الحكومة اللبنانية تعقد جلسة شائكة الاثنين وسط جدل سياسي وقانوني

إسراء عبدالمطلب
جلسة مجلس الوزراء في لبنان

رغم تعهد رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، بعدم مناقشة الجلسة إلا الأمور التي تتعلق بالمواطن، فإن البعض أعرب عن مخاوفه من أن تنتقص هذه الجلسة من صلاحيات الرئاسة،


دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، لعقد جلسة وزارية، غدًا الاثنين 5 ديسمبر 2022، في أول اجتماع منذ انتقلت إليه صلاحيات رئيس الجمهورية.

وخلق إعلان ميقاتي جدلًا سياسيًّا ودستوريًّا، بشأن قانونية انعقاد مجلس الوزراء، في ظل الشغور الرئاسي، ما اعتبره “التيار الوطني الحر” غير دستوري، كون الحكومة الحالية لم تحظَ بثقة البرلمان الجديد.

جلسة الاثنين

حسب صحيفة “الشرق الأوسط“، تريث “حزب الله” باتخاذ القرار، في حين حاول رئيس حكومة تصريف الأعمال تطمين الرافضين، عبر  التأكيد أن أسباب عقد الجلسة لإقرار ملفات أساسية، تتعلق بصحة المواطنين.

وأعلن ميقاتي، أمس السبت، أن دعوته مجلس الوزراء إلى الانعقاد، سببها وجود ملفات أساسية تتعلق بصحة المواطن، يقتضي البت بها، مشددًا على أنه بعد الاطلاع على الجدول، الذي أعدته الأمانة العامة لمجلس الوزراء، يمكن بسهولة استبعاد أكثر من 40 بندًا عن الجدول، ولن تقر إلا الأمور، التي نعتقد ويعتقد الوزراء، أنها ضرورية.

لغة مقيتة

رغم تعهد ميقاتي بعدم مناقشة الجلسة إلا للأمور التي تتعلق بالمواطن، فإن البعض أعرب عن مخاوفه من أن تنتقص هذه الجلسة من صلاحيات الرئاسة، وتحدث آخرون عن دستورية الجلسة، ورفض النائب عن كتلة “الجمهورية القوية”، أنطوان حبشي، أن يكون انعقاد المجلس للنيل من صلاحيات رئيس الجمهورية.

ويتضمن جدول أعمال الجلسة 65 بندًا، أولها توزيع الاعتمادات المخصصة للمعالجة في المستشفيات الخاصة والعامة على نفقة وزارة الصحة، وبينها بنود متصلة بصرف 35 مليون دولار شهريًا لمدة 3 أشهر، لزوم شراء أدوية للأمراض المستعصية. وأثارت البنود الأخرى رفضًا من قوى سياسية، منها “القوات اللبنانية”.

وقال مستشار رئيس الحكومة، فارس الجميل، في تصريحات تلفزيونية، إن الجلسة حال انعقادها ستكون بنصاب الثلثين، وبالتالي سيكون هناك احترام للميثاقية، وستشهد حضورًا مسيحيًّا، وأنه يجب الابتعاد عن اللغة المقيتة، التي يلجأ إليها التيار الوطني الحر، وفقًا لما نقله موقع “عكاظ” السعودي.

حق ساقط

ركز التيار الوطني الحر، المعروف أيضًا بـ”التيار العوني”، على اعتبار عقد الجلسة مخالفة دستورية، ما من شأنه تحفيز القوى المسيحية الأخرى على رفض انعقاد جلسات مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي، تخوفًا مما وصفوه “استيلاء” ميقاتي على صلاحيات رئاسة الجمهورية.

وعبرت نائب رئيس التيار، مي خريش، عن موقف الحزب في تغريدة عبر حسابها الرسمي على “تويتر”، وجهت فيها رسالة إلى رئيس الحكومة، قائلة: “دولة الرئيس.. الأزمة الاجتماعية يلّي عم تتحجج فيها مش مستجدة.. إنت رئيس حكومة مستقيلة، والدستور بيمنعك تدعي لمجلس وزرا بغياب رئيس جمهورية.. من وين استرجعت حق ساقط.. وساقط معو تكليفك؟”

حملات تحريض

رد ميقاتي على تصريحات مي خريش، في تغريدات نشرتها رئاسة مجلس الوزراء اللبنانية عبر حسابها الرسمي على موقع “تويتر” اتهمت التيار الوطني الحر بشن حملات تحريض، وادعى أن كلام نائبة رئيس الحزب “يحمل في طياته تهديدًا وتحريضًا، وهو بمثابة إخبار إلى الأجهزة القضائية المختصة”.

ونقلت وكالة الأنباء المركزية عن الخبير الدستوري اللبناني، ميشال قليموس، أن لرئيس الحكومة حق دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، مثل عام 1969 عندما أقرت حكومة رشيد كرامي المستقيلة مشروع الموازنة، وعام 1973 حين مددت حكومة سليم الحص المستقيلة سن تقاعد القضاة من 64 إلى 68 عامًا.

وأضاف قليموس أن جلسة الحكومة تعقد في أوضاع استثنائية، وتحتم الاجتماع بأكثرية الثلثين، وتتخذ القرارات نسبة للظروف والأوضاع والحاجة، لتأمين استمرارية المرفق العام، موضحًا أن الميثاقية لا تتأمن بالأحزاب أو المذاهب، وأن أي وزير يمتنع عن حضور الجلسة يحاكم ويعاقب جزائيًّا، وفق المادة 70 من الدستور.

تجاذب وتصعيد

قال المحلل السياسي اللبناني، عبدالله نعمة، في تصريحات لشبكة رؤية الإخبارية، إنه لا يوجد حتى الآن أي تطور إيجابي ملموس بشأن الاستحقاق الرئاسي، في ظل التجاذب والتصعيد الداخلي المستمر، موضحًا أن فرنسا لم تنتقل بعد إلى مرحلة طرح مبادرة جديدة تسهم في انتخاب رئيس الجمهورية، وما زالت تجري الاتصالات، سعيًا وارء اسم توافقي.

واستبعد نعمة حصول تطور إيجابي قريب، مشيرًا إلى أن جلسة البرلمان، المقررة  يوم الخميس المقبل، لن تؤدي إلى أي نتيجة، خاصة في ضوء التصعيد الأخير المتمثل في موقف حزب “القوات” ورئيسه وتوجيهه رسالة إلى رئيس مجلس النواب، نبيه بري، محملًا إياه مسؤولية العمل على وقف التعطيل، وتلويحه بالمقاطعة.

جلسة مجلس الوزراء في لبنان

ابتزاز

وعبدالله نعمة قال إن حزب الله اختار السير بطريقة مغايرة لآلية تعاطيه مع التيار الوطني الحر، على ما يبدو، وكأنه يحذر رئيس التيار، جبران باسيل، بأنه: ” لم نعد مستعدين للعمل لديك، ولسنا موظفين عندك، ولا يمكنك أن تبقينا أسرى لخياراتك”.

وأضاف نعمة أن باسيل يعمل عند كل محطة على ممارسة الابتزاز، ووصلت هذه المواقف إلى مرحلة النظر بجدية إليها، في حين امتحانها الفعلي جلسة مجلس الوزراء، يوم الاثنين المقبل.

مقاطعة من 6 وزراء

وأوضح نعمة إن ميقاتي لم يكن ليعلن موعد الجلسة لو لم يحصل على ضمانات من الثنائي الشيعي، خاصة أنه نسق خطوته مع رئيس مجلس النواب، نبيه بري، في حين يدفع حزب الله إلى انعقاد الجلسة، ويحاول إقناع التيار بذلك، ويراهن الأخير على موقف حزب الله لتعطيل الجلسة، خصوصا مع وجود 6 وزراء للتيار سيقاطعون الجلسة المزمعة.

وأوضح نعمة أن وزير الاقتصاد، أمين سلام، سيشارك في الجلسة، رغم أنه كان محسوبًا على “التيار”، وبحال بقاء الوضع على حاله، سيبقى “التيار” بحاجة إلى وزيرين ليمنع انعقاد الجلسة وعدم تأمينها النصاب، لذلك يراهن على وزراء حزب الله.

وقال المحلل السياسي: “يريد حزب الله إيصال رسالة لباسيل، بأنه لم يعد بالإمكان الاستمرار وفق المسار السياسي القديم، وأن الخلاف جديّ وكبير بين الطرفين، ولديه سخط حقيقي من باسيل، خاصة بعد مواقفه الأخيرة بشأن الاستحقاق الرئاسي.

ربما يعجبك أيضا