الاقتصاد الإماراتية: مخالفات متطلبات مواجهة غسل الأموال تصل إلى مليون درهم

شيرين صبحي
وزارة الاقتصاد الإماراتية

رؤية

أبوظبي- نظمت وزارة الاقتصاد الإماراتية، إحاطة إعلامية موسعة، اليوم الإثنين، حول جهود الدولة في مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل وأهم الالتزامات الدولية والقوانين والقرارات المرتبطة بها، وما يترتب عليها من التزامات على القطاعين العام والخاص، وجهود وزارة الاقتصاد وشركائها في هذا الصدد.

ووفقاً لبيان صحفي، تناولت الإحاطة جهود الوزارة في تنظيم إجراءات المستفيد الحقيقي وتنفيذ خطة الوزارة والجهات الشريكة لتوفير بيانات المستفيد الحقيقي لمنشآت القطاع الخاص، إلى جانب الجهود المبذولة في مجال الرقابة والتفتيش وضمان تنفيذ المتطلبات القانونية وتحقيق الالتزامات الدولية للدولة في هذا الصدد، حسبما أوردت “24” الإخباري.

وتحدث في الإحاطة كل من مديرة إدارة مواجهة غسل الأموال في الوزارة صفية الصافي، ومدير إدارة التسجيل التجاري وشهادات المنشأ أحمد الحوسني، ورئيس قسم رقابة غسل الأموال في الوزارة محمد جناحي.

التقنيات الرقمية

وقالت الصافي في كلمتها خلال الإحاطة، إن “جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب تمثل هاجساً يقلق معظم اقتصادات العالم، وخاصة اليوم مع دخول التقنيات الرقمية الحديثة في القطاع المالي وأنشطة التجارة والاستثمار ومزاولة الأعمال، مما وفر أدوات جديدة وأنظمة معقدة أمام غاسلي الأموال لمحاولة ارتكاب جرائمهم، وتعمل الدُّول، بالتعاون مع المنظمات العالمية ذات الصلة، على وضع تشريعات وأنظمة تضمن التصدي لهذه الجرائم بأفضل الصور الممكنة، ومتابعة فعاليتها.

وأضافت أن “الإمارات، بتوجيهات من قيادتها، كانت من الدول السباقة في بناء منظومة متكاملة لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، من أبرز مكوناتها المرسوم بقانون اتحادي رقم (20) لسنة 2018 في شأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، ولائحته التنفيذية والقرارات ذات الصلة، فضلاً عن تطوير عدد من الأنظمة الإلكترونية والإجراءات المؤسسية والإدارية التي تضمن تنفيذ القانون وتحقيق الرقابة وفق أفضل المعايير والممارسات العالمية، مثل نظام وحدة المعلومات المالية goAML ونظام الإبلاغ الآلي لقوائم العقوبات”، مؤكدة أن الجهات الحكومية المعنية ستتابع تقييم أداء هذه الآليات والتحقق من فعالية الإجراءات التي وضعتها الدولة وتحسينها بصورة مستمرة.

وأوضحت أن “جريمة غسل الأموال عبارة عن مجموعة عمليات مالية تهدف لإخفاء المصدر غير المشروع للأموال، وإظهارها في صورة أموال متحصلة من مصدر مشروع”، مؤكدة أن خلف كل محاولة غسل الأموال جنحة أو جريمة أو مجموعة جرائم قد ترقى إلى مستوى الجريمة المنظمة، حصل من خلالها المجرمون على تلك الأموال ويحاولون أن يدخلوها في النظام المالي الرسمي للدولة المستهدفة بعمليات تهدف لإخفاء مصدرها ومن ثم إضفاء صفة المشروعية عليها.

وأكدت أن “غسل الأموال فعل لا أخلاقي، مرتبط بجرائم تدمر الإنسان والمجتمعات، كتجارة المخدرات وتهريب البشر والاتجار بهم وتجارة السلاح غير المشروع واستغلال الأطفال وغيرها من الجرائم التي يبلغ عددها 21 جريمة بحسب تصنيف مجموعة العمل المالي الدولية “فاتف”، وأي دعم أو تسهيل لعمليات غسل الأموال هو دعم للجريمة والمخدرات والعنف والفساد”.

وأوضحت الأثر الاقتصادي السلبي لعمليات غسل الأموال على الاقتصاد ومنها انخفاض معدلات النمو الحقيقي وزعزعة النظام المالي والمصرفي وعدم استقرار الأسعار وإضعاف القطاعات الحيوية والإنتاجية وخلل في تركز الثروة وتوزيع الدخل القومي، كما يؤدي تصنيف دولة ما بأنها عالية المخاطر فيما يخص غسل الأموال، إلى الحد من وصولها إلى النظام المالي العالمي وزيادة تكلفة ووقت المعاملات المالية وسوء سمعة الاقتصاد وبالتالي انخفاض تنافسية الأسواق وتراجع التجارة والتصدير وانخفاض الاستثمار الأجنبي وانسحاب الشركات والمؤسسات المالية العالمية من السوق وزيادة العبء على الأفراد والمؤسسات في التعاملات المالية والتجارية والاستثمارية مع الخارج، وقد يؤدي إلى العقوبات والأزمات المالية والاقتصادية”.

واجب وطني

وأكدت أهمية التعاون مع الجهود الحكومية لمواجهة غسل الأموال باعتباره “واجباً وطنياً، وعملاً أخلاقياً، ومتطلباً قانونياً، وضرورة اقتصادية، ومصلحة تصب في حماية الأعمال والاستثمارات وتساهم في نموها وازدهارها”، موضحة أن التوجه الذي تبنته حكومة الإمارات في هذا الصدد هو التصدي بكل حزم لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بما يحافظ على السمعة الإيجابية المرموقة التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني عالمياً، ويضمن تعزيز دور دولة الإمارات كعنصر فاعل في المجتمع الدولي، ويرسخ مكانتها كمركز اقتصادي تنافسي يطبق أعلى معايير النزاهة والشفافية في مجال الرقابة المالية والتجارية ومواجهة الممارسات غير السليمة في أنشطة الأعمال.

واستعرضت الصافي أبرز الجهود التي قامت بها وزارة الاقتصاد في هذا الملف، انطلاقاً من مسؤولية الوزارة في الإشراف على “قطاع الأعمال والمهن غير المالية المحددة” داخل الدولة وفي المناطق الحرة، والذي يضم كلاً من: الوسطاء والوكلاء العقاريين، تجار المعادن الثمينة والأحجار الكريمة، مدققي الحسابات، مزودي خدمات الشركات، وهي أنشطة ذات طبيعة عالية المخاطر وعادة ما يلجأ إليها غاسلو الأموال لتمرير عملياتهم المشبوهة.

وأوضحت أن “وزارة الاقتصاد تعمل على تعزيز الفهم ورفع الوعي لدى منشآت هذا القطاع بمخاطر غسل الأموال وأساليبه وسبل الحماية منه، وبأهمية التعاون مع الرقابة الحكومية في هذا السياق لحماية استثمارات الشركات وأعمالها، وكذلك بضرورة الامتثال للقوانين وتنفيذ متطلبات التشريعات والقرارات ذات الصلة”.

وأضافت “تم تشكيل فريق وطني من الوزارة والشركاء لتنفيذ خطط عمل لزيادة الوعي، سواء من خلال وسائل الإعلام، أو بالتواصل المباشر، أو من خلال إصدار الأدلة وعقد ورشات العمل وتوفير المعلومات التي تبين التدابير الواجب على المنشآت اتخاذها للامتثال لمتطلبات القانون، وهي متوفرة على الموقع الإلكتروني للوزارة ومنصات التواصل الاجتماعي التابعة لها. وقد ركزت جهودنا التوعوية خلال الفترة الماضية على تسجيل المنشآت المستهدفة في نظام وحدة المعلومات المالية، حيث تم تسجيل أكثر من 13 ألف منشأة، بنسبة امتثال لمتطلب التسجيل بلغت 70%”، متوجهة بالشكر إلى المنشآت التي تعاونت وسجلت في النظام، وأهابت بهذه المنشآت تعزيز نشاطها في استخدام هذا النظام لرفع تقارير المعاملات المشبوهة Suspicious Transaction Reports /STRs/ وتقارير الأنشطة المشبوهة Suspicious Activity Reports /SARs/ بما يعزز قدرة الجهات الرقابية على تحليل وتقييم المخاطر واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة بناء عليها.

كما أكدت ضرورة مسارعة المنشآت التي لم تسجل حتى الآن للتسجيل ورفع تقارير المعاملات والأنشطة المشبوهة عبر النظام، تجنباً للمخالفات التي قد تصل إلى 5 ملايين درهم غرامة أو إيقاف الرخصة أو إغلاق المنشأة.

توعوية

وتابعت الصافي: “شملت جهودنا التوعوية حث منشآت قطاع الأعمال والمهن غير المالية المحددة على التسجيل بنظام الإبلاغ الآلي لقوائم العقوبات التابع للجنة السلع والمواد الخاضعة لرقابة الاستيراد والتصدير، لتمكين هذه المنشآت من تلقي معلومات محدّثة حول قوائم العقوبات المحلية والأممية التابعة لمجلس الأمن واتخاذ التدابير الكفيلة بمنع الجرائم المرتبطة بتمويل الإرهاب”.

