الأشرار في منازلهم.. انخفاض معدل الجريمة بعد تفشي كورونا

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

“يبدو أن الأشرار في منازلهم”، فمع تفشي فيروس كورونا في العالم وتسجيل أعداد متزايدة من الإصابات والوفيات، إلا أن إحدى الإيجابيات التي ظهرت بعد انتشار هذا الوباء في مختلف أنحاء العالم هو انخفاض معدل الجريمة حول العالم بشكل ملحوظ ، ولكن ظهر نوع آخر من الجريمة لا يحتاج إلى مغادرة المنزل.

أشرار نيويورك

بحسب الإحصاءات السنوية، تكون فترة الربيع بداية الارتفاع السنوي في الحوادث الجنائية، إذ إن الطقس الدافئ، بعد شتاء المدينة القاسي، يحفز الأشخاص على الخروج والاحتفال، مما يخلق فرصا أكثر للمحتالين والمجرمين.

خلال فترة “البقاء في المنازل” الذي أصدره حاكم نيويورك أندرو كومو، تراجعت معدلات جرائم السطو والاعتداء والسرقة بنسب كبيرة، إذ سجلت مدينة نيويورك الأسبوع الماضي جريمة قتل واحدة، مقارنة بثمانية جرائم قتل في الأسبوع الذي سبقه ، وانخفضت عمليات السطو والاعتداءات بنسبة 18% في نفس الفترة.

ومع أن المختصين يقولون إن الحكم على تراجع معدلات الجريمة خلال فترة زمنية قصيرة مثل أسبوع واحد هو أمر “مضلل”، لكن يبدو أن التأثير المباشر للفيروس يؤدي إلى انخفاض حاد في الجريمة، ليس فقط في نيويورك ولكن أيضا في عموم الولايات المتحدة.

وقالت شركة” Flock Safety، التي تبيع تكنولوجيا قارئ لوحات تسجيل السيارات، إن البيانات المأخوذة من كاميراتها في فلوريدا وكاليفورنيا وتكساس تُظهر انخفاضًا كبيرًا في أعداد السيارات المسروقة وحركة السيارات التي تنتمي لأشخاص لديهم تاريخ جنائي.

بسبب الحظر

وفقا لصحيفة جارديان البريطانية، فقد انخفض معدل الجريمة حول العالم، خاصة جرائم السرقة، السطو المسلح، وجرائم العنف، حيث سجلت انخفاضا مقارنة بالأسبوع الماضي، بعد طلب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بضرورة البقاء في المنزل.

وقال أفضل محققي تقصي الجرائم في المملكة المتحدة: إن معدل الجريمة شهد انخفاضا بمعدل 20% حيث سجل الضباط جرائم بمتوسط 130 جريمة في اليوم مقابل 165 جريمة في الأسبوع السابق، وقال ستيفن وايت، القائم بأعمال الشرطة ومفوض الجريمة في دورهام، أن معظم الجرائم تكون سطو على المتاجر لسرقة مال لشراء المخدرات، وهذا لم يتحقق هذا الأاسبوع لأن المتاجر مغلقة بموجب قرار الحظر.

وعلى الرغم من عدم تأكيد المعدل نفسه في كل أنحاء البلاد إلا أن مستويات الجريمة انخفضت باختلاف النسب في كل أنحاء البلاد، وهذا ما لاحظته الشرطة البريطانية بعدما قلت أعداد مكالمات الاستغاثة الواردة.

يقول رئيس الشرطة، “أندي كوك”: “إن إغلاق الحانات والملاهي الليلية يساهم أيضا في قلة معدل الجريمة، لأن الكثير من الجرائم كان يتم تسجيلها نتيجة معارك تنشب في الحانات”.

تقول الشرطة الإسبانية إنه كان هناك انخفاض بنسبة 50% تقريبا في الجرائم الجنائية مقارنة بالعام السابق، منذ أن وضعت البلاد في حالة إغلاق شبه تام في 14 مارس.

وأشار نائب مدير قوة الشرطة الاسبانية المدنية في غوارديا لورينتينو سينا إلى أنه “لا شك في أن الحجر المنزلي يجعل تنفيذ الجريمة أكثر صعوبة”.

كما أعلنت السويد -حيث طلب من الناس العمل من المنزل- أنها شهدت تراجعا في عمليات السطو.

وانخفضت مبيعات المخدرات في الشوارع بشكل كبير في العديد من البلدان منذ تفشي المرض إذ أغلقت السلطات الحدود وقيدت حركة السكان.

الشرطة الأوروبية تحذر

رغم حالة الطوارئ العالمية بسبب جائحة كورونا، إلّا أن الكثير من المجرمين والعصابات المنظمة استغلوا الوضع لأجل تكييف أساليبهم بسرعة، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الجريمة بسرعة خلال الأيام الماضية، وفقًا لهيئة الشرطة الأوروبية (يوروبول).

حذرت” اليوروبول” وهو الاسم المختصر للشرطة الأوروبية -في تقرير نُشر منذ يومين- من أن المحققين اكتشفوا تزايد حالات جرائم الإنترنت والاحتيال والسرقة والتزوير، ومن أكبر الجرائم المسجلة، بيع مواد الحماية المزيفة بما في ذلك الأقنعة والمواد المطهرة والأدوية، تحت ذريعة أنها تساهم في الحماية من الفيروس.

وضبطت السلطات الأمنية على مستوى العالم نحو 34 ألف قناع مزيف للعمليات الجراحية، وكذلك أدوية مزيفة مضادة للفيروسات وللملاريا، فضلاً عن فيتامينات مزيفة، وتأتي هذه العمليات في فترة انتشر فيها فيروس كورونا عبر العالم وتسبب في إصابة نصف مليون إنسان.

تقول مديرة “اليوروبول” “كاثرين دي بول”: “إن مثل هذه الأنشطة الإجرامية خلال أزمة صحية تهدد بشكل خاص ويمكن أن تعرض حياة البشر للخطر”، وقد ذكر التقرير أن “المحتالين قاموا بتكييف الأنماط سيئة السمعة بسرعة واستغلوا مخاوف الضحايا خلال الأزمة”.

وحذرت المنظمة أيضا من مجرمي الإنترنت، خاصة وأن العديد من الأشخاص ليست لديهم معرفة قوية بالاتصال الآمن عبر الإنترنت، وتتوقع هيئة الشرطة الأوروبية حدوث زيادة سريعة في حالات الاحتيال.

الجرائم الإلكترونية

مع انخفاض جرائم الشوارع ارتفعت نسبة جرائم أخرى يقول وزير الداخلية النمسوي “كارل نيهامر”: “هذا الأسبوع نحن نشهد انخفاضا في عمليات السطو والسرقة، لكن في الوقت نفسه هناك ازدياد في نسبة الجرائم الإلكترونية”.

وقالت وكالات شرطة وقوات أمنية عدة: إن عمليات الاحتيال عبر الإنترنت تزداد على نطاق واسع في أنحاء أوروبا.

وقد حذرت منظمة الصحة العالمية من زيادة حادة في عمليات الاحتيال باستخدام اسمها عبر البريد الإلكتروني ولمحاولة لسرقة المال والمعلومات الحساسة من المستخدمين.

وفي ألمانيا، “يستغل مجرمو الإنترنت مخاوف الناس بشأن كوفيد-19 لإرسال رسائل إلكترونية فيها محتوى خبيث أو يستخدمون هذا الخوف بنية احتيالية”.

ربما يعجبك أيضا