الحرب التجارية بين بكين وواشنطن.. هل بدأت جولات جديدة من الرسوم؟

آية أحمد

الصين أخفقت إلى حد بعيد في الوفاء بالتزاماتها بشراء ما قيمته 200 مليار دولار إضافية من السلع الزراعية والمصنعة في الولايات المتحدة، والطاقة والخدمات


إن محاولة فرض الإرادة الاقتصادية على بلد آخر لن يوصلها إلى أي مكان، وفي نهاية المطاف، إن كلا الجانبين سيفعل ما يشعر بأنه الأفضل لبلده وشعبه.

في ضوء الدعم المثير للجدل الذي تقدمه الصين لدعم قطاعاتها الاستراتيجية، فإن الولايات المتحدة متمسكة بقوة بالدعوة إلى ما تعتبره بيئة تجارية عادلة.

تقرير الكونجرس السنوي 2022

في تقرير الكونجرس السنوي الصادر يوم الأربعاء الموافق 16 فبراير 2022، أشار مكتب السفيرة كاثرين تاي، الممثلة التجارية للولايات المتحدة، إلى أن الصين لم تتبن قواعد منظمة التجارة العالمية حتى بعد عشرون عامًا من العضوية، واحتفظت بنهجها الثابت غير السوقي الذي تقوده الدولة إزاء الاقتصاد والتجارة على حساب الشركات التجارية والعمال على مستوى العالم، فضلًا عن أن لديها أيضًا تاريخ طويل من الانتهاك والتجاهل والتحايل على قواعد منظمة التجارة العالمية من أجل تحقيق أهداف سياستها الصناعية.

يُعد تقرير الكونجرس والذي يُصدر سنويًّا منذ انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، أول تقرير يُصدر في إطار الممثلة التجارية للولايات المتحدة كاثرين تاي، ويعكس استراتيجيتها التجارية للصين، كما أضافت كاثرين تاي، أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، قد نددت منذ فترة طويلة بالممارسات الصينية، مثل إعاناتها للشركات العامة، وتتهم بكين أيضًا بسرقة الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا بالقوة من الشركات الأجنبية مقابل الوصول إلى الأسواق.

عدم امتثال الصين لقواعد منظمة التجارة العالمية

قبل عامين، وفي محاولة لإنهاء الحرب التجارية المتفاقمة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وقعت كلتا الدولتين اتفاقاً وعدت فيه الصين بشراء ما قيمته 200 مليار دولار إضافية من السلع والخدمات الأميركية في عامي 2020 و2021، مقارنة بمستويات عام 2017.

أظهرت البيانات أن الصين أخفقت إلى حد بعيد في الوفاء بالتزاماتها بشراء ما قيمته 200 مليار دولار إضافية من السلع الزراعية والمصنعة في الولايات المتحدة، والطاقة والخدمات، وكانت التزامات الشراء محور صفقة ترامب التجارية المرحلة 1 مع الصين، التي بدأت في منتصف فبراير 2020، وأوقفت تصاعد التعريفات الجمركية.

القطاعات المتضررة من سياسات الصين غير السوقية

ومن بين القطاعات المتأثرة بالممارسات الصينية التي تعتبر غير عادلة، تشير كاثرين تاي إلى قطاعات الصلب والألومنيوم والطاقة الشمسية وصيد الأسماك، كما انخفضت صادرات الولايات المتحدة من السلع إلى الصين في ديسمبر 2021، مما أدى إلى عجز هائل في التزامات بكين بالشراء لمدة عامين بموجب صفقة “المرحلة 1” التجارية التي تفاوضت عليها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.

صرح مكتب الإحصاء الأمريكي يوم الثلاثاء الموافق 15 فبراير 2022، بإن العجز التجاري في الولايات المتحدة مع الصين في عام 2021 ارتفع بمقدار 45 مليار دولار، أي بنسبة 14.5%، ليصل إلى 355.3 مليار دولار، وهو أكبر عجز تجاري منذ عام 2018 والذي بلغ 418.2 مليار دولار.

كما ارتفع العجز التجاري العالمي في الولايات المتحدة في عام 2021 بنسبة 27% إلى مستوى قياسي بلغ 859.1 مليار دولار أميركي مع إعادة تنظيم الشركات للمخزونات لتلبية الطلب القوي، فضلًا عن أن مشتريات بكين من المنتجات السلعية والطاقة والخدمات المستهدفة في اتفاق المرحلة 1 لم تكن حتى كافية للعودة إلى المستوى الأساسي 2017.

الأدوات الجديدة في ا

وفقًأ لمكتب الممثلة التجارية، يتعين على الولايات المتحدة أن تتبع استراتيجيات جديدة وتحديث أدواتها التجارية المحلية للتعامل مع “سياسات وممارسات الصين غير السوقية للإكراه الاقتصادي.

أوضح مكتب الممثلة التجارية أنَّ إدارة “بايدن” تسعى إلى أن تتبنى منظمة التجارة العالمية بياناً مشتركاً حول أهمية الشروط الموجّهة نحو السوق من أجل تجارة عادلة، وبالتالي؛ مقارنة الممارسات الاقتصادية غير السوقية، بهدف تشكيل مناقشات إصلاح منظمة التجارة العالمية في المستقبل.

وفي4 فبراير2022، أقر الكونجرس الأميركي قانون المنافسة الأمريكي، وخصص 52 مليار دولار أميركي لتمويل أشباه الموصلات، و45 مليار دولار لتعزيز سلاسل التوريد من السلع الحيوية، و160 مليار دولار أميركي للبحث العلمي والابتكار، ويُنظر إلى مشروع القانون باعتباره وسيلة لتعزيز القدرة التنافسية للشركات الأمريكية، تجاه الصين في مجال التكنولوجيا.

وتشمل الاحتمالات الأخرى فرض رسوم مكافحة الإغراق أو الرسوم التعويضية على السلع الصينية، أو حتى استهداف شركات صينية محددة للانتقام، مع حظر منظمة التجارة العالمية الإعانات التي تهدف إلى تعزيز الصادرات، وكذلك الإعانات التي تؤثر سلبًا على أعضاء منظمة التجارة العالمية الآخرين، وإذا قدمت هذه الإعانات، يجوز للدول الأعضاء المتضررة أن تتخذ إجراءات، عادة عن طريق التعريفات الجمركية.

رد الفعل الصيني

اتهم وزير المالية الصيني السابق لو جيوي الولايات المتحدة مؤخراً بتبني ممارسات اتهمت بها الصين، في حين أنه اقترح ضرورة تعريف “تشويه السوق” و “الدعم الصناعي” في المحادثات بين المنافسين الاستراتيجيين.

ولكن بنجامين كوسترزوا، وهو مستشار قانوني في هوجان لوفلز ومستشار عام مساعد سابق لدى مكتب الممثل التجاري الأميركي، قدم منظوراً مختلفًا -“إن الإعانات التي تقدمها الولايات المتحدة ليست بنفس حجم إعانات الصين، والعديد منها موجود في منظمة التجارة العالمية، على سبيل المثال، السياسات الزراعية، كما أن “السياسات الصناعية في الصين أوسع نطاقًا بكثير لتشجيع المؤسسات المملوكة للدولة بدلًا من المؤسسات الخاصة”.

 

ربما يعجبك أيضا