وفي ختام كلمتها وجهت الصافي رسالة إلى منشآت القطاع الخاص المعنية بقولها: “تلتزم وزارة الاقتصاد برفع الوعي لمخاطر غسل الأموال، وتعزيز درايتكم بأدوات جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وأساليبها وألاعيبها وآليات حصولها، والقطاع الخاص شريك استراتيجي في هذا الملف، اعرفوا عملاءكم، واحموا استثماراتكم من خلال الامتثال للمتطلبات القانونية في هذا الصدد، طوروا أنظمتكم الداخلية بما يعزز قدارتكم على تحديد مصادر غسل الأموال ورصد المعاملات المشبوهة والإبلاغ عنها. التسجيل في أنظمة مواجهة غسل الأموال خطوة رئيسية وإلزامية، ولكنها خطوة أولى، ترافقها العديد من الخطوات الجوهرية الأخرى، من أهمها استخدام هذه الأنظمة للإبلاغ، واتخاذ تدابير العناية الواجبة تجاه العملاء، وتوفير بيانات المستفيد الحقيقي. من المهم التواصل المستمر مع الجهات الحكومية ومتابعة توجيهاتها، ووزارة الاقتصاد ترحب بأي استفسارات لديكم فيما يخص منظومة مواجهة غسل الأموال. لنحرص على ألا نكون الوسيلة لتحقيق أهداف المجرمين، ولنعمل معاً لحماية اقتصادنا الوطني، وتعزيز استقراره وتنافسيته وزيادة الثقة به عالمياً، وضمان نموه بصورة حقيقية تنعكس على رخاء المجتمع ودفع مسيرة التنمية في الإمارات”.

من جانبه، أكد الحوسني أن “جهود الإمارات في تنظيم إجراءات المستفيد الحقيقي هي “محور رئيسي ضمن منظومة مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل، وتأتي متماشية مع متطلبات الدولة لمجموعة العمل المالي ومحددات الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال، وتصب في تحقيق أهداف المرسوم بقانون اتحادي رقم (20) لسنة 2018 في شأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، وتنفيذاً لقرار مجلس الوزراء رقم 58 لسنة 2020 في شأن تنظيم إجراءات المستفيد الحقيقي”.

وأوضح الحوسني أن “توفير بيانات المستفيد الحقيقي هو أحد المتطلبات الرئيسية في تطوير أنظمة الحوكمة والإفصاح للمنشآت والأفراد، حيث يعزز الفعالية في إنفاذ التشريعات والقرارات ذات الصلة ويقدم حماية أكبر من الجرائم المالية وغسل الأموال والغش التجاري، ويسهم بالتالي في تعزيز الثقة بالاقتصاد الوطني وفق مبادئ الشفافية والمرونة وبما يواكب المعايير الدولية”.

وتطرق إلى الحملة التي أطلقتها وزارة الاقتصاد الأسبوع الماضي، بالتعاون مع شركائها، لتوعية المنشآت بضرورة توفير بيانات المستفيد الحقيقي الخاصة بها لسلطات الترخيص، باعتبارها متطلباً قانونياً إلزامياً يؤدي الإخلال به إلى وقوع المنشأة المخالفة تحت طائلة العقوبات والغرامات، مشيراً إلى أن قرار المستفيد الحقيقي يستهدف جميع المنشآت المرخصة والمسجلة في دولة الإمارات، لدى سلطات دوائر التنمية الاقتصادية وسلطات الترخيص المحلية، أو في المناطق الحرة غير المالية، ويستثنى منها المنشآت المملوكة للحكومة الاتحادية أو الحكومات المحلية أو التابعة لها، والمنشآت المدرجة في المناطق الحرة المالية، وهي سوق أبوظبي العالمي ومركز دبي المالي العالمي، ومبيناً أن “إجمالي المنشآت المستهدفة في جميع إمارات الدولة يبلغ عددها 513 ألف منشأة تتبع لـ 38 جهة ترخيص”.

وأضاف الحوسني أن “حملة التوعية بشأن توفير بيانات المستفيد الحقيقي مستمرة حتى نهاية يونيو 2021 ضمن مسار التوعية، واعتباراً من 1 يوليو (تموز) 2021 سيبدأ تطبيق المخالفات المنصوص عليها في قرار مجلس الوزراء رقم (53) لسنة 2021 في شأن الجزاءات الإدارية المترتبة على مخالفي قرار تنظيم إجراءات المستفيد الحقيقي، والتي تبدأ بالإنذار الكتابي وتصل في حال التكرار وعدم الامتثال إلى 100 ألف درهم، فضلاً عن جزاءات إدارية إضافية مثل إيقاف الرخصة لمدة سنة أو تقييد صلاحيات مجلس الإدارة وغيرها”.

ربما يعجبك أيضا