الأردن.. كورونا تدفع آلاف الأطفال إلى سوق العمل

هدى اسماعيل

رؤية

عمان – شعر عمر ذو الـ14 عاماً والذي عطلت جائحة فيروس كورونا المستجد حلمه بأن يصبح طياراً، بحسرة كلما مرّ صباحاً أمام مدرسته المغلقة في إحدى المناطق الشعبية في العاصمة الأردنية عمان، وهو في طريقه إلى عمله في محل لإصلاح المدافئ.

وأدى توقف التدريس في المدارس منذ منتصف مارس 2020، إلى التحاق آلاف الأطفال بسوق العمل، خصوصاً مع فقدان كثير من الأسر مصادر دخلها المعتادة، بسبب تداعيات تدابير الإغلاق على الوضع الاقتصادي.

وانضم هؤلاء الأطفال إلى نحو 76 ألف طفل عامل في الأردن، وفقاً لأرقام رسمية نشرت عام 2016، رغم أن القوانين تحظر عمل الأطفال تحت سن 16 عاماً.

ويعمل عمر في محل لإصلاح مدافئ الكاز والغاز في منطقة الأشرفية الشعبية في عمان الشرقية، منذ نحو أربعة أشهر، قرابة 12 ساعة يومياً، خصوصاً في ظل عدم فتح المدارس، حسبما ذكرت «الأنباء الفرنسية».

ويقول الفتى الذي اتسخت ملابسه ويداه بالسواد مبتسماً: “آمل أن تنتهي هذه الجائحة لأعود لإكمال دراستي وتحقيق حلمي كي أصبح طياراً أجوب العالم”.

لكن على التلميذ في الصف السابع الانتظار. إذ قررت الحكومة إعادة فتح دور الحضانة والمدارس للصفوف الثلاثة الأولى والثانوية العامة، في السابع من الشهر المقبل، ولباقي الطلاب في الشهر الذي يليه.

ويقول عمر بفخر: “أنا أعمل لأساعد أهلي في مصروف البيت”.

ولا تزال مدافئ الكاز والغاز وسيلة تدفئة قليلة الكلفة وواسعة الانتشار في الأردن، وسط غلاء تكاليف المعيشة.

ويشكو عمر اتساخ ملابسه الدائم، وتطاير رائحة الكاز منها، قائلاً: “عند عودتي إلى المنزل أغتسل وأستحم، لكن رغم ذلك تبقى رائحة الكاز تفوح من يديّ”.

ويشير الطفل البشوش إلى أنه بالكاد يجد وقتاً في المساء ليجلس مع شقيقته الصغيرة ووالديه، إذ ينام باكراً ليصحو باكراً.

ويحصل عمر على ثلاثة دنانير يومياً تساعد أسرته في إيجار البيت البالغ 130 ديناراً (نحو 183 دولاراً)، خصوصاً أن والده عامل مياوم، لم يعد يجد فرص عمل مثل عشرات الآلاف غيره منذ تفشي فيروس كورونا المستجد.

وارتفع عدد الأطفال العاملين في الأردن من نحو 33 ألفاً عام 2007 إلى قرابة 76 ألفاً عام 2016، ويعمل نحو 45 ألفاً منهم في أعمال تصنف خطرة، وفقاً لأرقام رسمية.

وتقول ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في الأردن، تانيا شابويزات، لوكالة “فرانس برس”: “ليست لدينا أرقام جديدة محددة، لكننا نعلم أن الأرقام تضاعفت بين عامي 2007 و2016، ونعتقد أنه مع الجائحة ستكون الأرقام أسوأ”.

وتضيف: “نشعر بالقلق من أن الأرقام في ارتفاع.. من المنطقي أن ترتفع لأننا نعلم أن معدلات الفقر في ارتفاع”.

وبلغ معدل الفقر، وفق الأرقام الرسمية في الأردن في خريف 2020، نحو 15.7%، بينما توقع البنك الدولي زيادة معدلات الفقر في المدى القصير 11%.

وارتفع معدل البطالة في المملكة عام 2020، ليصل إلى نحو 23%، في بلد تجاوز دينه العام 102% من الناتج الداخلي.

ويقول مدير “المرصد العمالي الأردني” (غير حكومي) أحمد عوض، إن “العاملين الأساسيين المؤثرين في زيادة أو نقصان عمل الأطفال، هما مستوى الفقر وفاعلية نظام التعليم في المرحلة الأساسية، والمساران تأثرا سلباً” خلال الجائحة.

ويوضح أن “معدلات الفقر زادت بشكل ملموس مع انخفاض مستويات الأجور نتيجة اختلال العرض والطلب والإغلاقات والإجراءات الحكومية، وهناك من سرح من عمله. والجانب الثاني الأساسي هو التعليم وكما تعلم في الفصلين الدراسيين، لم يكن هناك تعليم وجاهي”.

وترى منسقة منظمة العمل في الأردن، فريدة خان، أن وضع عمالة الأطفال في المملكة “مقلق”، خصوصاً مع عدم كفاءة نظام التعليم الإلكتروني.

وتضيف: “معظم العائلات لديها مستوى بسيط من التعليم، ولا تتمكن من مساعدة أطفالها في التعلم عن بُعد”، فضلاً عن تشتت ذهن الأطفال في المنزل.

وتشير إلى أن “الأهالي الذين يفقدون دخلهم  يواجهون خيارات صعبة، فيدفعون أبناءهم إلى سوق العمل لتعويض الدخل المفقود، خصوصاً مع استمرار إغلاق المدارس”.

وتقول: “نعلم أن واحداً من كل أربعة أطفال لا يدخل إلى منصات التعلم عن بُعد، وفقط 31% من مجموع الأطفال لديهم إنترنت”.

وتضيف: “قد يكون نظام التعلم عن بُعد فعالاً لبعض الأردنيين، ولكن يهمنا من هم الأكثر ضعفاً. وبالنسبة إلى هؤلاء القضية معقدة للغاية”.

وتسعى “منظمة العمل الدولية” لجعل عام 2021 عام القضاء على عمالة الأطفال.

ربما يعجبك أيضا