السيسي في اليونان.. القاهرة وأثينا تسعيان لاستكمال مجدهما التاريخي

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – أبرزت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لليونان، قوة ومتانة العلاقات الثنائية بين البلدين، ومدى تطورها خصوصا خلال الست سنوات الماضية، والسعي إلى تعزيز أواصر الترابط، وزيادة التعاون بين الجانبين لا سيما على المستويين الاقتصادي والتجاري من خلال تعظيم حجم الاستثمارات اليونانية في مصر، لاستكمال مجدهما في ضوء التاريخ الحضاري للبلدين.

“علاقات متينة وممتدة”

في مستهل الزيارة، التقى الرئيس المصري الرئيسة اليونانية كاترينا ساكيللاروبولو، إذ أجريت مباحثات موسعة مع الرئيسة اليونانية، بحضور وفدي البلدين، وأشاد السيسي بعلاقات الصداقة المصرية اليونانية المتينة والممتدة، وما بلغته من مستوى متقدم على مختلف الأصعدة خلال الفترة الأخيرة، وتطلع مصر لتعميقها وتعزيزها، لا سيما على المستويين الاقتصادي والتجاري من خلال تعظيم حجم الاستثمارات اليونانية في مصر، مقدما الدعوة لرئيسة اليونان لزيارة مصر.

وأعربت الرئيسة اليونانية عن تقدير اليونان لمصر على المستويين الرسمي والشعبي، واعتزازها بالروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين الصديقين، والمتمثلة في وجود جاليات مصرية ويونانية كبيرة في كل من مصر واليونان، مشيرة إلى خالص تقديرها لمواقف مصر الداعمة لقضايا اليونان على مختلف المستويات، تلك المواقف النابعة من الدور القيادي الرصين لمصر في المنطقة والذي يحظي باحترام المجتمع الدولي بأسره، وحرص اليونان على تعزيز الروابط والعلاقات الثنائية مع مصر في جميع المجالات.

وأضاف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي أن اللقاء تناول عدداً من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب وتحقيق التعايش بين الأديان ودعم الحلول السلمية للأزمات القائمة بالمنطقة، وسبل مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، منوها بأنه تم التوافق على تكثيف تبادل الخبرات والمعلومات بين الجانبين لمواجهة التحديات التي تفرضها هذه الظاهرة العابرة للحدود.

وقلدت رئيسة اليونان السيسي، أعلى وأقدم وسام لدى اليونان، ومنحها الرئيس المصري وسام قلادة النيل العظمي.

“التعاون الاقتصادي”

وخلال جلسة مباحثات بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، أكد الأخير، حرص بلاده على مواصلة الارتقاء بتلك العلاقات وتعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين على جميع المستويات، لا سيما في ضوء دور مصر المحوري كركيزة للاستقرار والأمن والسلام في منطقتي الشرق الأوسط وشرق المتوسط والقارة الأفريقية.

وأشار السيسي إلى اهتمام مصر بتطوير العلاقات الثنائية في كافة المجالات وتكثيف التنسيق والتشاور السياسي بين البلدين مع استكشاف أوجه التعاون بينهما، خاصةً على الصعيد السياسي والعسكري ومجالات الطاقة، فضلاً عن الارتقاء بالتعاون القائم في إطار الآلية الثلاثية مع قبرص، والتي تعد أداة فاعلة للتنسيق والتعاون في تحقيق التنمية الاقتصادية.

وأكد ميتسوتاكيس اهتمام بلاده بتعزيز حجم التبادل التجاري بين البلدين وإحداث نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية المصرية اليونانية بمشاركة الشركات اليونانية في تنفيذ المشروعات القومية العملاقة في مصر.. وأشار السيسي إلى  أهمية العمل على تعظيم آليات التعاون الثنائي على مختلف الأصعدة، في ضوء اتساق المصالح والمواقف المشتركة بين البلدين في منطقة شرق المتوسط، مشدداً على أن منتدى غاز شرق المتوسط يمثل أحد أهم الأدوات في هذا الإطار.

وشدد السيسي خلال بحث الأزمة الليبية، على أهمية التزام المجتمع الدولي بدعم التسوية السياسية للأزمة الليبية بناءً على المحددات الواردة بنتائج مؤتمر برلين وإعلان القاهرة، وتم التوافق بين الجانبين بشأن ضرورة تكثيف التنسيق المشترك، مع تأكيد الحرص الكامل على إنهاء الأزمة الليبية عبر التوصل لحل سياسي يمهد الطريق لعودة الأمن والاستقرار في هذا البلد الشقيق.

كما تمت خلال المباحثات أيضاً مناقشة مستجدات مكافحة خطاب التعصب والفكر المتطرف، حيث أكد الرئيس المصري ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي لحصار تلك الآفة على كافة المستويات، من أجل ترسيخ قيم الاحترام المتبادل وعدم الإساءة للرموز الدينية المقدسة، وهو الطرح الذي توافق معه  “ميتسوتاكيس”.

“شرق المتوسط”

وبين السيسي أنه لقائه مع رئيس الوزراء كان بمثابة فرصة مهمة لتبادل الرؤى حول سبل إحداث نقلة نوعية في علاقات التعاون الثنائي على مختلف الأصعدة، خاصة الدفع قدماً بكافة أوجه التعاون الاقتصادي، لا سيما فيما يتعلق بتيسير وتشجيع تدفق الاستثمارات اليونانية، وتنمية معدلات التبادل التجاري، وتكثيف التعاون في قطاعي السياحة والطاقة، مع أهمية توظيف الزخم الناتج عن القمة الثامنة لآلية التعاون الثلاثي التي عقدت في أكتوبر 2020 لاتخاذ خطوات تنفيذية فى المشروعات المتفق عليها.

ونوه بأن المشاورات تناولت التطورات في منطقة شرق المتوسط بالنظر لما تشهده في الآونة الأخيرة من تصعيد على خلفية الاستفزازات والممارسات الأحادية المخالفة لقواعد القانون الدولي وانتهاج سياسات أيديولوجية تدعم جماعات الإرهاب والتطرف، موضحا أنه تم التوافق على مواصلة التضامن إلى جانب كافة البُلدان الصديقة من أجل التصدي لكل ما من شأنه تهديد الاستقرار والأمن الإقليمي، وبما يحول دون السماح لأي طرف بفرض مواقفه العدائية.

وأكد أن إبرام مصر واليونان لاتفاقية تعيين المناطق الاقتصادية الخالصة، استنادا إلى قواعد القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، يمثل تطورا هاماً يفتح المجال للاستفادة من الثروات العديدة بالبحر المتوسط، جنباً إلى جنب مع تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط الهادف إلى تعظيم مصالح شعوب دول المنتدى.

وجدد السيسي دعمه لمبدأ الحل الشامل والعادل للقضية القبرصية استنادا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لافتا إلى الحاجة الماسة لمضاعفة الجهد الدولي لمجابهة خطر الإرهاب، بما فى ذلك التصدي للدول الداعمة له، وانتهاج سياسات ومواقف حاسمة لمحاسبة أنظمة الدول التي تنتهك قرارات مجلس الأمن.

ربما يعجبك أيضا