التمويل الأخضر فرصة بتريليوني دولار لدول «التعاون الخليجي».. كيف؟

ولاء عدلان

"استراتيجي آند": التمويل الأخضر يشكل فرصة مهمة وغير مستغلة جيدًا بمنطقة الشرق الأوسط ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي.


خلصت دراسة لشركة “استراتيجي آند” الاستشارية إلى أن دول الخليج تتمتع بميزة تنافسية عالية فيما يتعلق بمجال الاقتصاد الأخضر تتمثل في وفرة مصادر الطاقة المتجددة وانخفاض تكلفتها.

وقالت “استراتيجي آند” التابعة لشركة “برايس ووتر هاوس كوبرز” العالمية”، إن تطوير آليات التمويل الأخضر في دول مجلس التعاون الخليجي يمكن أن يسهم بنحو تريليوني دولار في الناتج المحلي الإجمالي التراكمي بحلول 2030.

فرصة غير مستغلة

اعتبرت الدراسة أن التمويل الأخضر الذي يشمل مجموعة من الأدوات المالية كالقروض والسندات والصكوك الخضراء بهدف تعزيز مشروعات الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة، يشكل فرصة مهمة وغير مستغلة جيدًا بمنطقة الشرق الأوسط.

وذكرت أن دول التعاون الخليجي التي لديها أسواق مالية واعدة، يمكنها جذب رؤوس الأموال المهتمة بالاستثمار في المشروعات ذات الأهداف البيئية والاجتماعية التي تشكل حاليًّا توجهًا عالميًّا.

التمويل الأخضر بحاجة لإطلاق العنان

قالت الدراسة المنشورة مطلع إبريل الجاري بعنوان “التمويل الأخضر في الشرق الأوسط.. فرصة بتريليوني دولار”، إن حكومات دول الخليج أحرزت تقدمًا فيما يتعلق بالتنمية المستدامة وتنويع الاقتصاد بعيدًا عن قطاع النفط.

ورغم التقدم الذي أحرزته دول الخليج، فيما يتعلق بالتنمية المستدامة وتنويع الاقتصاد، فإن القطاع المالي لديها لم يواكب هذا التقدم بالشكل المطلوب لتحقيق مزيد من تبني التمويل الأخضر وإطلاق العنان لمزيد من الفرص الاستثمارية.

خلق أكثر من مليوني فرصة عمل

أوضحت “استراتيجي آند” أن دراستها التحليلية توصلت إلى أن تبني مفهوم التمويل الأخضر من قبل القطاع المالي بدول الخليج لاستهداف الاستثمار في مشروعات صديقة للبيئة “استثمارات خضراء”.

وقد يحدث تأثيرًا عميقًا بحلول 2030، يصل إلى تعزيز الناتج المحلي الإجمالي لدول “التعاون الخليجي” بتريليوني دولار، وخلق أكثر من مليون فرصة عمل، وجذب مزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر بحسب استراتيجي آند.

أربع أولويات

حثت الدراسة دول الخليج على اغتنام الفرصة ضمن خططها لتنويع الاقتصاد، عبر التركيز على 4 أولويات هي تكريس مفهوم الاستدامة البيئية، وإنشاء صناديق ثروة سيادية خضراء، وتعزيز دور الأسواق المالية وتطوير آليات الإفصاح ومعايير الأداء البيئي للشركات.

وأشارت إلى أن المؤسسات المالية الكبرى اليوم باتت تتخذ جانبًا كبيرًا من قرارات الاستثمار بعد دراسة البعد البيئي للمشروعات.

6 صناعات تمثل ركيزة للاستثمار الأخضر

حثت الدراسة دول الخليج على الاستثمار في 6 قطاعات رئيسة “غير نفطية” لتعزيز عوائد الاستثمار الأخضر، وهي قطاعات الزراعة والغذاء، والبناء والتشييد، والطاقة، والنقل، والمياه، وإعادة تدوير النفايات.

وأوضحت أن دول الخليج يمكنها في مجال الطاقة رفع استفادتها من المصادر المتجددة عالية الإنتاجية كالشمس والرياح، لتعظيم إمكانياتها التصديرية وليس فقط تلبية الاستهلاك المحلي.

