الجارديان | هذه خطط ترامب لعسكرة الفضاء

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

إن تخيل دونالد ترامب كقائد فضاء، يجوب درب التبانة، ويحارب الغزاة الفضائيين ويحكم عوالم جديدة، هي فكرة هزلية ومخيفة. قبل أن يصبح هناك ود متبادل بين ترامب وكيم يونج أون، سخر الرئيس الأمريكي من نظيره الكوري الشمالي واصفًا إياه بـ”رجل الصواريخ الصغير”. والآن ومع إعادة فتحه لقيادة الفضاء الأمريكية الأسبوع الماضي، أصبح ترامب جديرًا بهذا اللقب.

وفي حين أن هذه قد تكون خطوة كبيرة لزعيم البيت الأبيض، غير أنها قفزة كبرى للوراء بالنسبة للبشرية. بعد محاولته الفاشلة لتوسيع الحدود الأمريكية عن طريق شراء جرينلاند، يقترح ترامب الآن أن الولايات المتحدة لديها الحق في استعمار الفضاء الخارجي، معاملًا إياه كمنطقة قتال حرة لمنافسة القوى العظمى غير المحدودة في “مجال الحرب القادم”. ومن المؤكد أن ترامب قد شاهد فيلم Independence Day (يوم الاستقلال) عدة مرات. الكون لا ينتمي إلى أمريكا.

هذا، وتنص معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967 بوضوح على أن الفضاء متاح لاستكشاف واستخدام جميع الدول، وأنه لا يحق لأية دولة أن تطالب بالسيادة على الفضاء الخارجي أو أي جرم سماوي. إنها تحظر أيضًا نشر الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، وعلى غير العادة، هذه معاهدة دولية وقّعت عليها الولايات المتحدة بالفعل وصدقتها؛ وهي مُلزمة باحترامها.

وفي حين أن ترامب وطلابه العسكريين في البنتاجون ربما يجادلون بأنهم لا يقصدون تأكيد السيطرة السيادية الأمريكية، فإن نيتهم المعلنة بترسيخ هيمنة أمريكية حصرية غير قابلة للتحدي ترتقي للشيء نفسه. ومع الأسف، لا تمنع المعاهدة الأنشطة العسكرية في الفضاء، أو قوات الفضاء العسكرية أو التسلح، وهذه الأهداف غير المقبولة تقع في صميم المهمة الجديدة لقيادة الفضاء.

ووفقًا لما قاله الجنرال “جون رايموند” قائد قيادة الفضاء: “أن تكون صاحب الأفضلية في الفضاء هي (مصلحة أمن قومي أمريكية حيوية) والتي يهددها الخصوم، لا سيما الصين وروسيا”. وتابع: “إن نطاق وحجم وتعقيد هذا التهديد … حقيقي ومثير للقلق. على الرغم من أن الفضاء مجال لخوض الحرب، إلا أن هدفنا هو ردع امتداد الصراع إلى الفضاء. إن أفضل طريقة أعرفها لفعل ذلك هي الاستعداد للقتال والربح… نحن الأفضل في العالم في مجال الفضاء”.

لكن ماذا عن الأفضل في الفضاء في هذا المجال؟ سيكون هذا مثيرًا أكثر للإعجاب. ومن الغريب أن الطريقة التي تجد بها الجمهورية الأمريكية ضرورة في التأكيد باستمرار على تفوقها. إنها تشير إلى عدم الأمان. ولماذا العقل العسكري الأمريكي أصم وأعمى عن التاريخ لدرجة أنه لا يدرك التفكير القديم “تهديد = تهديد مضاد = تهديد أكبر” الذي أدى إلى حرب فيتنام وسباق التسلح النووي الخطير بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي؟

الجنرالات، بدافع عجزهم أو عدم رغبتهم في التعلم من الماضي، وجدوا جبهة قتال جديدة، وترامب شخص يحبذ تشجيع السلوك العدواني. لكن ماذا سيحدث بعدها في تخيلهم؟ سوف تسعى دول أخرى، بسبب الخوف من هذا الاستعراض للهيمنة السماوية، إلى مضاهاة أو تجاوز القدرات الأمريكية. ومثل الفضاء نفسه، فإن احتمالية الخصومة المدمرة لا نهائية. 

ومن المنطقي جدًا للحكومات أن ترغب في حماية اتصالاتها عبر الأقمار الصناعية وأنظمة الملاحة من صواريخ الاعتراض الأرضية والحرب الإلكترونية مثلًا، وكذلك من المشروع أيضًا أن تهدف لأن تصبح “لاعبًا رائدًا في الفضاء،” مثلما قال بيني موردانت، وزير الدفاع البريطاني السابق، في شهر يوليو أثناء تحديد الأهداف البريطانية. إنه صحيح بلا شك أن الفضاء يقدّم فرصًا فريدة من نوعها للأبحاث العلمية والطبية القيّمة تجاريًّا والابتكار والاستكشاف والسفر المدني. لكن الطريقة التي نضمن بها ألا يتحول الفضاء إلى “مجال للحرب” ليست أن نبدأ في سباق تسلح من أجل التفوق الوطني، وليست الانضمام إلى مبادرات “ردع فضائي” يقودها الجيش الأمريكي، مثل عملية Olympic Defender، ومثلما تخطط المملكة المتحدة؛ من أجل تجنب عسكرة الفضاء والخطر المترتب بوقوع صراع مستقبلي، ينبغي أن تعمل جميع الدول المعنية معًا لإنشاء سلطة فضاء دولية مكلفة بتطبيق قواعد جديدة مُلزمة، متمثلة في معاهدة مُحدّثة بتصديق من الأمم المتحدة.. وفي النهاية يبقى السؤال: هل سيفعلون ذلك؟ فلننتظر ونرى.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا