البوابة| الأرقام ستزداد في طهران.. إيران والتدافع الخليجي لاحتواء فيروس كورونا

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – بسام عباس

بعد زيادة تفشي فيروس كورونا على الصعيد الدولي، تسعى سلطات الصحة العامة في جميع أنحاء الشرق الأوسط إلى احتواء انتشار الفيروس المستجد. ومن خارج الصين، يعتقد أن هناك ثلاثة مصادر للعدوى: كوريا الجنوبية وإيطاليا وإيران، ومن غير المستغرب أن يشكل تفشي المرض في إيران تحديات كبيرة للمؤسسات الصحية بالمنطقة ذات الاتصال واسع النطاق في جميع أنحاء العالم.

هناك (6566) حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا في إيران و(194) حالة وفاة. وبشكل يثير المخاوف، هناك أدلة قوية تشير إلى أن تفشي الفيروس في طهران هو أسوأ حتى من الأرقام الرسمية المشار إليها؛ فوفقًا لبيانات المرضى المسرّبة من المستشفيات الرئيسية هناك، تقوم الحكومة الإيرانية بحجب العدد الحقيقي للمصابين؛ ما يعرّض استجابات الصحة العامة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي لمخاطر شتى.

عندما قُدِّمَت هذه البيانات إلى “آشلي تويت”، المتخصصة في الأمراض الوبائية والمعدية، والمحاضر المساعد في جامعة تورنتو، كانت مقتنعة بما يكفي لتعديل إسقاطها لحالات الفيروس في إيران. فبعد رفع تقديرها إلى 28000 حالة، قالت “تويتي” أيضًا لصحيفة واشنطن بوست: “أظن أن هذه الأرقام ستستمر في الزيادة”.

إيران فشلت بالفعل

وخلافًا للاعتقاد الشائع، لدى إيران في الواقع أحد أكثر برامج الرعاية الصحية قوة في الشرق الأوسط. فمع وجود آلاف المراكز الطبية، من المستوى الأول والثاني والثالث، في جميع أنحاء البلاد، كان لدى سلطات الصحة العامة في إيران البنية التحتية القائمة بشكل استباقي للحد من تفشي فيروس كورونا وتطبيق الحجر الصحي. ومع ذلك، عندما بدأت الحالات في الزيادة، كان التردد البيروقراطي، والتستر السياسي، وعدم الكفاءة العامة تعوق استجابة الصحة العامة في إيران.

كان الفشل الأول لطهران هو قرارها بعدم فرض قيود سفر على الصين فور تفشي المرض في مقاطعة هوبي. ونتيجة لذلك، تمكن آلاف المصابين من الحجاج ورجال الأعمال والسياح من عبور الحدود الإيرانية، وانتشروا في جميع أنحاء البلاد.

أما الفشل الثاني للحكومة الإيرانية فهو موقفها المتواصل ضد الحجر الصحي في مدينة قم، المركز الأول لانتشار فيروس كورونا في إيران، حيث ساعد المستنقع السياسي في هذا الموقف. وقد بذلت سلطات الصحة العامة الإيرانية قصارى جهودها، من تطهير عربات النقل العام، وإغلاق المدارس، والحد من التجمعات الاجتماعية وإلغاء التجمعات الدينية المزدحمة. ولكن لسوء الحظ، لم تكن تلك الإجراءات كافية، حيث لا تزال (قم) مركزًا محليًّا لنقل الفيروس.

وبسبب التقاعس الحكومي، تواجه إيران الآن انتشار الفيروس على مستوى الدولة (حيث تفشي في جميع محافظات إيران الـ 31) بدلاً من تحديد جيوب صغيرة للفيروس يمكن تتبعها بسهولة أكبر ويمكن عزلها. كان رد إيران الرسمي على هذا الوباء الوليد مدهشًا على أقل تقدير. فبعد أسبوع من نفي مزاعم عن قلة الإبلاغ عن حالات الفيروس، عُزل “إيراج حريرجي”، نائب وزير الصحة الإيراني، بعد أن تأكدت إصابته بالفيروس. ومنذ ذلك الحين، مات ثلاث شخصيات سياسية إيرانية بارزة أخرى بسبب الفيروس. وحتى مع وفاة زملائهم، واصل المسئولون الإيرانيون، بمساعدة شبكات الإعلام المملوكة للدولة، نشر تقارير حكومية تشير إلى أن الولايات المتحدة تبالغ في ضراوة الفيروس وقدرته على الانتشار والعدوى، في محاولة من الولايات المتحدة للحد من إقبال الناخبين على انتخابات طهران. وفي مواجهة القلق العام المتزايد، أفادت التقارير أن الحكومة الإيرانية تفكر في تشديد إجراءات السفر والحجر الصحي، بعد أسابيع أن كان تنفيذ مثل هذه الإجراءات ضرورة قصوى.

