الجارديان | الطلب المنخفض على النفط يمكن أن يسبب أزمة مالية

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – بسام عباس

عندما تتهاوى سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط لشهر مايو– وهي عقود مستقبلية محددة السعر– إلى سالب 38 دولارًا للبرميل الواحد، يبدو أن الأزمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا قد أخذت منعطفًا نحو السريالية. فقد كان المتداولون، الذين يشتري بعضهم النفط كأصل مالي وليس لاستخدامه، يدفعون المال للأشخاص ليأخذوا النفط منهم لأن قلة منهم فقط لديهم القدرة على تسلّمه في محطة كوشينغ للتخزين في أوكلاهوما، حيث وصلت طاقة التخزين إلى الحد الأقصى نظريًّا.
إن ما حدث في حركة تداول النفط يوم الاثنين 20 أبريل كان ظاهرة استحضرها النفط باعتباره سلعة مالية. لم يعتقد أحد أن الطلب على النفط سيتأثر بشكل دائم، وبالفعل بقي سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط لشهر يونيو أعلى بقليل من عشرين دولارًا للبرميل الواحد، مثل سعر خام برنت، وهو المعيار القياسي للنفط الأوروبي والشرق أوسطي والأفريقي.
ولكن ذلك لا يعني أنه لا توجد مشكلة على وشك الحدوث في سوق النفط، وبالتالي لنا جميعًا، فحتى بالنسبة لأسعار شهر يونيو، فإن المعدل الجاري منخفض بشكل خطير. ففي الأعوام القليلة الماضية، أدت وفرة المعروض العالمي إلى بيع النفط بأسعار زهيدة للغاية بالنسبة للمنتجين لجني الأرباح أو لتمويل الدول النفطية، مثل المملكة العربية السعودية، وكان هذا نتيجة سعي المنتجين الأمريكيين لضخ النفط الصخري في السوق. وأدى ذلك إلى تعويض النقص الذي كان موجودًا في الأسواق العالمية من قبل، ولكن بحلول عام 2014 أدى ضخ النفط الصخري في الأسواق بالإضافة إلى النفط التقليدي الذي توفره منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وروسيا إلى حدوث وفرة في أسواق النفط.
وعندما أراد الكثير من المنتجين بيع الكثير من النفط، انخرطوا جميعا في سباق مدمر نحو الهاوية. وحين وصل سعر النفط إلى نقطة الأزمة، كانت الدول المنتجة مهتمة بالتعاون لكبح الإنتاج وتقليل المعروض بهدف عدم ارتفاع الأسعار. غير أن هذه الديناميكية دفعت السعودية وروسيا لتشكيل تحالف متردد في شهر نوفمبر 2016 فيما يعرف بـاس "أوبك بلس". ولكن التعاون السعودي الروسي سمح لشركات النفط الصخري الأمريكية برفع الأسعار بكل حرية.
وبعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على موسكو بشأن خط الغاز نورد ستريم 2– وهو مشروع كان سيسمح لروسيا بتصدير مزيد من الغاز إلى ألمانيا– في نهاية العام الماضي، أصبح الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" أكثر ترددًا بشأن تسهيل رفع الأمريكيين للأسعار بكل حرية من خلال خفض الإنتاج الروسي.
وبعد موجة تفشي فيروس كورونا واقتراب الاقتصاد العالمي من الركود، تداعى تحالف أوبك بلس، ويبدو أنه عندما رفض الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" الحد من الإنتاج لتحقيق الاستقرار في الأسعار، قرر ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" إغراق السوق بدلاً من ذلك للاستحواذ على حصة سوقية أكبر.
وإذا كان انهيار العقود الآجلة لشهر مايو مثالاً عابرًا للمشاكل التي تواجهها أسواق النفط، فالحقيقة أن أسعار العقود الآجلة لعام 2022 لذلك اليوم التي لم تكن أعلى بكثير من ثلاثين دولارًا لا تبشر بالخير؛ لأن أسعار النفط يجب أن تكون مرتفعة بشكل يكفي لتغطية تكاليف الإنتاج، وسداد الديون التي تدعم القطاع في حالة النفط الصخري الأمريكي.ودون ارتفاع الأسعار لن يكون هناك إمداد كاف لاستعادة النمو، وسيتسبب النفط في التخلف عن تسديد القروض عبر أسواق السندات، ما قد يؤدي إلى حدوث أزمة بنكية أخرى. فعلى سبيل المثال، تعاني شركة النفط الحكومية المكسيكية "بيمكيس" فعلًا من أزمة ديون، وقد خفضت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" هذا الأسبوع من تقييم الدين السيادي للمكسيك بسبب الصعوبات التي تمر بها شركة "بيمكيس".

أما الأخبار السيئة لأولئك الذين يعتقدون أن انهيار أسعار النفط أمر جيد للمناخ فهي أن أسواقنا المالية واقتصاداتنا وسياساتنا متشابكة بشكل وثيق مع النفط، الذي تمر صناعته بمحنة. لا يمكن أن يحدث انتقال سريع إلى الاقتصاد الأخضر؛ لأنه لا توجد حتى الآن مصادر طاقة بديلة كافية لاستبدال حجم النشاط الاقتصادي واليومي الذي يغذيه النفط. ومن الممكن ألا يصل الطلب على النفط إلى 100 مليون برميل يوميًّا مرة أخرى لفترة طويلة، إن لم يكن إلى الأبد. ولكن لن يبدأ الاقتصاد في التعافي من الإغلاق العالمي ما لم يشمل شراء المستهلكين مزيدًا من النفط باهظ الثمن وكذلك السلع التي تعتمد عليه.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا