البحر الأسود.. الموانئ الروسية في مرمى نيران أوكرانيا

محمد النحاس

سلطت تطورات الحرب الروسية الأوكرانية الضوء على الأهمية الاستراتيجية التي يمثلها البحر الأسود.


قالت السلطات الروسية إن انفجارات ضربت جسور حيوية تربط شبه جزيرة القرم بأجزاء واقعة تحت السيطرة الروسية بمنطقة خيرسون.

ويبدو أن كييف باتت تستهدف السفن العسكرية الكائنة بالبحر الأسود، وضربت يوم الجمعة ناقلة نفط روسية بميناء نوفوروسيسك بالبحر الأسود. كما صعدت من معدل هجماتها على البنية التحتية الروسية، وفقًا لتقرير  شبكة “سي إن إن” الأمريكية، 8 أغسطس 2023.

تحوّل لافت في الصراع

مع تصاعد هذه الهجمات، تعهدت أوكرانيا يوم السبت بشن مزيد من هذه الهجمات على السفن البحرية الروسية وجسر القرم في المستقبل، ويأتي ذلك في أعقاب استهداف ناقلة النفط الروسية، بعد أيام من ضرب جسر كيرتش الحيوي الذي يربط بين الأراضي الروسية وشبه جزيرة القرم، التي تسيطر عليها روسيا منذ عام 2014.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فقد طالت ضربات كييف عمق المدن الروسية، بما في ذلك العاصمة الروسية موسكو. وبعد انسحاب الروس من صفقة الحبوب استهدف مسيرات وصواريخ موسكو ميناء أوديسا الحيوي لأوكرانيا. وبات الصراع يأخذ أبعاد أكثر خطورة، لتتحول منطقة البحر الأسود الحيوية، إلى ساحة للتنافس بين القوى المختلفة، والعمليات العسكرية، والعمليات المضادة، كما شهد في أوقات متفرقة حوادث تحرّش بين مقاتلات روسية ومُسيّرات أمريكية.

وتاريخيًّا لطالما تبنى الروس عقيدة “السعي وراء المياه الدافئة” ما يعبر عن الأهمية الاستراتيجية للبحر الأسود، دونًا عن ذلك باعتباره طريق رئيس لتصدير الحبوب والنفط من روسيا إلى العالم. وتكشف باحثة العلاقات الدولية، نورهان أبو الفتوح، لـ”رؤية” أبعاد وتداعيات ومخاطر الذهاب في هذا المسار.

مرحلة جديدة

في حديثها مع رؤية، قالت الباحثة المتخصصة في الشؤون الدولية، إن الحرب بهذا الإعلان الأوكراني دخلت مرحلة جديدة، بعد تصاعد عمليات الزوارق البحرية الأوكرانية المسيرة ضد الأهداف الروسية، وانسحاب الروس من اتفاقية الحبوب مع أوكرانيا، في وقت سابق من الشهر الماضي.

اقرأ أيضًا| أوكرانيا: اتفاق الحبوب يحتاج لضغط دولي على روسيا
على الجانب المقابل، ترى أبو الفتوح، أن الانسحاب الروسي من اتفاقية الحبوب يمثل أحد أوراق الضغط الروسي على الجانب الأوكراني، لافتةً إلى أن ذلك سيكون لها تداعيات كارثية على الأسواق العالمية، وليس فقط على طرفي الصراع، وهو ما سيظهر خلال الفترة المقبلة.

عسكرة البحر الأسود

مع تصاعد استهداف طرفي الصراع لبعضهما البعض في منطقة البحر الأسود، ترى الباحثة نورهان أبو الفتوح، أن “عسكرة منطقة البحر الاسود سيؤثر في أمن الملاحة البحرية سلبيًّا، لافتةً إلى أن دول الجوار تدرك خطورة ذلك، لذلك سارعت تركيا مع اندلاع الحرب فبراير من العام الماضي، إلى تفعيل معاهدة مونترو وفرض قيود على نشاط السفن العسكرية التي تعبر المضائق التركية المتصلة بالبحر الأسود.

وتتابع باحثة الشؤون الدولية، بأن أحد الدوافع الرئيسة من الخطوات التركية، كانت الحد من النشاط العسكري في البحر الأسود، وهو ما حاولت أنقرة أن تفعله بإقناع الروس بالعودة إلى الاتفاق لأن ” عملية تصدير الحبوب بمعزل عن روسيا لن تكون مُجدية وتنطوي على الكثير من المخاطر”.

اقرأ أيضًا| روسيا: قرارنا بشأن اتفاق الحبوب نهائي.. وأمريكا تعلق

مخاطر على النفط والغذاء

تلفت نورهان أبو الفتوح ختامًا إلى أن المخاطر والتداعيات لن تقف عند التأثير على الأمن الغذائي العالمي، وإنما كذلك على حركة النفط العالمي، مدللة على ذلك بأن الهجوم الأوكراني باستخدام زورقين مسيّرين على قاعدة نوفوروسيسك التابعة للقوات المسلحة الروسية، أدى لتوقف ميناء نوفوروسيسك إلى وقف حركة جميع السفن بصفة مؤقتة.

يأتي ذلك وفقًا لما أعلنته الشركة المشغلة لخط أنابيب بحر قزوين، المسؤول عن إمداد ناقلات بالنفط في ميناء نوفوروسيسك الذي يعد مرفأ نفطى هام، ومصب لخط أنابيب نفطي يمتد على طول 1500 كيلومتر من حقول النفط غرب كازاخستان والمناطق الروسية الواقعة شمال بحر قزوين، ويمر الجزء الأكبر من النفط الكازاخستانى الموجه للتصدير عبر خط الأنابيب هذا ما يعبر عن مدى أهمية الحيوية لموانئ البحر الأسود لحركة النفط.

ربما يعجبك أيضا