“الاستخبارات الألمانية”.. حزب البديل يقف ضد الدول ويهدد النظام الديمقراطي

جاسم محمد

رؤية – جاسم محمد

اليمين المتطرف، يضرب المؤسسات الحكومية الألمانية، خاصة مؤسسات الأمن والدفاع، وهذا ما يجعل المواطن الألماني يشعر بالقلق ويفقد الثقة بأجهزة الأمن ربما أكثر من غيرها. ما كشفت عنه الاستخبارات الألمانية، ربما لا يكشف حقيقة حجم اليمين المتطرف “النازية” وتهديداته إلى النظام الديمقراطي والنظام السياسي.

قال “توماس هالدنفانغ” رئيس الهيئة الاتحادية لحماية الدستور ـ الاستخبارات الداخلية بألمانيا، لصحيفة “تاغسشبيغل” الألمانية في عددها الصادر يوم 11 أكتوبر 2020 لا، إنّ “الهيئة الاتحادية لحماية الدستور تدرك أن كثيرا من أنصار ‘الجناح’ اليميني المتطرف يعملون لأجل تحقيق مزيد من التأثير في الحزب، على الرغم من أن ‘الجناح’ أعلن حلّه ذاتيا”. وحذر المسؤول من أن يصل أنصار “الجناح” اليميني المتطرف في الانتخابات الداخلية بحزب البديل إلى مناصب مهمة.

كتلة الجناح داخل حزب البديل

تعد كتلة “الجناح” ذات توجه متشدد داخل حزب البديل من أجل ألمانيا، “الجناح” المتطرف في حزب البديل ناشط بشكل خاص في المناطق التي تعاني في الغالب تخلفا اقتصاديا وحيث تعيش قليل من الأجانب الذين نظروا أحيانا إلى وصول لاجئين ومهاجرين باعتباره تهديدا. واستطاعت كتلة “الجناح” داخل الحزب في السيطرة على قرارات الحزب ويتزعمه “بيورن هوكه”.

كشف استطلاع “زونتاغس ترند” الذي يجريه معهد “قنطار” لصالح صحفية “بيلد أم زونتاغ” الألمانية الأسبوعية ونشرته في عددها الصادر يوم 4 أكتوبر 2020، إلى أن تأييد المواطنين لـ”حزب البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي تراجع كثيرًا في شرق البلاد. وكان الحزب الشعبوي المعارض قد بلغ 24 بالمئة في الأسبوع الأربعين من عام 2019، وسبق بذلك الحزب المسيحي الديمقراطي الشريك بالائتلاف الحاكم والذي تنتمي إليه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بنقطة مئوية، ولكنه حصل الآن على 18 بالمئة فقط، ليتراجع من المرتبة الأولى إلى المرتبة الثالثة في غضون عام واحد.

أعلن متحدث باسم حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي يوم 28 سبتمبر 2020 فصل القيادي السابق كريستيان لوت بدون سابق إنذار. وأضاف أن القرار تمت الموافقة عليه بالإجماع في الرئاسة التنفيذية للحزب.

وجه وزير الداخلية الألماني انتقادات حادة لحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي، معتبرًا أن الحزب يقف ضد الدولة، إلا أنه أشار في الوقت نفسه إلى عدم وجود ما يدعو لمراقبة الحزب من قبل هيئة حماية الدستور. قال وزير الداخلية الاتحادي في ألمانيا هورست زيهوفر في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د ب ا) عن حزب البديل من أجل ألمانيا: “إنهم يقفون ضد هذه الدولة، رغم أنهم يرددون ألف مرة أنهم ديمقراطيون”.

حظر مجموعة “الجناح”

وضعت الاستخبارات الداخلية الألمانية، يوم 12 مارس 2020 مجموعة “الجناح” التي أسسها ساسة يمنيون قوميون من حزب البديل من أجل ألمانيا، تحت المراقبة. وأن الاستخبارات الألمانية الداخلية تأكد لديها اشتباه في أن تكوين المجموعة ينطوي على تطلعات يمينية متطرفة.

ظهرت الأهمية التي يعطيها وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر للخطر الذي يشكله اليمين المتطرف في عدد الدقائق التي خصصها لهذا الملف أثناء تقديمه يوم 09 يوليو 2020 لتقرير هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) لعام 2019. الوزير استعرض الجرائم والتهديدات اليمينية. وحذر الوزير الألماني من جماعات متطرفة بعينها مثل أعضاء حركة “مواطني الرايخ”، الذين غذوا كل الأجنحة المتطرفة بأيديولوجياتهم الفجة وكرسوا بقوة في الأشهر الأخيرة نهجهم الرافض للأسس التي يقوم عليها نظام الدولة: “إنهم يستخدمون الجائحة وإجراءات الدولة المرتبطة بها من أجل نشر قصص مؤامراتهم”.

وضمن جهود الاستخبارات الألمانية الداخلية بتقليص نفوذ اليمين المتطرف، فرض وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر حظرا على المجموعة اليمينية المتطرفة المعروفة باسم “نسر الشمال”. هذه المجموعة تمجد الزعيم النازي أدولف هتلر وتهدف إلى تقوية القومية (النازية) من جديد. تلك الحركة، التي حظرها وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر في 23 يونيو 2020 تتبنى مواقف معادية للسامية ومواقف عنصرية وتتشبث بنظريات المؤامرة. وتسعى الحركة للاستقلال عن أي بنية حكومية، ولذلك كانت تخطط على ما يبدو لاقتناء عقارات، لاسيما في شرق ألمانيا، من أجل إقامة مراكز تدريب هناك.

تقييم إلى مخاطر اليمين المتطرف في ألمانيا

أدركت الحكومة الألمانية مخاطر اليمين المتطرف خلال السنتين الأخيرتين، واتخذت بالفعل جملة إجراءات وقرارات ضد التيارات اليمينية، رغم تحديات وصعوبات القضاء والمحكمة الدستورية. ويعتبر وضع كتلة الجناح داخل الحزب البديل، واحدة من أهم الخطوات التي اتخذتها الداخلية الألمانية. لكن رغم ذلك فإن حزب البديل ينتهج سياسات، لا تتعارض مع القوانين الألمانية، بل هو يلتزم بالقانون والالتفاف عليه بدون أن يعطي ثغرة قانونية، تعمل على حظر الحزب. السياسات الذكية إلى حزب البديل، عملت على التخلي من قياداته المتطرفة حدا، أو المتورطة بتعليقات أو اعمال مع اليمين المتطرف والتيارات الشعبوية، من أجل البقاء.

وكانت تحذيرات وزير الداخلية الألمانية “زيهوفر” واضحة بأن خطر اليمين المتطرف يكمن، بالوصول إلى مناصب الدولة، أي استغلال اليمين المتطرف، حزب البديل من أجل ألمانيا، من خلال الوصول إلى البلديات وإلى الحكومة، وبالتالي، يكون قد استولى على السلطة “بالتعكز” على القانون والدستور الألماني، وهذا ما بات غير مستبعدا في حالة استمرار “المد اليميني” السياسي داخل البرلمان والحكومة، ناهيك عن المد المجتمعي في ألمانيا.

اليمين المتطرف يبدو أنه أخذ يعتمد “تكتيك” جديد وهو تشكيل مجموعات يمينية نازية صغيرة، أكثر ما يكون تنظيم واسع، وهذه المجاميع الصغيرة، تتخذ أسماء “نازية” من شأنها أن تعمل على تشتيت جهود الاستخبارات الألمانية في المتابعة، وتثير الكثير من القلق بين الطبقة السياسية والمجتمع الألماني، وتعطي انطباع أن اليمين المتطرف يتزايد في ألمانيا.

الحكومة الألمانية تعمل بالاتجاه الصحيح وتتخذ الإجراءات المطلوبة في مواجهة اليمين المتطرف، لكنها ربما تحتاج إلى صلاحيات أوسع، بالحد من أنشطة حزب البديل أو نشاط سياسي إلى الجماعات اليمينية بالتوازي مع الحد من أنشطة اليمين المتطرف مجتمعيا.

ربما يعجبك أيضا