الانهيار الكبير… ماذا حدث فى بورصات العالم أمس؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح

شهدت عمليات البيع في السوق العالمي الذي أُصيب بالذعر لبعض الوقت، تراجعًا يوم الثلاثاء، حيث تراوح أداء مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” بين الإيجابي والسلبي.

عقب الهبوط الحاد والانخفاض الكبير الذي شهدته أسواق الأسهم في أوربا، قام المستثمرون بتقييم ما إذا كان الانخفاض الحاد الذي شهدته “وول ستريت” يوم الإثنين- عندما فقد مؤشر ستاندرد أند بورز ما يزيد على 4 بالمائة، وهو أسوأ انخفاض منذ أغسطس 2011- يعكس أساسيات حقيقية، أو كان مجرد انفجار أثار مخاوف المستثمرين.

لقد بدا خلال الأشهر الماضية، أن أسواق الأسهم قد ارتفعت لمستويات غير مسبوقة، وذلك مع استقرار السوق وعدم وجود تقلبات في أسعار أسهمه. لقد بدا أن المستثمرين باتوا معتادين على بيئة اقتصادية يشهد فيها النمو والتضخم ضعفًا، وهو ما يجعل البنوك المركزية العالمية القوية تستمر في دعم الأسواق عبر طائفة من السياسات.

لكن الصعود الهادئ للأسهم انتهى في الأيام الأخيرة. وبات المستثمرون قلقين من أن الاقتصاد الأمريكي القوي يظهر إشارات مبكرة على تأثره بضغط التضخم.

لقد رفعت هذه المخاوف من عائدات سندات الخزانة طويلة الأجل بشكل حاد في الأسابيع الأخيرة، حيث أظهرت البيانات الاقتصادية – مثل تقرير وزارة العمل بشأن الوظائف في الأسبوع الماضي- أن الأجور تنمو بوتيرة هي الأسرع منذ سنوات.

سادت حالة من الفزع في الماضي من أن قيمة الأسهم قد ارتفعت ارتفاعًا كبيرا، ومن أنه كانت هناك عملية تصحيح تجري، وأن المستثمرين سيعانون خسائر أكبر إذا انتظروا طويلا قبل التخلص من حيازاتهم. والنتيجة كانت عمليات البيع يوم الإثنين.

وبينما أشار الرئيس ترمب بصورة منتظمة إلى أن زيادة أسعار الأسهم هي دليل على تعزيز قوة الاقتصاد، اعتبر نائب الرئيس “مايك بنس” في يوم الثلاثاء الهبوط الأخير في أسعار الأسهم بأنه مجرد “انحسار وارتفاع” في أسواق الأسهم. وقال السيد “بنس”، الذي كان يتحدث للصحفيين قبل توجهه إلى آسيا، إن الاقتصاد الأمريكي مازال قويًا، مشيرًا بوجه خاص إلى الانخفاض القياسي في البطالة والدلائل التي تشير إلى تسارع نمو الأجور.

لقد بدا في يوم الثلاثاء أن المستثمرين في الولايات المتحدة أكثر ميلاً للنظر إلى الأخبار الاقتصادية بصورة أكثر إيجابية

 • ارتفعت أسهم شركة “جنرال موتورز” بنسبة 4 بالمائة، بعد أن سجّلت تلك الشركة المتخصصة في صناعة السيارات، وجود طلب قوي على شراء شاحنات بيك أب، وسيارات “أس يو في”. كما ارتفعت أسهم شركة “ميكرون تيكنولوجي” (Micron Technology) لصناعة الرقائق بنحو 8 بالمائة بفعل ارتفاع العائدات، وترقيات محللي وول ستريت.

•  تشير البيانات الاقتصادية إلى أن المستهلك الأمريكي، وهو لاعب مهم في اقتصاد يشكّل فيه الاستهلاك نحو 70 بالمائة من النشاط الاقتصادي، ما زال قويًا. ارتفع العجز التجاري الأمريكي في شهر ديسمبر، حيث ارتفعت البضائع الاستهلاكية المستوردة بصورة حادة بفعل الطلب القوي من المستهلكين.

•  ارتفعت العائدات على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات. اشترى المستثمرون الخائفون سندات خزانة حكومية آمنة للغاية في الأيام الأخيرة، بعد شعورهم بالصدمة من عمليات البيع في السوق، ما أدى لانخفاض العائدات. إذاً، فإن ارتفاع العائدات يشير إلى أن المستثمرين يستعيدون السيطرة على أعصابهم. كما ارتفع الدولار الأمريكي.

