الحكومة اللبنانية.. صراع بين الأحزاب و”مخاوف إقليمية” من هيمنة إيران

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

لا يزال المشهد السياسي اللبناني ضبابيا فيما يتعلق بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، فالأحزاب السياسية اللبنانية تتصارع على “الوزارات السيادية” وتتبادل الاتهامات فيما بينها، وكل من هذه القوى السياسية يحاول فرض شروطه على رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري لتحقيق أكبر المكاسب.

فمن جهة، أتت تصريحات سعد الحريري الأخيرة لتؤكد أن هناك “تنازلات” من أحزاب وتيارات سياسية في لبنان لتشكيل الحكومة، ومن جهة أخرى خرجت تصريحات مضادة لتصريحات “رئيس الوزراء المكلف” من قوى وأحزاب لبنانية الأمر الذي يشير إلى أن تشكيل الحكومة اللبنانية معقد وقد لا يتم أو يكتمل في الأمد القريب.

كذلك فإن تأثر الفرقاء اللبنانيين بالخلافات الإقليمية (خصوصا في سوريا واليمن) والصراعات الدولية، ساهم بشكل رئيسي في تعطيل تشكل “الحكومة اللبنانية” حتى اللحظة، وخصوصا مع هيمنة مليشيات إيران في لبنان، ممثلة في مليشيا “حزب الله” اللبناني، وتحقيق تحالفها مع “تيار عون” الأغلبية في الانتخابات البرلمانية الماضية.

تنازلات

في مايو الماضي، طلب الرئيس اللبناني ميشال عون، من الحريري، زعيم “تيار المستقبل”، تشكيل الحكومة الجديدة، بعد الانتخابات النيابية.

ورغم أن الحريري فشل في الأشهر الماضية في تشكيل الحكومة، فإنه أعلن اليوم، وجود “تنازلات” من جميع الفرقاء ببلاده، لتشكيل الحكومة، معربا عن أمله في القيام بهذه الخطوة قريبا.

وقال الحريري: إن “جميع الفرقاء قدموا تنازلات، بمن فيهم القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر”، وأضاف: “الوضع القائم حتم على الجميع أن يقدموا التنازلات، وكل العقد في طريقها إلى الحل”.

وتابع الحريري: “في حال اعتذرت عن تشكيل الحكومة، فإني لن أطلب من أحد أن يكلفني، والظروف التي سادت في حكومتي الأولى (2009) مختلفة عن الظرف القائم اليوم”.

الأيام العشرة

وجدد الحريري تأكيده على أن الحكومة ستتشكل خلال الأيام العشرة المقبلة، لافتا إلى أن بلاده “بأمس الحاجة لهذه الحكومة، كما أن الوضع الاقتصادي يحتّم ذلك، ويفرض على الجميع أن يقدموا بعض التنازلات من أجل البلد”.

التيار الوطني

بدوره، قال وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل (رئيس التيار “الوطني الحر”)، “قد نكون في المرحلة الأخيرة قبل ولادة الحكومة إذا اعتمدنا المعايير الصحيحة”.

وأضاف باسيل، “نحن نلاقي إيجابية الرئيس الحريري وعلى الجميع تقديم تنازلات حقيقية لا وهمية، نريد حكومة وحدة وطنية.. ابتزازنا تحت ذريعة حكومة الوحدة الوطنية مرفوض”.

وتابع: “نطالب بحكومة منتخبة على أسس عادلة بمعايير واحدة تعطي الثقة للبنانيين للنهوض بالاقتصاد ونحن أمام الرئيس المكلف لإنهاء المهمة في يومين لا 10″، وتابع إن “معيار وزير لكل 5 نواب”، “يحتاج دراسة معمقة وتدقيقا موضوعيا”.

فيما وصف الحريري تصريحات باسيل، بأنها “غير إيجابية”، وقال الحريري: “المعيار الوحيد الذي أعتمده في التشكيل هو أنها حكومة وفاق وطني، وفي اللحظة التي نضع فيها معايير، نكون نكبل أنفسنا بتشكيل أي حكومة في المستقبل، وهذا الأمر ليس له أصل، لا دستوري ولا عرفي ولا له تاريخ ولا جغرافيا”.

