الجزائر تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب.. خلافات وتوترات سبقت القرار

محمود طلعت

محمود طلعت

في تطور مفاجئ أعلنت الجزائر قطع علاقتها الدبلوماسية مع المغرب اعتبارا من اليوم الثلاثاء (24 أغسطس 2021)، متهمةً الرباط بالتحريض وانتهاك معاهدة حسن الجوار.

ويأتي هذا القرار بعد تصاعد التوتر بين البلدين على خلفية قضايا سياسية أبرزها قضية الصحراء.

وتفصيلا قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة خلال مؤتمر صحفي، إن السلطات المغربية «منحت موطئ قدم لقوات عسكرية أجنبية في المنطقة المغاربية».

واعتبر أن «تحريض ممثل المغرب على الإدلاء بتصريحات كاذبة ضد دولة جارة يشكل عملاً خطيراً وغير مسؤول، وينتهك المادة 5 من معاهدة حُسن الجوار المبرمة بين البلدين».

ولفت وزير خارجية الجزائر أن «الأعمال العدائية للمغرب تشمل التعاون مع منظمتي (ماك) و(رشاد) الإرهابيتين في الجزائر».

أزمات سياسية خطيرة

يقول لعمامرة: «الجزائر ترفض التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة المغربية مهما كانت الظروف، خصوصا خلال أزمات سياسية وأمنية خطيرة، هددت استقرار وأمن المملكة المغربية، ومن جانبها تشن أجهزة الأمن والدعاية المغربية حربًا واسعة النطاق ضد الجزائر وشعبها وقادتها».

واتهم وزير الخارجية الجزائري المغرب بأنه تخلى بصفة خطيرة وممنهجة بشكل كلي أو جزئي عن الالتزامات الأساسية التي تقوم عليها عملية تطبيع العلاقات بين البلدين.

واعتبر لعمامرة أن الرباط جعلت من أرضها قاعدة للهجمات الممنهجة على الجزائر، وآخر الأعمال العدائية تمثلت في اتهامات باطلة وتهديدات ضمنية أطلقها وزير الخارجية الإسرائيلي خلال زيارة رسمية للمغرب بحضور نظيره المغربي”.

وأوضح أن قطع العلاقات الدبلوماسية لا يعني بأي شكل من الأشكال أن يتضرر المواطنين الجزائريين المقيمين في المغرب، والمغاربة المقيمين في الجزائر من هذا القرار، فالقنصليات ستباشر عملها بصفة طبيعية كما هو الحال التقليدي في العلاقات الدولية.

وحول الإجراءات التي ستتخذها بلاده بشأن أنبوب الغاز الذي يربط حقول الجزائر بأوروبا مرورا بالمغرب، والذي ينتهي الاتفاق بشأنه في أكتوبر المقبل، قال لعمامرة «فيما يخص ملف الغاز، سيتم اتخاذ قرار لشركة المحروقات (سوناطراك)، بعد إجراء تقييم وفق الاعتبارات الدولية وما يتناسب مع الوضع الجديد».

دعوة لتجنب التصعيــد

من جهته أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن أسفه البالغ حيال إعلان الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، داعيا في الوقت ذاته البلدين إلى ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد.

وقال مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة إن «الجزائر والمغرب بلدان رئيسيان في منظومة العمل العربي المشترك، وإن الأمل لا يزال معقوداً علي استعادة الحد الأدني من العلاقات بما يحافظ علي استقرارهما ومصالحهما واستقرار المنطقة».

«مبررات ضعيفة للغاية»

وتعليقا على القرار، اعتبر يوسف غربي، رئيس لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية بمجلس النواب المغربي، أن النظام الجزائري يحاول تصدير أزماته الداخلية بقطع العلاقات مع المغرب.

ووصف قرار الجزائر بـ«الموقف العدمي»، مشيرا إلى أن «هدف النظام الجزائري من هذا القرار تصدير أزمته الداخلية، وهي أزمة مرتبطة بالديمقراطية والتنمية أساسا».

وقال يوسف غربي: «في اللحظة التي ركز فيها خطاب الملك محمد السادس على ضرورة تشكيل اتحاد مغاربي كقوة لا بد منها لتجاوز الصعوبات الذاتية بشمال أفريقيا، اختارت الجزائر مقابلة ذلك بموقف غريب جدا»، معتبرا أن مبررات القرار الجزائري تظل ضعيفة للغاية.

واختتم تصرياته بتساؤله: «للأسف الشديد، لست أدري ما الذي يسعى إليه النظام الجزائري من خلال تسميم الأجواء وزيادة التوتر في المنطقة؟».

علما المغرب والجزائر
علما المغرب والجزائر

خلافات ســــبقت القـرار

حالة من التوتر بين الجارتين، سبقت القرار الذي صدر اليوم، ففي الثامن عشر من أغسطس الجاري عقد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون اجتماعا استثنائيا للمجلس الأعلى للأمن، خُصص لتقييم الأحداث الأخيرة، وما قال إنها «الأعمال العدائية المتواصلة من طرف المغرب، وحليفته إسرائيل ضد الجزائر».

واتهم المجلس الأعلى للأمن الجزائري حركتي (ماك) و(رشاد) بالوقوف خلف الحرائق الأخيرة، وفي قتل وحرق الشاب جمال بن سماعيل (فنان جزائري)، وقال إن الحركتين «تتلقّيان الدعم والمساعدة من أطراف أجنبية، خصوصاً المغرب وإسرائيل».

وقال بيان الرئاسة الجزائرية حينها إنه «بسبب الأفعال العدائية المتكررة من طرف المغرب ضدّ الجزائر، تقرر إعادة النظر في العلاقات بين البلدين، وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية».

جدير بالذكر أن ملك المغرب محمد السادس، كان قد دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في خطاب عيد العرش يوم 31 يوليو الماضي، إلى العمل في أقرب وقت ممكن على بناء علاقات ثنائية أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار بين المغرب والجزائر، وفتح الحدود، المغلقة منذ عام 1994.

ربما يعجبك أيضا