لكن التقلبات لاتزال قائمة. حيث شهد مؤشر CBOE  Volatility Index، المختص بقياس تقلبات الأسواق، ارتفاعًا حادًا. ووصل إلى أعلى مستوى له منذ عام 2011، حيث ارتفع بما يزيد على 170 بالمائة في شهر فبراير لوحده.

إن الأجواء الإيجابية في الولايات المتحدة كانت بمثابة إغاثة، وذلك بعد انتقال عدوى الهبوط الحاد الذي حصل يوم الإثنين إلى الأسواق العالمية بين ليلة وضحاها. حيث انخفض مؤشر اليابان “نيكي 225” بنسبة 4.7 بالمائة، وهبط مؤشر “هانج سينج” في هونج كونج بنسبة 5،1 بالمائة.

في عمليات التداول الأوربية، عوّضت الأسواق بعض خسائرها عقب بدء التداول في الولايات المتحدة. حيث أنهى مؤشر “فتسي” (FTSE) في لندن اليوم تعاملاته، متراجعًا بنسبة 2،6 بالمائة، بينما أغلق مؤشر “داكس” في فرانكفورت تعاملاته بانخفاض نسبته 2،3 بالمائة.

في أوربا، يقترب عقد من الزمان تميّز بأسعار فائدته المنخفضة للغاية من نهايته. إذ يعمل البنك المركزي الأوربي على إنهاء برنامج طبع الأموال المعروف بالتيسير الكمي (quantitative easing) وقد يبدأ البنك في رفع سعر الفائدة المرجعي- يبلغ الآن صفر- في العام المقبل.

سيكون لهذا الإجراء أثران على أسواق الأسهم. على سبيل المثال، سيكون على الشركات- بعضها كان بإمكانه إصدار سندات مقابل فوائد قليلة أو معدومة- دفع المزيد من أجل الاقتراض في المستقبل، ما قد يقلل من الأرباح.

في الوقت ذاته، فإن ارتفاع أسعار الفائدة يجعل السندات أكثر جاذبية من الناحية الاستثمارية، ما يدفع المستثمرين لتحويل بعض أموالهم من الأسهم.

قال “مايكل هيس”، كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة “أليانز” (Allianz) الألمانية العملاقة للتأمين في مذكرة للعملاء يوم الثلاثاء: “تدريجيًا، ثمة إدراك بدأ يتضح بأن العهد الذي تقدّم فيه السياسة النقدية دعمًا غير محدود للأسواق، قد قارب على الانتهاء”.

إن تحسّن النظرة الاقتصادية يعني أيضا أن نقابات العمال الأوربية باتت تطالب بزيادة كبيرة نسبيًا في الأجور بعد سنوات من قبولها بأجور راكدة مقابل الأمن الوظيفي. توصلت نقابة عمال الصناعات المعدنية في ألمانيا IG) (Metall، والتي تمثل العمال في شركات كبيرة مثل ديملر وسيمنز، لاتفاق جديد في صباح يوم الثلاثاء، يقضي بزيادة سنوية في الأجور بأكثر من 3 بالمائة للعام 2019.

هذا الاتفاق ينطبق فقط على العمال في ولاية “بادن وتيمبرج” في جنوب ألمانيا، لكنه سيكون نموذجا للاتفاقات في ولايات ألمانية أخرى.

قال “كريستيان هيل”، كبير مديري الأموال في مؤسسة Deutsche Asset Management)) لإدارة الأصول في فرانكفورت، إن جزءًا كبيرًا من عمليات البيع أجراها مستثمرون أُرغموا على الخروج من الأسهم لأسباب تقنية، على سبيل المثال لأنهم يديرون صندوقًا ملتزمًا بالحدّ من الخسائر عند 2 أو 3 بالمائة.

ويتوقع السيد “هيل” أن تستقر أوضاع أسواق الأسهم في نهاية المطاف بسبب قوة الاقتصاد العالمي. ويمضي قائلا “نحن نشهد تحسًنًا عالميًا متزامنًا سيجري دعمه من قِبل المحفزات الضريبية في الولايات المتحدة” مضيفا “نتوقع أن تحقق الشركات أرباحًا أكبر”.  

لكن المحللين المتابعين للأرقام القادمة من آسيا يقولون إنهم لا يتوقعون انخفاصًا في عمليات البيع قريبا.

يقول “جوناثون جارنر”، خبير الأسهم في آسيا والاقتصاديات الناشئة في مؤسسة مورجان ستانلي: “هذه بداية انتكاسة أكبر في سوق مُبالغ في تقديره، على الأقل في القطاعات غير المالية، كما أنه كان هناك تفاؤل مبالغ فيه”
مضيفًا “لا أعتقد أن هذا مجرد هبوط مؤقت سينتهي اليوم”.  

المصدر – نيويورك تايمز

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا