اكتئاب ما بعد المونديال.. طبيب نفسي يفسر لـ«رؤية» السر خلف ما يشعر به المشجعون

نادية عبد الباري

قد تتملك البعض منا مشاعر سلبية بعد انتهاء مباريات كأس العالم.. ما سببها وأعراضها وطرق العلاج؟


سيطرت أخبار وفعاليات كأس العالم لكرة القدم 2022 بقطر على يوميات ملايين الناس بأنحاء العالم على مدار شهر تقريبًا.

لكن مع انطلاق صافرة نهاية المبارة النهائية للبطولة قبل أيام قليل، يحذر خبراء في الطب النفسي من انتشار أعراض الاكتئاب بين بعض الجماهير، في ظل الفراغ الذي تركه انتهاء البطولة على تفاصيل حياتهم.

اكتئاب ما بعد المونديال

منذ إعلان قرعة دور المجموعات للمنتخابات المتأهلة لنهائيات كأس العالم، أصبحت البطولة الشغل الشاغل للكثيرين من جماهير كرة القدم بأنحاء العالم، الذي ينتظرونه بفارغ الصبر كل 4 أعوام، وتابع الملايين كل تفصيلة حوله من إعداد قوائم اللاعبين للمنتخبات المشاركة، والاستعدادات التنظيمية والفنية.

ومع انطلاق منافسات البطولة تضاعفت حدة المتابعة، وكان كأس العالم في قطر، التي اختتمت فعالياته يوم الأحد الماضي 18 ديسمبر 2022، الأكثر متابعة في التاريخ، حسب إحصائيات أعلنها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

7C91BA7F 7B82 43DC BB05 FA14A3785632

تحذيرات من استمرار أعراض كآبة المونديال

دعا استشاري الصحة النفسية، الدكتور نبيل القط، في حديث لشبكة رؤية الإخبارية، متابعي المونديال إلى توخي الحذر خلال الأسبوع الأول من انتهاء البطولة، كونهم معرضين لإصابة بالاكتئاب والتكاسل، وقد يشعرون بالفراغ في جزء كبير من تفاصيل يومهم، بعد أن انتهت ساعات مشاهدة المباريات والتحليل ومتابعة احتفالات اللاعبين في غرف الملابس.

2FA7EDCE DC4B 4A99 BDCE B631F694719E

التجمع حول مشاهدة المباريات

وأشار القط إلى أن القوة الأكبر في حياة الإنسان هي الروتين، وسجل ذلك سيجموند فرويد في كتابه “The power of routine”، موضحًا أن المونديال خلق لدى المتابعين نمط حياة شبه يومي وحماسي، ورغم تجدده بمباريات جديدة لمنتخبات مختلفة، فإنه يتفق في وحدة موضوع وهي الوصول لفائز واحد يحمل الكأس.

مزايا البطولات الكبرى المجمعة

الطبيب النفسي، جمال فرويز، أوضح أن المونديال، وما يشبهه من البطولات المجمعة الكبرى، يتميز بعدة جوانب، تشمل الشعور بالتشويق والتنافس، فضلًا عن كسر الرتابة وتفريغ الشحنات العاطفية، في سياق صراع كروي يقوم على الإمتاع والإبداع، ما يحسّن الصحة النفسية والجسدية لدى المتابعين .

ودلل فيروز على طرحه بحالة الفرحة العارمة، منذ إعلان رئيس “فيفا” دراسة فكرة إقامة البطولة كل عامين، علاوة على استمرار مشاهدات المباريات المهمة، حتى بعد انتهاء البطولة، وتحديد الفائز وترتيب المتأهلين للمربع الذهبي.

3C2323F0 4A58 42B1 8E85 51852BF2694A

كيف يمكن مواجهة اكتئاب ما بعد المونديال؟

شدد الصبيب النفسي المصري على أن سيطرة المشاعر السلبية على بعض جماهير الكرة، خلال الأيام التالية لانتهاء البطولة أمر طبيعي، لكن عليهم مكافحة تلك المشاعر والسيطرة عليها، كي لا تستمر طويلا.

ومن أجل التعافي من هذه الحالة، نصح فيروز الجماهير بالتوازن في أنشطة اليوم، ومحاولة العودة إلى عداتهم اليومية السابقة للمونديال، خصوصًا تلك الفئة من الجماهير التي سافرت خلف المنتخبات إلى ملاعب المونديال، فهم مطالبون الآن بالعودة لوظائفهم ودراستهم وغيرها من المسؤوليات.

أعراض اكتئاب المونديال

يذكر الدكتور نبيل القط أن المتابع لكأس العالم يشعر حاليًا بالشطط والتذمر بعد انتهاء البطولة، لكن عليه سريعًا البحث عن هواية جديدة وأنشطة متنوعة مفيدة، تعيده إلى نمط حياته السابق، بدلًا من الانجرار في شعور الاغتراب والضجر، موضحًا أن اكتئاب ما بعد المونديال ليس حديث العهد، فهو عرض نفسي شائع لدى كثيرين من عشاق كرة القدم.

545605A6 8AD9 4575 B009 608F04285F5A

وعن أسباب ظهور اكتئاب ما بعد المونديال، يوضح القط أنه يرتبط بطبيعة بشرية أصيلة، وهو الحاجة للتنافس والنزاع، وأحيانًا الصراع مع الأخر، خاصة إن تطور الصراع بين الدول، فجأة تتحول الملاعب لميادين حرب، يجب أن يخرج فيها فريق منتصر، لافتًا إلى أن ما يعزز ذلك الشعور طقوس بداية المباريات من عزف الأناشيد الوطنية، ورفع أعلام وشعارات البلدان.

المونديال يحرك غرائز بشرية

أشار القط إلى أنه من غير مستغرب أن تصاحب المباريات أحاديث وحسابات سياسية، تخرج عن السياق الرياضي، فمعظم الدول يجمعها قواسم مشتركة، إما تعاونية أو تنافسية،، وهنا يكون الملعب ساحة لتصفية حسابات سابقة، ويعيش المنتصر نشوة الإنجاز ومتعة التفوق، ليتمكن من التنفيس عن مشاعره المكبوتة.

5A1AB95B 1EA8 4812 9757 1B8F1F197F8D

أضاف أن الإنسان يحتاج من حين لآخر إلى التماهي مع المنتصر، فيشعر أنه هو من حقق الإنجاز بتسجيل الهدف أو حمل الكأس، ما يحدث كثيرًا بين المشجعين، فمنهم من تتملكه حالة هستيريا سواء بالفرح أو الحزن المفرط.

وأشار إلى سبب آخر لاكتئاب ما بعد المونديال، وهو رتابة الحياة اليومية وروتينها الممل غالبًا، فالعقل بطبيعته يحتاج من حين لآخر إلى التنشيط وتحفيز، توفره التنافسية في كرة القدم، بما فيها من ترقب وإثارة ينسي العقل انشغالاته اليومية والهموم الحياتية، وتنعشه بما تحدثه من انفعالات وتحفيز إفراز هرمونات منشطة قريبة من تأثير فرمونات السعادة.

ربما يعجبك أيضا