الحوثيون يضغطون بسلاح “مأرب”.. ويشعلون “السوق السوداء” للوقود

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

أزمة جديدة يشهدها اليمن هذه الأيام، والجاني الحوثيون. اتهم المجلس الاقتصادي الأعلى في اليمن، أمس السبت، ميليشيا الحوثي الانقلابية بتعزيز “السوق السوداء” في تجارة الوقود ما أدى إلى ارتفاع قيمة الوقود في مناطق سيطرة الميليشيات بنسبة تزيد عن 150% عن السعر الطبيعي.

وأكد المجلس الاقتصادي (تابع للحكومة الشرعية)، في بيان له، أن واردات اليمن من الوقود خلال العام الجاري تكفي احتياجات اليمنيين حتى نهاية شهر أكتوبر 2020 دون وقوع أي أزمات، مشيرًا إلى أن أي أزمات حالية هي مفتعلة لتعزيز السوق السوداء من قبل الحوثيين.

وتشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا الحوثية أزمة نقص الوقود، منذ نحو شهرين، فيما تنتعش السوق السوداء لبيع المشتقات النفطية والتي يديرها قيادات حوثية.

كانت منظمة الأمم المتحدة، أعلنت، الأحد الماضي، الآليات المتاحة لإيجاد حل عاجل يضمن استمرار تدفق الوقود إلى سكان مناطق سيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية، الذين يعانون نقصًا حادًا في هذه السلعة الحيوية نتيجة عمليات نهب ممنهجة ترتكبها الميليشا.

وقال مارتن جريفيث المبعوث الأممي إلى اليمن، قبل أسبوع، إن مكتبه يتواصل مع الأطراف اليمنية لإيجاد حل عاجل يضمن استمرار تدفق الواردات التجارية من الوقود إلى اليمن عبر ميناء الحديدة، مع ضمان عدم نهب إيراداتها واستخدامها في سداد رواتب موظفي القطاع العام.

وطالب جريفيث، في بيان صحفي باستخدام الإيرادات المرتبطة بالوقود في سداد رواتب موظفي القطاع العام بناء على كشوفات 2014″، أي قبل الانقلاب الحوثي.

انقلاب حوثي

كانت مليشيا الحوثي قد انقلبت على تفاهمات رعتها الأمم المتحدة، ونصت على استخدام إيرادات المشتقات النفطية الواصلة لميناء الحديدة في دفع مرتبات موظفي الدولة المدنيين، وقامت بنهب أكثر من 60 مليون دولار بشكل أحادي لصرفها على عناصرها المسلحة.

وتسبب النهب الحوثي، في تراجع الحكومة الشرعية عن التفاهمات الموقعة أواخر 2019 وعدم إعطاء تصاريح لسفن الوقود والمشتقات النفطية، وهو ما خلق أزمة بصنعاء وباقي مناطق الانقلابيين.

وقالت الحكومة اليمنية: إن المليشيا الحوثية ترفض دخول الوقود من المنافذ الخاضعة للشرعية بهدف المتاجرة بالمعاناة الإنسانية للسكان بمناطق سيطرتها وإنعاش السوق السوداء، وتصر على وصول السفن إلى ميناء الحديدة من أجل نهب الإيرادات.

مبادرة الحكومة الشرعية

دعا المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفثس، في وقت سابق، إلى حل قضية أزمة الوقود في مناطق الحوثيين، معبرًا عن قلقه من الآثار الإنسانية الناجمة عن ذلك.

بينما قدمت الحكومة اليمنية الشرعية، مبادرة جديدة، تضمنت أن تقوم الحكومة بإدخال جميع السفن المتبقية والمستوفية للشروط، على أن تودع كافة إيراداتها في حساب خاص جديد لا يخضع للميليشيات الحوثية، أو من خلال آلية محددة تضمن فيها الأمم المتحدة الحفاظ على هذه العائدات، بحيث لا يتم التصرف بها إلا بعد الاتفاق على آلية الصرف، لكن ميليشيات الحوثي أعلنت رفضها للمبادرة، وفقًا لما أوردته العربية نت.

زيادة واردات الوقود

في سياق متصل، أكد المجلس الاقتصادي الأعلى أن واردات اليمن من الوقود زادت مقارنة بالفترة المقابلة لها من العام السابق 2019 بحوالي 13%، بإجمالي 3,260,443 طن، لافتًا إلى أن نصيب المناطق الخاضعة للحوثيين حوالي 53% بكمية قدرها 1,742,991 طن.

وأفاد أنه تم دخول الواردات من الوقود إلى مناطق الحوثيين عن طريق ميناء الحديدة بنسبة قدرها 73% من تلك الكمية وعن طريق الطرق البرية بنسبة قدرها 27%.، وفقًا لصحيفة الشرق الأوسط.

وأضاف: “بالرغم من تسبب نهب الميليشيا الحوثية للرصيد المخصص لصرف رواتب المدنيين (من الحساب الذي تجمعت فيه الرسوم القانونية لواردات الوقود في ميناء الحديدة) ودعمًا لجهود المبعوث الدولي واستجابة لطلباته من الحكومة اليمنية، تم منح استثناءات بدخول ما لا يقل عن 36 سفينة خلال الفترة من أكتوبر 2019 وحتى أغسطس 2020م”.

استيراد المشتقات النفطية

مصادر عسكرية وسياسية يمنية ذكرت لـ”الشرق الأوسط”، اليوم الأحد، أن قيادات بارزة في ميليشيات الحوثي تحدثت عن أن الهجوم المتواصل على محافظة مأرب هدفه مقايضة الحكومة الشرعية بالتراجع عن التمسك بآلية استيراد المشتقات النفطية، وبالذات النص الخاص بتوريد كافة العوائد الضريبة والجمركية إلى حساب بنكي خاص برواتب الموظفين يشرف عليه مكتب مبعوث الأمم المتحدة، وكذا مطالبتها الميليشيات بإعادة أكثر من 60 مليار ريال استولت عليها من حساب العائدات (الدولار حوالي 600 ريال).

هذه المصادر ذكرت أن ميليشيا الحوثي سلمت المبعوث الأممي مارتن غريفيث، هذه المطالب، قبل الهجوم الأخير على محافظة مأرب، إلا أنه رفض مناقشتها مع الجانب الحكومي، واستمر في مناقشة خطته لإعلان وقف القتال والإجراءات الاقتصادية والإنسانية المصاحبة.

ووفقًا لهذه المصادر، فإن حشد الميليشيات لأغلب قواتها إلى الجبهات المحيطة بمحافظة مأرب، أعاد التذكير بالهجوم الكبير الذي شنته الميليشيات، قبل ما يزيد على عام على محافظة الضالع، وبهدف إغلاق الطرق الرئيسة لنقل البضائع إلى المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وكانت تأمل أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمة الإنسانية هناك، وتوقف حركة التجارة عبر ميناء عدن، مع إغلاق كل الطرق الرئيسية، وبذلك يمكن للمجتمع الدولي الضغط على الشرعية لتحويل حركة السفن نحو ميناء الحديدة، وبما يوفر لهذه الميليشيات مصادر دخل إضافية، ولكي تحقق من خلاله انتصارًا أمام أتباعها، لكن ذلك لم يتحقق.

طرق التجارة

مصادر عسكرية قالت لـ”الشرق الأوسط”، إن ميليشيات الحوثي سحبت معظم قواتها من الجبهات إلى محيط محافظة مأرب، وأرسلت أبرز قادتها العسكريين إلى هذه الجبهات، وبالذات عبدالخالق الحوثي شقيق زعيم الميليشيات، وأبوعلي الحاكم الذي عين رئيسًا لدائرة الاستخبارات العسكرية في قوات الجماعة، والاثنان مدرجان على لائحة العقوبات الدولية منذ قيادتهما الميليشيات عند اقتحام صنعاء في النصف الثاني من عام 2014، إضافة إلى قادة الوحدات الخاصة وخبراء في تفخيخ وإطلاق الطيران المسير، الذين تلقوا تدريبات مكثفة على يد “الحرس الثوري الإيراني”.

ومع انقضاء عدة شهور على هذا الهجوم، الذي لا يزال متواصلا حتى اليوم، فقد منيت ميليشيات الحوثي بأكبر الخسائر في صفوفها، وبين قادة الصف الأول لجناحها العسكري، وفق تأكيدات مصادر عسكرية يمنية، وإفادات وسائل إعلامها التي تبث يوميا تسجيلات لمواكب تشييع مقاتليها، الذين اضطرها تصاعد أعدادهم إلى فتح مقابر جديدة في عدد من المحافظات، بعد أن امتلأت المقابر السابقة بجثث الآلاف منهم.

ومع تأكيد المصادر فشل خطة الميليشيات الحوثية لإغلاق طرق التجارة عبر ميناء عدن، رغم تقدمها في البداية، ووصولها إلى مشارف مدينة الضالع، عاصمة المحافظة، إلا أن القوات الحكومية استعادت كافة المواقع التي سقطت، وأعادت المواجهات إلى الخطوط السابقة، كما قامت بتأمين طريقين إضافيتين لمرور الناقلات الكبيرة عبر الساحل الغربي، ومن ثم الدخول إلى محافظة إب، وطريق أخرى عبر منطقة يافع في محافظة لحج وصولا إلى محافظة البيضاء.

ربما يعجبك أيضا