وفي ما يتعلق بربط تشكيل الحكومة بدخول العقوبات على إيران حيز التنفيذ في 3 نوفمير/ تشرين الثاني المقبل، قال الحريري: “أتمنى ألا يفكر أحد على هذا النحو، لأن لبنان ليست إيران، وإيران ليست لبنان”.

رئيس البرلمان

من جهته أعرب رئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه برى، عن تشاؤمه جراء استمرار العقبات والتعقيدات التى لا تزال تحيط بتشكيل الحكومة الجديدة، مؤكدا أن الحكومة “لم تتقدم مترا واحدا” إلى الأمام فى سبيل إنجاز تأليفها.

واستخدم رئيس مجلس النواب -في تصريحات أدلى بها لصحيفة (الجمهورية) اللبنانية- عبارة “ومطرحك يا واقف” فى ما يتعلق بملف تشكيل الحكومة، وهو مصطلح لبنانى دارج فى اللهجة العامية، يستخدم تعبيرا عن حالة الجمود وعدم التحرك أو التقدم إلى الأمام.

وذكرت الصحيفة أن المستويات الرسمية اللبنانية على اختلافها، تلقت مؤخرا نصائح دبلوماسية عربية وغربية، بالاستعجال فى تشكيل الحكومة، للحفاظ على الاستقرار الداخلى، ومبادرة لبنان إلى بناء سلطته التنفيذية والتفرغ للتحديات الاقتصادية والإقليمية.

جنبلاط

أما رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي اللبناني” وليد جنبلاط، فأعلن إمكانية التنازل عن مطالبه الوزارية، والقبول بالتسوية من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة.

وكتب جنبلاط، في تغريدة عبر حسابه بموقع “تويتر”، “كفى بناء قصور من ورق .إن الظروف لا تسمح بهذا الترف وعداد الدين يزداد في كل لحظة نتيجة الهدر والفساد وتراكم الدين والصرف العشوائي . ما من أحد أو مؤتمر لينقذنا”.

وأضاف “التسوية ضرورية ولا عيب في التنازل من أجل الوطن”.

وكان جنبلاط من أبرز المتمسكين بمطالبهم الوزارية، المتمثلة بثلاث حقائب لحزبه، الا أنه أبدى مرونة مؤخرا، من دون تحديد عدد الحقائب التي يطلبها.

وتقسم الحكومة اللبنانية مناصفة بين المسيحيين والمسلمين؛ حيث تتوزع المقاعد عند المسلمين بين 6 مقاعد وزارية لكل من السنة والشيعة، إضافة إلى 3 وزراء للدروز.

العقبات الخارجية

وقد قال اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، في 11 يونيو/ حزيران 2018، أن 74 من أعضاء مجلس النواب اللبناني يؤيدون ما أسماه “محور المقاومة”.

وتابع أنه بهذه النتيجة تحول “حزب الله” من حزب مقاومة إلى حكومة مقاومة في لبنان! وقد أدرجت الولايات المتحدة ودول خليجية “حزب الله” اللبناني وبعض قياداته على قائمة عقوبات، لدعمهم “الإرهاب، وغسيلهم الأموال واتجارهم بالمخدرات”، وهو ما يؤثر بشكل كبير للغاية على تشكيل الحكومة اللبنانية.

الحريري تحدث كذلك عن “أطراف” لبنانية دعت إلى إدراج تطبيع العلاقات مع نظام الأسد في البرنامج الوزاري كشرط مسبق لتشكيل الحكومة، وهو ما يعني عدم تشكيل الحكومة من وجهة نظر الحريري، الذي يرفض يشكل قاطع أي تطبيع للعلاقات مع نظام الاسد المتهم بقتل والده بالاشتراك مع “حزب الله”.

 

ربما يعجبك أيضا