300 مليار دولار حجم سوق الهيدروجين الأخضر 2050

أشارت الدراسة إلى أن بلدان الخليج لديها القدرة على تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر وهو وقود نظيف ينتج عن طريق التحليل الكهربائي للمياه، والوصول إلى أن تصبح أحد مصدريه عالميًّا.

لافتة إلى أن البلدان المصدرة للهيدروجين الأخضر ستستحوذ بحلول 2050 على سوق تتعدى قيمته 300 مليار دولار سنويًّا، ويمكن أن يوفر تصدير الهيدروجين الأخضر لدول الخليج 400 ألف وظيفة في مجال التشغيل والصيانة.

صناديق الثروة السيادية لاعب أساسي

طالبت “استراتيجي آند” دول الخليج على إنشاء صناديق ثروة سيادية خضراء، لتحقيق التوازن المطلوب بين الأثر البيئي والأداء المالي وتعزيز فرص الاستثمارات الخضراء وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. أشارت إلى أن هذه الصناديق ستتمتع بمصداقية عالية تمكنها من جذب رؤوس الأموال الدولية والمحلية للاستثمار في قطاعات الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة.

يشار إلى أن دول الخليج لديها صناديق سيادية مصنفة ضمن الأكبر عالميًّا، ويأتي الصندوق السيادي الكويتي “الهيئة العامة للاستثمار” كثالث أكبر الصناديق السيادية عالميًّا والأول عربيًّا بأصول بلغت 737.93 مليار دولار بنهاية 2021، يليه جهاز أبوظبي للاستثمار في المركز الرابع عالميًّا والثاني عربيًّا بأصول بـ697.86 مليار دولار، وفق المعهد الدولي للصناديق السيادية العالمية.

Untitledسيس

أهداف صناديق الثروة السيادية الخضراء

قفز السندات الخضراء إلى مليار دولار

سلطت الدراسة الضوء على السندات الخضراء، وهي أداة تمويلية تستخدم عائداتها لتمويل المشروعات الصديقة البيئة، كخيار جيد لتعزيز دور أسواق المال الخليجية في تطوير قطاع التمويل الأخضر.

ومنذ صدور أول سندات سوق السندات الخضراء من قبل بنك الاستثمار الأوروبي في 2007 حتى 2021 قفزت قيمته إلى أكثر من 800 مليار دولار.

أداء واعد لسوق السندات الخضراء

وخلال 2021 شكلت إصدارات منطقة الشرق الأوسط من السندات الخضراء نحو 0.3%، وسط توقعات بمزيد من النمو مع توجه دول الخليج والعالم للحد من الانبعاثات الكربونية.

وتوقعت وكالة “ستاندر آند بورز” في فبراير الماضي أن تقفز حصة السندات المستدامة بما فيها السندات الخضراء وتلك المرتبطة بالتنمية المستدامة من إصدارات السندات العالمية من 11% خلال 2021 إلى 17% هذا العام، بإصدارات تتجاوز الـ 1.5 تريليون دولار.

Untitledسيسيسي

تطور حصة السندات المستدامة من إصدارات السندات العالمية

أول سندات خضراء في الخليج

في مارس 2017 انفرد بنك أبوظبي الوطني بإصدار أول سندات خضراء في منطقة الخليج بـ587 مليون دولار، وفي يناير الماضي أعلنت شركة أبوظبي الوطنية للطاقة “طاقة” وشركة مياه وكهرباء الإمارات، إصدار سندات خضراء مرتبطة بمحطة نور أبوظبي، أكبر محطة للطاقة الشمسية ضمن موقع واحد في العالم، بـ700 مليون دولار، ليصبح بذلك أكبر إصدار للسندات الخضراء في المنطقة.

وفي مارس الماضي أعلنت شركة إنفراكورب، ذراع البنية التحتية لمجموعة “جي إف إتش” المالية عن إصدار صكوك بـ900 مليون دولار، كأول صكوك خضراء على الإطلاق تصدرها مؤسسة بحرينية، الاستثمارات الخضراء، وبحسب تقرير لـ”بلومبرج”  تعتزم قطر والسعودية إصدار سندات سيادية خضراء خلال العام الجاري.

 

ربما يعجبك أيضا