الاستخبارات الألمانية: جيل جديد من الإرهابيين داخل مخيم الهول

جاسم محمد

رؤية – جاسم محمد

تشهد ألمانيا إلى جانب عواصم أوروبية، جدلًا داخليًا، لم يحسم بعد حول عودة عناصر تنظيم داعش والجماعات المتطرفة إلى ألمانيا وأوروبا، رغم أن المحاكم الدستورية والإدارية تلزم الحكومة الألمانية بعودتهم.

الحكومة الألمانية ما زالت تعتبر عودة المقاتلين الأجانب حتى الأطفال والقاصرين بأنهم جيل جديد من الإرهابيين والمتطرفين في ألمانيا، وهذا ممكن أن يكون ملخصًا إلى الموقف الألماني باستعادة “جهادييها” من مخيم الهول في سوريا.

عدد “الجهاديين” الألمان في سوريا

كشفت التقارير من قوات سوريا الديمقراطية من داخل مخيم الهول بوجود 12 ألف عنصر من تنظيم داعش في سجونها. وتقدر الحكومة الألمانية، أن عدد عناصر داعش في مخيم الهول لوحده: 50 امرأة و60 طفلًا و30 رجلًا. يذكر أن عدد “الجهاديين” الألمان الذين سافروا إلى سوريا منذ عام 2011 يقدر بـ1050 شخصًا، قتل منهم 10% وعاد منهم 30% أي ما يقدر بــ300 شخص تقريبًا.

وللمرة الأولى تسلمت ألمانيا في أغسطس 2019 من الإدارة الذاتية الكردية أربعة أطفال “أيتام” قتل اباؤهم في سوريا، وكذلك وصلت امرأة مع أطفالها الثلاثة يوم 05 أبريل 2019 مطار شتوتغارت الألماني حيث تم اعتقال الأم فورا، فيما تم تسليم الأطفال لأقاربها. وتشترط ألمانيا عودة “جهاديي” داعش الألمان وفق شروط مشددة جدا، أبرزها تحديد هوية الأشخاص بشكل دقيق ومؤكد، ويجب ألا يمثلوا مستقبلًا أي خطر على أمن ألمانيا، الشرط الأخير يمكن اعتباره فضفاض، ضمن مواقف ألمانيا السياسية في استعادة المقاتلين الأجانب.

الوضع القانوني إلى “الجهاديين” الألمان

تعمل الحكومة الألمانية من خلال مكتب المدعي العام، في محكمة، “كارلسروه” الألمانية المختصة في قضايا الإرهاب، بإرسال فريق عمل، يتحقق من وجود عناصر تنظيم داعش وأماكن تواجدهم، ضمن مهمة سرية، كون ألمانيا لا يوجد لها سفارة أو قنصلية في سوريا. وتقول قوانين واجراءات وزارة الداخلية الألمانية: “إن جميع المواطنين الألمان لهم الحق في العودة (إلى ألمانيا) من الناحية المبدئية بمن فيهم أولئك المشتبه في قتالهم ضمن تنظيم داعش”.

ما تعمل عليه ألمانيا في الوقت الحاضر؟ العمل على جمع الأدلة والشواهد إلى عناصر داعش الموجودين في سوريا والعراق، من أجل إخضاعهم إلى المحاكم حال عودتهم، وبدون حصول ألمانيا على تلك “المعلومات القضائية” هي لا تتمكن من استعادتهم حسب قول الحكومة الألمانية.

ما تريده ألمانيا، هو عدم ترك عناصر داعش طلقاء في ألمانيا، بعد عودتهم، وفق القانون الألماني، لا يحق للحكومة الألمانية معاقبة أو محاكمة من سافر إلى سوريا وحتى بعد التحاقه بتنظيم داعش، إلا أولئك الذين تورطوا في عمليات قتل وتعذيب وجرائم، وهذا يعني أن ألمانيا تبحث عن شواهد جنائية. المعلومات القضائية، تحتاجها ايضا الحكومة الألمانية، منها تأكيد الجنسية والتحقق من النسب، وفحوصات الــ “دي إن إيه” وغيرها من الفحوصات والتحقيقات.

وقالت  كلوديا دانتشكي، مديرة الاستشارات في مركز “حياة دويتشلاند”، وهو مركز رعاية العائلات أنه “الآن لدينا حكم من محكمة ألمانية مفاده أن جمهورية ألمانيا الاتحادية ليست ملزمة باسترداد الأطفال فحسب بل أمهاتهم أيضا”. ورغم قرار إعادتهم تخشى السلطات الألمانية من أن يُشكل العائدون خطرا على أمن البلاد.

تقييم المخاطر

 – عمليات منظمة لتهريب نساء داعش من داخل مخيم الهول

تجري من داخل مخيم الهول عمليات تهريب ممنهجة، تقوم بها تركيا وتنظيم داعش، عبر شبكة تهريب ودفع أموال تصل إلى أكثر من خمسة آلاف دولار للشخص الواحد، من أجل إعادة تهريب النساء من جديد وبشكل غير رسمي إلى ألمانيا وعواصم أوروبية. ما تقوم به تركيا من داخل أراضيها والأراضي التي تسيطر عليها في سوريا، هو مخالف لقرارات مجلس الأمن الخاص بنقل المقاتلين الأجانب وكذلك بحركة الأموال.

– إعادة تنظيم “الخلافة” من داخل مخيم الهول

إن ما يحدث الآن في مخيم الهول هو إعادة تنظيم “الخلافة” من جديد في مخيم الهول وتحت أعين التحالف الدولي والعالم، ما تقوم به النسوة من أنشطة، هي ذات أنشطتهن في “الحسبة” في جهاز شرطة تنظيم داعش ما قبل استعادة مدينة الموصل العراقية والرقة السورية من سيطرة داعش.

وما يدعم تلك الأنشطة المتطرفة، استلامهن أموال، وحوالات شهريا وبمعدل 500 دولار شهريا، يستخدم في عمليات التهريب وعمليات إرهابية. فما زالت نسوة داعش يرفعن شعارات التنظيم ويفرضن تعاليمه على باقي نساء المخيم.

– تصاعد المخاطر مع “خلق” جيل جديد من أطفال داعش داخل المخيم

 من خلال مناهج “مدارس داعش” ذاتها في مخيم الهول، من اجل إعداد جيل إرهابي للمستقبل من قبل نساء داعش. وهذا يعني أن ما يجري الآن في مخيم الهول، هو النزوح أكثر نحو التطرف. وفي تحقيقات أعدتها بعض القنوات التلفزيونية من داخل مخيم الهول خلال هذا العام، كان أطفال داعش يتوعدون بالانتقام والثأر. مقاتلو داعش يشعرون أن التنظيم “خذلهم” والآن يشعرون بالخذلان والإحباط بعدم وجود رعاية أو استعادتهم من أوطانهم، وهذا يعني النزوح نحو التطرف العنيف لا محال.

المعالجات

أن “أطفال “الجهاديين” لا يتحملون مسؤولية أفعال آبائهم وأمهاتهم. والواجب يقضي بحمايتهم برسم سياسة اجتماعية تضمن لهم الرعاية والاندماج، فقد يكونون عرضة لاضطرابات نفسية بسبب ما عاشوه في مناطق الحروب”. ما ينبغي أن تقوم به دول أوروبا ودول العالم هو استرجاع مقاتليها، غير ذلك خلال هذه المرحلة يتوجب على التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش تحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية، بإدارة شؤون عناصر داعش في مخيمات قسد السورية؛ لأن إبقاء الحال، يعني خلق أجيال من الإرهابيين والتطرف.

ربما يعجبك أيضا