال الفترة نفسها، وفي الصين، تراجعت الاحتياطيات 2.4% لتسجل بنهاية سبتمبر أدنى مستوياتها، منذ مارس 2017، عند 3.029 تريليون دولار، مع تراجع اليوان إلى أدنى مستوياته منذ 2008.

البنوك المركزية تظهر قوتها

خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2022، ارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من 6 عملات رئيسة، 7%، وارتفع مقابل الين وحده 20%، والإسترليني 18% واليوان 7%، ودفع اليورو إلى أدنى مستوياته في أكثر من 20 عامًا، وفق رويترز.

أمام هذا، استخدمت البنوك المركزية الكبرى احتياطياتها لدعم عملاتها، والحدّ من ممارسات المضاربة في أسواق الصرف، وهجرة رؤوس الأموال الأجنبية، وتدخل “المركزي” الياباني للمرة الأولى منذ 1998، لدعم الين، وفضخ في الأسواق نحو 20 مليار دولار خلال سبتمبر.

في حين شجع “المركزي” الصيني بنوك الدولة على التدخل في سوق الصرف لشراء اليوان، وكذلك تدخل “المركزي” الهندي لدعم الروبية، التي فقدت نحو 9% من قيمتها هذا العام، وفق ما ذكرته صحيفة “فايننشال تايمز”.

لماذا يرتفع الدولار؟

قاد البنك المركزي الأمريكي، منذ مارس، موجة من التشديد النقدي، لكبح معدلات التضخم القياسية، وفي سبتمبر الماضي، رفع أسعار الفائدة 75 نقطة أساس للمرة الثالثة هذا العام، ما عزز قوة الدولار، الذي يهيمن على 59.5% من الاحتياطيات الأجنبية عالميًّا.

وبحسب تحليل سابق للبنك الدولي، تتزايد قوة الطلب على الدولار عالميًّا بفعل عدة عوامل، إضافة إلى رفع الفائدة، أبرزها تصاعد مخاطر الركود الاقتصادي عالميًّا، وتقلبات الأسواق، على وقع الحرب الروسية الأوكرانية، ما عزز الإقبال على حيازة الأصول المقومة بالدولار.

Untitledسصسسش

صعود مؤشر الدولار – البنك الدولي

أوقات عصيبة

ألمح رئيس مجلس الاحتياط الفدرالي الأمريكي، جيروم باول، خلال سبتمبر الماضي، إلى مزيد من رفع أسعار الفائدة، حتى تصل إلى مستويات 4.4% بنهاية 2022، و4.6% في 2023، وسط توقعات “الفدرالي” عدم عودة التضخم إلى مستوياته المستهدفة عند 2%، قبل 2025.

وقال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة “ميرك” للاستثمارات، أكسل ميرك، لـ”بلومبرج”، هذا الشهر، وفي “بودكاست” سابق، إن تراجع الاحتياطيات النقد الأجنبي الدولية “مجرد جرس إنذار” لمزيد من الألم والعلامات التحذيرية المتصاعدة، بفعل موجة التشديد النقدي.

Untitledشش

حصة الدولار من الاحتياطيات الدولية – صندوق النقد

ربما يعجبك أيضا