التدين الشكلي في الجامعات التركية.. تركيا نحو تجربة أفغانستان طالبان

يوسف بنده

رؤية

تقول آهو أوزيورت، وهي كاتبة عمود سياسي في صحيفة “حريت” التركية، أن آخر ما يحتاج إليه الشعب التركي هو نقد ديني لاذع، واستهانة مطلقة بكل ما تبقى من قيم علمانية. وتوضح الكاتبة من ذلك أن الحكومة التركية منشغلة بقضايا غير حقيقية لأهداف سياسية تقوم من خلال هذه القضايا بتخدير الشعب التركي وتوجيهه لصالح دعم حكومة الحزب الحاكم.

وتوضح الكاتبة أن تركيا تقترب بسرعة نحو لحظة السقوط في ظلمة العصور الوسطى. ومع ابتعاد ساسة وأكاديميين عن الحقيقة والعلم والمستقبل، لا تستطيع أية دولة تحقيق تقدم والعجيب بحسب الكاتبة أنه ما إن يُسأل أي من أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم (آي كي بارتي)، أو أي من رؤساء الجامعات المعينين، عن قضية ما، تأتي الردود من نوعية تلك الانتقادات والتعليقات الدينية.

تشير الكاتبة إلى جامعة أولوداغ التركية التي كانت يوماً مركزاً للأبحاث والتقدم العلمي، وتمثل مدينة جامعية صغيرة، وتقوم حالياً باستضافة دعاة لإلقاء محاضرات، وكأن ذلك هو الشيء الوحيد الذي كان ينقص المنهج التعليمي. وفيما تعذر حجز قاعة ميت جنكيز للمؤتمرات في الجامعة لإقامة حفل موسيقي سنوي، سيلقي مصطفى أوزيمسكلر، أحد زعماء الطائقة النقشبندية، في ذات القاعة، محاضرة بعنوان “الشباب ويوم البعث”، في 20 أكتوبر (تشرين الأول).

وتلفت آوزيورت إلى ما قاله البروفوسور مصطفى طلحة غونولوي، رئيس جامعة آديامان التركية، وحيث عبر عن رأيه بالنساء بطريقة فجة عندما قال إن “مصافحتك لأيدي النساء أسوأ من وضع يدك في النار”. وبعد صدور ردود أفعال غاضبة من قبل أنصار حقوق المرأة، ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، لم يتراجع غونولوي قيد أنملة عن رأيه، بل زعم أن من عارضوه هم “جميعاً معادون للإسلام”.

ترى الكاتبة أن الأتراك بحاجة لإبعاد شبابهم وصغارهم عن تلك النوعية من التفكير، لأن أمثال هؤلاء الأكاديميين هم الذين حولوا أفغانستان إلى بلد يسيطر عليه طالبان. تلك هي العقلية التي تحول بلد من كونه مرشحاً مؤهلاً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إلى بلد فاشل. وأخطأ الأكاديميون الأتراك فيما مضى، ولكن منذ الانقلاب في 15 يوليو (تموز) 2016، تحولت الجامعات التركية إلى ما يشبه مدارس دينية باكستانية.

قبل أسبوعين، قال حسين سيهان أوغلو، عميد جامعة ديجلي، شيئاً لافتاً على شاشة قناة سي إن إن ترك الخاصة، مشيراً إلى أن “سوريا تحولت إلى أفغانستان”. ورد عليه مشاهد في سؤال سجله عبر تويتر “من هي باكستان؟ وفي الواقع، أصبحت تركيا باكستان في المنطقة.

تقول الكاتبة: “يتعاطف بلدنا مع باكستان وله صلات به ومع زعمائه، ولكن كلا النخب التركية والباكستانية عرفوا باتباعهم نهجاً وهمياً حيال الإسلام السياسي والراديكالي. وإن إرسال أبنائهم إلى أفضل الجامعات في المملكة المتحدة أو في أمريكا، وإقامتهم جزئياً في لندن أو في أرقى المناطق القريبة من كراتشي ولاهور، وأنقره أو إسطنبول لن يجعل تلك النخب جزءاً من الشعب. وعما قريب، لن تكون أموالهم قادرة على شراء العلوم ولا التكنولوجيا أو النهضة التي تطلب إنتاجها سنين طويلة. إن تركيا تقترب بسرعة نحو لحظة السقوط في ظلمة العصور الوسطى. ومع ابتعاد ساسة وأكاديميين عن الحقيقة والعلم والمستقبل، لا تستطيع أية دولة تحقيق تقدم.

ترى الكاتبة في تبني الجامعات التركية سياسات محافظة بمثابة إهانة لابن خلدون وابن سينا، وخيار الأكاديميين يعطي مؤشراً عن مستقبل المنطقة.

ربما يعجبك أيضا