استجابات دول الشرق الأوسط لمواجهة الفيروس

في دولة الإمارات العربية المتحدة، تحولت الأمور بشكل ملحوظ. فعلى عكس إيران، لم يتغافل المسئولون الإماراتيون عن المسئولية الكبرى التي تتحملها الدولة كبوابة الشرق الأوسط الأولى للمجتمع الدولي. ففي منطقة الشرق الأوسط، تمثل دبي محورًا للنشاط التجاري وتحويلات السفر الدولية، وهو موقع جعل دولة الإمارات تستقبل أكثر من 90 مليون مسافر في الترانزيت سنويًّا، وهي بذلك عرضة بشكل خاص لتفشي كورونا الذي لا يمكن تعقبه.

ولتفادي تفشي المرض بشكل عام، نفذت سلطات الصحة العامة الإماراتية سريعًا مجموعة من تدابير الصحة العامة الاستباقية، مع إعطاء الأولوية للإخلاء المبكر والاختبار المبكر لمواطني الإمارات والمواطنين المتواجدين في الصين. كما كانت الإمارات من أوائل الدول التي بدأت في عزل وعلاج الأفراد المصابين في مشفَيين بهما غرف العزل سالبة الضغط. وبالإضافة إلى تعزيز ورفع مستوى عملية الحجر الصحي، اتبع مسئولو الصحة العامة الإماراتيون مجموعة من استراتيجيات الحد من العدوى الأخرى، مثل التحول إلى برامج التعليم عن بُعد، وطلب التركيب الجماعي لمحطات التعقيم في مناطق العبور عالية الحركة. وللحفاظ على تواصل مسئولي الدولة، جرى استبدال الاتصالات الشخصية بين الوزراء والمسئولين بالمكالمات الهاتفية أو المرئية.

كذلك فقد أوقفت شركة “طيران الإمارات” جميع الرحلات الجوية إلى إيران قبل عدة أسابيع. وفي الوقت نفسه، واصلت شركة الطيران القطرية، المجاورة لها، التحليق إلى إيران؛ ما تسبب في مخاوف من أن تلك الطائرات المستخدمة للسفر إلى إيران قد تسببت الآن في إصابات جديدة في أوروبا. وعلى الرغم من أن الوضع الإقليمي لا يزال صعبًا، يبدو أن الإجراءات الإماراتية المضادة للفيروس حققت نجاحًا كبيرًا؛ فلا يوجد سوى 45 حالة مصابة حتى الآن.

وفي مناطق أخرى من الشرق الأوسط، فرض مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية حظرًا مؤقتًا على دخول المواطنين القادمين من دول ينتشر فيها الفيروس، كما أعلنت الرياض عن احتياطات إضافية عند المعابر الحدودية، بالإضافة إلى نشر نصائح سفر واسعة النطاق. وعلى الرغم من تلك الإجراءات، لا تزال المملكة غير قادرة على منع تفشي محدود في منطقة القطيف؛ ما دفع بإقامة حجر صحي محلي في بلدية القطيف الشرقية.

وإلى خارج دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يشعر خبراء الأمراض السارية بالقلق الشديد بشأن قدرة الدول التي تعاني من نقص الموارد، مثل اليمن أو أفغانستان، وكلتاهما معرضتان بشكل مروّع للعدوى العابرة للحدود من إيران، لتحديد حالات تفشي فيروس كورونا المحلية والاستجابة لها.

أما من الناحية الإقليمية، يبدو أن نجاح استجابة الإمارات لمواجهة الفيروس هو الاستثناء وليس القاعدة، ومما يمكن أن نجمعه من بيانات في هذه المرحلة، يبدو أن المرونة العالية للإمارات ترجع إلى نظام الرعاية الصحية العامة القوي والاستجابات الوقائية للصحة العامة، ورغم أن سلطات الصحة العامة في الدول المجاورة اتّبعت أخيرًا خُطى دبي، غير أن فرصة فرض قيود أكثر صرامة تتلاشى بسرعة، إذا لم تكن قد تلاشت بالفعل. 

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا