الحرس الثوري.. ماذا يعني إهداره الأموال في سوريا لموازين القوى الإقليمية؟

عمر رأفت
الحرس الثوري يًهدر ملايين الدولارات في سوريا .. وتسليح الجيش الإيراني لم يُحدث منذ العهد البهلوي

وفقًا لتقرير أبرزته مجلة نيوزويك الأمريكية، في وقت سابق من هذا الشهر وتحديدًا في 10 يناير 2023، أنفقت طهران عشرات الملايين من الدولارات من الميزانية العامة للبلاد لنشر شبكة دفاع جوي شاملة في سوريا.


عقوبات جديدة جرى فرضها من الدول الغربية على الحرس الثوري الإيراني، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من الخروقات.

ويعمل التنظيم العسكري المسلح، والكيان الأهم بالنسبة إلى النظام الإيراني، على تكثيف نظام الدفاع الجوي السوري، على الرغم من الفقر المتفشي في إيران وضعف جيشها نفسه.

شبكة دفاع جوي بعشرات الملايين في سوريا

وفقًا لتقرير أبرزته مجلة نيوزويك الأمريكية، في وقت سابق من هذا الشهر، وتحديدًا في 10 يناير 2023، أنفقت طهران عشرات الملايين من الدولارات من الميزانية العامة للبلاد لنشر شبكة دفاع جوي شاملة في سوريا.

ونقلت مجلة نيوزويك عن مصدر استخباراتي، لم يعلن عن اسمه، أن الحرس الثوري الإيراني على مدى العامين الماضيين كان يروج لنشر قدرات دفاع جوي نيابة عنه في سوريا، بتكلفة تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات، من أجل التعامل مع الغارات الجوية الإسرائيلية.

ولعبت إيران دورًا رئيسًا في الصراع السوري منذ عام 2011، من خلال إرسال مقاتلين وأسلحة لمساعدة قوات بشار الأسد وترسيخ نفسها قرب إسرائيل، وبحسب المصدر فإن نائب قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني، فريدون محمدي صقائي، هو من يقود مشروع الدفاع الجوي.

جيش إيراني ضعيف

هذا المشروع يأتي في الوقت الذي يعد فيه الجيش الإيراني من أضعف الجيوش على مستوى التسليح، إذ قال الباحث البارز في معهد الدراسات الأمنية في إسرائيل، يفتي شابير، لراديو فردا الإيراني، إن الجيش الإيراني يواجه مشكلات.

وقال شابير: “الجيش الإيراني جيش لا يستهان به في الشرق الأوسط، خاصة منذ عام 2003 عندما تفكك الجيش العراقي، ولكنه يواجه مشكلات، منها كيفية تسليحه، لأن الجيش والحرس الثوري الإيراني يتنافسان في هذه المجالات، وهذه مشكلة كبيرة”.

أسلحة منذ العهد البهلوي

وقال مدير قسم الأبحاث في مركز دراسات السياسة الأمنية في جنيف، شهرام شوبان، إن “الجيش الإيراني أمامه طريق طويل ليقطعه قبل أن يصبح مكتفيًا ذاتيًّا، والحقيقة هي أنه بعد ثورة 1979 والحرب العراقية الإيرانية، لم تتمكن إيران من شراء أسلحة من الدول الغربية، فاستخدمت الأسلحة التي ورثتها عن عهد محمد رضا بهلوي”.

ولا ترقى القدرات التسليحية للجيش الإيراني إلى الخطاب العدائي للنظام من حين إلى آخر، وهذا نظرًا إلى أن الجيش الإيراني يعاني مشكلات تتعلق بالأنظمة والمعدات القديمة التي مزقتها الحرب، حسب ما وصف معهد الشرق الأوسط في واشنطن.

قدرات محدودة أمام القوى الأخرى

بالإضافة إلى الجهود الغربية والأمريكية لتحجيم إيران من ناحية القدرات التسلحية، ورغم عمل طهران على تطوير مجمع صناعي عسكري محلي، فإن أسلحتها العسكرية تتكون إلى حد كبير، من أنظمة أسلحة قديمة جرى شراؤها قبل الثورة الإيرانية عام 1979.

ولا يملك الجيش الإيراني أسلحة بقدرات متقدمة لإجراء عمليات هجومية تقليدية واسعة النطاق، وبالتالي فإن قدراته ستكون محدودة للغاية ضد دول الخليج أو أي قوى خارجية أخرى.

أهمية الوجود الإيراني في سوريا

تحدث الباحث في الشأن الإيراني، يوسف بدر، عن أهمية الوجود الإيراني في سوريا، فقال إنه يتعلق بعدة استراتيجيات. وكشف بدر عن تلك الاستراتيجيات في تصريحات لـ”رؤية”، فقال إن الاستراتيجية الأولى، تتعلق بالأمن القومي الإيراني، حيث المركز على الحدود مع إسرائيل.

وهذا يعني أن إيران لديها قنبلة نووية موازية للنووي الإسرائيلي. وأكد بدر أن إيران تعتمد على هذا الحضور من خلال الميليشيات الموالية لها في سوريا ولبنان وفلسطين، كضمانة تستهدف بها إسرائيل إذا ما هاجمت الأخيرة إيران، ولذلك دائمًا ما نجد إيران تهدد باستهداف إسرائيل بآلاف الصواريخ، إذا ما هاجمت أراضيها.

الوجود الإيراني في شرق المتوسط

أشار بدر إلى أن هذا يفسر الوجود الإسرائيلي داخل كوردستان العراق ودولة أذربيجان للرد على الاقتراب الإيراني، وكذلك، يفسر أسباب الوجود الأمريكي في منطقة التنف السورية، للحيلولة بين إيران وإسرائيل، خاصة أن طهران وحزب الله اللبناني دائمًا يهددان بدخول المقاومة إلى هضبة الجولان.

وأما الاستراتيجية الثانية، فقال الباحث في الشان الإيراني إنها تتعلق بالوجود في شرق المتوسط، حيث الامتداد الجغرافي الطبيعي والتاريخي لإيران، يتعلق بخطط مستقبلية حول مسارات التجارة والطاقة وإحياء الطرق البرية الدولية، وتسعى إيران لربط هذه المنطقة مع منطقة وسط وشمال آسيا.

تكرار طهران للتجربة الصينية

أكد بدر أيضًا أنه يمكن لتجارة روسيا والصين ودول آسيا الوسطى الوصول إلى الأراضي الإيرانية، ثم العبور إلى العراق، فسوريا، حتى الوصول إلى أوروبا، وهذه الاستراتيجية تحافظ عليها إيران بقوة، وتسعى لتفعيلها باتفاقيات بناء السكك الحديدية والطرق الدولية المشتركة مع سوريا والعراق ودول آسيا.

وأشار كذلك إلى سعي إيران لتقليد التجربة الصينية التي تعمل على إحياء طريق الحرير، الطريق التجاري التاريخي، تحت مسمى مشروع الحزام والطريق، وتسعى طهران أيضًا لإحياء الطريق التاريخي للتجارة الذي كان يجعل من الأراضي الإيرانية همزة وصل بين شرق المتوسط وعمق وسط وشمال آسيا.

سيطرة كاملة في إيران

قال المعارض الإيراني، مهدي عقبائي، إن الحرس الثوري يمتلك أموالًا ضخمة سيطر بها على جميع مفاصل الاقتصاد الإيراني، وهي السبب الرئيس وراء الفقر ونقص سبل العيش للشعب. وأضاف عقبائي، في تصريحات لـ”رؤية” أن الشعب الإيراني يعيش حالة من الفقر المضجع.

ورغم ذلك الفقر، ينفق الحرس الثوري مبالغ كبيرة في أماكن أخرى، بما في ذلك حزب الله اللبناني والحوثيون وحماس وفي سوريا أيضًا. ونوه عقبائي بتصريحات الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي قال إنه فخور بما يقدمه إليه النظام الإيراني، من طعام وملابس، فضلًا عن الأسلحة.

وأكد مهدي عقبائي أن الحرس الثوري يمتلك جميع مؤشرات التنظيم الإرهابي، ويجب تصنيفه على القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية.

ربما يعجبك أيضا